كيف تنجح بإطلاق مشروع صغير في الأسواق العربية؟
تاريخ النشر: 13th, February 2024 GMT
يحلم الكثير في عالمنا العربي بإطلاق مشاريعهم الخاصة، ولكن قلة من يتسنى لهم ذلك، وأقل منهم من ينجح في مشروعه.
اقترن النجاح في الماضي في كثير من الأحيان بالحظ السعيد، ولكن في عالم الأعمال الحديث فإن للحظ دورا ضئيلا جدا في النجاح، حيث يقدم مجتمع الأعمال الحديث عوامل مهمة تقود إلى النجاح.
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف من الممكن أن نستفيد في عالمنا العربي من تجارب الأعمال الناجحة لإطلاق مشاريع صغيرة ناشئة تلقى النجاح في المستقبل؟ وما العوامل التي تساعد في نجاح المشاريع في العالم عموما وعالمنا العربي خصوصا؟ وما المشاريع التي يمكن أن تنجح في عالمنا العربي؟
هذه الأسئلة وغيرها هي ما سنحاول الإجابة عنها في هذا التقرير.
وجدت دراسة صادرة عن مجلة "العلوم الاجتماعية والتنموية" بعد مراجعة لمئات الدراسات البحثية السابقة التي تبحث في عوامل نجاح الشركات الصغيرة أن هناك مجموعة من العوامل التي تحدد مدى نجاح أو فشل المشاريع، وحصرت الدراسة هذه العوامل في 3 عناوين رئيسية تعتبر حاسمة لنجاح الأعمال الصغيرة حسب ما ذكرت منصة "أكسفورد ريفيو"، وهي:
1- صفات رائد الأعمال الناجح
يتمتع رواد الأعمال الناجحين بمجموعة من الصفات التي تجعلهم مؤهلين لتحقيق النجاح، ومن أبرزها: الصمود وعدم الاستسلام عند الفشل، وأن يمتلكوا العزيمة والمثابرة، والقدرة على تحفيز فريق العمل في اللحظات الصعبة، والمرونة بما فيها القدرة على التعلم من الأخطاء، ومهارات التواصل مع الآخرين، ولديهم القدرة على اتخاذ القرارات الصعبة، ويمتلكون المهارات الإدارية اللازمة للنجاح.
وفي هذا السياق، قالت نور المصري -وهي رائدة أعمال وصاحبة شركة للتوظيف في الأردن- في حديث للجزيرة نت "في بعض الحالات يواجه المشروع بعض العراقيل التي قد تؤدي إلى فشله أو تراجع نجاحه، وهنا تظهر كفاءة رجل الأعمال الذي يجب أن يتميز بالصمود وعدم الاستسلام والعمل على تحويل الفشل إلى نجاح عن طريق تحديد الخطأ لتجنبه في المستقبل، والعمل على إصلاحه، وذلك بالاستعانة بأصحاب الخبرة لتقليل الخسائر قدر المستطاع، ويكون ذلك بمراجعة إستراتيجيات العمل، بما فيها الإستراتيجية المالية والتسويقية، كما يمكن العمل على تحديد أهداف جديدة وتنفيذها بأفكار مختلفة لضمان عدم تكرار الأخطاء".
2- سمات المشروع الناجح
يعتمد نجاح المشروع على سمات أساسية عدة، في مقدمتها مواءمة طبيعة المشروع مع البيئة المحيطة، ولا بد للمشروع أن يتناول المتطلبات والاحتياجات الفعلية للسوق الذي يعمل فيه.
ويؤكد الخبير الاقتصادي الأردني مهند عريقات على أهمية أن تكون المشاريع الصغيرة الناجحة مرتبطة بشكل وثيق ببيئتها، وتعتمد على الموارد المتاحة محليا، وتوزع بشكل إستراتيجي، وتسويق المنتجات داخل المناطق المنشأة والمجاورة لها.
ويقدم عريقات نصائح قيمة لأصحاب الأعمال الصغيرة، مشددا على ضرورة قيام رواد الأعمال بتحديد تفضيلات المستهلكين بدقة والتواصل معهم بشكل فعال.
ويستطرد عريقات "يعد فهم مواصفات المنتج والأسباب الكامنة وراء تفضيلات المستهلك أمرا بالغ الأهمية، مما يؤدي إلى تحديد سعر السوق التنافسي لجذب العملاء".
ويسلط عريقات الضوء على الابتكار كعامل رئيسي، مع التأكيد على أن التفرد وتقديم شيء يحتاجه السوق حقا أمران بالغا الأهمية لتحقيق النجاح.
وتؤكد نور المصري أن نجاح أي مشروع يعتمد على فكرة مبتكرة، مع التركيز على حداثتها وجدواها، وأن اختيار التوقيت المناسب لإطلاق المشروع أمر بالغ الأهمية لضمان استمراريته وتلبية احتياجات المجتمع وفوائده.
3- مرونة المؤسسة
يعتمد النجاح في الأعمال أو المشاريع على البقاء على اطلاع جيد والتكيف بمرونة مع التغييرات القانونية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية داخل بيئة العمل، ويتضمن ذلك مراقبة مستمرة ويقظة للسوق، ودراسة شاملة للمتغيرات، ومعالجتها بسرعة وبشكل مناسب دون تأخير.
وتؤكد الأبحاث أن المرونة الشاملة للمنظومة في الاستجابة للتغيير أمر بالغ الأهمية لنجاح الأعمال.
ما المشاريع الناجحة في العالم العربي؟تحدد منصة "أبتونيكس" أهم المشاريع الناجحة في العالم العربي من قطاعات عدة مزدهرة في المنطقة كان أهمها:
التجارة الإلكترونية:تقدم المنطقة العربية إمكانيات كبيرة في قطاع التجارة الإلكترونية، حيث تبرز كقطاع رئيسي في الشرق الأوسط.
يذكر أن المبيعات عبر الإنترنت تجاوزت المعاملات داخل المتاجر في أوائل عام 2020، مما أدى إلى زيادة في شركات التجارة الإلكترونية الناشئة التي تقدم خدماتها في المنطقة.
تكنولوجيا التعليم:ارتفع الطلب على تكنولوجيا التعليم بعد جائحة "كوفيد-19″، على عكس الخدمات التعليمية التقليدية التي تتطلب تراخيص للمؤسسات المادية فإن إنشاء شركة تكنولوجيا تعليمية يسمح بإنشاء دورات عبر الإنترنت.
وأصبحت الاستفادة من الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي والواقع المعزز في الدروس التعليمية العملية اتجاها مهما.
وتشير التوقعات إلى أن سوق تكنولوجيا التعليم والفصول الدراسية الذكية في المنطقة يمكن أن يصل إلى 7.626.1 ملايين دولار بحلول عام 2027.
خدمات التكنولوجيا المالية:أدى نمو الأعمال التجارية في المنطقة العربية إلى زيادة الحاجة إلى حلول التكنولوجيا المالية المبتكرة، وفي حين أن الشركات المالية الكبيرة تدير وظائف تمويل الشركات هناك فرصة كبيرة للتعامل مع الوظائف المالية للشركات الصغيرة والشركات الناشئة سريعة النمو، بما في ذلك خدمات المحاسبة والتدقيق ومسك الدفاتر.
تصميم وتطوير الألعاب الإلكترونية:
فيما تحظى صناعة الألعاب الإلكترونية -وهي قطاع عالمي يقيم بمليارات الدولارات- بشعبية كبيرة في العالم العربي يعتبر تأسيس شركات صغيرة متخصصة في تصميم وتطوير الألعاب الإلكترونية أمرا مربحا وله آفاق مستقبلية واعدة، وفقا للمنصة.
تكنولوجيا المعلومات وتطوير الويب:ومع تزايد الطلب على خدمات تكنولوجيا المعلومات بدأت المزيد من شركات تكنولوجيا المعلومات عملياتها في المنطقة العربية، وتشهد خدمات مثل التسويق الرقمي وتطوير تطبيقات الهاتف المحمول والأمن عبر الإنترنت طلبا كبيرا.
خدمات التسليم عند الطلب:يشمل هذا القطاع مجموعة واسعة من الخدمات، بدءا من حجز سيارات الأجرة وحتى توصيل الطعام ونقل الأدوية والخدمات المنزلية، بما يلبي الاحتياجات المتنوعة للعملاء.
السياحة:تشير التوقعات إلى أن منطقة الشرق الأوسط ستولد إيرادات بقيمة 400.71 مليار دولار من السياحة بحلول عام 2032، وهنا تبرز مشاريع السياحة والسفر كمشاريع مربحة في العالم العربي، مما يوفر فرصا كبيرة للنمو والتنمية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی العالم العربی المنطقة العربیة فی المنطقة
إقرأ أيضاً:
الأمن السيبراني في المنطقة العربية
في زمنٍ تتسارع فيه التحولات الرقمية وتتقاطع فيه المصالح الجيوسياسية مع مستهدفات التفوق التكنولوجي، بات الأمن السيبراني في العالم العربي أحد أعمدة السيادة الوطنية ومفاصلها الحاسمة. فالتكنولوجيا أصبحت ساحة الصراع الجديدة التي تُدار فيها الحروب الخفية وتُصاغ من خلالها موازين النفوذ العالمي. وفي قلب هذا المشهد المعقد، تواجه المنطقة العربية موجة متصاعدة من التهديدات السيبرانية التي تتجاوز مجرد الاختراقات التقنية لتلامس جوهر الاستقلال المعلوماتي والسياسي.
تتمثل طبيعة هذه التهديدات في تعدد أدواتها ومصادرها، بدءًا من برمجيات التجسس التي تستخدمها جهات استخباراتية غربية مثل برنامج "بيغاسوس"، وصولًا إلى الهجمات التي تستهدف البنية التحتية الحيوية في مجالات الطاقة والاتصالات. كما تتجسد في حروب المعلومات التي تعتمد نشر الأخبار المضللة وتوجيه الرأي العام بما يخدم المصالح الخارجية. هذه الممارسات وإن كان البعض يعتبرها عشوائية، إلا أنها أقرب لأن تكون جزء من استراتيجيات طويلة المدى تهدف إلى اختراق الوعي الجمعي العربي والتحكم في مسارات القرار الوطني والسيطرة على الفضاء الرقمي في المنطقة. ولا بد لنا أن ندرك بأن المعارك اليوم تُخاض بالبيانات والمعلومات، وبالقدرة على الوصول إلى أسرار الدول ومؤسساتها الحيوية.
لكن المشهد العملي يكشف أن الأمن السيبراني العربي يواجه تحديات بنيوية عميقة. فضعف البنية التقنية في العديد من الدول يجعلها أكثر عرضة للاختراق، بينما يفاقم نقص الكفاءات المحلية المتخصصة من هشاشة الدفاعات الرقمية. كما أن غياب التنسيق الإقليمي وازدواجية السياسات الوطنية يعوق بناء جبهة موحدة قادرة على التصدي للتهديدات العابرة للحدود. يضاف إلى ذلك الاعتماد المفرط على البرمجيات والتقنيات الأجنبية التي قد تحتوي على منافذ خفية تسمح بالتجسس أو بالتحكم عن بعد، وهو ما يجعل الأمن الرقمي العربي مرهونًا بإرادة الآخرين لا بإرادته الذاتية.
غير أن هذه التحديات تفتح في الوقت ذاته نافذة نحو إعادة التفكير في مفهوم السيادة في عصر البيانات. فبدلاً من الاتكاء على الحلول المستوردة، يمكن للعالم العربي أن يطور أنظمته الرقمية اعتمادًا على طاقاته البشرية المحلية، عبر الاستثمار في البحث العلمي والابتكار التقني. كما أن بناء أطر قانونية حديثة قادرة على التعامل مع الجرائم السيبرانية ومعالجة الثغرات التشريعية أصبح ضرورة ملحة. وإلى جانب ذلك، فإن رفع الوعي المجتمعي بمخاطر الفضاء الرقمي يمثل خط الدفاع الأول في مواجهة الاختراقات، إذ أن الأمن يبدأ من الوعي قبل أن يتحقق بالتقنية.
الأمن السيبراني أصبح قضية وجود ترتبط بمستقبل الدولة العربية وموقعها في النظام العالمي الجديد. الحفاظ على البيانات يعني الحفاظ على القرار، وحماية الشبكات تعني حماية السيادة. ومن دون رؤية استراتيجية بعيدة المدى تُبنى على الإرادة السياسية والتكامل الإقليمي، سيظل العالم العربي عرضة لهجمات غير مرئية تضعف قدرته على حماية نفسه رقمياً.
على صدى كل ذلك، تبدو الحاجة ماسة إلى فكر عربي جديد يدرك أن الصراعات في القرن الحادي والعشرين لم تعد تدور حول الحدود الجغرافية، بل حول الفضاءات المعلوماتية، حيث تُصنع القوة وتُختبر الإرادات. فالدول التي تملك أمنها السيبراني هي التي تملك مستقبلها، أما التي تظل تابعة في التكنولوجيا فستظل مكشوفة مهما بلغت قوتها العسكرية أو الاقتصادية. بناء منظومة عربية مستقلة للأمن السيبراني يمثل الركيزة الأساسية لإعادة تموضع الدول العربية في المشهد الدولي الرقمي.