اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، الاثنين، أطراف النزاع في اليمن، بما يشمل الحوثيين والحكومة اليمنية و"المجلس الانتقالي الجنوبي"، بانتهاك حق المرأة في حرية التنقل بشكل ممنهج،  مما يضر بقدرة المرأة على الحصول على العمل والتعليم والرعاية الصحية. 

وأوضحت المنظمة في تقرير لها أن سلطات الحوثيين وسعت بشدة نطاق القيود في أراضيها على تنقل المرأة منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء وجزء كبير من شمال اليمن في السنوات التسع الماضية، بينما قيّدت قوات الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي تنقّل المرأة في الجنوب.

وأشارت المنظمة إلى أنها تحدثت مع 21 امرأة، معظمهن ناشطات، أو عاملات مع منظمات غير حكومية. 

ونقلت عن العديد ممن تمت مقابلتهن أن بعض العناصر على نقاط التفتيش استهدفوا تحديدا النساء العاملات مع المنظمات غير الحكومية، وفي المجال الإنساني. 

وكان "فريق الخبراء المعني باليمن" التابع لـ "الأمم المتحدة"، ذكر في تقريره لعام 2023 أنه تلقى تقارير عن منع الحوثيين سفر النساء بالمناطق الخاضعة لسيطرتهم.

وبينما لا يُلزم القانون اليمني المرأة بالسفر مع "محرم"، فإن بعض الممارسات اليمنية تقيّد تنقل المرأة.

واستخلصت أبحاث هيومن رايتس ووتش أن القيود على التنقل أثّرت على النساء في جميع قطاعات المجتمع اليمني.

وقالت ناشطة تعيش في عدن إنه، منذ بدء النزاع في العام 2014، "تراجعت حركة النساء بشدة... رغم أن ما كنّ يحصلن عليه لم يكن ممتازا قبل الحرب".

في الشمال، بدأت سلطات الحوثيين بعد السيطرة على صنعاء بشكل متزايد إلزام النساء بالسفر مع محرم أو تقديم دليل على موافقة خطية من ولي أمرهن، وهي سياسة لم تكن موجودة قبل الحرب. 

في 2019، أفادت وسائل إعلام محلية بأن سلطات الحوثيين وجّهت شركات الباصات (الحافلات) المحلية باشتراط أن تكون النساء برفقة محرم عند السفر بين المدن في اليمن.

وفي ديسمبر 2022، أفاد خبراء حقوقيون تابعون للأمم المتحدة أن "الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري" (هيئة النقل البري) التابعة للحوثيين أصدرت توجيها شفهيا في أغسطس 2022 يشترط أن تكون النساء برفقة محرم عند السفر إلى أي مكان، داخل المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون أو خارج البلاد.

قالت امرأتان إنهما قررتا مغادرة صنعاء، الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، والانتقال إلى عدن، الواقعة تحت سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي في عام 2023، بسبب تزايد قيود الحوثيين على النساء والمنظمات غير الحكومية في السنوات القليلة الماضية. وقالت إحداهما: "أنا شخصيا لا أستطيع حتى استئجار سيارة لأنه ليس لدي زوج أو أخ أو أب".

ووصفت ناشطة سياسية تعيش في تعز التحديات التي تواجهها شقيقتها التي تعيش في صنعاء عند السفر "امرأة في الخمسينيات من عمرها أُجبرت على الحصول على موافقة ابنها، الذي كان عمره 14 عاما، لكي تسافر. يا للعار! يعني هذا أن الحوثيين لا يعترفون بالمرأة مواطنة كاملة الحقوق".

وفي الجنوب، ورغم عدم وجود أي توجيهات رسمية من الحكومة اليمنية أو المجلس الانتقالي الجنوبي تلزم المرأة بالسفر مع محرم، وقالت جميع النساء الـ21 اللواتي تمت مقابلتهن، باستثناء واحدة، إنهن أُجبرن على العودة أو أوقفن عند نقاط التفتيش، لعدة ساعات أحيانا، عند محاولتهن الانتقال من محافظة إلى أخرى، من دون محرَم.

وأفادت الأمم المتحدة أن هذه القيود على التنقل أجبرت العديد من النساء اليمنيات على ترك وظائفهن في المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية ووكالات الأمم المتحدة لعدم وجود قريب لهن قادر على مرافقتهن في السفرات المتصلة بعملهن، مما أفقدهن الدخل الذي تشتد حاجة أسرهنّ إليه، وقطع المساعدات الإنسانية عن  النساء والفتيات اليمنيات. 

وأثّرت القيود أيضا على حصول المرأة على التعليم العالي. وفي بعض الحالات، رفض السائقون اصطحاب النساء إلى الحرم الجامعي لأنهم يعرفون ما سيواجهونه عند نقاط التفتيش في مناطق تشمل الجنوب.

وقالت امرأة من تعز: "كنت أحلم بالدراسة للحصول على الماجستير في العلوم السياسية، ولكن يبدو هذا الحلم البسيط الآن مستحيلا بسبب شرط المحرم".

وكشفت ناشطة في حقوق المرأة لـ هيومن رايتس ووتش: "تحطمنا نفسيا. الحديث عن تمكين المرأة يبدو سخيفا عندما لا يكون بإمكاننا حتى التنقّل".

واندلع النزاع في اليمن في 2014 مع سيطرة الحوثيين على مناطق شاسعة في شمال البلاد بينها العاصمة صنعاء.

وفي العام التالي، تدخّلت السعودية على رأس تحالف عسكري دعماً للحكومة المعترف بها دوليا، مما فاقم النزاع الذي خلّف مئات آلاف القتلى. وتراجعت حدة القتال بشكل ملحوظ منذ إعلان هدنة في أبريل 2022، رغم انتهاء مفاعيلها بعد ستة أشهر.

وقالت باحثة اليمن والبحرين في هيومن رايتس ووتش، نيكو جعفرنيا، إنه "بدل التركيز على ضمان تلقي الناس في اليمن المياه النظيفة والغذاء وما يكفي من المساعدات، تبذل الأطراف المتحاربة طاقتها في وضع العراقيل أمام حرية تنقل المرأة. هذه القيود لها تأثير هائل على حياة النساء وتعيق قدرتهن على تلقي الرعاية الصحية والتعليم والعمل، وحتى زيارة أسرهنّ".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الانتقالی الجنوبی هیومن رایتس ووتش النزاع فی فی الیمن

إقرأ أيضاً:

آخرها فك الحصار عن تعز.. مبادرات لفتح الطرق الرئيسية في اليمن

صنعاء- اجتاز آلاف اليمنيين اليوم الخميس طريق ضاحية الحوبان إلى داخل مدينة تعز، التي ظلت مقطوعة عنهم مدة 9 سنوات، وغلبت مشاعر الفرح والارتياح كافة اليمنيين وخاصة مواطني المحافظة الذين حرموا من الدخول إلى مدينتهم، وفرقت بينهم وبين ذويهم متارس المسلحين وحقول الألغام ورصاص القناصة.

وقال الصحفي تيسير السامعي، الذي شارك جموع المواطنين في افتتاح الطريق، إن هذا الحدث أدخل السعادة إلى كل بيت في تعز، حيث كانت دموع الفرح تسبق صيحاتهم بالترحيب بإخوانهم الداخلين لمدينتهم.

ورغم حالة الفرح العارم والتفاؤل الكبير بأوساط المواطنين، فإن السامعي لا يخفي في حديثه للجزيرة نت وجود حالة توجس لدى كثير من اليمنيين من فتح طريق واحد للمدينة، فيما لا يزال هناك أكثر من 10 طرق مغلقة في وجه المواطنين، الذين تجرعوا معاناة شديدة وحوادث خطيرة على مدى سنوات.

سعادة اليمنيين بافتتاح الطريق كانت واضحة على وجوه الآلاف الذين توافدوا وقت افتتاح الطريق (مواقع التواصل) تطور لافت

ورأى مراقبون أن ما جرى اليوم يعد تطورا لافتا يشهده اليمن بعد 9 سنوات، مما يطلق عليه "حصار ‎الحوثيين لمدينة تعز"، وأعلن عبد الكريم شيبان رئيس لجنة التفاوض الحكومية لفتح الطرقات وعضو مجلس النواب اليمني الخميس فتح الطريق لاستقبال وخروج المواطنين، "بعد سنوات من الحصار الظالم".

في المقابل قال أحمد أمين المساوى، القائم بأعمال محافظ تعز والمعين من قبل جماعة الحوثيين، إن ما جرى اليوم من فتح طريق الحوبان تعز هو تنفيذ لتوجيهات قائد جماعة أنصار الله عبد الملك الحوثي.

وقال المساوى في تصريح صحفي إنه "يحل على أبناء محافظة تعز عيدان، عيد الأضحى المبارك، وعيد فتح الطريق الرئيسي الحوبان تعز، من أجل تخفيف المعاناة على المواطنين وإعادة الحياة إلى طبيعتها، التي حاول العدو أن يمزق أوصالها".

اعلان نجاح مبادرة السيد القائد لفتح طريق #الحوبان القصر وسط المدينة #فتح_الطرقات pic.twitter.com/o0Z5TpeXZR

— أحمد أمين المساوى (@ahmadmosawa) June 13, 2024

مبادرات حيوية

تأتي خطوة فتح الطريق الرئيسية لمدينة تعز بعد أيام من فتح الحوثيين طريق محافظة البيضاء إلى مدينة مأرب، في استجابة لمطالب شعبية بفتح الطرقات الرئيسية، التي تربط المدن والمحافظات في الشمال والجنوب، لتسهيل حركة المسافرين الذي عانوا خلال السنوات الماضية من السفر عبر الطرق الجبلية والصحراوية، ومواجهة مخاطرها التي أودت بحياة المئات من المدنيين رجالا ونساء.

وفتح الحوثيون الشهر الماضي طريقا فرعية تربط بين منطقة حيفان بمحافظة تعز ومديرية طور الباحة في محافظة لحج الجنوبية، في حين لا تزال الطريق الرئيسية (خط كرش الشريجة) التي تصل تعز بمدينة عدن مقطوعة.

من جهتها، أعلنت السلطات الحكومية بمحافظة الحديدة فتح طريق حيس باتجاه الجراحي، التي تربط محافظة الحديدة الساحلية بمحافظة تعز، وأنها في انتظار استجابة الحوثيين لفتح الطريق من جانبهم.

وكان اللواء سلطان العرادة محافظ مأرب ونائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن قد أعلن في فبراير/شباط الماضي عن فتح الطريق الرئيسية التي تربط مدينة مأرب بالعاصمة صنعاء، عبر منطقة فرضة نهم، وهي أقصر طريق تسهل وصول عشرات آلاف المسافرين سنويا، من الذين يذهبون للحج والعمرة أو العاملين والمقيمين في السعودية.

لكن الحوثيين -وبحسب المصادر الحكومية- لم يستجيوا لفتح الطريق من جهتهم حتى اليوم، وفتحوا عوضا عن ذلك طريق البيضاء مأرب، كما أعلنوا عن فتح طريق صرواح باتجاه مأرب من جانبهم، منتظرين الجانب الحكومي للاستجابة لهذه الخطوة.

وثمة طرق رئيسية تربط الشمال بالجنوب، كطريق الضالع التي لا تزال مغلقة بالمتارس، حيث تعد نقطة تماس وطريق رئيسة تؤدي إلى مدينة عدن، كما لا تزال طريق "عقبة ثرة" التي تربط محافظة البيضاء بمحافظة أبين الجنوبية مقطوعة أيضا.

سيل بشري يتدفق على تعز، الآن.

أول ساعة بعد فك الحوثي لحصاره على مدينة تعز منذ تسع سنوات pic.twitter.com/DVdZWtLb58

— Abdulkader Al-Guneid (@alguneid) June 13, 2024

مرونة وضغوط

يرى رئيس تحرير موقع "الحرف 28" عبد العزيز المجيدي أن حصار مدينة تعز وزراعة مداخلها بالألغام من قبل الحوثيين ظل جزءا من سردية الحرب في اليمن، وأشار في حديثه للجزيرة نت أن اتفاق ستوكهولم في ديسمبر/كانون الأول 2018 نص على فتح الطرق ورفع الحصار عن تعز، لكن أطراف الحرب لم تستجب لذلك.

واستدل المجيدي على كلامه بتوقيع اتفاق الهدنة عام 2022، في حين لم ينفذ الحوثي بندا واحدا من الاتفاق السابق ستوكهولم، ويقول إنه لا توجد معلومات دقيقة عن حيثيات قرار الحوثيين بفتح الطرق، وخاصة طريق الحوبان تعز، "فيما كانت الحكومة اليمنية الشرعية قد أعلنت مبادرات طوال سنوات الحرب لفتح الطرق، لكن الحوثيين رفضوا وشددوا الخناق أكثر".

ويعتقد المجيدي أن المرونة الحوثية لفتح الطرقات ظهرت أكثر في أعقاب قرارات البنك المركزي في عدن الشهر الماضي، بشأن إلغاء التعامل بالعملة القديمة (الريال) المفروضة من قبل الحوثي كعملة خاصة به، بالإضافة إلى قرارات نقل المراكز المالية للبنوك والشركات الكبرى الحكومية والمنظمات إلى عدن.

ويتمنى كثير من اليمنيين أن تؤدي خطوات فتح الطرقات إلى عملية سلام وتسوية سياسية، تنهي حالة الحرب في اليمن، التي أدت لمقتل ووفاة نحو نصف مليون يمني، وتشريد ونزوح الملايين داخل المحافظات اليمنية، كما يأملون بفتح طريق حرض الطوال التي تربط اليمن بالسعودية لتسهل حركة وتنقل اليمنيين الذي يقدر عددهم بمئات الآلاف سنويا.

مقالات مشابهة

  • جاسم المطوع: المرأة صعب تحب ٤ رجال بنفس الوقت لكن الرجال يفعل .. فيديو
  • أمين عام مجلس التعاون: اعتقال الحوثيين للموظفين الأممين يزيد من تفاقم الأوضاع الإنسانية في اليمن
  • إخلاء سفينة واشتعال النار فيها والجيش الأميركي يعلن تدمير 7 رادارات للحوثيين
  • شاب يقتل أخاه غسلا للعار شرقي بغداد
  • هل تُساهم الأمم المتحدة في تقسيم اليمن من خلال موقفها المتخاذل تجاه الحوثيين؟
  • الجيش الأميركي: إصابة بحّار بهجوم للحوثيين على سفينة شحن
  • آخرها فك الحصار عن تعز.. مبادرات لفتح الطرق الرئيسية في اليمن
  • سنتكوم: إجلاء بحار مدني من سفينة استهدفها الحوثيون في اليمن
  • ورشتا عمل بصنعاء حول دليل إجراءات قضايا وتصميم برامج حماية المرأة
  • حملات اعتقالات الحوثيين تهدد العمل الإنساني في اليمن- انفوجرافيك