يوم فتحت الأمة أبوابها ليهود أوروبا
تاريخ النشر: 16th, February 2024 GMT
في الوقت الذي ينفذ العدو الصهيوني أبشع مجازر العصر ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، ومحاولته المستميتة لتهجير هذا الشعب إلى خارج أرضه، عاد إلى ذهني موقف الأمة الإسلامية التي تعاملت بالتسامح والرحمة مع اليهود المُهجّرين من أوروبا بعد أن ذاقوا فيها الويلات.
وأبدأ هذا المقال باعتراف من «حاييم وايزمان»، أول رئيس لدولة الاحتلال الإسرائيلي، على طريقة «وشهد شاهد من أهلها»، إذ يقول: «العالم الإسلامي يعامل اليهود بقدر كبير من التسامح، فقد فتحت الإمبراطورية العثمانية أبوابها لليهود عندما طردتهم من إسبانيا، ويجب على اليهود ألا ينسوا ذلك».
ويقول المستشرق برنارد لويس: «ازداد عدد اليهود في إستانبول في منذ نهاية القرن الخامس عشر الميلادي بصورة خاصة، إذا جاء الكثيرون منهم من إسبانيا والبرتغال والبلاد الأوروبية الأخرى، باحثين عن مكان اللجوء إزاء اضطهاد المسيحيين لهم، إلى حكم السلاطين العثمانيين المتسامح، وتمتع اليهود والمسيحيون على السواء بحرية العبادة في إستانبول، في ظل واقع التاريخ الإسلامي والعثماني بهذا الخصوص، ومنحوا قدرا كبيرا من الحرية القومية».
شهادة من مشاهير السياسة والتاريخ، تؤكد حقيقة تسامح الأمة الإسلامية التي كانت واقعة تحت خلافة العثمانيين مع غير المسلمين ومن بينهم اليهود، في الوقت الذي كانت تغلق في وجوههم أبواب أوروبا.
تعود الحكاية إلى بلاد الأندلس التي ظلت تحت الحكم الإسلامي حوالي ثمانية قرون، إلى أن سقطت في قبضة المسيحي المتعصب فرديناند بعد تحالفه مع ابنة عمه إيزابيلا التي لا تقل عنه تعصبا، فإذا كان التعصب المذهبي في ذلك الوقت قد بلغ أوجه بين المذاهب المسيحية، فمن باب أولى لقى اليهود اضطهادا كبيرا مع المسلمين، إذ كان ملوك إسبانيا لا يرون لهؤلاء ولا لهؤلاء حقا في الحياة، وأقاموا محاكم التفتيش التي كان يعذب فيها المسلمون واليهود بأبشع طرق التعذيب، إلا أن المسلمين كان لهم الحظ الأوفر من هذا الاضطهاد.
بعد سقوط غرناطة آخر معاقل الأندلس، قامت البحرية العثمانية تحت قيادة «كمال رئيس» بإنقاذ الآلاف من المضطهدين في الأندلس المسلمين واليهود على السواء، ونقلهم إلى أماكن آمنة خاصة في الدولة العثمانية، وأصدر فرديناند مرسوما في مارس 1492م، بنفي اليهود خارج المملكة نهائيا خوفا على الكاثوليك، وحدد لهم مهلة ثلاثة أشهر للجلاء، على ألا يأخذوا معهم الذهب والفضة.
وذكرت الباحثة هيلة بنت سعد السليمي، في رسالة ماجستير بعنوان «دور اليهود في إسقاط الدولة العثمانية»، أنه بمقتضى هذا الطرد أصبح نصف مليون يهودي مشردين بلا مأوى على سواحل البحر الأبيض المتوسط، عرضة لفتك الجوع والمرض.
بل ذكر لوثروب ستودارد في كتابه «حاضر العالم الإسلامي» أن عددهم كان ثمانمائة ألف يهودي.
في هذا الوقت الذي كانت أوروبا تتخوف من إيواء اليهود بدافع التعصب الديني، ونظرا لما عرف عنهم من حياكة المؤامرات والفحش الربوي الذي يقوض الاقتصاد وإثارة القلاقل، فلم تفتح لهم دولة أبوابها سوى الدولة العثمانية التي استجابت لطلب الحاخامات بإيواء اليهود، وذلك في عهد السلطان بايزيد الثاني، والذي أصدر أوامره إلى حكام أقاليم الدولة العثمانية بعدم رفض اليهود أو وضع عقبات أمامهم، فتدفقوا على أراضي الدولة العثمانية، واستقروا في العديد من المدن الرئيسية مثل إسطنبول، وأدرنة، وإزمير، وسلانيك.
أطلقت الدولة العثمانية الحريات الدينية لليهود، خاصة وأنهم قد شملهم «نظام الملل»، وهو نظام وضع في عهد السلطان محمد الفاتح، وفيه يتم حصر كل أصحاب ملة، ويكون لهم رئيس ديني ينظر في مسائلهم، ويقوم بالحكم في قضايا الأحوال الشخصية الخاصة بهم وفق ملتهم دون تدخل من الدولة العثمانية.
إضافة إلى ذلك، انخرط اليهود بمقتضى هذه السماحة، في المجتمع العثماني في كافة جوانب الحياة، الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية، وتقلدوا أعلى المناصب والمناصب، وكان منهم الأطباء والتجار والأدباء…
السلطان عبد الحميد الثاني كافح من أجل عدم الاستجابة للمطالب الصهيونية بإقامة وطن قومي في فلسطين، لكنه لم يكن من قبيل معاداة اليهود، فهو قد سمح لهم بالعيش في رحاب الدولة كمواطنين ورعايا كغيرهم ويتمتعون بكامل الحريات والحقوق، إلا فلسطين، لأنهم يطالبون بإقامة دولة مستقلة لهم تقوم على أساس ديني، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
إحسان الفقيه – الشرق القطرية
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الدولة العثمانیة
إقرأ أيضاً:
NYT: ترامب يكسب الوقت ويفتح خيارات جديدة بمهلة الأسبوعين
قالت صحيفة نيويورك تايمز إن البيت الأبيض يسوّق لإعلان الرئيس ترامب المفاجئ بأنه قد يستغرق ما يصل إلى أسبوعين لاتخاذ قرار بشأن زج الولايات المتحدة في قلب عدوان الاحتلال على إيران، على أنه يمنح الدبلوماسية فرصة أخرى للنجاح.
وأشارت إلى أنه في الوقت ذاته، يفتح مجموعة من الخيارات العسكرية والسرية الجديدة.
ووتابعت: "بافتراض أنه سيستغلها بالكامل، سيكون لدى ترامب الآن الوقت الكافي لتحديد ما إذا كانت ستة أيام من القصف والقتل المتواصلين من قبل القوات الإسرائيلية والتي دمرت أحد أكبر مركزين لتخصيب اليورانيوم في إيران، ومعظم أسطولها الصاروخي، وكبار ضباطها وعلمائها النوويين قد غيرت آراء طهران".
وقالت الصحيفة: "قد يبدو الاتفاق الذي رفضه آية الله علي خامنئي في وقت سابق من هذا الشهر، والذي كان سيقطع الطريق الرئيسي لإيران على امتلاك قنبلة نووية من خلال إنهاء التخصيب على الأراضي الإيرانية في نهاية المطاف، مختلفا تماما الآن بعد أن تضرر أحد أكبر مراكزها النووية بشدة، ويفكر الرئيس علنا في إسقاط أكبر سلاح تقليدي في العالم في اليوم على الثاني. أو قد يعزز ببساطة عزم الإيرانيين على عدم الاستسلام".
ومن المحتمل أيضا، كما أشار بعض الخبراء، أن إعلان ترامب يوم الخميس كان محاولة لخداع الإيرانيين ودفعهم إلى تخفيف حذرهم.
وقال جيمس ستافريديس، الأدميرال البحري المتقاعد والقائد الأعلى السابق للقوات الأمريكية في أوروبا، لشبكة "سي إن إن": "قد يكون هذا غطاء لقرار بالضربة الفورية، ربما تكون هذه خدعة ذكية للغاية لتهدئة الإيرانيين وإشعارهم بالرضا عن النفس".
وتابعت الصحيفة: "حتى لو لم يكن هناك خداع، فإن ترامب، من خلال تقديم مخرج إضافي للإيرانيين، سيعزز أيضا خياراته العسكرية. أسبوعان يتيحان الوقت اللازم لوصول حاملة طائرات أمريكية ثانية إلى مواقعها، مما يمنح القوات الأمريكية فرصة أفضل لمواجهة الرد الإيراني الحتمي، باستخدام ما تبقى من أسطولها الصاروخي. كما سيمنح هذا إسرائيل مزيدا من الوقت لتدمير الدفاعات الجوية حول موقع فوردو للتخصيب والأهداف النووية الأخرى، مما يخفف من المخاطر التي قد تتعرض لها القوات الأمريكية إذا قرر ترامب في النهاية الهجوم".
ويعفي هذا ترامب بحسب الصحيفة، "من العمل وفق جدول زمني محدد لساحة المعركة يحدده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي ظل يضغط على ترامب لدخول المعركة، بأسلحة لا تمتلكها إسرائيل".
في الواقع، بعد ساعة من إصدار البيت الأبيض لتصريح ترامب بأنه "سأتخذ قراري بشأن الذهاب أم لا خلال الأسبوعين المقبلين"، أشار نتنياهو إلى أنه من المرجح أن يستغل الوقت لمحاولة شن هجماته الخاصة على محطة فوردو النووية المدفونة تحت الأرض.
وقال: "لقد تأكدت من أننا سنحقق جميع أهدافنا، وجميع منشآتهم النووية. لدينا القدرة على ذلك".
وأضافت الصحيفة: "في الواقع، يقول خبراء أمريكيون وأجانب إن الإسرائيليين يعدون خيارات عسكرية وسرية منذ سنوات، ويدرسون كيفية تعطيل أنظمة الإمداد الكهربائي الضخمة التي تبقي أجهزة الطرد المركزي مدفونة في قاعة تخصيب تحت جبل. حتى إدخال طفرة أو نبضة في هذا التدفق الكهربائي قد يزعزع استقرار الأجهزة الدقيقة ويدمرها أثناء دورانها بسرعات تفوق سرعة الصوت".
في الأيام الأخيرة، خلصت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن تدمير الاحتلال للمحطة الكهربائية فوق مركز تخصيب آخر، في نطنز، ربما ألحق أضرارا بالغة بآلاف أجهزة الطرد المركزي التي تدور أسفلها.
وأحدثت مغازلة ترامب العلنية لدخول الحرب انقساما حادا في قاعدته الانتخابية - لدرجة أن نائب الرئيس جيه دي فانس كتب منشورا مطولا على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الثلاثاء سعيا للتقليل من شأن المخاوف من تخلي الرئيس عن التزامه بإبعاد أمريكا عن الصراعات الخارجية.
وكتب فانس: "أؤكد لكم أنه مهتم فقط باستخدام الجيش الأمريكي لتحقيق أهداف الشعب الأمريكي".
لكن بعضا من أبرز حلفاء الرئيس، بمن فيهم النائبة مارغوري تايلور غرين، الجمهورية من جورجيا، وتاكر كارلسون، وستيفن بانون، انتقدوا احتمال تورط الولايات المتحدة في حرب دولة أخرى.
ونشرت غرين على مواقع التواصل الاجتماعي: "أي شخص يطالب بانخراط الولايات المتحدة بشكل كامل في الحرب بين إسرائيل وإيران ليس من أتباع شعار أمريكا أولا أو شعار لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى'".
على الجانب الآخر، يحث العديد من حلفاء ترامب المتشددين في مجلس الشيوخ، بمن فيهم الجمهوري عن ولاية ساوث كارولينا، السناتور ليندسي غراهام من ساوث كارولينا والسناتور الجمهوري عن أركنساس، توم كوتون، الرئيس على اتخاذ موقف أكثر عدائية تجاه إيران.
وقال غراهام هذا الأسبوع على قناة "فوكس نيوز": "يا رئيس ترامب، ساهم بكل قوتك في مساعدة إسرائيل على القضاء على التهديد النووي. إذا احتجنا إلى تزويد إسرائيل بالقنابل، فلنقدمها. وإذا احتجنا إلى تسيير طائرات مع إسرائيل، فلننفذ عمليات مشتركة".