يرى المحلل العسكري لصحيفة هآرتس يوسي ميلمان أن الاجتياح الإسرائيلي لغزة يمكن أن يتحول إلى حرب بلا نهاية في الأفق ودون أن يتمكن الطرفان من التوصل إلى اتفاق تسوية لإنهائها، تماما مثل الهجوم الروسي على أوكرانيا.

ويقول إنه بعد 5 أشهر (158 يوما على وجه التحديد) من الحرب في غزة، لا مفر من إدراك أن إسرائيل تمر بعملية "أوكرنة".

وقد تكون أيضا جزءا من حرب طويلة (بلغت أوكرانيا عامين بالفعل) دون نهاية في الأفق ودون أن يتمكن الطرفان من التوصل إلى اتفاق تسوية لإنهائها.

وفي كلتا منطقتي الحرب، يصر المشاركون على تحقيق النصر، دون أن يتمكنوا من تفسير ما يمكن اعتباره انتصارا بالضبط وكيف ينبغي تحقيقه. هذا نوع من الحرب حيث لا يوجد فرق بين خط الجبهة والجبهة الداخلية، ويصبح المدنيون ضحاياه.

وعلى الرغم من كل الاختلافات، فإن جميع الأطراف -أوكرانيا وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وروسيا وإسرائيل- تميل إلى القول إنها الضحايا، وأنها على حق، وتعتقد أن لها ما يبررها تماما في أفعالها وأنه يجب الحصول على العدالة على أساس عادل.

وهناك تشابه آخر: على الرغم من أن أوكرانيا وإسرائيل تستفيدان من المساعدات العسكرية والدبلوماسية الضخمة من الولايات المتحدة، فمن غير المرجح أن تستمرا في الحرب من دون ذلك، إلا أنهما غير راضيتين وناكرتان للجميل تماما.

إنجازات تكتيكية

ويرى المحلل العسكري أنه يمكن لإسرائيل وأوكرانيا أن تتفاخرا بإنجازاتهما التكتيكية؛ فأوكرانيا، على سبيل المثال، تفتخر بإغراق الأسطول الروسي في البحر الأسود وإخراجه من الخدمة. وفي إسرائيل، يصدر المتحدث العسكري كل يوم تقارير إضافية حول النجاحات في ساحة المعركة، وخاصة عدد ضحايا حماس.

وقال دانيال هاغاري إن نحو 13 ألفا من أعضاء حماس قتلوا في الحرب. ولم يوضح التقرير آلية هذا الحساب، مثل من يتم تعريفه على أنه مقاتل أو ناشط أو متعاون مع حماس. ولكن حتى لو كان هذا الرقم دقيقا للغاية، فإنه لا يزال من غير الواضح ما هي نسبة القتلى والجرحى من أعضاء الحركة.

ويعتقد الكاتب أن "حماس تلقت ضربات موجعة، وتم تدمير معظم ترسانتها الصاروخية وقدراتها العسكرية"، لكنه يستدرك بأنه حتى لو تم القضاء على نصف صفوفها، أو 60 إلى 70% منها، فإن حماس تستمر في إظهار المرونة والتصميم.

وشهد الأسبوع قبل الماضي زيادة في تساقط الصواريخ التي تم إطلاقها من غزة على العديد من البلدات الحدودية لغزة، بما في ذلك سديروت وعسقلان، وكذلك منطقة حتساريم بالقرب من بئر السبع.

ويشير الكاتب إلى أن عمليات إطلاق الصواريخ هذه تهدف إلى إظهار أن حماس والجهاد الإسلامي ما زالا على قيد الحياة، وليس التسبب في خسائر بالأرواح أو الممتلكات.

الجيش في محنة

ويقول المحلل العسكري إن حماس تشن حرب عصابات واستنزاف ضد إسرائيل، كما فعل حزب الله طيلة 18 عاما، منذ حرب لبنان الأولى في عام 1982 إلى الانسحاب الإسرائيلي في عام 2000.

بالإضافة إلى إخفاقاتها المشينة قبل الحرب وفي 7 أكتوبر/تشرين الأول، تجد المخابرات العسكرية والجيش الإسرائيلي بشكل عام صعوبة في الحصول على معلومات حول مصير الأسرى والقيام بعمليات الإنقاذ، كما أن الخطر على حياتهم يتزايد كل يوم.

ويشير إلى التقدير الذي عبر عنه مؤخرا رئيس الوزراء السابق إيهود باراك وهو أن من بين الأسرى الـ134 (31 منهم جثث) الذين ما زالوا في غزة، بما في ذلك 10 أجانب، من غير المرجح أن يكون حتى نصفهم على قيد الحياة.

وحتى لو كان من الممكن إلقاء اللوم بشكل رئيسي في غياب صفقة الأسرى على حماس -التي تصر على شرط مسبق يتمثل في وعد إسرائيلي بإنهاء الحرب، بدعم من الضمانات الدولية- فإنه لا يزال يبدو أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ليس في عجلة من أمره للضغط على إسرائيل.

ويقول المحلل العسكري إن شركاء نتنياهو في الائتلاف اليميني المتطرف يعارضون التوصل إلى اتفاق. لقد حولوا نتنياهو إلى رهينة في أيديهم من خلال تهديداتهم بتفكيك الائتلاف، وليس هناك ما يخشاه نتنياهو أكثر من انهيار الحكومة وإجراء انتخابات جديدة تؤدي إلى إزاحته من السلطة.

ولكن فوق كل شيء، فإن الجيش محاصر في غزة بسبب غياب تعليمات واضحة من القيادة السياسية حول خطة وإستراتيجية لإنهاء الحرب. من الواضح بالفعل أن نتنياهو -لاعتبارات شخصية وسياسية- لا يسعى جاهدا لإنهاء القتال في غزة. ولذلك فهو يرفض إعداد إستراتيجية الخروج من غزة وإنهاء الحرب.

ويضيف أنه حتى لو نجح جهاز الأمن (الشاباك) والمخابرات العسكرية في تعقب زعيم حماس في غزة يحيى السنوار في أنفاق غزة، فإن حماس لن تختفي أيضا، كحركة تحظى بدعم شعبي في غزة والضفة الغربية والشتات الفلسطيني، أو كأيديولوجية.

صبر واشنطن ينفد

وفي هذه الأثناء، تتفاقم الأزمة الإنسانية في غزة يوما بعد يوم. والآن يدرك الجيش الإسرائيلي، وحتى المجلس الوزاري المصغر، بعد أسابيع من القمع والإنكار، أن هذه أزمة خطيرة. وقد قُتل أكثر من 30 ألف شخص -حوالي 40% منهم أطفال- بنيران جيش الدفاع الإسرائيلي خلال الحرب، أي 1.5% من سكان غزة.

وإضافة إلى ذلك، فإن صبر الولايات المتحدة بدأ ينفد تدريجيا بسبب سلوك حكومة نتنياهو. وحتى الرحلة المثيرة للجدل التي قام بها وزير الحرب بيني غانتس إلى واشنطن لن تجعل الأمور أسهل بالنسبة لإسرائيل. لن يتمكن الرئيس الأميركي جو بايدن -الذي وصف نفسه بالصهيوني- من إنقاذ إسرائيل بمواصلة الدفاع عن تحركاتها وتباطؤها خلال عام انتخابي تتزايد فيه الضغوط عليه من الأطراف الليبرالية في الحزب الديمقراطي.

يأمل نتنياهو وبقية اليمين في سقوط بايدن، لكنهم ينسون (أو يتجاهلون) حقيقة أن كراهية الرئيس السابق دونالد ترامب وازدراءه لنتنياهو، والتي عبر عنها علنا في عدة مناسبات، من المرجح أن تسبب المزيد من الضرر. ويرى المحلل العسكري أن ثمة كارثة لإسرائيل إذا تم انتخاب ترامب في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان حريات المحلل العسکری حتى لو فی غزة

إقرأ أيضاً:

أنباء عن تقدم بمفاوضات غزة وزيارة نتنياهو لواشنطن مشروطة

أفادت مصادر إسرائيلية -السبت- بإحراز تقدم في مفاوضات وقف إطلاق النار والإفراج عن المحتجزين في قطاع غزة، في ظل زيارة مرتقبة لوزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر إلى واشنطن.

وقالت هيئة البث الإسرائيلية نقلا عن مصادر إنه على الرغم من التقدم المحرز فإن ذلك لم يصل إلى مرحلة إرسال وفد للتفاوض.

وذكرت المصادر أن الخلاف الرئيسي يتمحور حول شروط إنهاء الحرب، والضمانات التي تطالب بها حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وكان موقع "والا" الإسرائيلي ذكر أن زيارة ديرمر المرتقبة الاثنين إلى واشنطن هدفها إجراء محادثات بشأن وقف إطلاق النار في غزة وإيران، ولتنسيق زيارة مرتقبة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى البيت الأبيض.

من جهتها، نقلت صحيفة هآرتس عن مسؤول مطلع أن البيت الأبيض قال إن موعد زيارة نتنياهو لواشنطن مشروط بتقدم المحادثات مع ديرمر بشأن إنهاء الحرب.

تفاؤل أميركي

وأضافت الصحيفة نقلا عن مسؤول في البيت الأبيض أن الأميركيين سيبلّغون ديرمر بضرورة إنهاء الحرب وإنقاذ الأسرى الأحياء، وأنه بالإمكان تفكيك حماس لاحقا.

وقال المسؤول الأميركي إن واشنطن متفائلة بشأن إنهاء الحرب وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، لكن لم يتضح بعد مدى إصرارها على الضغط على إسرائيل.

بدورها، نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مسؤولين إسرائيليين مطلعين قولهم إنهم لا يفهمون الأساس لتفاؤل الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة الأسبوع المقبل.

وكان ترامب أعرب -خلال مؤتمر صحفي يوم الجمعة- عن اعتقاده بإمكانية التوصل إلى وقف إطلاق نار في قطاع غزة بين إسرائيل حماس خلال الأسبوع المقبل.

وقال المسؤولون الإسرائيليون لصحيفة يديعوت أحرونوت إن تصريح ترامب فاجأ إسرائيل التي لم تُبلّغ مسبقا بأي تغيير أو تقدم يبرر الموقف، وإنه لا مؤشرات على مرونة أو تغيير في موقف حماس ولا في موقف نتنياهو بشأن إنهاء الحرب.

إعلان اجتماع إسرائيلي

وعلى صعيد متصل، ذكرت القناة الـ13 الإسرائيلية أنه من المتوقع أن تعقد قيادة المنطقة الجنوبية اجتماعا أمنيا الأحد، بمشاركة رئيس الوزراء ووزير الدفاع يسرائيل كاتس ورئيس الأركان إيال زامير وعدد محدود من الوزراء.

وأشارت القناة إلى أن الاجتماع سيناقش استمرار عملية "مركبات جدعون" التي أقرها الكابينت في مايو/أيار الماضي "لتحقيق الحسم العسكري في غزة".

ونقلت القناة عن مصادر في الجيش أن الرسالة للقيادة السياسية كانت واضحة وصريحة، وهي أن العملية في غزة تقترب من نهاياتها واستنفاد أهدافها، وأنه لم تعد هناك أهداف برية يمكن تحقيقها دون تعريض حياة المحتجزين للخطر.

"فرصة لهدنة"

وأمس الجمعة، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري لوكالة الصحافة الفرنسية إن الوسطاء يتواصلون مع إسرائيل وحركة حماس للاستفادة من وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل هذا الأسبوع من أجل الدفع باتجاه هدنة في قطاع غزة.

وقال الأنصاري "إذا لم نستغل هذه الفرصة وهذا الزخم فستكون فرصة ضائعة من بين فرص كثيرة أتيحت في الماضي القريب، لا نريد أن نشهد ذلك مرة أخرى".

مقالات مشابهة

  • وسط تصعيد عسكري بغزة.. مسؤولون إسرائيليون يعقدون محادثات لوقف إطلاق النار في واشنطن
  • نتنياهو: سألتقي ترامب وويتكوف الأسبوع المقبل
  • وزير الدفاع الإسرائيلي: حرب غزة اقتربت من نهايتها
  • الرهائن قبل حماس.. كيف تغيرت لهجة نتنياهو بعد رسائل ترامب؟
  • محللون: ترامب يستثمر ضربة إيران لإنقاذ نتنياهو من مستنقع غزة
  • نتنياهو يلمح إلى إنهاء الحرب في غزة وسط جهود أمريكية لـ"تسوية شاملة"
  • نتنياهو يلمح إلى إنهاء الحرب في غزة وسط جهود أمريكية لـتسوية شاملة
  • ترامب يلوّح بقطع الدعم عن إسرائيل بسبب محاكمة نتنياهو
  • أنباء عن تقدم بمفاوضات غزة وزيارة نتنياهو لواشنطن مشروطة
  • إعلام عبري: الجيش الإسرائيلي يغتال القائد العسكري المخضرم في حماس أبو عمر السوري