تقارير غربية: مليشيا الحوثي وراء تفجير خطوط الاتصالات الممتدة تحت البحر الأحمر
تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT
أفادت التقارير الغربية أن العديد من الكابلات البحرية قد تضررت قبالة سواحل اليمن، مشيرة أن مليشيا الحوثي الإرهابية هي المسؤولة في تفجير خطوط الاتصالات.
وقالت صحيفة "جلوبس" إن الحوثيين وراء تفجير خطوط الاتصالات الممتدة تحت البحر الأحمر قبالة سواحل اليمن، التي تربط بين شبه الحزيرة العربية وإفريقيا.
وأضافت أن 4 كابلات للاتصالات البحرية وهي - AAE-1، وSeacom، وEurope India Gateway (EIG)، وأنظمة TGN - تعرضت للضرر، مشيرة إلى أن إصلاح الخطوط المتضررة قد يستغرق ما يصل إلى 8 أسابيع.
الى ذلك، أكدت شركة مراقبة الإنترنت NetBlocks أن خدمات الإنترنت في جيبوتي تعطلت، ربما بسبب تلف الكابل.
ومع ذلك، يبدو أن شركة Seacom قد أكدت في الصحافة الأفريقية أنها تعاني من مشكلات في الكابلات.
قالت الشركة إنها عانت من انقطاع في نظام Seacom/TGN، وأخبرت موقع ITWeb Africa أن الانقطاع يؤثر على جزء الكابل الذي يمتد من مومباسا في (كينيا) إلى الزعفرانة في (مصر).
وأضافت الشركة: "إن موقع انقطاع الكابل مهم بسبب حساسيته الجيوسياسية والتوترات المستمرة، مما يجعله بيئة مليئة بالتحديات لعمليات الصيانة والإصلاح".
وكانت شركة الاتصالات الدولية "سيكوم" أعلنت عن خلل في بنيتها التحتية بالبحر الأحمر، مما أثر على نظام الكابلات في إفريقيا.
وذكرت الشركة أن جزءا من نظام الكابلات الذي يمر عبر البحر الأحمر توقف عن العمل، مما أثر على تدفق المعلومات بين إفريقيا وأوروبا.
المصدر: وكالة خبر للأنباء
إقرأ أيضاً:
البحر الأحمر: شريان التجارة الذي يغذي العالم ويختنق أمام أعيننا
حين تنظر إلى خريطة العالم، قد يبدُو البحر الأحمر كخطٍّ رفيع بين قارتَي آسيا وإفريقيا. ولكن في حقيقة الأمر، هو شريان نابض، لا يقل أهميَّة عن قلب العالم التجاريِّ، يحمل في تياراته أكثر من 13% من تجارة الأرض، وينقل عبر مياهه الطاقة والغذاء والدواء من قارات الإنتاج إلى قارات الاستهلاك. إنَّه الرابط بين الشرق والغرب، بين الحقول والمصانع والأسواق، بين الطموح الاقتصاديِّ والاحتياج الإنسانيِّ، ومع كل اضطرابٍ في مياهه، يختنق العالم شيئًا فشيئًا.
منذ أواخر عام 2023، ومع تصاعد الهجمات التي استهدفت السفن التجاريَّة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، بدأت علامات الاختناق تتَّضح.
شركات الشحن الكُبْرى مثل ميرسك وإيفر جرين أعادت مساراتها نحو رأس الرجاء الصالح، مضيفةً أكثر من أسبوعين إلى زمن العبور، ومتسببة في زيادة تكاليف النقل بنسبة تفوق 40%.. وفي المقابل، قفزت أقساط التأمين على الشحنات البحريَّة بنسبة تزيد عن 300%، وفق تقارير أبريل 2025.ما بدأ كاضطراب موضعيٍّ، تحول إلى أزمة عالميَّة، حيث لا تُقاس الخسائر فقط بالدولارات، بل بتباطؤ دوران عجلة التجارة، وارتفاع أسعار السلع الأساسيَّة التي تصل إلى المستهلكين.
ووسط هذا المشهد المتعثِّر، لم تكن التدفقات التجاريَّة وحدها مَن تعاني.. الاقتصادات الوطنيَّة شعرت بالضغط سريعًا.. مصر فقدت 40% من إيرادات قناة السويس، خلال عام واحد.. الأردن شهد تراجعًا بنسبة 20% في وارداته من الحبوب.. وباكستان، التي كانت تعوِّل على تفعيل دور ميناء جوادر كمركز لوجستيٍّ إقليميٍّ، وجدت نفسها محاصرةً بتباطؤ حركة الملاحة البحريَّة.. أمَّا الهند، التي يمرُّ أكثر من 80% من صادراتها إلى أوروبا عبر البحر الأحمر، فقد واجهت اضطرابًا متصاعدًا في سلاسل الإمداد، انعكس على صناعاتها الحيويَّة مثل الأدوية والمنسوجات.
وما زاد الصورة تعقيدًا أنَّ الأزمة لم تبقَ محصورة في مياه البحر الأحمر.. فبالتوازي، اندلعت حرب تجاريَّة شرسة بين الولايات المتحدة والصين.. فرضت واشنطن تعريفات جمركيَّة بنسبة 145% على العديد من السلع الصينيَّة، وردَّت بكين بتعريفات انتقاميَّة بنسبة 125%.. هذه الحرب التجاريَّة دفعت الدول والشركات إلى إعادة توجيه التدفقات التجاريَّة؛ ممَّا ضاعف الضغط على الممرَّات البحريَّة المتاحة، وزاد الحاجة إلى مسارات بديلة.الصين لم تتوقف عند حدود البحر الأحمر.. رأت في الأزمة فرصةً لتسريع خططها الإستراتيجيَّة لبناء بدائل لوجستيَّة بعيدة عن الممرات المُضطربة.. استثمرت بقوَّة في تطوير السكك الحديديَّة العابرة لآسيا الوسطى، مثل خط الصِّين – كازاخستان – أوروبا، لتعزيز الربط البريِّ، وتقليل اعتمادها على الممرات البحريَّة.. كما عزَّزت وجودها في موانئ شرق إفريقيا، مثل بورتسودان وجيبوتي، لتأمين نقاط ارتكاز إضافيَّة على طرق التجارة العالميَّة.. لكن رغم هذه الجهود، لا تزال الصين تواجه تحدِّيًا صلبًا: أكثر من 95% من صادراتها ما تزال تمرُّ عبر البحار، والبحر الأحمر يبقى مسارًا لا يمكن تجاهله.
التعريفات الجمركيَّة لم تضرب الصين وحدها.. دول الخليج والأردن والبحرين، التي تعتمد على صادرات الألمنيوم، الكيماويات، والصناعات التحويليَّة، وجدت نفسها فجأةً أمام ارتفاع في تكاليف الشحن، وانخفاض في الطلب العالميِّ، وتحدِّيات متزايدة لإعادة تخطيط سلاسل الإمداد.
الألمنيوم البحريني، على سبيل المثال، واجه ارتفاعًا في تكلفة النقل بنسبة 25%، بسبب اضطرار الشحنات لسلوك مسارات أطول وأكثر تكلفة؛ ممَّا انعكس على الأسعار النهائيَّة، وزاد الضغط على الأسواق.
هذه الحلقة المفرغة بين اضطرابات الملاحة البحريَّة والحروب التجاريَّة، أدَّت إلى نتيجة حتميَّة: ارتفاع أسعار السلع الأساسيَّة على مستوى العالم.. ليس فقط بفعل تكلفة النقل والتأمين الإضافيَّة، بل أيضًا بسبب تحوُّلات تدفقات التجارة، وزيادة الرسوم الجمركيَّة.. ففي نهاية كل سلسلة إمداد، هناك مستهلك يدفع الثمن مضاعفًا؛ من ارتفاع تكلفة الغذاء، إلى زيادة أسعار المنتجات الإلكترونيَّة، إلى بطء وصول الأدوية والمواد الخام.إنَّ المفارقة المؤلمة، أنَّ البحر الأحمر، الذي كان -لقرونٍ- طريقًا للتقارب بين الشعوب والتجارة، أصبح اليوم عقدةَ اختناق في قلب النظام التجاريِّ العالميِّ.. وإذا كانت الحرب التجاريَّة بين الولايات المتحدة والصين، قد أشعلت فتيل التوتر، فإنَّ هشاشة البنية اللوجستيَّة العالميَّة سرَّعت الانفجار.
رغم الصورة القاتمة، لا تزال الفرصة قائمة.. إعادة هندسة سلاسل الإمداد بما يراعي تعدُّد المسارات، تنويع الموانئ، وتبنِّي تقنيات ذكيَّة مثل البلوكتشين، وأنظمة التتبع اللوجستيِّ المتقدِّم، قد يوفِّر جزءًا من الحل.. إضافة إلى ذلك، لابُدَّ من إنشاء تحالفات لوجستيَّة إقليميَّة حقيقيَّة، تقوم على المصالح المشتركة، لا على التنافس الأحاديِّ.
البحر الأحمر اليوم يختنق أمام أعيننا، لكنَّه ما زال يملك القدرة أنْ يعود شريانًا يغذِّي العالم إذا أدركنا حجم التحدِّي مبكِّرًا.. كما أنَّ الدَّم لا يتدفَّق بلا قلب نابض، فإنَّ التجارة لا تزدهر بلا ممرَّات آمنة.. وفي اللحظة التي نظنُّ فيها أنَّ الانهيار بعيد، يكون قد بدأ بالفعل من تحت أقدامنا.
فالبحر الأحمر شريانُ التجارة الذي يغذِّي العالم، يختنق أمام أعينِنَا.
د. عبدالقادر حنبظاظة – جريدة المدينة