شهادات نازحين في مدينة رفح تعكس صورة قاتمة للحياة اليومية
تاريخ النشر: 22nd, February 2024 GMT
يكافح النازحون في رفح ودير البلح في ظروف قاسية، دون ملابس دافئة أو أغطية أو غذاء.
وقال برنامج الغذاء العالمي إن سدس الأطفال الفلسطينيين ممن تقل أعمارهم عن سنتين في غزة يعانون من سوء التغذية الحاد، وإن الناس يموتون بسبب الجوع.
وحذرت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من تفاقم الوضع الإنساني في حال نفذت إسرائيل خطتها بالهجوم على رفح.
وتوضح نور أبو السعود وهي تحتضن طفلها في الخيمة: " ماذا حدث لنا في رفح، كان هناك قصف... هربنا من الخوف، ونقص الغذاء والماء، وعدم وجود دورات مياه؛ فهربنا لا يوجد شيء على الإطلاق... عدنا إلى مستشفى شهداء الأقصى من شدة القصف وإطلاق النار علينا بشكل كبير".
كشفت منظمة الطفولة التابعة للأمم المتحدة (اليونسيف) في تقرير لها، إن 90% من الأطفال دون السن الثانية في غزة، و95% من النساء الحوامل والمرضعات يواجهون فقرا غذائيا حادا، إذ تتناول 65% من الأسر وجبة واحدة في اليوم.
ويقول صالح أبو السعود : "لا ليس هناك أي منطقة آمنة على الإطلاق... لقد أجبروا السكان على الفرار من رفح".
وتعكس شهادات النازحين في رفح صورة قاتمة للواقع اليومي في ظل شح كل الأولويات الإنسانية وارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق.
ويقول شادي فاروق الذي نزح 3 مرات حتى الآن "نعيش حرباً مع إسرائيل وحرباً أخرى مع الأسعار".ويضيف: "لقد عايشت النزوح ثلاث مرات... من نزوح لنزوح والآن نعيش في خيمة".
شاهد: طوابير طويلة من النازحين للحصول على طعام تبرعت به جمعيات خيرية في غزةأم وطفلاها ... الجيش الإسرائيلي ينشر فيديو يُعتقد أنه يظهر محتجزين إسرائيليين في غزةشاهد: مبادرة للترفيه عن الأطفال وسط مأساة الحرب في غزةيعيش حوالى 1 ونصف مليون فلسطيني في رفح في أماكن مكتظة مع إمكانية محدودة للغاية للحصول على المياه النظيفة والصرف الصحي. وتفاقم الظروف الصعوبات التي تواجهها العائلات النازحة والسكان المحليين، مما يزيد من تعقيد الوضع المتردي.
المصادر الإضافية • أ ب
شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية رئيس منظمة الصحة العالمية: "غزة منطقة موت" والوضع "لا إنساني" الفلسطينيون في غزة يعانون من "حرب تجويع" ومنظمات دولية تحذر من استخدام إسرائيل سلاح الحصار الغذائي غانتس: الجيش الإسرائيلي سيبدأ عملية في رفح بعد إخلاء السكان من المنطقة الشرق الأوسط رفح - معبر رفح إسرائيل قطاع غزة حماية الأطفال حقوق الإنسانالمصدر: euronews
كلمات دلالية: الشرق الأوسط رفح معبر رفح إسرائيل قطاع غزة حماية الأطفال حقوق الإنسان فلسطين الصراع الإسرائيلي الفلسطيني حركة حماس غزة فلاديمير بوتين إسبانيا روسيا إسرائيل قطاع غزة أليكسي نافالني بنيامين نتنياهو فلسطين الصراع الإسرائيلي الفلسطيني حركة حماس غزة فلاديمير بوتين إسبانيا یعرض الآن Next فی غزة فی رفح
إقرأ أيضاً:
كيف يعدم الاحتلال آخر مظهر للحياة في غزة؟
كانت الشمس تميل نحو المغيب في سماء خان يونس، حين خرج الشاب محمد المصري (24 عامًا) برفقة 4 من رفاقه بسيارة صغيرة رمادية اللون، محمّلة بصناديق خضراء مكدّسة بطماطم وكوسا وبطاطس. الخمسة، أعضاء في مبادرة شبابية، قرروا أن يوصلوا الوجبات والخضراوات إلى منازل بعض العائلات المتضررة في حي الأمل، الحي الذي تحوّل اسمه إلى مفارقةٍ دامية.
دم يسيل من الطماطم
كان محمد يقود، وعلى المقعد المجاور جلس أحمد البريم (22 عامًا) مبتسمًا وهو يرسل صورة لأطفاله مع الخضراوات، بينما في المقعد الخلفي جلس معاذ جندية (25 عامًا) يراجع قائمة العائلات التي سيطرقون أبوابها ذلك المساء. لم يكن في السيارة أي سلاح، ولا ما يشي بمشهد حرب. فقط نوايا طيبة وصناديق أمل. لكن السماء فوق غزة لا تحمل إلا الهلاك.
دقيقة واحدة فقط فصلت الضحك عن الصراخ. صاروخ إسرائيلي من طائرة مسيّرة باغت السيارة وأحالها إلى كرة لهب. تهشمت الأجساد وتناثرت الخضراوات المدمّاة على مقاعد السيارة والإسفلت. استشهد ثلاثة، ونجا اثنين بجروح خطيرة.
«كنت خلفهم بخمسين مترًا فقط»، يقول سامر الدلو، أحد سكان الحي لـ«عُمان»، وهو لا يزال يرتجف عند الحديث. «انفجار مدوٍ هزّ الشارع. هرعتُ نحو السيارة، وجدتها مشتعلة بالكامل. جثة محمد كانت ملقاة خارجها وقد تفحّمت. أحمد كان لا يزال يئن، لكن الدم كان يغمر فمه، ومعاذ لم أستطع التعرف على ملامحه».
كان الهدف بسيطًا: توزيع طعام. كانت الوسيلة إنسانية. لكن الرسالة التي أطلقها الصاروخ كانت واضحة: لا عطاء في غزة، لا مبادرات، لا حياة.
سياسة استهداف مقومات الحياة
منذ استئناف الحرب في مارس 2025، بات واضحًا أن الاحتلال الإسرائيلي يتبع سياسة جديدة في عدوانه على قطاع غزة: تجفيف منابع الحياة. لم تَعُد الأهداف تقتصر على البنى التحتية أو المواقع التي يدّعي الاحتلال أنها عسكرية، بل امتدت لتشمل مظاهر الحياة المدنية البسيطة: تكايا تقدم وجبات، سيارات توزع خضراوات، متطوعون يحملون حقائب خبز.
هذه الاستراتيجية ليست ارتجالية، بل جزء من منظومة أوسع تهدف إلى خنق الحياة المدنية في القطاع، ودفع السكان إلى الحافة عبر تدمير أي مسعى شعبي أو أهلي للتخفيف من الأزمة. فالتكايا، التي مثّلت متنفسًا للنازحين والجوعى، أصبحت الآن أهدافًا مشروعة للطائرات المسيّرة.
المبادرات الشعبية التي لطالما عوّل عليها الغزيون للبقاء، أضحت فجأة في مرمى النيران، وأصبح الشاب الذي يحمل وعاء طعام هدفًا عسكريًا.
بيت لاهيا: مذبحة المتطوعين
في ظهيرة 15 مارس 2025، كانت تكية مؤسسة الخير الدولية في بلدة بيت لاهيا تعجّ بالحركة. عشرات العاملين، بينهم صحفيون ومصورون ومتطوعون، كانوا يعدّون وجبات ساخنة لتوزيعها على العائلات المحاصرة. فجأة، اخترق صاروخ السماء واستقرّ في ساحة التوزيع.
«رأيتُ زملائي يتساقطون واحدًا تلو الآخر»، يقول إبراهيم صافي، أحد المتطوعين الناجين من المجزرة. «لم يكن بيننا مسلح. كلنا نحمل ملاعق وسكاكين مطبخ. تسعة من أصدقائي استشهدوا، أحدهم كان يُعدّ صينية مجدرة».
قاسم رشيد أحمد، رئيس مجلس أمناء المؤسسة، أكد أن الضحايا كانوا موظفين ومتطوعين معروفين بنشاطهم الإنساني، مضيفًا: «الاحتلال يسعى لاغتيال كل ما هو إنساني في غزة».
شمال غزة: ضربة في وقت الغداء
في بداية مايو 2025، استهدفت طائرة إسرائيلية مبنى صغيرًا لتكية في شمال غزة أثناء توزيع وجبات الغداء على الأطفال. أسفر الهجوم عن استشهاد عامل يدعى ناصر، وإصابة اثنين آخرين.
أبو أنس حمدان، أحد سكان الحي، قال لـ«عُمان»: «ناصر كان يوزع شوربة العدس. كنا ننتظر دورنا. فجأة ارتجت الأرض تحتنا. رأيت جسده أشلاء بجانب القدر الذي كان يغرف منه».
خان يونس: لحم ودم ودموع
قبل يوم واحد من مجزرة حي الأمل، أي في 10 مايو 2025، استهدفت تكية خيرية وسط خان يونس. القصف أدى إلى استشهاد عامل في المطبخ وإصابة اثنين آخرين. أم خالد أرملة نازحة، كانت على وشك استلام وجبتها عندما دوّى الانفجار.
تروي بفزع: «كنتُ أقف بالطابور. جاء الدور عليّ. سمعت صفيرًا ثم صراخًا. الشوربة امتزجت بالدم، وأجساد المتطوعين كانت تتطاير. لم أعد أستطيع أكل أي شيء بعدها».
تضيف يختنق بكاءً خلال حديثها لـ«عُمان»: «الاحتلال ما بيكفيه حصارنا وتجويعنا، يقصفنا وإحنا متهانين على اللقمة. جوع وذبح وذل. ليش؟ ايش جريمتنا؟».
ومنذ الثاني من مارس الماضي، يغلق الاحتلال الإسرائيلي المعابر في وجه المساعدات الإغاثية، ما وضع قطاع غزة على حافة مجاعة كارثية، يحاوطها القصف من كل جانب.
من يستهدف الطعام؟
الناشطة الإغاثية مريم طه، منسقة مبادرة «الخبز للجميع»، عبّرت عن مخاوفها من هذا التصعيد الجديد: «نحن لا نحمل بنادق، نحمل أرغفة. لكن يبدو أن الخبز أصبح تهديدًا وجوديًا بالنسبة للاحتلال».
وتضيف: «في كل مرة نعلن فيها عن توزيع مساعدات، نغيّر المكان والزمان بشكل مفاجئ، وكأننا خلية مقاومة. نحن فقط نريد إطعام الناس».
وفقًا لتقرير صادر عن "مكتب الإعلام الحكومي في غزة"، فقد تم توثيق استهداف مباشر لـ 13 تكية أو مبادرة خيرية في قطاع غزة منذ بدء الحرب في 10 أكتوبر 2023 وحتى مايو 2025. وأسفر ذلك عن استشهاد 31 من العاملين والمتطوعين، وإصابة أكثر من 70 آخرين، بالإضافة إلى تدمير 9 منشآت بشكل كامل.
ويشير تقرير لمركز الميزان لحقوق الإنسان إلى أن أغلب هذه الهجمات تمت بواسطة طائرات مسيّرة، وأن الاستهدافات كانت في معظمها أثناء أوقات توزيع الطعام، مما يضاعف من عدد الضحايا.
وفي تحليل للمركز، قال الباحثة القانونية ميرفت النحال: «هذه الهجمات لا تستهدف أفرادًا فقط، بل تقوّض أي بنية إنسانية متبقية في القطاع. هي رسالة رعب جماعية تهدف إلى تعميم الجوع والخوف».
وتضيف، في تصريح لـ«عُمان»: «في ظل المجاعة التي تضرب غزة، كانت التكايا الخيرية بمثابة جبهة صمود مدنية. لكنها الآن تتحول إلى ساحات مجازر. ومع استمرار هذه الاستراتيجية، يبقى السؤال: هل نجا الفلسطينيون من الموت جوعًا ليُقتلوا وهم يوزعون الطعام؟».
وتختم حديثها: «الصورة الآن قاتمة، لكن رغم ذلك، لا تزال عربات صغيرة تتحرك ليلًا، حاملة الطماطم والبصل وقلوبًا لم تستسلم».