لجريدة عمان:
2025-05-20@13:04:48 GMT

ستة أيام..

تاريخ النشر: 14th, February 2024 GMT

ها قد انقضى عام كلمح البصر، عشنا فيه تجارب كثيرة متعددة، بعضها خضناه برغبتنا وإرادتنا، والآخر كان لزامًا علينا أن نعيشه ولم نكن نرغب فيه أو نختاره، وحرب الإبادة بحق أخوتنا الفلسطينيين مثال على ذلك. عام أعتقد أنه مثَّل صدمة كبيرة لكثير من المؤمنين بالتفوق الأخلاقي الغربي الناتج والمنبثق من تفوقه العلمي، ولكن قد أضاء الصبح لذي عينين وصار جليا البون الشاسع بين الحضارتين، الإسلامية العربية والاستعمارية الغربية في النظر والتعامل مع الإنسان والحيوان والجماد وقت التفوق العلمي والعسكري، وغدت المنفعة هي الرب الذي يصبو إليه الإنسان ذو الفكر الغربي، أما الروحانية الشرقية فصارت متحفا جيدا للتأمل والضحك على الإنسان من حيث كونه إنسانا بفطرته السليمة وقدسيته الممنوحة له من الله نفسه، حيث جعله خليفته في أرضه.

لا شك بأن الإنسان يتأثر بما يحدث له في الحياة، وسواء كانت تلك الأحداث اختيارية أم مفروضة عليه، فإن القراءة باعتبارها أحد أهم مصادر المعرفة تظل حاضرة وبقوة في حياة كل إنسان. فالذي يريد أن يبدأ مشروعه التجاري الجديد ولم تكن له خبرة في إدارة المشاريع فإن أول ما يقوم به هو القراءة والاطلاع في هذا المجال، والذي يريد النبوغ في تخصصه الأصلي أو الفرعي فالقراءة هي السبيل الأول لنيل مبتغاه، والذي يعيش الأحداث الجسيمة ويتساءل عن مبدئها وأصلها وعلتها، كقضية فلسطين واحتلالها من الصهاينة والفرق بين المصطلحات وأهمية تلك الفروقات في الحياة الواقعية وعلى المدى البعيد؛ فلا سبيل له إلى ذلك كله إلا عبر القراءة فالقراءة ثم القراءة.

يأتي معرض مسقط الدولي للكتاب والذي يفتتح أبوابه بعد ستة أيام، تحديدا يوم 21 فبراير 2024 حتى 2 مارس 2024، في فترة حرجة تمر بها المنطقة العربية خاصة والعالم أجمع. ولا شك أن جزءا كبيرا من الكتب التي سيبتاعها القراء من المعرض ستكون حول القضية المفصلية التي تشغل بال كل قارئ على حدة، والقضية الأم التي تشغل بال المجتمع بأسره اليوم ستكون حاضرة بلا شك ضمن هذه القراءات وهي القضية الفلسطينية؛ ولكن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن، هل ستكون كل الكتب المكتوبة عن فلسطين كتبا مهمة ومفيدة؟ وهل ستكون هذه الكتب موضوعية وتسهم في وعينا بما يخدم أوطاننا والقضية الإنسانية العادلة؟ قطعا لا؛ هناك من ينظر إلى كل شيء نظرة نفعية خالصة، وهناك من يدس السم بالعسل.

فالذي يرى النفع هدفا وغاية في ذاته، لا يرى بأن عليه التحري وأخذ الأحسن في المجال الذي يطبع وينشر فيه الكتب؛ فتصبح مطبوعاته هي ما يشغل الناس في فترة ما، أو لنقل بأنه يطبع «حديث الساعة» ليجني ما يمكن جنيه في فترة القبول والطلب من الناس، فيطبع ويبيع الغث والسمين من الكتب. والذي يدس السم في العسل، يرى في ذلك فرصة لزرع بذور فاسدة في عقل الشعوب المراد قهرها، وليس هذا من قبيل حديث المؤامرة، وإنما هو واقع يدركه من يقرأ التاريخ والحاضر بتحولاته السياسية والاقتصادية الكبرى. وهنا بالذات تكمن أهمية المثقف كجرَّاح يشرّح الثقافة ويستأصل منها الضار ببلده ووطنه وعقيدته، ويقدم للناس النافع المفيد. والذي يقرأ أحداث حرب الإبادة في غزة وما حولها اليوم، يرى ما ذكرته واقعا. قبل عدة أيام نشر موقعا الجزيرة والـ BBC مقالا بعنوان «إدانة منتقدي إسرائيل باعتبارهم معادين للسامية تحريف للتاريخ» وأقتبس من الـ BBC «يتناول الكاتب في مقاله ما يواجهه اليهود الذين يتجرأون على انتقاد إسرائيل وممارساتها ضد الفلسطينيين، حيث يوصفون دائمًا بأنهم متنصلون من يهوديتهم بل وأحيانًا كارهون ليهوديتهم وبأنهم معادون للسامية مع أنهم يهود». إن هذا الفعل المشوه للحقائق هو سبيل كل سلطة تسعى لتوطيد أساسات بقائها لأطول فترة ممكنة، فتكرار الكذبة وإبرازها كالوجه الأوحد للحقيقة؛ ينشئ جيلا متأثرا بالمُستعمِر خانعا له، وتغدو الكذبة حقيقة مع مرور الزمن!. فيغدو الثائر على الاستعمار المنافح عن أرضه وأهله ووطنه إرهابيا مخربا! وشيئا فشيئا يصبح المواطن الجيد هو المواطن الذي يحتمي بحمى الاستعمار ويمكِّن له.

من فضل الله علينا أنا ولدنا عمانيين، وهذه التربة التي كانت عصية على الدولة الأموية والعباسية وطردت المستعمر البرتغالي يوما ما، تعرف ألاعيب المستعمرين وحبائلهم؛ ولأنها كذلك بالذات ينبغي على أهلها أن يبنوا على ما بناه آباؤهم من عز ورفعة ومقاومة للظلم والطغيان. وبما إن الإنسان يبدأ بالأهم قبل المهم؛ فإن القراءة عن الشيء وقت حدوثه يتيح له تمحيص الحقائق بمقارنتها مع الواقع، والقراءة للدكتور عبدالوهاب المسيري وإدوارد سعيد ونعوم تشومسكي اليوم تعد ضرورة ماسة، فمن الأفضل أن تعرف عدوك وهو في الطريق قبل معرفته وهو يخلع باب المنزل! والصهيونية عقيدة استعمارية لا تعرف حدودا ولا حُرمة ولا قيودا، فلنواجهها بالمعرفة والفعل، ومعرض مسقط الدولي للكتاب فرصة لبداية الطريق.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

شما بنت محمد بن خالد تطلق مبادرة لتعزيز القراءة التحليلية والفهم العميق لدى الطلبة

أطلقت الشيخة الدكتورة شما بنت محمد بن خالد آل نهيان رئيسة مجلس إدارة مؤسسات الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الثقافية والتعليمية، مبادرة نوعية تهدف إلى دعم مهارات القراءة التحليلية والفهم العميق لدى الطلبة، وذلك في إطار برامج جمعية محمد بن خالد آل نهيان لأجيال المستقبل. وتسعى هذه المبادرة إلى تعزيز قدرة الطلبة على تحليل النصوص بعمق واستيعاب المعلومات بكفاءة بما يتماشى مع معايير اختبارات PISA الدولية، ومع رؤية القيادة الرشيدة لترسيخ مكانة دولة الإمارات مركزا عالميا للذكاء الاصطناعي. وانسجامًا مع أهداف "عام المجتمع 2025"، أدرجت الجمعية ضمن برامجها المعنية بتعزيز مهارات اللغة العربية والقراءة، سلسلة من الورش التخصصية، من أبرزها : برنامج "الوراقين"، وبرنامج الشيخ محمد بن خالد آل نهيان القرائي، ومبادرة "بالعربية تواصلنا". وتهدف هذه الجهود إلى ضمان استدامة المبادرات ضمن الخطط الإستراتيجية المستقبلية. وفي هذا السياق، نظّمت الجمعية عددا من الورش النوعية، منها: ورشة "الذكاء الاصطناعي والقراءة التفاعلية" في مدرسة المعالي، وورشة "التكنولوجيا والقراءة - رحلة نحو الفهم العميق" في مدرسة عين الفايضة للشراكات. وركّزت هذه الورش على تنمية مهارات التفكير النقدي، وتمكين الطلبة من التفاعل الذكي مع المحتوى الرقمي، وتعزيز قدراتهم على تحليل النصوص بدقة وعمق. كما شهدت إحدى الورش تحليلا لنص من مقال "الوعي الرقمي والأمن المجتمعي" للشيخة الدكتورة شما بنت محمد، والذي يناقش أهمية الوعي الرقمي في مواجهة تحديات الفضاء الإلكتروني، مثل الشائعات والابتزاز الرقمي، ويبرز دور التثقيف الرقمي في تعزيز أمن واستقرار المجتمع في ظل التحولات المتسارعة في مجال الذكاء الاصطناعي. ولاقت المبادرة إشادة واسعة من إدارات المدارس المشاركة، التي عبّرت عن تقديرها لجهود الشيخة الدكتورة شما في ترسيخ الوعي الثقافي والفكري، وتعزيز ثقافة الحماية الرقمية، مؤكدة أهمية هذه المبادرات في تنمية مهارات الطلبة في القراءة النقدية والتحليل العميق، بما يمكنهم من التفاعل الواعي مع بيئة رقمية متجددة، واتخاذ قرارات مدروسة ترتكز إلى فهم شامل ومعرفة راسخة.  

أخبار ذات صلة "اصنع في الإمارات" ينطلق غداً في أبوظبي الذكاء الاصطناعي يحدد موقعك بدقة من صورك الشخصية المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • هل تعتقد أن دماغك مقسّم.. قراءة الكتب تكشف الحقيقة!
  • التربية .. الاحتفالات بعيد الاستقلال الـ79 ستكون بالإنجازات
  • البريك: مواجهة الهلال أمام جماهيره ستكون صعبة.. فيديو
  • دعم مهارات القراءة التحليلية وفهم الطلبة
  • مدير تعليم قنا يكرم المتميزين فى مسابقة تحدى القراءة العربى
  • تكريم الطلاب المتميزين في تحدي القراءة العربي بتعليم قنا
  • شما بنت محمد بن خالد تطلق مبادرة لتعزيز القراءة التحليلية والفهم العميق لدى الطلبة
  • غسان حسن محمد.. شاعر التهويدة التي لم تُنِم. والوليد الذي لم تمنحه الحياة فرصة البكاء
  • هويدي: أي محاولة حكومية لإخراج مظاهرات مؤيدة ستكون مدعاة للسخرية
  • مهنئاً بقمة بغداد.. الرئيس الصيني: القمة الصينية العربية الثانية ستكون معلماً مهماً لعلاقاتنا