الصحابي العالم خبيب بن عدى.. سفير النبي إلى بني هذيل (فيديو)
تاريخ النشر: 29th, March 2024 GMT
قال الإعلامي رامي محمد، إن الصحابي العالم خبيب بن عدي، كان من أعقل الصحابة وأفصحهم حديثًا في تبليع رسالة الإسلام.
المهاجر بن أبي أمية المخزومي.. سفير النبي إلى ملك اليمن (فيديو) شجاع بن وهب الأسدي.. سفير النبي إلى ملوك الغساسنة (فيديو)وأضاف "محمد" خلال تقديم برنامجه "سفراء النبي" المذاع على "القناة الأولى المصرية" اليوم الجمعة، إنه بعد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم كان لا بد من نشر الإسلام بين القبائل المجاورة.
وتابع "انطلقت البعثات الدبلوماسية تجوب العالم، وكان يتم الاختيار من أعقل الصحابة وأفصحهم حديثًا في تبليغ رسالة الإسلام ما جعل العديد منهم يرسلون للنبي يلبون سفراء لنشر الدعوة إلى قبيلتي عدن".
واستطرد "سيدنا خبيب جمع بين العلم والجهاد وخلده التاريخ كأحد أهم السفراء فهو الثابت على يدنه رغم المساواة هو سفير النبي إلى بني هذيل، الذي بعثه الرسول على رأس وفدًا إليهم ليدعوهم إلى الإسلام ونشر تعاليمه وقيمه بينهم".
فحوى رسالته إلى بني هذيلوفي ذات السياق قال سعيد حامد، أحد علماء وزارة الأوقاف، "عظمت القيم الإنسانية التي بثها الرسول في صحابته تمكنت من سيدنا خبيب ورأي النبي أنه يصلح أن يمثل الدين الإسلامي وأن يمثله سفيرًا إلى بني هذيل".
واستطرد "وكانت فحوى الرسالة التي بعث بها زراعة القيم في النفس البشرية إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق، الصلاة لا بد أن يكون فيها مكارم والزكاة والحج لا بد أن يكون فيها مكارم للأخلاق".
وأكمل "فلما بعث سيدنا خبيب بعثه بالقيم الإسلامية من الصدق والأمان والعطاء، حتى ينتشر الدين الإسلامي بين القبائل".
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الصحابي الدبلوماسية الرسول صلي الله عليه وسلم البعثات الدبلوماسية سفیر ا
إقرأ أيضاً:
نهاية قرن الإخوان المسلمين: انتفاضة ديسمبر علامته الكبرى
عبدالله رزق أبو سيمازه
يعتبر نشوء جماعة الإخوان المسلمين في مصر ، على يد حسن البنا الساعاتي ، في الإسماعيلية ، عام ١٩٢٨، في نظر كثير من المؤرخين ( د. رفعت السعيد ، عبدالله أمام ، د.عبدالعظيم رمضان ، مثلا) ، ردا على سقوط الخلافة الإسلامية في تركيا ،عام ١٩٢٤ ، ومن ثم كانت عودة الخلافة ، وحكم الإسلام في مقدمة مستهدفاتها . وقد خلص رمضان من معاينة سجلها الدموي ، من مقتل القاضي الخازندار إلى اغتيال البنا، إلى مسؤولية الجماعة عن إدخال العنف في الحياة السياسية ، ومن ثم توفير المبررات للسلطة لاستخدامه ، وهو ما يشير له مؤرخو الإخوان بالمحنة الأولى والثانية والثالثة . ومع ذلك فقد شهدت السنوات الخمس والسبعين الماضية ، جولات متواترة من الصدام بين الاخوان والدولة . هذا النزوع نحو العنف لدى الإخوان ، جعل الجماعة تتحول لمصدر رئيسي لما عرف ، عالميا ، بالارهاب ، مما دفع عدة بلدان عربية لحظرها ، ما يرهص بنهاية قرن الإخوان ، الذي كانت انتفاضة ديسمبرابرز علاماتها الكبرى . وبسبب من افتقارها للبرنامج السياسي ، واعتمادها على الشعارات العامة ، فقد اعتبرت – دائما – جماعة ضغط ، غير مؤهلة للحكم . وفي السودان ، ظلت الجماعة ، لوقت غير قصير ، وهي تبشر بدعوتها ، منذ منتصف اربعينات القرن الماضي ، تفتقد المبررات الموضوعية الصلبة ، التي يمكن أن تسند نشأتها ، على هامش المعركة المحتدمة من أجل الاستقلال ، دون أن تشكل إضافة ، كمية أو نوعية ، للقوى الوطنية ، ترفد المعركة . ويبدو أن اخوان السودان ، كما هو شأن اخوان مصر ، ليست لديهم حساسية كافية تجاه الاستعمار . فقد قدمت نفسها ، او هكذا بدت ، كجماعة دينية تدعو لمكارم الاخلاق ، لا كحزب سياسي . هذه الصفة مكنتها ، في وقت لاحق ، من أن تفلت من الحل ، بعد انقلاب ١٧ نوفمبر في السودان ١٩٥٨، كما في مصر ، بعد ٢٣ يوليو ١٩٥٢ . لذلك بقيت عشر سنوات ، منذ بدء وصول المبعوثين المصريين ، في مرحلة التبشير ، قبل أن تعقد مؤتمرها الأول عام ١٩٥٤، مؤتمر العيلفون ، الذي شاركت فيه ثلاث مجموعات ، لكن المؤتمر خرج منقسما على ثلاث مجموعات أخرى ، حمل التيار الرئيسي منها ، اسم جماعة الإخوان المسلمين ، ولكنه رفض الارتباط التنظيمي بمركز الجماعة الام ، في القاهرة ، حسب ، الدكتور حسن مكي ، في كتابه عن جماعة الإخوان المسلمين .
الإخوان .. الوجه الاخر للشيوعية..
تدين جماعة الإخوان المسلمين في تعزيز مبررات وجودها واستمراريتها للشيوعيين ، الذين تكون حزبهم في نفس الفترة ، منتصف اربعينات القرن العشرين ، بعد أن ظلت لوقت طويل ، تفتقد قابلية الاستمرار ، وجدارة التنافس مع الأحزاب المنخرطة في معركة الاستقلال . ولاحظ د.حسن مكي ،( حركة الإخوان المسلمين ) ، تواتر حالات تساقط عضوية الجماعة ، خلال هذه الفترة التأسيسية المتطاولة . لكن الجماعة وجدت في محاربة الشيوعية ، هدفا استراتيجيا ومبررا كافيا ، وهو أمر كان له تأثيره الكبير على تطورها . فقد اكتسبت الكثير من خبرات وطرائق عمل الشيوعيين ، وتكتيكاتهم ، فأصبح لهم ،على سبيل المثال ، منظماتهم الجماهيرية ، خاصة ، وسط الشباب والنساء والبروليتاريا . فعلى ايقاع محاربة الإلحاد والشيوعية ، دخلت الجماعة ميدان النشاط السياسي ، حيث شغل الاخوان باستثارة العواطف الدينية للمواطنين . وملاحقة الشيوعيين في كل مكان ، بما في ذلك عطبرة ، ذات الرمزية الخاصة الشيوعيين ، هذه الملاحقة التي لم تخل من استخدام العنف ، خصوصا ، في الوسط الطلابي ، في جامعة الخرطوم ، تحكمت في تحديد خريطة انتشار الاخوان ، بدلالة انتشار الحزب الشيوعي . مما له دلالة في هذا الصدد ، ان الترابي أقر بأن جماعته فشلت في الدخول في الريف بسبب هيمنة الاسلام الصوفي ، وهو نفس ما قاله الخاتم عدلان بصدد انتشار الحزب الشيوعي في الريف ، خلال مناقشة داخلية ، معينا السبب نفسه . فقد أصبحت الجماعة بمثابة “عفريتة ” ، نيقاتيف ، الشيوعية ، بالمعنى الفوتوغرافي الدارج للمفردة ، او نوعا من الشيوعية المؤمنة . لذلك ، وبسبب ارتهانها كليا لنشاط وفعل الحزب الشيوعي ، كرد فعل معاكس له في الاتجاه ، وان لم يكن مساويا له في القوة ، فإنها تجد نفسها مضطرة لاختلاق العدو الشيوعي إن لم تجده ، أو دمغ اي خصم ، ايا كان ، بالشيوعية . ولعبت الجماعة ، من خلال موقعها التبعي للقوى الرجعية ، دورا مؤثرا في التحريض على حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان ، عام ١٩٦٦، بالاستثمار في حادثة افك منسوبة لأحد الشيوعيين ، مما أدى إلى أزمة سياسية ، أفرزت انقلاب العقيد جعفر نميري عام ١٩٦٩.
الترابي في المسرح السياسي
يعتبر صعود الدكتور حسن الترابي ، في المسرح السياسي ، وفي قيادة الجماعة ، خاصة ، علامة فارقة في تطورها . ويميز الترابي ، نفسه ، في كتابه عن (الحركة الإسلامية .. النشأة والتطور والكسب )، بين مرحلتين : التقليدية والحديثة . والاخيرة هي فترة قيادته للجماعة ، مدى الحياة ، الا قليلا ، لولا تمرد التيار الرئيس ، الذي ارتبط بالقيادة العسكرية للإنقاذ . لم يكن الترابي إسلاميا ، بالمعني السياسي للمفردة ( الإسلام السياسي تأليف المستشار محمد سعيد العشماوي ) ، حتى أنهى دراساته العليا في لندن ثم السوربون ، ومن ثم عاد ليعمل أستاذا للقانون بجامعة الخرطوم . فقد كتب لزميله في الدراسة في باريس ، الدكتور منصور خالد ، يخطره برغبته في دخول الحياة السياسية ، بعد عودته للبلاد ، وهو ما صرح به د. منصور خالد ، نفسه ،في مقابلات صحفية . ويعتقد أن أول نشاط سياسي للترابي ، هوحديثه في ندوة ، من سلسلة ندوات في جامعة الخرطوم ، عن مشكلة الجنوب ، واول ظهور له هو مخاطبته موكب تشييع الشهيد احمد القرشي ، شهيد ثورة أكتوبر ١٩٦٤ ، في ميدان عبدالمنعم ، نيابة عن أساتذة جامعة الخرطوم ( مذكرات محمد سيداحمد الحسن تحرير عادل سيد احمد ) . وقد حل الترابي ، محل الرشيد الطاهر بكر ، في منصب مرشد الجماعة ، فيما كان الرشيد يقضي حكما بالسجن ، إثر محاولة انقلابية فاشلة عام ١٩٥٩ ، للإطاحة بحكم الفريق ابراهيم عبود ، الذي جاء عبر أول انقلاب عسكري ، تشهده البلاد ، بعد عامين من إعلان الاستقلال . وقد اختار الترابي ، منذ يومه الأول في المعترك السياسي ، الانحياز بحزبه الناشيء إلى جانب حزب الأمة ، في تحالف غير متكافئ ، حصره في لعب دور محدود ، كذراع لقوى اليمين وسط القوى الحديثة . وهو حدث له تأثيره العميق ايضا ، في تطور الجماعة ، كرديف لحزب الأمة ، وتبلور اتجاهها السياسي ، بتكريس طابعها اليميني الرجعي . وبجانب نشاطها فيما تسميه محاربة الشيوعية والالحاد ، نشطت ، أيضا ، في محاربة الطرق الصوفية ، بتأثير من الوهابية ، وفي محاربة الحزب الجمهوري ، بزعامة محمود محمد طه.
الإخوان والسلطة السياسية
بعد سنوات من الاصطفاف في معارضة نميري ، بجانب حزب الأمة والاتحادي الديموقراطي ، في الجبهة الوطنية ، التحق الاخوان بقيادة الترابي ، وحزب الأمة ، بنظام نميري . وظل جزء من النظام لسبع سنوات ، حتى بعد تراجع المهدي ، مساهما في إطالة عمره . غير أن تلك المشاركة لم تكن مشروطة بالتزام النظام بتطبيق الشريعة الإسلامية . وهو مؤشر لضعف التزام الجماعة بمشروع إسلامي أو حضاري، أيا كان ، وقابليتهم للمساومة بذلك المشروع ، أن وجد ، واستعدادهم للتخلي عنه ، متى ما تحصلوا على المقابل . لقد تبنى الإخوان ، شكليا ، إسلاما براغماتيا ، تحت لافتة فقه الضرورة ، لاباحة التنصل من أي حكم ديني لا يخدم أيا من مستهدفاتهم الدنيوية . وفي غياب الوضوح بشأن الشريعة وتطبيقها ، والتي ظل يدعو إليها الاخوان ، فقد استقر عندهم أن تطبيق العقوبات الحدية ، هي جماع الشريعة . ومع أنهم دفعوا نظام نميري ، في لحظة إفلاسه ، لتبني ذلك الفهم للشريعة ، كنظام للعقاب ، ومشاركة كوادرهم ، كقضاة ، في إنفاذ تلك العقوبات ، إلا أنهم ، عندما انفردوا بالحكم ثلاثين عاما ، لاذوا بالتقية ، وامتنعوا عن تطبيق تلك الاحكام ، التي عرفت بقوانين سبتمبر، واوعزوا لقضاتهم بالاجتهاد ، في درء الشبهات ، لتفادي تطبيق الأحكام الحدية ، ولتجنب الصدام مع المجتمع الدولي ، بشأن قضايا حقوق الإنسان ، كما حدث في عهد النميري . لقد استخدم الإخوان الإسلام كجهاز لقمع الخصوم السياسيين ، وارهابهم ، ولتبرير حكمهم ، عندما استولوا على السلطة ، والذي تجسد في التمكين السياسي والاقتصادي ، مثلما تم توظيفها من قبل ، حسب الترابي ، وسيلة ضغط على الحزبين التقليديين ، الامة والاتحادي . وكانت الدعوة للدستور الاسلامي ، في ستينات القرن الماضي ، ابرز تكتيكات الضغط والابتزاز ، التي تعرض لها الحزبان ..
السلطة والسلطة الملتبسة بالإسلام في خدمة الرأسمالية الطفيلية
بخروجهم على ما يتواضع عليه عالميا باللعبة البرلمانية ، وفي عداء صريح الديموقراطية ، انقض حزب الاخوان ، الجبهة الإسلامية القومية على السلطة ، التي يشارك فيها على المستوى التشريعي ، بانقلاب عسكري ، في ٣٠ يونيو ١٩٨٩ ، لغرض الانفراد بالحكم ، ووضع الدولة في خدمة وتنمية شريحة محددة ، هي الرأسمالية الطفيلية ( الاسلاموية ) ، التي تكونت في رحم النظام المايوي ، من عوائد الفساد والسمسرة والأنشطة الكمبرادورية والتجارة في الإغاثة والعملة الحرة والمضاربة في الأراضي والسلع الاستهلاكية . وهو ما تجسد في قرارات الخصخصة ، التي اتخذها النظام العسكري ، بتصفية المؤسسات العامة ، وتمليكها للقطاع الخاص ، او المخصوص ، حسب تعبير الصادق المهدي ، ممثلا في الإسلاميين وحلفائهم ، الذين تكشفوا عن عصابة مالية – سياسية ، تمرست في الاتجار بالدين . فخلال ثلاثة عقود من الحكم منفردين ، لم يستطع الإسلاميون تقديم نموذج للحكم الاسلامي ، لانهم لا يمتلكون تصورا نظريا أو رؤية شرعية ، قائمة على اجتهاد يوائم بين النص المقدس وحاجات العصر . ويؤكد خصوم الترابي ، من رجال الدين ، والذين خرجوا غالبا ، من الجماعة ، ان الترابي لم يقدم أي اجتهاد أو تحديث أو تجديد ، مدعى ، للدين . كما لم يستطيعوا بما اوتوا من سلطة ، تأكيد سلامة شعار أن الإسلام هو الحل ، لمختلف المشكلات التي تعيشها البلاد ، في الاقتصاد والسياسة ، وفي الحكم والإدارة ، وفي الثقافة والرياضة والاجتماع وغيرها . لقد قدم الإخوان ، حسب وسعهم ، السياسي والديني ، الإسلام ، كنظام حكم دكتاتوري ، كعامل شقاق وخلاف وصراع ، في بلد أحوج ما يكون للوحدة بين مكوناته الثقافية المختلفة ، وكمبرر للحروب باسم الجهاد ، مثلما تم تقديمه ، من خلال تجربة الحكم ، كآلية لحماية النخبة المتسلطة ، واكلة المال العام ، وسارقي قوت الشعب . وفي حين ينتظر في نظام الإنقاذ تجسيد معادلة ربط الدين بالدولة ، التي ظل ينافح عنها الإخوان ، مقابل العلمانية ، اوفصل الدين عن الدولة ، او استقلال كل منهما عن الآخر ، في فضاء خاص به ، حسب د. محمد عمارة ، فقد بدا من التجربة الانقاذية ، أن الإخوان ينحون لان يكونوا هم المعادل الموضوعي للدين ، والمتحدثون باسمه ، دون الآخرين ، ولايكون الدين ، إلا حيث يكونون . الأمر الذي انعكس تشويها للدين بالممارسات المناقضة لأحكامه ولجوهره ، على كل الأصعدة . غير ان ما حدث ، من ربط مفترض للدين بالسياسة ، لم يكن غير تجل للاستبداد السياسي والديني والاقصاء . فممارسة الإخوان ، في بلد مثل السودان ، متعدد الثقافات والاديان ، التي لم تستند لاجتهاد جديد أو تنظير متقدم ، أو هدى من كتاب منير ، بدت ، دائما ، نوعا من القهر الثقافي ، حتى للجماعات والطوائف المسلمة . ويتصل الأمر ، أيضا ، بالانفراد بتقرير هوية الشعب والبلاد ، في غياب الشركاء الوطنيين ، المختلفين ثقافيا ودينيا . وهو أمر كانت نتيجته دفع الجنوب نحو الانفصال ، وجبال النوبة والنيل الأزرق لخنادق القتال . لقد أظهر الإخوان فقرا بينا في جانب الابداع الفكري ، خاصة فيما تعلق بالفكر الاسلامي ، وهو أبرز نقاط ضعف تجربة الإنقاذ . فهي لذلك لم تخرج من الإطار التقليدي للأنظمة القائمة أو المفاهيم السائدة بشأن الاسلام . فقد جرت العادة أن يتهرب الإخوان من مواجهة المسائل الفكرية ، التي تعترض سبل الممارسة السياسية ، حيث يعمد الإخوان ، أما لتجاهل المسألة أو الالتفاف حولها ، في حين يقتضي الأمر وضوحا نظريا ، يتضمن معالجة المسألة في مظانها ، بضوء الكتاب والسنة ، ومعارف العصر ومقتضياته ، مثل مسألة الحدود وتطبيقها .
المشروع الحضاري والشعب الفادي …..
لم يكن انقلاب لجنة البشير الأمنية ، في ١١ ابريل ، باقتلاع رأس نظام الإنقاذ ، تحت ضغط انتفاضة ديسمبر الشعبية ، غير اعتراف بفشل ما تم التواضع عليه باسم ” المشروع الحضاري “، من سدنته ، والقائمين عليه ، وسقوطه . وحكما تاريخيا ، من جهة الشعب ، بإعدام التجربة التي تتلبسه ، وكل ما يتصل به من شعارات ومن ممارسات . ففي الواقع ، لم يكن ثمة مشروع من هذا القبيل ، اصلا . إذ لا مشروعا حضاريا الا في سماء الشعارات . فما حدث إنما هو سقوط لمنظومة سياسية ، مدرعة بالعنف المتطرف ، المادي والمعنوي ، المغطى بالدين ، اغتصبت الدولة ، ووظفتها في نهب موارد البلاد ، وتحويلها لمصلحة فئة صغيرة . لان الإخوان لم يكونوا كلا موحدا ومتجانسا ، سواء على مستوى الحزب الواحد او على مستوى عديد الأحزاب الإخوانية ، التي تدعي وحدة في الدعوة ، فقد ظلت الخلافات تعصف بهم ، منذ يومهم الاول في مقاعد السلطة الانقلابية ، حتى يومها الاخير . تنبع الخلافات ، اساسا ، من غياب ادراك موحد للإسلام وتاويله ، ومن التقلب في مواقف المنظومة السياسية ، الميكيافيلية . ولم تبدأ الخلافات داخل نظام الإنقاذ بخلاف الشيخ والجنرال ، الذي غذاه التنافس على السلطة ، ولم تنته به . وقد عبرت الخلافات عن نفسها في أشكال عديدة ومختلفة . الا أنها كانت تجتمع عند حقيقة أن الإسلام السياسي ، ليس عامل وحدة وتوافق ، حتى وسط اهله . لقد حول الإخوان الإسلام إلى جهاز لتبرير حكمهم ، القائم على التفرد بالسلطة واحتكارها ، بعيدا عن الديموقراطية ، ودون أن يتوفروا على مقدرة أو أهلية لتقديم نموذج للشورى المدعاة ، ولحماية الفساد الذي تورطت فيه النخبة الاسلاموية ، منذ يومها الأول ، بشهادة الترابي نفسه ، ولقمع وإرهاب خصومهم السياسيين ، ولقهر المختلف ثقافيا ، باسم الجهاد ، خاصة . مثلما حولته ، بالعموم ، إلى شعارات فارغة من المحتوى . بالمقابل ، قدر للشعب السوداني أن يفتدي بقية شعوب العالم ، بان يدفع من حاضره ومستقبله ، ضريبة الكشف عن حقيقة الإسلام السياسي ، كتوليفة فذة من الدين والجريمة المنظمة ، بشهادة شاهد من اهله : أسامة بن لادن . فعشية انتصار انتفاضة ديسمبر، بالاطاحة برأس النظام الاسلاموي ، كانت الملايين من جماهير الشعب السوداني ، التي خرجت إلى الشوارع ، لتقول حكمها في النظام المنهار ، مدفوعة بمعاناة الفقر والفاقة ، بجانب ويلات حروب النظام ، في وقت لم يعد الوطن غير بعض وطن ، بعد أن عرضه الإسلاميون للتشظي ، وما تبقى منه للمساومة ، ليضمنوا بقاءهم في الحكم . ان البؤس الأخلاقي للإخوان لا يقتصر على المتاجرة بالدين ، حسب ، وانما يمتد للمتاجرة بالوطن . وان فاعلية الحركة الإخوانية ، البادية ، وقدرتها على اختراق الوضع السياسي ، والوصول لغاياتها ، باختطاف الدولة ، وتسخيرها لمصلحتها ، لا تتصل باخلاقيتها ، الاسلامية بالضرورة ، وانما بلا اخلاقيتها ، المتجذرة في الذرائعية والمكيافيلية .
الوسومعبدالله رزق أبو سيمازه