وزير التعليم: نعول على قطاع التعليم العام والجامعات ومؤسسات التدريب لصنع ثقافة الانسجام المجتمعي
تاريخ النشر: 22nd, March 2024 GMT
قال وزير التعليم يوسف بن عبدالله البنيان، إن الجامعات السعودية ومؤسسات التدريب المهني والتقني تضطلع في هذا الوقت بتقديم مبادرات مجتمعية في القطاعين العام والخاص، بالتعاون مع المؤسسات الربحية وغير الربحية في المملكة؛ إيماناً منهما بأهمية العمل التشاركي في تحقيق التنمية المستدامة، مشيداً بدورهما في تعزيز الشراكة المجتمعية الفاعلة مع مختلف القطاعات بما يحقق مكاسب وأبعاداً اقتصادية، وأخلاقية، وقانونية، وإنسانية.
جاء ذلك خلال رعاية وزير التعليم أمس الخميس بمقر الوزارة، حفل تكريم شركاء المسؤولية المجتمعية والعمل التطوعي في وزارة التعليم، وذلك تزامناً مع اليوم السعودي للمسؤولية الاجتماعية، الذي يصادف 23 من شهر مارس من كل عام، وتسعى خلاله وزارة التعليم لتحقيق أهدافها الإستراتيجية في تعزيز مشاركة المجتمع في التعليم والتعلم، والتدريب بما يتماشى مع أبعاد التنمية المستدامة ويسهم في تحقيق أهداف رؤية 2030.
وشهد الحفل تكريم عدة جهات منها المديرية العامة للسجون, والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني, ومجلس شؤون الجامعات, ووكالة التعليم الجامعي, ووكالة البرامج التعليمية, ووكالة التخطيط والتطوير, وشبكة قنوات عين، إضافة إلى تكريم 6 جامعات متميزة في المسؤولية المجتمعية وهي جامعة الملك عبدالعزيز وجامعة الملك فيصل، وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وجامعة أم القرى وجامعة جازان والجامعة الإسلامي، إلى جانب تكريم إدارتي التعليم بمنطقتي المدينة المنورة والجوف؛ لحصولهما على الجائزة الوطنية للتطوع في مجال العمل التطوعي.
وفي بداية الحفل أعرب وزير التعليم عن شكره وتقديره للقيادة الرشيدة لما توليه من اهتمام بالتنمية المستدامة وفق رؤية المملكة ٢٠٣٠، والدعم غير المحدود لازدهار المجتمع، واستدامة موارده للأجيال القادمة من خلال تأصيل العمل المجتمعي، وتعزيز نشر الوعي العام حول قضايا المسؤولية المجتمعية، ورصد التجارب في هذا المجال مع الجهات ذات العلاقة.
وأكد أهمية التعليم في تأصيل العمل المجتمعي وتأطيره بالدراسات والأبحاث العلمية التي تعزز من ممارسات المسؤولية المجتمعية، وذلك من خلال توفير التفاعل الإيجابي بين الطالب ومجتمعه وتعزيز اندماجه في المجتمع ومشاركته الفاعلة بجميع الأنشطة التي تعود بالنفع عليه، إضافة إلى تعزيز قدرة الخريجين على صنع القرار وإنجاز المهام بشكل لائق، وهو ما يحقق لدى المتعلم مفهوم المواطنة الشاملة.
وقال في هذا الصدد: "إننا نعول على قطاع التعليم العام والجامعات ومؤسسات التدريب المهني والتقني المساهمة في صنع ثقافة الانسجام المجتمعي من خلال تكييف الأفراد على اكتساب عادات وقيم مجتمعية تعزز قيمة الفرد في مجتمعه، ومدى تحمله المسؤولية تجاه نفسه ووطنه".
ودعا وزير التعليم جميع المؤسسات لتوثيق أفضل الممارسات والتجارب الناجحة؛ للاستفادة منها في مد جسور التواصل مع الخبراء والباحثين والأكاديميين والمهنيين بالمسؤولية المجتمعية، والحرص على توسيع ثقافة العمل المؤسسي وتبادل الخبرات والتجارب مع الجامعات المتميزة محلياً ودولياً في مجال خدمة المجتمع، والبحث عن أفضل الممارسات التي تركز على استشراف المستقبل، والتخطيط المستمر لمواكبة احتياجات المجتمع.
فيما نوه مدير عام السجون بالمملكة اللواء ماجد بن بندر الدويش, بما أولته حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد -حفظهما الله- من رعاية واهتمام بنزلاء السجون في جميع المجالات التأهيلية والإصلاحية والصحية والأمنية، مشيراً إلى توفير جميع الإمكانيات لتهيئة البيئة المناسبة للعملية الإصلاحية بأحدث الوسائل ذات الجودة والكفاءة العالية, ومن ضمن تلك الخدمات برامج التعليم والتدريب المهني والتقني التي تعد الركيزة الأساسية لبرامج التأهيل والإصلاح.
وأفاد بأن التعليم بالسجون مر بمراحل تطويرية عديدة على مر السنوات الماضية بدءاً بتعليم محو الأمية وصولاً إلى التعليم الجامعي بجميع مراحله وكان للأمر السامي الكريم الذي صدر في عام ١٤٣١هـ الأثر الكبير في مواصلة نزلاء السجون تعليمهم بعد أن أثبتت الدراسات العلمية أن التعليم هو أحد العوامل المهمة في تعديل السلوك وإعادة الاندماج المجتمعي.
من جانبه أكد المشرف العام على الإدارة العامة للمسؤولية المجتمعية والعمل التطوعي بوزارة التعليم المهندس مشاري بن فهد الجويرة أن رؤية المملكة 2030 ركزت في أهدافها على تمكين المسؤولية المجتمعية وقيام الشركات بواجباتها الاجتماعية كجزء من أولويات الرؤية، لافتاً النظر إلى أن إقرار مجلس الوزراء بتفعيل اليوم السعودي للمسؤولية الاجتماعية الذي يوافق 23 مارس يكرس من الجهود التكاملية التي تبذل لتحقيق تنمية مجتمعية خلاّقة.
المصدر: صحيفة عاجل
كلمات دلالية: التعليم الجامعات السعودية المسؤولیة المجتمعیة وزیر التعلیم
إقرأ أيضاً:
اسـتـطـلاع مـرعـب ومـخـيـف
نُشر قبل ثلاثة أيام مقال حول استطلاع للرأي كان قد جرى قبل حوالى شهر من نشر المقال في صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية تضمّن الكثير من القضايا التي تثير أعلى درجات الرعب عن واقع الرأي العام في دولة الاحتلال.
لا أعرف لماذا تمّ تأخير النشر عن هذا الاستطلاع، أهو بسبب شدّة حساسية الإجابات، وبالتالي منعت الرقابة العسكرية نشره، أو الحديث عنه وبشأنه، أم لأسباب أخرى لا نعرفها وتتعلّق «بمشروعية» الأسئلة.
على كل حال، وبصرف النظر عن الأسباب حول النشر أو التأخير فإن ما جاء في الإجابات حسب المقال هو صاعق وصادم ومرعب ومخيف.
أوّل سؤال لافت، وهو ربما يكون قد أثار حفيظة إحدى الحلقات وكان فيما إذا كنت تؤيد/ي إبادة سكّان أيّ مدينة من مدن «الأعداء»، كما فعل «يوشع بن نون» عندما دخل إلى مدينة أريحا حسب الروايات الشائعة على أوسع نطاق في التراث اليهودي؟
فماذا كانت النتيجة؟
الإجابة والنتيجة كانت: 49% من المستطلعة آراؤهم كانوا مع الإبادة، تماماً كما فعل بن نون في أريحا!
لم يذكر المقال تفاصيل كافية عن الـ51% المتبقين من المستطلعة آراؤهم فيما إذا كانوا ضد الإبادة التامّة، أم إبادة جزئية، أم أن معظمهم فضّل عدم الإدلاء برأيه بصورة مباشرة.
يؤكّد المقال بهذا الصدد تحديداً أن الثقافة السائدة في المجتمع الإسرائيلي لا تختلف من حيث الجوهر عن ثقافة القوى المهووسة دينياً وقومياً، بل وتتطابق في أغلب الأحيان مع ثقافة «فتيان التلال» الذين لم يعودوا حالة شاذّة في المجتمع الإسرائيلي، وإنّما بات كل من لا يفكّر بنفس الطريقة التي يفكّرون بها هو الشاذ، وهو الخارج عن «قدسية» الوعي الجمعي في المجتمع. وقد انجرفت قوى علمانية وليبرالية إلى هذا الواقع.
ردّة الفعل «الجماهيرية» والسياسية على ما قاله يائير غولان، زعيم «حزب الديمقراطيين»، ونفس ردّة الفعل على ما كان قد قاله رئيس إحدى البلديات القريبة من مدينة «تل أبيب»، والتي حملت مضموناً عادياً جداً، وهو عدم جواز تجويع المدنيين والأطفال يؤشّر على أن ثقافة «فتيان التلال» هي الثقافة الحقيقية التي تتفشّى بصورة مرضية في هذا المجتمع سواء فهم الإسرائيليون ذلك أم لا.
الحديث هنا لا يدور عن تنديد أو استنكار، ناهيكم عن مسألة خلاف في الرأي، الحديث يدور عن إخراج رئيس بلدية، ولفظه من المجتمع كلياً، والحديث عن غولان وصل إلى المطالبة بالإعدام على بعض المنصّات والمواقع.
نحن هنا في الواقع أمام حالة هياج غوغائية تشبه حالات الهياج التي خلّدها المسرح العالمي عن هياج العوام في المراحل الأولى من القرون الوسطى.
السؤال المهم الثاني، كان فيما إذا كنت تؤيّد/ي التهجير القسري لكل أهالي قطاع غزّة؟
فماذا كان الجواب، وكيف جاءت النتيجة؟
الجواب يا سادة يا كرام جاء أن 82% يؤيّدون التهجير الكلّي القسري لكل سكان القطاع إلى خارج القطاع، بصرف النظر إلى أين!
وهنا، أيضاً، ليس لدينا تفاصيل كافية حول رأي البقية.. ولا نعرف على وجه الدقة فيما إذا كان رأي هذه البقية هو مع التهجير الكامل، ولكن ليس بصورة قسرية مباشرة، أم أنهم لم يدلوا برأيهم لأسبابهم الخاصة.
أقصد أن 18% فقط من المجتمع الإسرائيلي إمّا هم مع التهجير غير القسري، أو هم في الواقع معه، هذا ولكن دون الاهتمام بالإفصاح عن رأيهم! وليس واضحاً لي ما هو التهجير غير القسري عندما يتم التدمير الكامل.
أمّا الذين يعتقدون بأن هذه النسب الكاسحة، الصاعقة والصادمة قد جاءت في ضوء ما تعرّضت له دولة الاحتلال في 7/10/2023، فأنصحهم بالتأني قليلاً ليسمعوا بآذانهم، وليشاهدوا بأُمّ أعينهم النتيجة التي سنأتي عليها في الإجابة عن السؤال الثالث.
السؤال الثالث يا سادة يا كرام كان:
هل تؤيّد/ي تهجير الفلسطينيين من إسرائيل، والمقصود هنا هم العرب الفلسطينيون في الداخل، والذين هم من مواطني «الدولة»، والذين يزيد عددهم على المليوني نسمة؟
فماذا كان جواب المجتمع الإسرائيلي عن هذا السؤال:
الجواب يا سادة يا كرام، وخصوصاً السيّدات، والسّادة الذين يعتقدون أنّ «طوفان الأقصى» هو السبب المباشر لارتفاع النسبتين المذكورتين أعلاه هو أن 56% من المستطلعة آراؤهم هم مع التهجير.
لا نعرف على وجه الدقّة هنا، أيضاً، رأي البقية، فيما إذا كانوا ضد التهجير من حيث المبدأ، أم أنهم مع تهجير طوعي، أم أنهم مع التهجير، لكنهم يفضلون عدم الإفصاح عن آرائهم.
لكن مسألة التهجير الطوعي لم ترد على الإطلاق في سياق الاستطلاع، لأن التهجير القسري و»الطوعي» هو اختراع أميركي وإسرائيلي بهدف الخداع والتضليل السياسي والإعلامي، وقد تم «اختراع» الطابع «الطوعي» للتهجير بعد أن واجه التهجير القسري المباشر، وتحت النار والموت ما واجهه من عقبات لم يكن ممكناً على الأخيرين التغلب المباشر عليها.
ولهذا فنحن في الواقع أمام سؤال موحّد في حالة الأسئلة الثلاثة، وليس بصورة مختلفة بين حالة وأخرى، وبين سؤال وآخر.
على كلّ حال لا يمكن إنكار أن «الطوفان» قد لعب دوراً في ازدياد هذه النسبة في الإجابة عن الأسئلة الثلاثة، ولا يمكن إنكار أن التعبير عن الرأي والإفصاح عنه قد ارتفع في ضوء طبيعة الهجوم الذي قامت به «حماس»، كما لا يمكن إنكار أنّ عقلية الاستعلاء والعنجهية التي بُني وتربّى عليها المجتمع الإسرائيلي، ونمط الثقافة، وعُمق «القناعات» التي ترسّخت لديه قد أدّت في ظروف صدمة «الطوفان» إلى تأجُّج مشاعر الانتقام وتبرير الإجرام والتوحُّش، لكن هذه العوامل ــ برأيي ــ ليست سوى «القشّة» إيّاها التي نعرفها في التراث العربي.
أعتقد أن جميعنا كان يتمنّى أن تكون مثل هذه النسب المرعبة هي حالة من ثورة الغضب، أو مجرّد ردّة فعل على حدث مهما كان شأن وتأثير هذا الحدث، أو أنّ المسألة بالتالي هي عابرة ومؤقّتة أو حتى استثنائية، وكنّا نتمنّى جميعاً أن تعود هذه النسب لظروف سياسية خاصة تجعل من التفكير السوي مسألة صعبة، وغير واقعية، لكن الأمر مع الأسف الشديد ليس كذلك، والمواقف التي شهدناها في هذا الاستطلاع ليست وليدة «الطوفان»، وليست مجرّد ردّة فعل مباشرة عليه، وهي عملية لها أصولها وجذورها، وسياقاتها التي لا تحتاج إلى الكثير من الجدل.
أما إذا اعتقدنا عكس ذلك، أو أنّ هذه النسب هي انعكاس مباشر وأساسي بسبب الأخير، فأغلب الظنّ أننا أمام ظاهرة تشبه ظاهرة انكسار الضوء.
علينا أن ندرس ونبحث ونتابع البحث والدراسة حول التحوّلات العميقة التي طرأت على المجتمع الإسرائيلي في العقود الثلاثة الماضية.
هذه التحوّلات هي من العمق، ومن الجذور الاجتماعية والثقافية، وقبلها الاقتصادية، وهي في واقع ازدياد أعداد «الحريديم»، وتناقص أعداد الفئات الليبرالية من زاوية الهجرة ومعدّلات الولادة، ومن زاوية السيطرة الكاملة على وسائل التعليم، ووسائل الإعلام والثقافة، ومن زاوية غسل الدماغ المنهجي المنظّم الذي خضعت له الأجيال الشابة الحالية.. هي من العمق بحيث أنّ الطفل الإسرائيلي/ اليهودي الذي ولد قبل حوالى 30 سنة قد عاش وتربّى في كنف ثقافة وإعلام ومدرسة تغذّي على مدار الساعة نمط الوعي الذي يحمله.
نحن منذ أكثر من 30 سنة لم نلاحظ بما يكفي ما كان يتعرّض له مجتمعهم من حقن عنصري منظّم.
وعلى العموم مهما كان للحالة الإسرائيلية من خصوصية، ومهما كانت درجة الاستثنائية فيها إلّا أنّ مجتمعات المستوطنين لم تكن تملك وعياً مغايراً في تجارب الشعوب، وتجارب التاريخ الحديث والمعاصر.
المجتمع الاستيطاني الفرنسي في الجزائر لم يكن لديه ثقافة مغايرة عن ثقافة المجتمع الإسرائيلي، ولا البيض في جنوب إفريقيا إلّا قليلاً، ولم يكن هناك من وعي هولندي، أو بلجيكي أو ألماني في حالات، ودرجات معيّنة من الاستيطان، ولم يكن وعي المستوطنين في أميركا ونيوزيلندا وأستراليا في وضع مختلف جذرياً عن حالة الوعي في المجتمع الإسرائيلي، الذي يبقى مجتمعاً استيطانياً، وما زال، وسيظلّ إلى أن يتمّ تصحيح التاريخ في هذا الصراع.
المصادر لمعرفة التحوّلات التي طرأت على المجتمع الإسرائيلي موجودة وهي في متناول الجميع، وخاصة إصدارات «مدار»، وأخصّ بالذكر هنا كتاب «اليمين الجديد» للباحثة د. هنيدة غانم.
استطلاع مرعب ومخيف، ويجب أن يدقّ لدينا كلّ نواقيس الخطر.
(الأيام الفلسطينية)