البوابة نيوز:
2025-05-28@12:57:31 GMT

أهمية التفكير النقدي في مواجهة التطرف

تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT

يقول الفيلسوف الفرنسي ديكارت، في كتابه «مبادئ الفلسفة» متحدثًا عن قومه الفرنسيين وسائر الغربيين: «إن الفلسفة هي وحدها التي تميزنا عن الأقوام المتوحشين والهمجيين، وإنما تقاس حضارة الأمة وثقافتها بمقدار شيوع التفلسف الصحيح فيها، ولذلك فإن أعظم نعمة يُنـعم الله بها على بلد من البلاد هي أن يمنحه فلاسفة حقيقيين».

 

وإذا كان ديكارت يقول - بوصفه فرنسيًا - «إن الفلسفة هى وحدها التى تميزنا عن الأقوام المتوحشين والهمجيين»، فإن ديكارت لو عاد مرة أخرى للحياة لقال إننى أعني بالأقوام المتوحشين والهمجيين أقطار منطقة الشرق الأوسط، خاصةً مصر التى كانت تعلو أرجاءها أصوات تنادي بهدم الأهرامات والآثار الفرعونية المصرية القديمة، وفي مقدمتها تمثال أبو الهول، وكذلك تقييد حرية المرأة، وختان الإناث، وإباحة الزواج من القاصرات، وفرض الجزية على المواطنين المسيحيين... إلخ. 

لو عاد ديكارت مرة أخرى للحياة لقال إننى أعني أقطار منطقة الشرق الأوسط، خاصةً مصر التى وإن كانت تلك الأصوات قد خفتت قليلًا، فليس اقتناعًا وإنما توجسًا وترددًا إلى حين، وخاصة أن أصحاب هذه الأصوات ينخرطون اليوم في أحزاب سياسية تسمح الدولة بقيامها، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على مدى اضطراب السياسات العامة الموضوعة وتخبطها!! 

إذا كان ديكارت قد قال في كتابه «مبادئ الفلسفة»:  «إن أعظم نعمة ينعم الله بها على بلد من البلاد، هي أن يمنحه فلاسفة حقيقيين».. فإن علينا أن نقول من واقع المشهد الحالي في منطقتنا العربية: «إن أشد نقمة يبتلي الله بها بلدًا من البلدان، هي أن يسلط عليهم فئة من غلاة المتشددين المتعصبين المتاجرين باسم الدين، من أجل تحقيق مآرب سياسية».

التفكير النقدي هو الذى يمنحنا القدرة على النظر إلى الأشياء وكأننا نراها لأول مرة، فنصاب بالدهشة جراء ذلك، ونرى الأشياء وكأننا لم نرها من قبل، فالنقد يخلع عن وجه الأشياء قناعها العادي. وعن طريق النقد نحن لا نبتعد عن الأشياء المعتادة فى حياتنا اليومية، بل عن تفسيراتها وقيمتها المألوفة. ونحن لا نفعل هذا لكى نشذ عن الآخرين، أو لكى يقال إننا نفكر بخلاف بقية الناس، بل لأن وجهًا جديدًا للأشياء قد تكشف لنا فجأة، وجهًا مختلفًا عن ذلك الذى تعودنا عليه وسلمنا به فى لقائنا معه كل يوم. 

النقد عندي هو جوهر الفلسفة، والنقد كما أفهمه لا يعني أبدًا التطاول أو الشتم، أو التركيز على الجوانب السلبية وحدها، إنما يعني الفحص العقلي لكل ما يُعْرَض علينا من أقوال وأفعال لبيان مواطن القوة وجوانب الضعف. 

وإذا كان العلم هو سبيل التقدم، فإن النقد هو سبيل التحضر والرقي.. لأن المجتمعات المتخلفة  لا تعرف النقد، ولا تعرف معناه وبالتالي لا تمارسه، المجتمعات المتخلفة لا تعرف سوى أمرين:

 1- إما المدح السخيف المفضوح.

    2-  أو النفاق الممجوج الرذيل.

نحن لا نعرف كيف ننقد نقدًا عقليًا، وإنما نجيد المدح أو السب والشتم. إن النقد الذي أقصده أبعد ما يكون عن هذين الأمرين. النقد الذي أعنيه والذي هو جوهر الفلسفة هو التحليل العقلي للأقوال والأفعال للكشف عن محاسنها ومثالبها، ميزاتها ونقائصها، إذن الميزات والمحاسن تأتي أولًا قبل العيوب والنقائص.

إننا إذا اعتمدنا على التفكير النقدي جاءت أفكارنا سوية ومعتدلة، ذلك لأن الأفكار تختلف باختلاف المجتمعات، إنها وليدة ظروف تاريخية واجتماعية وثقافية معينة، ومن ثمَّ فهى ليست مقدسة؛ وإن كان يتم الترويج لها في معظم الأحيان على أنها كذلك!! كما يتكشف مدى هيمنة هذه الأفكار وتحكمها في سلوك أفراد المجتمع، وتوجيههم وجهة معينة دون غيرها. ومن الضروري البحث عن «الأفكار الحاكمة» في مجتمعاتنا، لإعادة فحصها ونقدها، للإبقاء على ما هو صحيح منها، واستبعاد ما هو فاسد. يجب ألا نتمسك بأفكار عقيمة ظنًّا منا أنها سوف تُسهم يومًا في تقدمنا ورقينا، لأننا في هذه الحالة سوف نقع في الخطأ نفسه الذي وقعت فيه تلك الدجاجة التي رقدت على بيض مسلوق ظنًّا منها أنه سوف يفقس يومًا!!

المصدر: البوابة نيوز

إقرأ أيضاً:

«تريندز» يناقش «مكافحة التطرف حول العالم» في مقر البرلمان الأوروبي

أبوظبي (الاتحاد)
شارك مركز تريندز للبحوث والاستشارات في مائدة مستديرة بعنوان «استراتيجيات مكافحة التطرف حول العالم من خلال التعليم ونشر ثقافة التسامح والسلام»، والتي عقدها التحالف البرلماني الدولي، والبرلمان الأوروبي، وأنطونيو لوبيز، عضو البرلمان الأوروبي، وذلك في مقر البرلمان الأوروبي ببروكسل، بمشاركة نخبة من البرلمانيين والخبراء والأكاديميين والمتخصصين، وجاءت المشاركة في ختام جولة «تريندز» البحثية في المملكة البلجيكية.
وقال الدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، إن هذه المائدة المستديرة تأتي في وقتها، في ضوء انتشار أيديولوجيات التطرف، وما يرتبط بها من عنصرية وعنف وإرهاب، في أنحاء مختلفة من العالم، سواء اتخذت شكلاً دينياً أو شعبوياً أو يمينياً متطرفاً.
وأكد أن أفضل الاستراتيجيات لمكافحة الأفكار والأيديولوجيات المتطرفة هو التخلص من الاقتراب النخبوي في المعالجة، والتركيز على مؤسسات التنشئة الاجتماعية، بدءاً من الأسرة، ومروراً بالمؤسسات التعليمية والاجتماعية والدينية، وصولاً إلى وسائل الإعلام التقليدية والجديدة، إذ إن هذه المؤسسات تمتلك إمكانيات هائلة لزرع أفكار وقيم التسامح وثقافة السلام في نفوس الأطفال والشباب، ما يحول دون تسرب أفكار التطرف إلى عقولهم. 
مأسسة التسامح 
وأشار الرئيس التنفيذي لـ «تريندز» إلى أن مؤسسات التعليم تقع على عاتقها مسؤولية كبيرة في ترسيخ قيم وثقافة التعايش والتسامح والسلام، وفي مقدمتها قيم قبول الآخر والحوار البناء، وهذا يتطلب تطوير المناهج التعليمية وتنقيتها من أي أفكار تحض على التطرف والعنف والكراهية، وتأتي هنا الحاجة إلى تدخل حكومي نشط يتصدى لمروجي التطرف، وفي مقدمتهم جماعة الإخوان المسلمين، التي تمثل المظلة التي خرجت من تحت عباءتها معظم التيارات المتطرفة.
واستعرض العلي النموذج الإماراتي في التسامح الإنساني في مجتمع متعدد ثقافياً، ينتمي أفراده إلى أكثر من 200 جنسية، حيث عملت دولة الإمارات على مأسسة التسامح، عن طريق تشريعات داعمة وسياسات وقرارات واضحة، وأنشأت مؤسسات متخصصة وطورت مناهجها التعليمية، وفرضت منهج «التربية الأخلاقية» على طلاب المدارس كافة، وهو ما عزز من تجربة التسامح الإماراتي، وجعلها نموذجاً عالمياً. 
الاعتدال والتسامح 
بدورها، أوضحت اليازية الحوسني، الباحثة، ونائبة رئيس قطاع الإعلام في «تريندز»، خلال مداخلتها بالمائدة المستديرة، أن دولة الإمارات أمة شابة في العمر، ولكنها قوية في الفعل، فهي دولة مبنية على الاعتدال والتسامح والتطلع للمستقبل، وتعكس العدل والتوازن في كل جانب من جوانب الحياة، مضيفة أنها أمة متجذرة في التعايش، حيث احترام الآخر ليس مجرد مبدأ، بل قيمة راسخة بعمق في كل إماراتي.
وذكرت أن دولة الإمارات أنشأت عام 2016 وزارة التسامح والتعايش، لتصبح أول دولة تنشئ جهة حكومية مخصصة لتعزيز الاندماج والاحترام المتبادل بين المجتمعات، إلى جانب افتتاح «بيت العائلة الإبراهيمية» في أبوظبي، والذي يعد منارة ورمزاً للتسامح والتعايش، وهو عبارة عن مجمع ديني وثقافي يجمع بين المسجد والكنيسة والكنيس.

أخبار ذات صلة %80 من خريجي «محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي» يتوظفون خلال عامهم الأول حمدة البلوشي: «صغارية» منصة تعليمية ترفيهية مبتكرة

التعليم من أجل السلام 
أما شيخة النعيمي، الباحثة في «تريندز»، فتحدثت في مناقشات المائدة المستديرة عن الدور الحيوي للتعليم في تعزيز التسامح والسلام، مؤكدة أن التعليم ليس مجرد نقل للحقائق، بل هو تشكيل عقول تقدر التعاطف والاحترام المتبادل والكرامة الإنسانية، ومن خلال التعرف على الثقافات والمعتقدات يطور الطلاب تفكيرهم ويكتسبون قوة ضد التطرف.
وأضافت أن دولة الإمارات جعلت التعليم من أجل السلام والتسامح أولوية وطنية، حيث يدرس الطلاب مواد التربية الأخلاقية التي تعلمهم الأخلاق والمواطنة والأخوة الإنسانية، وهذا يتجاوز المناهج الدراسية، حيث يتبع المعلمون مدونة قواعد سلوك وطنية مصممة لتعزيز القيم الإيجابية وحماية الطلاب من الأيديولوجيات الضارة.
وأشارت النعيمي إلى أن دولة الإمارات تدعم البيئات الشبابية وتدفعهم للتفاعل، من خلال مراكز الشباب والحلقات النقاشية والجلسات الحوارية التي تمكن الشباب من قيادة الحوار بين الثقافات والأديان، مبينة أن التعليم عندما يكون هادفاً وقائماً على القيم يمكن أن يوحد المجتمعات، ويحمي الأجيال من الكراهية والانقسام، مطالبة بمواصلة الاستثمار في التعليم، ليس فقط كطريق إلى المعرفة، بل كأساس للسلام.
وفي السياق ذاته، التقى فريق مركز تريندز للبحوث والاستشارات معالي أحمد بن محمد الجروان، رئيس المجلس العالمي للتسامح والسلام، ومحمد السهلاوي، سفير الدولة لدى مملكة بلجيكا والاتحاد الأوروبي ودوقية لوكسمبورغ الكبرى، وذلك على هامش المائدة المستديرة التي عقدت في مقر البرلمان الأوروبي ببروكسل.
التسامح 
بينت الحوسني أنه بعد توقيع الاتفاقيات الإبراهيمية مباشرة، التي كانت نتيجة طبيعية لنهج دولة الإمارات في التسامح والاعتدال والسلام وقبول الآخر، يمكن توقيع اتفاق في أي يوم، ولكن لكي ينجح هذا الاتفاق، يجب أن تلتقي الشعوب وتتفاعل مع بعضها البعض، مبينة أنها حظيت بفرصة أن تكون أول باحثة إماراتية تتدرب في مركز «موشي دايان»، وهناك تمكنت من التعرف إلى الآخر والتفاعل مع المجتمعات.

مقالات مشابهة

  • البنك المركزي: نظام التوزيع النقدي للدولار في العراق الأمثل بين دول العالم
  • ندوة تناقش خطاب التطرف لدى تنظيم «الإخوان»
  • رئيس المعاهد الأزهرية: التنمية الذهنية ضرورة ملحة لبناء أجيال قادرة على التفكير المنهجي
  • “المرأة العراقية .. جبهة متقدمة في مواجهة التطرف. “
  • محمد البيومي يدعو لإسكات الأصوات الشيطانية المنادية بالكراهية والعنف ونبذ القيم السوية
  • إنزاغي يرد على عرض الهلال: سيكون من الجنون التفكير في هذا
  • ريهام عبد الغفور: دماغي لا تتوقف عن التفكير .. وظلم المصطبة عمل صعب l خاص
  • متى بشاي: الصفقات المتكافئة أداة فعالة لدعم التجارة وتقليل الضغط على الاحتياطي النقدي
  • تعاون سعودي– تركي لمحاربة التطرف والإرهاب
  • «تريندز» يناقش «مكافحة التطرف حول العالم» في مقر البرلمان الأوروبي