فلسطين قضية لا تقبل التصفية.. مصر تكثف جهود التهدئة وترفض مخططات التهجير
تاريخ النشر: 13th, February 2024 GMT
واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلى عدوانها على جنوب قطاع غزة ومدينة رفح الفلسطينية، فى انتهاكات صريحة لكل القوانين الدولية، وشنت غارات على شرقى رفح الفلسطينية، وتعمد جيش الاحتلال تفجير مربعات سكنية بأكملها فى قطاع غزة، الأمر الذى لاقى رفضاً وتحذيرات دولية.
وأعلنت الصحة الفلسطينية ارتفاع ضحايا العدوان على قطاع غزة إلى 28 ألفاً و473 شهيداً، و68 ألفاً و146 جريحاً منذ 7 أكتوبر الماضى، فيما قال التليفزيون الفلسطينى إن طائرات الاحتلال تنفذ غارات مكثفة على مناطق شمال رفح فى جنوب القطاع، وتم سماع دوى انفجارات عنيفة فى المناطق الغربية من رفح، وأسفرت العمليات عن استشهاد 100 شخص على الأقل، لافتة إلى أن الضربات استهدفت منطقة الشابورة فى جنوب غزة.
وقالت وسائل الإعلام الفلسطينية إن آليات الاحتلال الإسرائيلى تتمركز عند البوابة الشمالية لمجمع ناصر بخان يونس، وتطلب من النازحين الخروج منه، فيما استهدفت مدفعيته منطقتى الزيتون وتل الهوى جنوب وغرب غزة، لافتة إلى اندلاع حرائق داخل مدارس محيطة بمجمع ناصر، إثر إطلاق قذائف حارقة لإجبار النازحين على الخروج منه، ووقوع شهيد فى قصف طائرات مسيرة إسرائيلية على مجموعة من الفلسطينيين فى خان يونس.
ويعيش أكثر من مليون و300 ألف نازح فى رفح الفلسطينية، يحتمون فى آخر مكان بقطاع غزة، فيما تتواصل الغارات الجوية وقذائف المدفعية لاستهدافهم، ما أدى إلى استشهاد المئات منهم.
وقال السفير أحمد أبوزيد، المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية، إن مصر تسابق الزمن مع الجميع، سواء أمريكا أو قطر والجانبان الفلسطينى والإسرائيلى، فى محاولة منها للوصول للتهدئة وإفراغ الأزمة من عنفوانها الحالى، وحقن الدماء.
وأشار «أبوزيد»، فى تصريحات تليفزيونية، أمس، إلى أن هناك اتصالات أمنية وسياسية تتم لمنع قيام إسرائيل بعمليات واسعة النطاق فى رفح الفلسطينية، مؤكداً أن مصر تعمل على مدار الساعة لاحتواء الموقف، ووزير الخارجية سامح شكرى أكد أن معاهدة السلام مع إسرائيل استمرت لأربعة عقود وهناك التزام وأى حديث آخر غير مطروح للنقاش الآن.
وأوضح المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية، أن مصر ترفض سيناريو التهجير، والدولة الفلسطينية وكافة الشعوب العربية يدعمون هذا الموقف، مضيفاً: «تصفية القضية الفلسطينية لن يقبل بها أى شخص، ومن الممكن أن تكون هناك إجراءات عملية لوقف هذا السيناريو».
من جانبه، قال الدكتور هيثم أبوسعيد، رئيس البعثة الأممية لحقوق الإنسان، فى تصريحات لقناة «القاهرة الإخبارية»: «لا نثق فى ادعاءات جيش الاحتلال، لإتاحة ممرات آمنة بغزة، فهو يمارس القتل المتعمد وعمليات التطهير العرقى بحق الأطفال والنساء فى القطاع، ومحاولة اجتياح إسرائيل لمدينة رفح الفلسطينية، تمثل تهديداً لحياة نحو 1.3 مليون نازح»، موضحاً أن إسرائيل تفرض حصاراً اقتصادياً على الفلسطينيين فى غزة ما أدى إلى انتشار المجاعة، كما تقطع الطرق المؤدية إلى أماكن توزيع المساعدات على أهالى غزة، وتستهدف ترحيل الفلسطينيين منها لبناء مستوطنات فى القطاع، وإلحاق الأذى الأكبر بالشعب الفلسطينى ومحو هويته. وأكد بشير جبر، مراسل «القاهرة الإخبارية» من المدينة، أن الاحتلال الإسرائيلى يدّعى أن رفح الفلسطينية منطقة آمنة وطلب من الفلسطينيين النزوح إليها، إلا أنّها باتت هى الأخرى مكاناً لجرائم الاحتلال الإسرائيلى، ومسرحاً لعدوانه المتواصل، مضيفاً: «ما زلنا نسمع صوت الانفجارات باستمرار وهى ناجمة عن الاستهداف المكثف من المدفعية الإسرائيلية للمناطق الشرقية برفح الفلسطينية، بالمئات من القذائف المدفعية التى ما زالت تتساقط منذ ساعات الصباح الأولى حتى الآن بمناطق جنوب غزة بالإضافة إلى غارات الطيران الإسرائيلى».
وتابع: «إسرائيل استهدفت منازل المواطنين والأراضى الزراعية ما خلف عشرات الشهداء والإصابات الذين نقلوا إلى المستشفى لتلقى العلاج».
وعلى مستوى ردود الفعل دولياً، قال الملك عبدالله الثانى العاهل الأردنى، إن الحرب الحالية فى غزة تعد من أكثر الحروب تدميراً فى التاريخ الحديث، ولا يمكن الوقوف متفرجين وترك الوضع يستمر، محذراً من أن أى هجوم إسرائيلى على رفح من شأنه أن يؤدى إلى كارثة إنسانية أخرى، فى ظل وجود أكثر من مليون شخص تم تهجيرهم إليها منذ بداية الحرب.
وأكد فى تصريحات صحفية مشتركة عقب قمة عقدها مع الرئيس الأمريكى جو بايدن، ضرورة وقف إطلاق النار بشكل دائم الآن، وأن الأردن ينظر إلى الخطر المحتمل بتهجير الفلسطينيين إلى خارج غزة والضفة الغربية بقلق شديد وهو أمر لا يمكن أن يتم السماح به، مشدداً على ضرورة استمرار تلقى وكالة «الأونروا» الدعم المطلوب للقيام بدورها ضمن تكليفها الأممى. وحثت «كندا» الاحتلال الإسرائيلى على عدم اجتياح رفح الفلسطينية، وأعربت عن قلقها من أن هذا العمل سيكون مدمراً للفلسطينيين، فيما قالت ميلانى جولى، وزيرة الخارجية البريطانية، فى تصريحات لها، إنها قلقة للغاية بشأن ما يحدث فى غزة وخاصةً فى رفح الفلسطينية، واصفة الهجوم عليها بأنه سيكون مدمراً للفلسطينيين، وأيضاً لأولئك الذين يسعون للحماية، لافتة إلى عقد محادثات مع وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن فى واشنطن لمناقشة الأمر.
وحذّر وزير خارجية النرويج، إسبن بارث إيدى، بشدة من قيام إسرائيل بعملية برية فى رفح جنوبى غزة، فى الوقت الذى دعت فيه الصين إسرائيل إلى وقف عملياتها العسكرية فى أقرب وقت ضد مدينة رفح، ومنع كارثة إنسانية أشد وقعاً.
وقالت الخارجية الصينية إن بكين تتابع عن كثب التطورات فى مدينة رفح الفلسطينية، وتدين كافة الأعمال التى تستهدف المدنيين وتنتهك القوانين الدولية.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: غزة رفح فلسطين الاحتلال الإسرائیلى رفح الفلسطینیة فى تصریحات فى رفح
إقرأ أيضاً:
بقنابل فوسفورية ومسمارية وصوتية.. إسرائيل تُبعد أهل جنوب لبنان بكل الوسائل
جنوب لبنان- بعشرات القنابل الفوسفورية الحارقة وباعتداءين منفصلين خلال أقل من 48 ساعة، أشعل جيش الاحتلال الإسرائيلي بساتين الزيتون في بلدة مركبا قضاء مرجعيون في الجنوب اللبناني، والتي نالت حصة كبيرة كما كل بلدات الشريط الحدودي من التدمير والحرق بفعل الحرب الأخيرة على لبنان.
عمل حسن منذر مع رجال الإطفاء على إخماد النيران، وأكد للجزيرة نت أن جيش الاحتلال تعمد إحراق هذه البساتين الناجية من الحرب، حيث أتت النيران على الأشجار المعمّرة من زيتون وسنديان، واختنقت المنطقة برائحة المواد الفوسفورية المؤذية.
من جانبها، وثقت "جمعية الجنوبيين الخضر" الناشطة بيئيا هذا الاعتداء بالصور، ويؤكد رئيسها هشام يونس للجزيرة نت أن أهمية التوثيق تكمن في أنها تفضح الجرائم والانتهاكات التي يرتكبها الاحتلال، وكذلك تشكل مادة أساسية لمتابعة المسار القانوني، سواء برفع دعاوى أو تقديم تقارير إلى الجهات المحلية والدولية كالأمم المتحدة والهيئات البيئية والمنظمات الحقوقية.
ويقول يونس إن العودة إلى استخدام الفوسفور الأبيض ليست حدثا عرضيا، خاصة أنه الاستهداف الثاني في أقل من 48 ساعة، بل يعبّر عن إستراتيجية ممنهجة يعتمدها الاحتلال لجعل المناطق الحدودية "ميتة" تُمنع فيها العودة، ويصبح البقاء فيها صعبا إن لم يكن مستحيلا.
وهذا التصعيد يكشف بوضوح أن الاحتلال كان ولا يزال يستخدم الإبادة البيئية والزراعية وسيلة ضغط ممنهجة، من خلال القصف المتكرر بالقذائف الفوسفورية، كما يضيف.
وينوه إلى أن الاحتلال لا يكتفي بحرق المحاصيل وتلويث الأراضي الزراعية وتحويلها إلى بيئات غير صالحة للحياة أو الإنتاج، بل أيضا يوجّه سلاحا حارقا وكيميائيا قاتلا، مهددا بذلك حياة الأهالي الصامدين أو الذين يستعدون للعودة إلى أرضهم. وطالب الدولة اللبنانية بالتحرك بفاعلية أكبر لمواجهة هذه الاعتداءات المتواصلة، التي تُشكل "خرقا فاضحا للقانون الدولي الإنساني، وتهديدا مباشرا لحق الأهالي في الأرض والحياة".
من جهته، يؤكد حسن منذر أنه تعرض وعشرات الشبان في بلدته مركبا لهجوم من مسيّرة إسرائيلية رمت عليهم قنبلة متفجرة أدت إلى إصابة ابنه وابن عمه بجروح، وأن الاحتلال عمد عدة مرات إلى رمي قنابل صوتية على تجمعات للمواطنين، ويضيف "يريدون من هذه الاعتداءات ترويع الناس وإرغامهم على الخروج من البلدة، ولكن هذا لن يثنينا عن العودة إلى ديارنا حتى إن كانت مدمرة".
إعلانبدوره، يؤكد خضر شيت، ابن بلدة كفركلا قضاء مرجعيون، للجزيرة نت، مشاهدته لجنود الاحتلال وهم يطلقون النار منذ أيام قليلة على رجل أعزل كان واقفا أمام سيارته في البلدة، مما أدى إلى إصابته بشكل مباشر في كتفه، وحالته اليوم مستقرة.
ويتابع "منذ بضعة أيام ألقت مسيّرة إسرائيلية قنبلة مسمارية على عائلة كانت تتفقد منزلها المدمر، والحمد لله لم يُصب أحد بأذى، وكذلك ترمي المسيّرات القنابل الصوتية على الناس بشكل مستمر ومتكرر وفي مناطق متفرقة من البلدة والبلدات المحيطة بها، في محاولة لمنع الناس من الوصول إلى أرضها وأرزاقها، وخلق حالة من الرعب لدفعهم إلى المغادرة".
خطر المسيّراتحال بلدة راميا قضاء بنت جبيل مشابه لكفركلا ومركبا، ويتحدث حسين صالح ابن البلدة للجزيرة نت عن نجاته من الموت مع أصدقائه عندما كانوا يرفعون الركام داخل المدرسة، حيث دخل جنود الاحتلال إلى ساحتها من دون سابق إنذار، وبدؤوا بإطلاق النار عليهم، إلا أنهم اختبؤوا خلف ساتر ترابي وقاهم من الرصاص، ونجوا بأعجوبة.
ويؤكد صالح أنه تعرض عدة مرات لإطلاق نار من الموقع الإسرائيلي في جبل بلاط، حيث يوجد فيه جنود الاحتلال على مدار الساعة، يطلقون النار على الناس لإخافتهم، أما المسيّرات فتلاحق المواطنين وترمي عليهم القنابل الصوتية، مشيرا إلى أن مسيّرة رمت قنبلة صوتية منذ أسبوع على مزارع كان يعمل في بستانه من أجل إخافته وإجباره على مغادرته.
لا تغادر المسيّرات الأجواء نهائيا، وأعمالها ليست مقتصرة على إطلاق القنابل والمراقبة، بل أيضا إصدار التحذيرات عبر مكبر للصوت يأمر الناس بمغادرة البلدة، وفق ما يؤكده ابن بلدة راميا علي عيسى.
ويتحدث عيسى للجزيرة نت عن هذه التجاوزات والخروقات التي لا تتوقف من قبل الاحتلال، حيث تتمركز مقابل راميا دبابة ميركافا إسرائيلية، و"مجرد أن ترصد حركة الناس توجّه مدفعها باتجاههم في محاولة منها لإرعابهم".
ويضيف "يحاول الإسرائيلي أن يخلق منطقة عازلة مدمرة بالكامل وتفتقر إلى أبسط مقومات الحياة، خاصة في البلدات الحدودية، وهذا الوضع يستدعي تحركا من المعنيين، إذ يجب ألا يشعر أبناء هذه القرى أنهم متروكون لمصيرهم".
إعلان
جريمة حرب
من ناحيته، يؤكد أستاذ القانون الدولي في الجامعة اللبنانية حسن جوني أن ما تقوم به إسرائيل من اعتداءات على لبنان وسيادته يُعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي، كما أن استخدامها لأسلحة محرّمة دوليا مثل القنابل المسمارية والصوتية، وهي أسلحة عشوائية لا تميز بين المدنيين والعسكريين، يُعد جريمة حرب بموجب البروتوكول الأول لاتفاقية جنيف لعام 1977، وللمادة الثامنة من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
ويضيف للجزيرة نت أن هدف هذه الاعتداءات هو التهجير القسري للسكان المحليين وخلق منطقة خالية، وهذا -وفقا له- يرقى إلى جريمة إبادة جماعية وفق المادة السادسة من نظام روما، وهو انتهاك واضح للمعاهدات والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
ويشدد جوني على أن الاحتلال الإسرائيلي يخرق كذلك القرار 1701 لوقف القتال بين إسرائيل وحزب الله عام 2006، وخاصة من ناحية احتلاله نقاطا في الأراضي اللبنانية، علما أن المقاومة اللبنانية انسحبت من جنوب نهر الليطاني ويقوم الجيش اللبناني بالانتشار هناك، و"هذا يُعد أيضا ضربا للقرارات الدولية من جانب الاحتلال".