مفقودو الحرب بالسودان.. يحرَّضون على النهب ويُستغلون في الخدمة
تاريخ النشر: 13th, February 2024 GMT
الخرطوم – فقدت السودانية فاطمة أحمد عيسى نحو نصف وزنها لعدم رغبتها في تناول الطعام، وقل نومها، ولم تتوقف دموعها منذ أكثر من 6 أشهر حتى كادت أن تفقد بصرها، حزنا على ابنها الأصغر عادل، الذي خرج من منزل الأسرة في الخرطوم ولم يعد، كما يقول شقيقه محمد.
وتعيش مئات الأسر في السودان متاعب نفسية بسبب اختفاء أبنائها في ظروف غامضة منذ اندلاع الحرب في الخرطوم بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل/نيسان الماضي، قبل أن تمتد إلى ولايات أخرى في غرب البلاد ووسطها.
وتعج مواقع التواصل الاجتماعي بإعلانات ونداءات مئات الأسر تحمل أسماء وصور أبنائها المفقودين في ظل توقف الشرطة عن العمل في الخرطوم منذ بدء القتال، وهو ما عطل خطوات البحث عن المفقودين عبر الإجراءات الرسمية.
ولا توجد معلومات موثوقة عن مكان وجود المفقودين الذين تجاوز عدد من حصرتهم منظمات ومجموعات تطوعية 800 شخصا منذ اندلاع الحرب، غادر غالبيتهم المنزل بحثا عن غذاء أو دواء أو للتحرك في نطاق محدود، فانقطع التواصل بينهم وذويهم.
ويروي محمد عبد الرحمن أن شقيقه الطالب الجامعي خرج من منزل الأسرة بمنطقة أم بدة في غرب أم درمان صباحا في الأسبوع الأول من يونيو/حزيران الماضي في طريقه إلى المخبز ولكنه لم يعد حتى الآن.
ويشرح شقيق المفقود، في حديث مع الجزيرة نت أنه ذهب إلى المخبز القريب من منزلهم بعد تأخر شقيقه أكثر من ست ساعات فلم يجده وأبلغه عامل في المخبز أن (عادل) لم يكن معهم، وسأل بعض جيرانهم من الشباب فنفوا مشاهدته.
ويضيف أنه لجأ إلى شباب في الحي ينشطون في مواقع التواصل الاجتماعي وطلب منهم نشر معلومات عن شقيقه المختفي، ثم تواصل لاحقا مع منظمات حقوقية ومجموعات تعمل في البحث عن المفقودين وأبلغ خاله الذي أجرى اتصالات مع الجيش والدعم السريع فلم يجد أي معلومات عنه.
ويؤكد محمد أن شقيقه ليس لديه انتماء حزبي أو نشاط سياسي وكان ينشط في العمل الطوعي والفعاليات الرياضية والثقافية ومساعدة الضعفاء والمرضى مع زملائه الشباب في منطقتهم.
أرقام متضاربة
ووفقا لآخر تحديث صادر عن المجموعة السودانية لضحايا الاختفاء القسري في ديسمبر/كانون الأول الماضي، فمن بين 842 مدنيا اختفوا، تم تأكيد اختفاء 48 امرأة وفتاة قسريا.
وقالت شبكة نساء القرن الأفريقي "صيحة" في تقرير حديث إن معظم حالات المختفيات والمختطفات تشير بأصابع الاتهام إلى قوات الدعم السريع، حيث يُستخدمن في العمالة المنزلية لخدمة ضباط القوات ويتعرضن لمخاطر العنف الجنسي.
كما تحدثت مبادرة "مفقود" عن أكثر من 800 حالة اختفاء حتى نهاية العام 2023. وقال محامو الطوارئ، في تقرير، إنهم أحصوا 44 مركز اعتقال لقوات الدعم السريع و8 مراكز اعتقال للجيش، في مدن ولاية الخرطوم الثلاث، يحتجز فيها عشرات من دون أن تعرف أسرهم موقع اختفائهم.
وقال المتحدث باسم قوات الشرطة السودانية العميد فتح الرحمن محمد إنه تم تدوين بلاغات عن 133 مفقودا حتى نهاية العام.
من جانبه، يوضح الناشط الحقوقي في "شبكة مفقود" صلاح التجاني أن عدد المفقودين المبلغ عنهم من أسرهم يتجاوز 800 شخص منذ اندلاع الحرب في الخرطوم، وعاد أكثر من 20 شخصا كان غالبيتهم محتجزين لدى قوات الدعم السريع أو الجيش، وتم إخطار أسر بوفاة أبنائهم في ظروف غامضة.
ويكشف في تصريح للجزيرة نت أن أبرز من فاضت روحهم في محبسهم الطبيب المفقود محمد حامد علي في موقع احتجاز لقوات الدعم السريع، في المدينة الرياضية شرقي الخرطوم، بحجة أنه ينتمي إلى قوات حكومية، مشيرا إلى أنه مدني ولا صلة له بأي عمل عسكري.
ويضيف أن شهادات الناجين عكست الأوضاع المأساوية للمحتجزين لدى طرفي القتال، في أماكن غير معدة للاحتجاز مثل مخازن الشركات والمصانع وأقبية المنازل وأقسام الشرطة الصغيرة التي سيطر عليها الدعم السريع.
ويروي أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في الجامعات السودانية الدكتور الرشيد محمد إبراهيم الذي أمضى 77 يوما معتقلا لدى الدعم السريع أنه كان محتجزا في مقر الجامعة العربية المفتوحة في شرق الخرطوم وحولته القوات إلى معتقل يطلق عليه "غوانتنامو".
ويقول للجزيرة نت إنه شهد وفاة عدد من المواطنين في المعتقل، أبرزهم محمد عبد الله سر الختم، الذي يقطن منطقة السروراب في شمال أم درمان، حيث تعرض إلى تعذيب؛ وهو ما أدى الى تدهور حالته الصحية ورفض عناصر الدعم السريع إسعافه وتوفي داخل المعتقل.
ويوضح أنه أدى عليه صلاة الجنازة، وبعد خروجه من المعتقل نشر معلومات عنه بصفحته في منصة "فيسبوك" وتواصلت معه أسرته التي كانت تبحث عنه شهورا بعد اختفائه ولم تكن تعلم أين يختفي حيث توفي في سبتمبر/أيلول الماضي ونشرت المعلومات عنه في نوفمبر/تشرين الثاني.
ويضيف الشاهد أنهم علموا من بعض حراس المعتقل أن من يموتون في مقر الاحتجاز لا يتم إبلاغ أسرهم ويدفنون في ميدان قريب من شارع عبيد ختم في شرق الخرطوم وليس في المقابر المعروفة.
ويواصل في سرده أن أحد المحتجزين معهم من منطقة شرق النيل بالخرطوم بحري خرج من منزلهم صباحا لشراء احتياجات مأتم لوالدته، فتم اعتقاله قبل أن يصل إلى السوق ولم يستطع إبلاغ أسرته التي تبحث عنه، كما أن جاره في السكن (آدم) من منطقة أبو آدم بالخرطوم لا يزال مفقودا منذ نحو 9 أشهر.
وحسب إبراهيم، فإن الأماكن التي تم تحويلها إلى معتقلات سيئة التهوية ويواجه المحتجزون أوضاعا إنسانية معقدة، والتعذيب والإذلال والجوع والعطش، ويستخدم الشباب منهم في أعمال نهب بعض المواقع ويتعرضون للقصف الجوي أحيانا خلال تحركهم مع قوات الدعم السريع.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع فی الخرطوم معلومات عن أکثر من
إقرأ أيضاً:
حميدتي: سيطرة «الدعم السريع» على المثلث الحدودي تهدف لتأمين السودان ومحاربة التهريب
أكّد قائد قوات الدعم السريع في السودان، محمد حمدان دقلو “حميدتي”، أن سيطرة قواته على المثلث الحدودي بين السودان وليبيا ومصر تهدف إلى تأمين الحدود ومحاربة الفساد والتهريب والهجرة غير الشرعية، إضافة إلى مكافحة تهريب المخدرات.
وفي خطاب مسجل بثه عبر منصة “تلغرام”، شدد حميدتي على أن قواته لا تعادي أي دولة مجاورة، وتسعى إلى تعزيز التعاون مع كافة دول الجوار.
وأوضح أنه لا يحمل أي خصومة تجاه مصر، مؤكداً تمسكه بالحوار والمفاوضات كسبيل لحل الخلافات، متهماً ما أسماها بـ”مجموعة بورتسودان” بمحاولة زرع الفتنة بين الطرفين.
وكانت قوات الدعم السريع قد فرضت سيطرتها مطلع يونيو الجاري على المثلث الحدودي الاستراتيجي، وسط تقدّم ميداني نحو مناطق في الولاية الشمالية، مما أثار قلقاً إقليمياً ودولياً نظراً للأهمية الجغرافية والعسكرية والاقتصادية للمنطقة.
وفي السياق ذاته، شنّ حميدتي هجوماً لاذعاً على “مجموعة بورتسودان” الموالية لقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، واتهمها بالتخطيط للحرب منذ سنوات، واصفًا قادتها بـ”القتلة والمجرمين”.
وأكد أن الحرب فُرضت على قواته، متوعدًا بالدفاع عن مواقعها واستعادة المناطق التي خسرتها في الخرطوم وولاية الجزيرة، بالإضافة إلى “تحرير الشمال من قبضة الإسلاميين”، بحسب تعبيره.
كما توعّد قائد “الدعم السريع” بتدمير الطائرات المسيّرة التي تستهدف قواته، مشيراً إلى أن القوات الموالية للبرهان في “أضعف حالاتها” ولا تمتلك كتائب جاهزة للقتال.
وتُثير سيطرة “الدعم السريع” على المثلث الحدودي تساؤلات حول فتح جبهة جديدة في الحرب المستمرة منذ أبريل/نيسان 2023، في ظل مخاوف من توسع الصراع جغرافياً، وتزايد التدخلات الإقليمية والدولية، فيما تواصل جهود الوساطة العربية والأفريقية والدولية تعثرها في التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار.