استيقظ سكان مدينة لوس أنجلوس فجر 25 فبراير عام 1942 على دوي صفارات الإنذار وانفجارات قذائف المضادات الأرضية فيما كانت أضواء الكشافات تحوم في السماء مفتشة عن الأهداف المغيرة.

إقرأ المزيد هل نحن وحدنا في هذا الكون؟.. الإجابة قد تكون قريبة جدا!

هرع الكثير من مواطني لوس أنجلوس بملابس النوم في الساعة 02:25 إلى شرفات منازلهم فيما كانت القذائف تنفجر في السماء فتتوهج مبددة للحظات الظلام الدامس الذي غرقت فيه المنطقة.

كانت الليلة هادئة في ذلك اليوم، وفجأة رصد الرادار في السماء ما بدا أنه جسم معاد على بعد 75 كيلو مترا غرب لوس أنجلوس، فانطلقت الصفارات المنذرة بالغارات الجوية على الفور، وجرى قطع التيار الكهربائي في جميع أرجاء المدينة، وبعد دقائق بدأت قذائف المدفعية المضادة للطائرات تنطلق ترافقها أضواء الكشافات لتمشط السماء، وسرعان ما انضمت وسائط الدفاع الأخرى الساحلية وأطلقت نيرانها هي الأخرى على الأهداف المجهولة.

عمت الفوضى وانتشر الهلع في تلك الدقائق وكان يبدو أن لوس أنجلوس تتعرض للهجوم، إلا أن أولئك الذين خرجوا إلى الشرفات والشوارع وجالت أنظارهم في السماء لم يروا شيئا عدا الأدخنة ووميض النيران، فيما توقفت عن الحركة العربات القليلة التي كانت تسير في الطرقات تلك الليلة.

استمر إطلاق المضادات الأرضية لأكثر من ساعة، وحين صمت ذلك الدوي الهادر والمتقطع بعد إصدار أمر في وقت لاحق بالكف عن إطلاق نيران المضادات الأرضية، كانت أكثر من 1400 قذيفة مضادة للطائرات قد أطلقت في سماء المدينة.

بحلول الساعة 07:21 تبدد الظلام وتبين أن ما كان يعتقد أنها "غارة جوية" خلفت خمسة قتلى والعديد من الجرحى، علاوة على تضرر عدة منازل نتيجة لسقوط القذائف المضادة للطائرات، إلا أن المفاجأة كانت في عدم العثور على حطام أي طائرة معادية.

ذلك الحدث الغامض الذي أطلق عليه اسم "معركة لوس أنجلوس"، جرى بعد ثلاثة أشهر من الهجوم الياباني العنيف والمفاجئ على الأسطول الأمريكي الراسي في بيرل هاربور بجزر هاواي.

أسطول المحيط الهادئ الأمريكي الراسي في بيرل هاربور كان تعرض في 7 ديسمبر عان 1941 إلى هجوم مفاجئ قامت به القوات الجوية اليابانية، ما أدى إلى غرق وتضرر 21 سفينة حربية أمريكية، ومقتل 2403 شخصا، من بينهم 68 مدنيا.

إثر ذلك الهجوم الصاعق أعلنت الولايات المتحدة الحرب على اليابان وألمانيا وإيطاليا ودخلت الحرب العالمية الثانية بشكل رسمي، وما بدا في ذلك الوقت صراعا ضخما في البعيد تهيأ أنه وصل الآن إلى الولايات المتحدة، وخاصة مدينة لوس أنجلوس بكونها المركز الرئيس لصناعة الطائرات والسفن. انتشرت مخاوف في المدينة في أن تصبح الهدف التالي لليابانيين، خاصة أن غواصة يابانية كانت فتحت النار في 23 فبراير على حقل " إلوود" النفطي الواقع بالقرب من سانتا باربرا بولاية كاليفورنيا.

تصريحات الجيش الأمريكي تزيد الطين بلة:

تفسيرات الجيش الأمريكي أثارت المزيد من الجدل حول معركة "لوس أنجلوس"، وهو الأمر الذي لم يتوقف حتى الوقت الحالي.

وزير البحرية الأمريكي فرانك نوكس حينها كان في مؤتمر صحفي أن الإنذار كان كاذبا، ولم يتم اكتشاف أي طائرة معادية في سماء لوس أنجلوس في تلك الليلة، وألقى باللوم فيما جرى على "الأعصاب المحطمة"، مع ذلك تحدث هذا المسؤول العسكري عن ضرورة نقل الإنتاج العسكري من ساحل المحيط الهادئ إلى الداخل.

قيادة الدفاع الأمريكية الغربية على العكس من ذلك لأعلنت أن "الطائرة التي تسببت في انقطاع التيار الكهربائي في لوس أنجلوس لعدة ساعات... لم يتم التعرف عليها".

تضارب تصريحات المسؤولين العسكريين الأمريكيين زاد من حيرة الجميع، ونقلت صحيفة التايمز على سبيل المثال في 26 فبراير عن مصدر عسكري رسمي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن "الطائرات الأمريكية ردت بسرعة على التهديد"، في حين صرّح آخر بأن "طائرات سلاح الجو الأمريكي لم تنطلق في الأجواء بسبب خطر إطلاق نيران مضادات الطائرات".

وسائل الإعلام الأمريكي طرحت بدائل مشيرة إلى أن الرادارات الأمريكية من المحتمل أنها رصدت منطادا للطقس وليس طائرات معادية، في حين تحدث بعض شهود عيان عن مشاهدة صحون طائرة ضخمة في سماء المدينة تلك الليلة.

مكتب تاريخ القوات الجوية للولايات المتحدة قام في عام 1983 بمراجعة هذه القضية رسميا، وتوصل إلى استنتاج مفاده أن "معركة لوس أنجلوس" على الأرجح كانت بسبب معدات الإرصاد الجوية المتمثلة في المناطيد، وأن أعصاب العسكريين المتوترة في ذلك الوقت فاقمت الوضع.

المصدر: RT

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: أرشيف الحرب العالمية الثانية لوس أنجلوس فی السماء فی سماء

إقرأ أيضاً:

سماء عيسى يطرح احتجاجات سردية في "بيان الفئران"

 

 

الرؤية- ناصر أبوعون

"بيان الفئران" نصوص مخاتلة ومراوغة في آنٍ واحد للشاعر سماء عيسى تقف على مفترق الطرق ما بين القصة والحبكة والسرد بلغة شعرية طاغية. وإن كان النصّ السرديّ هو العُمدة في هذه المجموعة العابرة للنوعية إلا أنّ النص الوصفيّ أيضًا موجود، ولكنّه يتخفّى عمدًا تحت طبقات ركامية من السرد اللذيذ.

قد يبدو للقارئ غير المتمرّس أنّ مجموعة "بيان الفئران/ احتجاجات سرديّة" الصادرة عن دار نثر 2025، شذرات متناثرة على صفحات الورق، أو متباعدة الرؤى، ومتشظية على أثر انشطار نواتها بفعل التصادم الحاد بين الأفكار المتحررة والصراعات النفسية المكبوتة؛ إلا أنّ هناك حبكة وعقدة تمسك بكل الخيوط/ (العناوين الفرعية)، وتشكّل وحدة عضوية رصينة؛ على الرغم من عدم تتالي الأحداث، والتي قصد سماء عيسى عدم لَضْمها في سلك واحد؛ بل إنه تقصّد -عمدًا مع سبق الإصرار الإبداعيّ والترصد الفنّي- في تشكيل بناه السرديّة صناعةَ نوعٍ من الفوضى الإبداعية التي ظاهرها أشتات من المشاهد، وباطنها وحدة متماسكة.


 

وعلى منحى آخر اتكأ الشاعر سماء عيسى في كتابة (احتجاجاته السرديّة/ بيان الفئران) على استراتيجية العلاقة السببيّة في بناء حبكة صغرى داخل كل مقطع سرديّ منفصل، وذلك فيما يشبه لعبة مكعبات (الروبيك) مع إخفاء الحبكة الكبرى/العمود الفقري للمجموعة السردية كاملةً، والتي تشبه المكعب الأيقونيّ الذي لا يمكن الوصول إليه أو حلّ اللغز المنضوي ما بين السطور؛ إلا بإجراء عملية ربط معقدة بين الأحداث المتناثرة من مطلع المجموعة إلى منتهاها، ومن ثَمَّ فإن الفهرسة الشكلية للعناوين في المبتدأ تنطوي على خدعة كبيرة وإن كانت غير متعمدة من الكاتب وجاءت كتقليد طباعيّ وفني في صناعة الكُتُب.

ومما يزيد الأمر صعوبة على القارئ غير المتمرّس، أنّ الأحداث لا تسير بطريقة خطيّة، فضلًا عن ظهور شخصيات جديدة في كل مشهد لا علاقة لها بشخصيات المشهد السابق، ولا تمّت بأية صلة ظاهرية بشخصيات المشاهد اللاحقة، ومما يزيد القارئ حيرة أنّ الزّمن في المجموعة دائريٌّ أو يكاد يكون منعدمًا البتّة، والكاتب يتقصّد التأرجح بالقارئ -مثل الحركة الصامتة لـ(بندول) الساعة الحائطية- بين لقطات الفلاش باك، والمشاهد التنبؤية لإخراجه من كهفه المظلم إلى دائرة الضوء ليكتشف أكثر من وجه للحقيقة.

ومن الملفت للنظر أيضًا استدعاء الشاعر سماء عيسى لجوقة من الحيوانات في أكثر من مشهد؛ أو داخل البنية السردية، وتوظيف صورتها الرمزية وما تنطوي عليه من دلالات شتى في لوحة العنوان أيضا والتي تبدو من الوهلة الأولى لافتات احتجاجية معلقة ومستفزة للقاريء فضلا عمَّا تحمله من مضامين سياسية، وهي: (أهناك كلب في كل مساء)، (أطفال فوق جياد الغزاة) (الكرسي والقطة)، (وحوش الجبال الجائعة)، (جامع النحل)، (بيان الفئران).

أمّا الملمح الأخير وهو يتبدّى جليًّا في سائر الإنتاج الإبداعي المُتعدد الوجوه للشاعر سماء عيسى ما بين المقالة والبحث التاريخي والكتابة الأدبيّة والرؤى النقدية، وهو طغيان اللغة الشعرية، وتسيّدها على المساحة الأكبر من النصّ؛ وهذا يرجع -حتمًا- لإطلالته من شرفة الشعر على سائر الأنواع الإبداعية والإنسانية.

مقالات مشابهة

  • الليلة.. ظاهرة قمر الحليب تزين السماء
  • تفاصيل الاتفاق الصيني الأمريكي بشأن تخفيض الرسوم الجمركية
  • حسين العبادي يفوز برئاسة جمعية جراحة الدماغ والأعصاب
  • غزة..صرخة الحياة
  • سماء عيسى يطرح احتجاجات سردية في "بيان الفئران"
  • بـ 400 مليون دولار .. قطر نهدي ترامب قصرا في السماء | تفاصيل
  • رجل يقتحم منزل جنيفر أنيستون بسيارته
  • القبيلة اليمنية الرديف للقوات المسلحة في معركة إسناد غزة والتصدي للعدوان الأمريكي الإسرائيلي
  • معركة اليمن ضد أمريكا.. تفاصيل ما حدث في الجولة الثانية من المواجهة
  • الأمطار تعود وتزين سماء عُمان بعد انقطاع طويل.. فيديو