وفاة طفل كل ساعتين.. نازحو مخيم زمزم بدارفور يواجهون المجاعة
تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT
الفاشر- بعد 20 عاما قضاها في معسكر "السلام" للنازحين بولاية شمال دارفور غربي السودان، يحدق آدم جمعة في الأفق بحزن وأسى، ويتمنى أن تنتهي معاناته مع الاقتتال الدائر في البلاد، وأن يستعيد عافيته، ويعيش حياة طبيعية في مخيم زمزم للنازحين الذي وصل إليه مؤخرا.
لكن الرجل يشعر باليأس مع استمرار القتال والدمار في مختلف أنحاء السودان، ومع الظروف المعقدة التي تحيط به من كل جانب في المعسكر.
عاش جمعة تجارب قاسية خلال العقدين الماضيين، حيث واجه الجوع والعطش ونقص الخدمات الأساسية في مخيم السلام. وكان يأمل بالعودة إلى قريته الأصلية بفضل اتفاق السلام الذي وقع بين الحكومة الانتقالية وحركات الكفاح المسلح في جوبا بجنوب السودان.
سرعان ما اندلعت معارك جديدة بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل/نيسان الماضي، مما أدى إلى تلاشي آماله في العودة وتحقيق حياة آمنة ومستقرة.
نزوح متكرر
نزح جمعة مع عائلته الأسبوع الماضي من مخيم السلام إلى مخيم زمزم، هربا من شدة القتال. ويصف شعوره باليأس وخيبة الأمل، حيث تلاشت أحلامه في العيش بسلام والتمتع بالحقوق الأساسية مثل الغذاء والماء والصحة.
وتعكس مأساته ما يلاقيه مئات الآلاف من النازحين في مخيم السلام الذين فروا من منازلهم خلال الأسابيع الماضية إلى مخيم زمزم الذي يعتبر أكثر أمانا لكنهم واجهوا ظروفا صعبة ومعقدة.
ويقع مخيم زمزم على بعد 15 كيلومترا جنوب مدينة الفاشر، ويوفر المأوى لأكثر من نصف مليون نازح فر معظمهم من مناطقهم الأصلية في إقليم دارفور بعد اندلاع النزاع المسلح عام 2003.
وارتفع عدد النازحين مؤخرا بسبب التوترات والمواجهات التي تشهدها مدينة الفاشر، مما اضطر العديد من سكان المدينة ومعسكر السلام إلى النزوح والاستقرار في مخيم زمزم.
ويعاني النازحون من نقص حاد في الغذاء والماء والدواء، حيث توقف توزيع المساعدات الغذائية منذ شهر مايو/أيار الماضي، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية. فيما تطالب المنظمات الإنسانية الدولية بضرورة التحرك العاجل لإنقاذ حياة النازحين في مخيم زمزم.
يكابد مئات الآلاف من النازحين في مخيم زمزم بولاية شمال دارفور غربي السودان ظروفا إنسانية مأساوية تنذر بحدوث مجاعة حقيقية، في ظل نقص حاد في الغذاء والماء والدواء.
وأعربت رئيسة منظمة أطباء بلا حدود لشؤون الطوارئ في السودان، كلير نيكوليه، عن استيائها من ظروف النازحين. وقالت في بيان "نقدّر أن طفلا واحدا على الأقل يموت كل ساعتين في المخيم، مما يعني أن نحو 13 طفلا يفقدون حياتهم كل يوم".
وأوضحت أن الأطفال الذين يعانون سوء التغذية الحاد، يمكن أن يموتوا خلال 3 إلى 6 أسابيع إذا لم يتلقوا العلاج. مشيرة إلى أن ما يقرب من ربع الأطفال الذين فُحِصُوا يعانون سوء التغذية الحاد، وأن حوالي 40% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر وسنتين يعانون من سوء التغذية.
ومما يثير القلق أيضا أن معدل الوفيات في هذا المخيم، الذي يعد أكبر وأقدم مخيم في البلاد، والذي يؤوي ما بين 450 الفا و500 ألف شخص بحسب التقديرات، يصل إلى 2.5 حالة وفاة لكل 10 آلاف شخص يوميا.
وأضافت نيكوليه "قبل اندلاع الحرب، كان سكان المخيم يعتمدون بشكل كبير على المساعدات الدولية للحصول على الغذاء والرعاية الصحية ومياه الشرب، أما اليوم فقد هُجِرُوا بشكل شبه كامل".
وأشارت إلى أن برنامج الغذاء العالمي لم يوزع الغذاء منذ شهر مايو/أيار الماضي، ولجأت الأسر إلى شرب مياه المستنقعات أو الأنهار.
يواجه مئات الآلاف من النازحين في مخيم زمزم بولاية شمال دارفور غربي السودان، ظروفا إنسانية صعبة للغاية، ونقصا حادا في الغذاء والماء والدواء.
وصل موسى هارون، أحد قيادات الإدارة الأهلية إلى زمزم مؤخرا، ولا يستبعد وجود وفيات للأطفال بسبب سوء التغذية. وقال للجزيرة نت إن "الأوضاع الإنسانية في المخيم تشهد تدهورا خطيرا وغير مسبوق، وهناك أطفال ماتوا بسبب سوء التغذية، حيث وصل 130 ألف نازح من معسكر السلام إلى زمزم منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل الماضي".
وأضاف أن الحياة في المعسكر "تكاد تصل إلى حد المجاعة، حيث تعاني الأسر من نقص المواد الغذائية الأساسية".
تقول زينب آدم، نازحة في مخيم زمزم "هربت من قريتي بسبب العنف والقتال، نعيش في خيام ضيقة، ولا نملك مصادر كافية للطعام والماء، ويعاني الأطفال من سوء التغذية والأمراض، ولا نملك وسائل العلاج المناسب".
في حين قال إبراهيم يحيى، أحد الفارين من المواجهات في الفاشر "في البداية ظننا أن القتال سينتهي ولن يقترب من الحي الذي نعيش فيه، ولكن بعد مرور الوقت، أصبحنا في خضم الاشتباكات، وحاصرنا جنود في سيارات رباعية الدفع، وأجبرونا على الهروب من منازلنا إلى المخيم".
وذكر أن الصراع أدى إلى نزوح عدد كبير من السكان من منازلهم، خاصة في الأحياء الشرقية والشمالية للمدينة. وأن "أغلبهم يواجهون صعوبة في ضمان سلامتهم من الغذاء والدواء والسكن، حيث لا يوجد لديهم مدخرات، ويتوزعون في المدارس والمرافق الصحية في الفاشر، فيما لجأ بعضهم إلى مخيم زمزم حيث ينامون على الأرض".
قال أحد النازحين السابقين في المخيم، ويدعى أبكر آدم لمراسل الجزيرة نت، إن "المنظمات والهيئات الدولية توقفت عن تقديم المساعدات الإنسانية للنازحين منذ أكثر من 4 أشهر". وأوضح أنهم في السابق كانوا يتلقون مساعدات على شكل غذاء وأدوية ومياه.
وترجع أسباب هذه الأوضاع المأساوية إلى النزاع المسلح العنيف الذي اندلع في 15 أبريل/نيسان من العام الماضي بين الجيش السوداني بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) في العاصمة الخرطوم، وامتد إلى عدة ولايات في البلاد، خاصة في إقليم دارفور الذي يتكون من 5 ولايات، قُتل خلاله الآلاف، ونزح الملايين من السكان داخليا، ولجأ عشرات الآلاف إلى دول مجاورة.
وكانت العديد من المنظمات الإنسانية والهيئات الدولية تعمل على تقديم المساعدات في معسكر زمزم ومخيمات ومناطق أخرى بدارفور، إلا إن عملها توقف بسبب احتدام الصراع في هذه المناطق.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: النازحین فی مخیم الغذاء والماء فی مخیم زمزم سوء التغذیة
إقرأ أيضاً:
تحت الرمال الساخنة: رعاة يواجهون عصفاً من الألغام تحت وطأة الماضي
6 دجنبر، 2025
بغداد/المسلة: في أعماق محافظة ذي قار جنوبي العراق، حيث تندفع الرمال تحت أقدام الرعاة والمزارعين، تظل المخلفات الحربية تنتشر كشبح من الماضي، جاهزة للانفجار في أي لحظة.
الذخائر العنقودية غير المنفجرة، مدفونة بين الكثبان، تشكل تهديداً يومياً لآلاف السكان، فهي ليست مجرد بقايا حروب، بل قنابل موقوتة تهدد الحياة اليومية في هذه الأراضي الخصبة سابقاً.
وبالفعل، يروي شهود عيان قصصاً مرعبة عن لحظات الرعب، حيث يهشم وجه ضحية وتتمزق أطرافه تحت قوة العصف المتأخر.
في إحدى الحوادث الأخيرة بجنوب المحافظة، أدى انفجار ذخيرة عنقودية مدفونة إلى إصابة ثلاثة أطفال، مما يعكس كيف تتحول الرمال إلى مقبرة حية، وتترك الضحايا يئنون تحت ألم الفقدان والإعاقة الدائمة، في غياب أي إجراءات وقائية فورية.
مع ذلك، يتردد صدى سؤال يلازم السكان المحليين: إذا لم نعالجها نحن، فمن سيفعل ذلك؟ الجهات المسؤولة، رغم الوعود المتكررة، لم توفر الحد الأدنى من شروط الحماية، مما يفاقم الوضع في ظل برامج إزالة محدودة تعاني من نقص التمويل. الإحصاءات الرسمية بين 2017 و2022 تكشف عن مقتل 10546 شخصاً وإصابة 24458 آخرين نتيجة هذه المخلفات في عموم البلاد، بينما سجل برنامج تسجيل ضحايا الألغام في ذي قار منذ إطلاقه عام 2015 مقتل وإصابة 4658 شخصاً، وفي السنوات الأخيرة بلغت الضحايا 102 في 2023 وحدها، مع ارتفاع إلى 78 بين 2023 و2024، وثلاثة طلاب قتلوا في 2025.
ومع تزايد الضغوط، تظل الأراضي الصالحة للزراعة ملوثة، حيث يتركز التلوث في جنوب المحافظة، مما يحول حقولاً خصبة إلى مناطق محظورة. يعيش المواطنون، خصوصاً رعاة الأغنام، على وقع الخطر اليومي، فالقطعان تتجول في مناطق غير آمنة، وتؤدي الحوادث إلى خسائر اقتصادية هائلة، مع انخفاض إنتاجية الأراضي بنسبة تصل إلى 50 في المئة في بعض المناطق الجنوبية بسبب الجفاف المركب مع التلوث.
أما الخرائط التي حددت مواقع الألغام فقد ضاعت مع سقوط النظام السابق، مما يعيق جهود التنظيف ويجعل المناطق أكثر غموضاً وخطورة. حجم التلوث في الأراضي العراقية هائل، يغطي آلاف الكيلومترات المربعة، ولا يتناسب مع الإمكانيات المتاحة، حيث أدى انخفاض التمويل الأمريكي في 2025 إلى إغلاق برامج في العراق، مما يؤخر إزالة ملايين الذخائر غير المنفجرة.
وتحدد هذه المعاناة حدوداً طويلة وأوقاتاً عصيبة، كما يؤكد الناجون، لتظل شاهداً على خطر باقٍ منذ خمسين عاماً بلا حلول جذرية، مهدداً حياة المدنيين وعناصر الأمن على حد سواء. يتطلب الأمر تدخلاً دولياً عاجلاً لتحويل هذه الأراضي من مناطق موت إلى حقول حياة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts