المعرفة ليست لها حدود فالمعرفة تعتمد على الرغبة في أن نتعلم وأن نبحث وأن نعرف، وأن نتعمق فيما نعرف، وأن نتقن فيما نقوم به من عمل، سواء كان عملًا تطبيقيًا أو بحثًا نظريًا، والمهم أن حدود المعرفة لا حدود لها، ولعل من هذا المنطلق فإن العارفين ببعض نواحى العلوم أو الرياضة أو الفيزياء أو حتى الثقافة، هم فى أعمالهم أو فى بحوثهم منطلقين غير عابئين بأن تلك المعارف أو تلك النظريات يمكن أن تطبق أو لن تطبق على الإطلاق !! حيث أن من المعلوم بأن كل نظرية أو بحث له هدف وله فروض وله ميادين يجب أن تطبق فيها تلك النظريات !! وإلا فلا معنى للبحث سواء كان بحثًا علميًا أو نظريًا ولكن المهم هو الناتج العام، التطبيق العملى لما تم الوصول إليه نظريًا، وهنا تقبع أهمية الحدود أو اللاحدود للمعرفة – أما محدودية القدرة فهذه قصة أخرى فالمحدودية فى القدرة تمنع من الوصول إلى أى هدف، ومحدودية القدرة شيىء يأتى إما من طبيعة الإنسان على أن الله قد خلقه هكذا (معاق) إما بدنيًا

 


أو ذهنيًا وبالتالى هناك قصور طبيعى فى القدرات التى يمكن أن يبذلها الإنسان فى تحقيق شيىء ما!!
أو محدودية القدرة على القيام بشىء لعدم وجود تمويل أو قدرة مادية لتحقيق هدف أو عمل بعينه، وهذا أقل ضررًا ويمكن تصويبه أو اللحاق به، بعد إستكمال الناقص من موارد أو تمويل، وبالتالى فإن محدودية القدرة على تنفيذ شيىء مادى سهل، ولكن الأهم من ذلك هو أن يكون لدينا الطموح للقيام بعمل ! أن يكون لدينا الإرادة على القيام بعمل !! أن يكون لدينا الحلم للوصول إلى هدف ! أن نطلق طاقتنا الإبداعية للإنتقال من وضع سيىء إلى وضع أحسن وأجمل، أن ننتقل إلى نقطة أعلى مما نْحن ثابتين عليها أو فيها، هذه هى القدرة والمحدودية فالطاقة والإرادة والحلم هم أبقى وهم أنفع وهم الهدف الذى يجب أن نسعى لوجوده للإنطلاق إلى وضع أفضل مما نحن عليه اليوم وهذا ينطبق على محدودية الفرد،الجماعة، والوطن !!

.

المصدر: بوابة الفجر

إقرأ أيضاً:

تواكُلُ المعارضة التونسية على الغرب.. إعادة إنتاج العجز في خطاب جديد

ترتفع الأصوات في تونس في نهاية العام 2025 ضد قيس سعيد إلى حد استعادة الشعار العظيم "الشعب يريد إسقاط النظام"، لكن مع أصوات الداخل نرى عيون المعارضة ترنو إلى الغرب وتنتظر خيرا من مقال هنا وتصريح هناك، فقيادة الصف الأول الغربية لم تنبس بكلمة. وهذا الأمل في إسناد غربي نسميه بلا مورابة" العاهة السياسية المستديمة للمعارضة. فكلما عجزت المعارضة عن خلق التغيير من الداخل، رفعت رأسها نحو الخارج، نحو الغرب تحديدا، طلبا للخلاص. هذا السلوك ليس طارئا ولا وليد لحظة قيس سعيّد، بل هو متجذر في عقل المعارضة تجذر العادة. فالمعارضة حين ترغب في ربح الوقت ترنو خارج الحدود، كأنّ الديمقراطية وجبة جاهزة يأتي بها "ديلفيري".

ما نراه في تونس هذه الأيام هو فصل جديد من هذه الرواية القديمة، رواية التعويل على الضمير الغربي المتخيّل، الذي تُعزى إليه صفات لم يثبت يوما أنه تبناها فعلا (نصير الديمقراطية وحامي الحريات والداعم لانتقال سياسي متوازن). غير أن الوقائع تكشف دوما عن مفارقة مدهشة، هذا الغرب الذي تراهن عليه المعارضة التونسية هو ذاته الذي يُبقي قيس سعيد في موقعه، لا تعاطفا مع مشروعه السياسي، بل لأن له فائدة وظيفية محددة في زمن عولمي تتقدّم فيه الحدود على الإنسان، والأمن على الحرية، والمصلحة على المبادئ. لقد أصبح سعيد بعد ترتيباته مع إيطاليا حارسا أمينا لبوابة أوروبا الجنوبية؛ رجلا يُقدّم للغرب ما يريده من مثله (لن يعبر الأفارقة البحر)، وما دام هذا الالتزام قائما، سيظل الرجُل مقبولا، مهما ارتجّت المؤسسات الديمقراطية وتداعى البناء من الداخل.

المعارضة التونسية: وهن القدرة ورومانسية الاستعاضة.

إن السؤال المركزي هنا ليس حول مواقف الغرب، بل في بنية المعارضة نفسها؛ لماذا تلجأ إلى الخارج كلّما عجزت عن الفعل الداخلي؟ يبدو أنّ المشكلة أعمق من اللحظة السياسية الراهنة، إنها مشكلة القدرة على التنظيم الاجتماعي لا القدرة على الخطابة. لقد عايشتُ المعارضة التونسية فوجدتها بارعة في البيانات، تتقن صياغة التوسل والرجاء، لكنها لم تملك أبدا القدرة على بناء شبكات اجتماعية تعبّئ الجمهور المسكين، فتحوّل غضبه وخيباته إلى وقود معركة سياسية منصفة. إنّها معارضة تتقن الكلام في المصادح أكثر مما تتحرك في الشارع، معارضة تُنتج مواقف ولا تصنع وقائع، تُقيم حجتها على النص لا على القوة الاجتماعية.

وهنا تتجلى المفارقة، المعارضة تطلب دعما خارجيا بينما لم تقم بواجبها الداخلي، وكأنها تجهل الوظيفة الأولى للسياسة أن تبني كتلة اجتماعية حيّة قبل أن تطلب شرعية أو دعما من الخارج. لدينا قناعة تزداد رسوخا ونحن نتابع تحركات المعارضة التونسية المشتتة، إن السياسة ليست خطابة وشعارات في مظاهرات ميكروسكوبية بل توازن قوة على الأرض. من لا يمتلك الناس، لن يمتلك التاريخ، ولن يسمعه الغرب إلا بقدر ما يخدم مصالحه. وامتلاك الناس/ الشارع طريقه مكشوفة، ولكن المعارضة تتعامى عنها وتنتظر النجدة.

التاريخ يعيد نفسه بلا خجل

من حقبة بورقيبة إلى حقبة بن علي والآن مع قيس سعيد؛ يتشابه المشهد وإن تغيّرت الوجوه. هذا لا يشير فقط إلى فشل سياسي، بل إلى عجز بنيوي في الخيال الاستراتيجي للمعارضة؛ وكأنها لا تتعلم من التاريخ لأنها لا تعتبره مصدر معرفة، بل خزانا للندب والعويل. إنّ السلوك السياسي الذي لا يتغير أمام الخيبة المستمرة، لا يسمى إصرارا أو مبدأ، بل يسمى مرضا معرفيا. المعارضة التونسية لا تكفّ عن تكرار الرواية نفسها بانتظار نتيجة مختلفة؛ وهذه علامة كلاسيكية على أن الوعي السياسي لم يُجرِ نقدا جذريا لذاته، النقد الذي يتجاوز التكتيك إلى سؤال البنية لماذا لا نُنتج قوة؟ لماذا نُعلّق فشلنا على الخارج ثم ننتظر منه النجدة؟

الغرب ليس نبيا ديمقراطيا بل قوة مصلحة

تُهمل المعارضة التونسية معادلة بسيطة في وضوحها مفادها أنّ الغرب ليس ذاتا أخلاقية بل جهاز مصلحي، والديمقراطية ليست مبدأ مطلقا عنده، بل سلعة، وأداة، وخطاب جاهز للاستخدام حين تنسجم نتائجه مع مصالحه الاستراتيجية. وما دامت تونس اليوم تؤدي وظيفة حراسة الحدود، فهي شريك لا عبء، وشريك لا يزعج إلا عندما يتجاوز دوره. بل يمكن القول بوضوح، تونس في هذه اللحظة ليست دولة، بل سياج بشري يحمي أوروبا من الجنوب. هذه الحقيقة التي تعرفها المعارضة جيدا، لكنها تتغافل عنها لأنها تفضّل التعلّق بأمل خارجي هلامي بدل مواجهة سؤالها الأصعب: كيف تصنع قوة في الداخل؟

الغرب لا يتدخّل لإسقاط سعيّد لأن إسقاطه يفتح حدودا، يعيد حركة الأفارقة نحو البحر، يخلق فوضى سياسية قد تجبر أوروبا على تحمل ما لا تريد. لذلك، فدعم الديمقراطية في تونس بلغة المصالح ليس أولوية، الأولوية الغربية هي الاستقرار الأمني ومنع الهجرة غير النظامية، وهي أدوار يقوم بها قيس سعيد دون كلفة كبيرة على الشركاء الأوروبيين. لماذا يتخلى الغرب عنه إذن؟ ومقابل ماذا؟

إنّ السياسة في النسخة الغربية ما بعد 2015 واضحة جدا، الحدود أولا، ثم نرى. ومن يضمن الحدود يضمن الدعم، ومن لا يضمنها، لن تنفعه الصور في مؤتمرات المعارضة ولا المقالات التي تُنشر في جريدة لوموند.

التواكل السياسي: بنية نفسية قبل أن يكون خيارا استراتيجيا

يمكن فهم هذا التواكل من زاوية سوسيولوجية أيضا المعارضة التونسية (كغيرها من معارضات عربية يقيم كثير منها في عواصم الغرب نفسه ويحظى باللجوء السياسي) لم تتربّ في حضن الثقة الشعبية، بل في حضن المثقفين والصحافيين والدوائر النخبوية. إنها تعيش داخل الفضاء الرمزي أكثر من الفضاء الاجتماعي، لذلك، حين تكتشف عجزها عن التعبئة، تبحث عن سند بديل. الخارج هنا ليس فقط خيارا سياسيا، بل تعويضٌ نفسي عن غياب القدرة الداخلية. الخارج يُشعرها بأنها لا تزال فاعلا، حتى ولو كان الفعل ورقيا، لغويا، رمزيا.

هذا ما يفسّر ازدهار البيانات، والندوات، والرسائل الموجهة للأصدقاء الديمقراطيين ولمنظمات حقوق الإنسان. المعارضة تصنع حدثا لغويا، لا حدثا سياسيا، تكوّن حضورا خطابيا بديلا عن حضورها الميداني، إنها تُراكم الكلمات لأنها لا تملك الأرض.

الأسباب التي جاءت بسعيّد لا تزال قائمة

لا يبدو المشهد التونسي اليوم غريبا إذا ما استُحضر عمق الانقسام التاريخي داخل المعارضة نفسها. فالأسباب التي جاءت بقيس سعيّد إلى الحكم لم تتغير، بل ما تزال تُنتج أثرها بهدوء. هذه معارضة ممزقة على أسس استئصالية، تحكمها ذاكرة الصراع أكثر مما يحكمها وعي المصلحة العامة. إنّ التيار الحداثي أو اليساري لا يزال يعتبر الإسلاميين كيانا رجعيا ظلاميا لا يُعقد معه ميثاق ولا تُكتب معه صفحة جديدة، حتى وإن كان هذا الرفض يكلّف البلاد انسدادا سياسيا طويلا. لقد أسقطوا حكومة النهضة حين كانت فرصة التعايش ممكنة، ثم شكرهم الغرب بجائزة نوبل للسلام مكافأة على تحويل الخصومة السياسية إلى قاعدة استقرار شكلي. لكن الثمن الحقيقي لهذا الانتصار كان غياب القدرة على الحكم بعد ذلك، وغياب القدرة على المعارضة أيضا.

إنّ الخلل لا يكمن فقط في قصر نظر الغرب أو مصلحته، بل في عجز النخبة التونسية عن تجاوز ثنائيات ما قبل الدولة الحديثة. فالمعارضة التي أطاحت بالإسلاميين بالأمس -بدل أن تُفاوضهم وتُهذّبهم داخل اللعبة الديمقراطية- هي المعارضة نفسها التي تحاول اليوم إسقاط قيس سعيّد دون أن تغيّر أدواتها ولا تصورها للآخر السياسي. إنها تخوض معركة جديدة بذات المنطق القديم (استبعادٌ بدل ائتلاف، قطيعة بدل بناء، إقصاء بدل تعلّم من التاريخ). وهكذا يستمر الوضع من عاش على الاستئصال مات به، ومن رفض الشريك اليوم لا يجد من يشترك معه غدا.

لذلك يمكن القول إنّ سعيّد ليس شذوذا في المسار السياسي، بل نتيجة طبيعية لانكسار توافقي لم يلتئم. هو ابن الفراغ، ابن القطيعة، ابن تلك اللحظة التي فضّل فيها الجميع الانتصار الأيديولوجي على الحلّ السياسي. وما لم تتغير بنية الوعي داخل المعارضة أي داخل المجتمع فإنّ تونس لن تنتج بديلا، بل ستبدّل ألوان الأزمة فقط. فالحكم قد يتغيّر، لكن المنطق المُنتِج للأزمة باقٍ كما هو.

ربما لا تحتاج البلاد اليوم إلى بيانات جديدة بقدر حاجتها إلى عين نقدية تُبصر الجرح لا السكين فقط، إلى معارضة تُصلح ذات بينها قبل أن تحلم بإصلاح السلطة. فإنّ من لم يُجد صياغة تحالف يُحسن فقط صياغة عريضة احتجاج، وإن لم يحدث التحوّل في بنية التفكير، فسيتغيّر الأشخاص وسيبقى الجوهر كما هو يعيد إنتاج نفسه بثبات هندسي لا يفاجئ إلا من لا يقرأ التاريخ.

مقالات مشابهة

  • ليبيا.. انتخابات بلا دستور تعني رئاسة بلا حدود
  • عبدلي يقترب من الليغا الإسبانية عبر بوابة هذا النادي !
  • كسرت حدود المستحيل.. "غيداء" أول سعودية تلامس أعماق البحر بتسجيل 127 مترًا
  • صريح جدا : هذه هي حدود الغيرة بين الزوجين عند الجزائريين
  • د.حماد عبدالله يكتب: مصر والمصريون !!
  • الرجل الشقلباظ!
  • هيئة حماية المستهلك: شركات الطيران منخفضة التكلفة نادرا ما تطبق أدنى رسوم حقائب اليد المعلنة
  • تواكُلُ المعارضة التونسية على الغرب.. إعادة إنتاج العجز في خطاب جديد
  • مسيحيو لبنان.. هويات مشرقيّة صغيرة بين محدودية التمثيل وتحديات الوجود
  • د.حماد عبدالله يكتب: الاستثمار هو الحل !!!