الجزيرة:
2025-12-09@08:30:11 GMT

طبّاخ السمّ يذوقه في مطبخ الإبادة العالمي!

تاريخ النشر: 6th, April 2024 GMT

طبّاخ السمّ يذوقه في مطبخ الإبادة العالمي!

كان داعمو حرب الإبادة الجارية في قطاع غزة بانتظار هذه المجزرة تحديدًا؛ لإظهار انزعاجهم أخيرًا. فعلوها هذه المرّة؛ لأنّ جيش الاحتلال تعقّب عاملي إغاثة غربيين، وهم يتحرّكون على الأرض بتنسيق كامل معه، فقرّروا في مكان ما من القيادة الإسرائيلية، تسديد ضربات جوية متعاقبة اخترقت سيارات الدفع الرباعي التي تقلّهم، حتى أجهزت عمليات القصف المتسلسلة على فريق "المطبخ المركزي العالمي" المكوّن من سبعة عاملي إغاثة وسائقهم الفلسطيني.

وحده الجيش الإسرائيلي الذي يجرؤ في عالم اليوم على اقتراف مجزرة صريحة بحقّ فريق إغاثة غربي، يعمل بالتنسيق الكامل معه. لم تنتفض أبدان مسؤولي الاحتلال من هذه الفظاعة، فالاستهدافات طاردت الفريق، وسُدّدت بدقّة واضحة، ومع ذلك يزعمون أنّها "لم تكن مقصودة"، وليس من داعٍ لأي انزعاج "فهذا يحدث في الحرب"، كما قال بنيامين نتنياهو ببرود، في مقطع مصوّر خاطب فيه دولًا حليفة أجهز القصف على مواطنيها.

ما قصده نتنياهو تقريبًا أنّ ضباط جيشه تعاقبوا على قصف السيارات التي تحمل شارات "المطبخ العالمي" البارزة؛ لأنهم حسبوا أنّهم "محليّون" يمكن قتلهم دون تردّد، كما هي عادة الأنظمة الاستعمارية البائدة مع الشعوب المضطهدة، رغم أنّ الفِرَق الدولية وحدها التي تتحرّك بسيارات دفع رباعي بيضاء مميزّة على طرق غزة المكشوفة للغارات.

صفعة مدوية لحلفاء الإبادة

ما هو مؤكّد من قرائن الواقعة المشهودة أنّ قرارًا إسرائيليًا صدر بلا ريب بإبادة فريق "المطبخ المركزي العالمي"، لكنّ السؤال يتعلّق بالمستوى الذي اتّخذ القرار، وبالمغزى من اقتراف مذبحة بحقّ منظمة برز دورها بالتزامن مع ترتيبات الممرّ البحري الذي أعلنت عنه الدول الغربية ضمن آليّة تخطّت عمل وكالات الأمم المتحدة التي وقعت شيطنتها؛ لاسيما "الأونروا".

أقامت هذه المقتلة الحجّة على حلفاء حرب الإبادة من حيث لم يحتسبوا. كشفت الواقعة نزعة التسلِّي الإسرائيلية بإيقاع المجازر المروِّعة في الميدان دون رادع، فمأساة فريق "المطبخ العالمي" قدّمت لجماهير الدول الحليفة برهانًا عمليًا على زيف الرواية المعتمدة في عواصمهم التي ما عاد بوسعها الآن تورية حقائق جليّة؛ ومنها أنّ هذا الجيش يستسهل القتل الجماعي بلا تردّد.

فعندما يبلغ الأمر حدّ الإجهاز حتى على عاملي إغاثة غربيين يعملون بالتنسيق الدقيق مع جيش الاحتلال، فإنّ ذلك لن يكون سوى نقطة في بحر فظائع الإبادة التي لم تستثر انزعاج العواصم الغربية إيّاها أو غضبها.

تبدو المعادلة صادمة حقًا في المقاييس العددية، فمقابل كلّ ضحية من فريق "المطبخ العالمي" قتل جيش الاحتلال خلال الشهور الستة التي سبقت الجريمة خمسة آلاف مدني فلسطيني على أقلّ التقديرات، معظمهم من الأطفال والنساء، وألحق إصابات وإعاقات وتشوّهات بأضعاف مضاعفة.

تبقى "مذبحة المطبخ العالمي" نتيجة منطقية للسماح الدولي بعلوّ منسوب التوحّش في سلوك قيادة الحرب وجيشها، فالإقدام على إعدام هذا الفريق لا ينفكّ عن حفلة قتل متواصلة أجهزت حتى حينه على المئات من موظفي الوكالات الإنسانية الدولية والمنظمات الإغاثية العاملة في الميدان، دون اعتراضات جادّة من الحلفاء الغربيين.

"مطبخ الإبادة العالمي" وخدماته

حقيقة الأمر أنّ فظائع غزة التي تعاظمت وتضخّمت، جرى تبريرها استباقيًا من جانب حلف داعم للإبادة، وفّر لمقترفيها كلّ ما يحتاجونه، فالدعم العسكري بالأسلحة والذخائر لم ينقطع، والغطاء السياسي سابغ لما يكفي شهورًا إضافية من القتل، والسلوك التصويتي في الهيئات الدولية لم يتدخّل بعدُ بشكل جادّ لوقف عجلة الإبادة.

وما كان لجيش الإبادة أن يقترف فظائع غزة التي بلغت حصيلة مذهلة بمقاييس حروب القرن لولا دعم سياسي وعسكري ومعنوي تجود به قوى النفوذ الغربي عليه، وقد تكفّلت فوق هذا باستدامة حصانته المزمنة من المُساءلة والمُحاسبة، حتى بعد انقضاء نصف سنة على انطلاق حملة إبادة جماعية تدفع كلّ يوم بفظائع مرئية للعالم بأسره.

قدّم "مطبخ الإبادة العالمي" الدعم اللازم لبرنامج الفظائع الدؤوب، فمواقف الحلفاء الغربيين كافأت كلّ فظاعة تكشّفت من الميدان الغزي بالتجاهل أو الفتور أو التراخي، وبلغ الأمر حدّ لوم الضحية الفلسطيني بشكل ضمنيّ، حتى إنّ الجوقة الغربية لم تتورّع أحيانًا عن تبنِّي روايات مجلس الحرب الإسرائيلي، وترويج مزاعم ملفّقة دفع بها ناطقو جيش الاحتلال، رغم صيحات وتحذيرات يطلقها مسؤولون في دول أوروبية قليلة العدد، مثل: إسبانيا، وبلجيكا، وأيرلندا، ومالطا، والنرويج.

كان واضحًا منذ البدء أنّ الزعماء الغربيين الداعمين لهذه الحرب أدركوا أنّ نوايا قيادة الاحتلال السياسية والعسكرية تتجاوز جولات العدوان "النمطية" السابقة ضدّ قطاع غزة، وأنّ قرارًا ما بتفكيك القطاع، حرفيًا، صدر من أعلى المُستويات مع معرفة العواصم الحليفة به، أو ربّما بالشراكة معها، وأنّ ذلك يشمل أوسع حملة قتل وترويع يمكن تصوّرها، وتهجير السكّان داخليًا أو حتى خارجيًا إن أمكن، وإلحاق الدمار الشامل بالبنية العمرانية المدنية عن آخرها تقريبًا، على النحو الذي جرى حقًّا، وكيّ وعي الشعب الفلسطيني بسيْل من الفظائع الصادمة كي يكفّ عن محاولات التحرّر من الاحتلال.

ما كان لهذا البرنامج أن يتحرّك في الواقع لولا خدمات "مطبخ الإبادة العالمي"، فقد تطلّب إنزال كلّ هذا الكمّ من جرائم الحرب بالشعب الفلسطيني في قطاع غزة إسنادًا غربيًا متعدِّد الأشكال، بما في ذلك الإمداد السخيّ بعشرات آلاف الأطنان من قذائف القتل الجماعي والتدمير الواسع، مشفوعًا بتخندُق دعائي جارف؛ لتبرير كلّ ما يمكن اقترافه. ففي البدء كانت الرواية التي وفّرت الغطاء الاستباقي لهذه الإبادة الجماعية كي تمضي إلى آخر الشوط.

من شأن التدقيق في السرديّات المعتمدة على جانبي الأطلسي منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، أن يقود إلى تشخيص ذرائع استباقية مثالية لحملات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتدمير الشامل وحروب التجويع، وجرائم الحرب، وقد أسرف جيش الاحتلال في اقتراف هذا كلِّه في قطاع غزة؛ مستفيدًا من تلك التوطئة التبريرية من عواصم النفوذ الغربي.

تصرّف أولئك القادة الغربيون كما لو كانوا في مختبر "غسْل أدمغة" باستخدام أسلوب "التكرار والتثبيت" مع محفوظات نمطية لم يملّوا من ترديدها، من قبيل: "لإسرائيل الحقّ، كلّ الحقّ، في الدفاع عن نفسها، بل من واجبها القيام بذلك!".

إنّه امتياز لفظي مكرّس بهذه الصيغة المحبوكة لسلطة احتلال تنتهك القانون الدولي بلا هوادة. ثمّ إنّ كل ما يمكن لهذا الجيش أن يقترفه في الميدان قابل للتبرير، فلا تثريب عليه إنْ أوقع أيّ حصيلة من الضحايا المدنيين، فالجانب الفلسطيني يُحمّل المسؤولية عن كلّ ما يمسّه باعتبار أنّ هؤلاء جرى اتِّخاذهم "دروعًا بشرية"، وأنّ سكّان قطاع غزة هم "رهائن" عند مقاومة الشعب التي "جلبت الخراب لغزة"!.

حسنًا؛ وماذا لو قصف الجيش في حملته الضارية المستشفيات والمدارس ودور العبادة، وقد وقع هذا حقًّا بأبشع الصور؟ صاغت الجوقة تبريرات استباقية، عبر تحميل الجانب الفلسطيني المسؤولية الحصرية عن كلّ هذه الانتهاكات الجسيمة التي يقترفها جيش الاحتلال، مثل ذريعة "الدروع البشرية"، وادعاءات "تحصّن" المقاومين بهذه المرافق وتسبّبهم في الدمار.

وماذا لو قطع جيش الاحتلال موارد الحياة الأساسية عن الأهالي؟ ظلّ تبرير هذا المسلك مُتاحًا رغم انتقادات فاترة عبّر عنها مسؤولون غربيون دون عواقب واضحة، إذ "ينبغي ضمان عدم وصول المساعدات" إلى المقاومة، كما قيل أحيانًا، أو أنّه "يتعيّن زيادة المساعدات الإنسانية" مع تجاهل حقيقة تكدّسها على تخوم القطاع المغلق بعناية، أو أنّ "الجانب الإسرائيلي وعَد بعد التشاور معه بتسهيل دخول المساعدات".

لم تترتّب أيّ عقوبات غربية حتى حينه على حملة الإبادة الجماعية التي يقع إنكارها أساسًا من دول الشمال الغربي، بينما لم يتردّد "مطبخ الإبادة العالمي" الداعم للاحتلال وجيشه في فرض عقوبات متسرِّعة على الأمم المتحدة ووكالة الغوث "الأونروا" بذريعة اتهامات غير موثّقة روّجها مجلس الحرب الإسرائيلي.

تمسّكَ أولئك القادة الغربيون بمقولات معهودة تكفي لتبرير أبشع فظائع العصر، حتى بعد أن جرّت جنوب أفريقيا حليفهم الإسرائيلي إلى لاهاي. وما إنْ نطقت محكمة العدل الدولية بقرار أوّلي طالب بإجراءات لمنع الإبادة الجماعية في غزة حتى أنزل الحلفاء الغربيون عقوباتهم على الأمم المتحدة ممثّلة بالأونروا، وعلى الشعب الفلسطيني الذي تخدمه هذه الوكالة الإنسانية.

لم يطرأ خلال الشهور الستّة الأولى أيّ تغيُّر جوهري على الاصطفاف الغربي الداعم للإبادة الجماعية، رغم انتقادات لفظية تزايدت لإظهار التنصّل من المسؤولية عن دعم الفظائع. فما هو واضح أنّ الحلفاء لم يستعملوا نفوذهم حتى حينه لوقف مجازر المستشفيات ومشاهد الفظائع وصور الفتك المرعبة وسحق الأطفال والأمهات على مدار الساعة بلا هوادة، ولم يتغيّر شيء حتى بعد "مجزرة الطحين" في غزة، عندما اقترف جيش الاحتلال مذبحة جماعية مصوّرة بحقّ تجمّعات المدنيين الفلسطينيين الذين كانوا بانتظار الحصول على دقيق الإغاثة لإطعام أطفالهم، فواصل الجيش مجازره في نقاط توزيع المساعدات، وتبخّرت تصريحات الأسى الغربية على وقائع لا يُشار إلى هُوية فاعلها.

طبّاخ السمّ يذوقه!

من مفارقات المشهد أنّ الدول الغربية التي قتل جيش الاحتلال أفرادًا من مواطنيها ضمن فريق "المطبخ العالمي" ظهرت ضمن مشهد حلف الإبادة، ولم تدرك أنّها وفّرت لمقتلتهم الشنيعة سردية تبريرية مثالية. تجلّى الحرج البالغ في لحظة الحقيقة، عندما صفع جيش الغزاة حلفاءه وجرّب معهم منطقًا خصصّوه للفلسطينيين.

تلكّأ بعض المسؤولين الغربيين المعنيين في إبداء موقف واضح بعد النبأ الصادم الوارد من غزة، فالصدمة هنا لم تستأهلها فظائع مجمع الشفاء الطبي في صبيحة ذلك اليوم الذي تراكمت فيه الجثث حول المستشفى؛ وإنّما في قتل مواطنين غربيين وحسب.

جاءت بعض التعليقات الغربية في البدء وكأنّ مجزرة "المطبخ العالمي" تتعلّق بحادث سير مروِّع يقتضي "تحقيقًا" أو بانتظار الحصول على "توضيح"، أو "تعويض" حسب تصريحات بولندية. حتى إنّ وارسو التي فتك الجيش الإسرائيلي بأحد مواطنيها ضمن الفريق الإغاثي تحاشت التعليق على الجريمة البشعة ساعات مديدة. وعندما اضطرّت وزارة الخارجية البولندية إلى نشر تعليقها الأوّل على منصّة "إكس"، استبعدت الإشارة إلى هوية الفاعل الذي تحدّث عنه العالم بأسره، ذلك أنّها التزمت طقوس الخطاب التحالفي الذي يقتضي عزل الصفة الإسرائيلية عن مقترفي الفظائع وجرائم الحرب.

لجأ حلفاء الإبادة ابتداءً إلى مناورات لفظية جوفاء؛ لامتصاص الحرج البالغ الذي سبّبه استهداف فريق "المطبخ المركزي العالمي"، لكنّ أصداء الصفعة الإسرائيلية ضيّقت هوامش التصرّف المتاحة لهم، وأدركوا أنّها قد تجرّ عليهم أثمانًا سياسية داخلية باهظة إن واصلوا الظهور في جوقة داعمي الوحشية التي أوقعت ضحايا من مواطنيهم.

تجلّى هذا المتغيِّر واضحًا في سلوك ريشي سوناك بعد اكتشاف مقتل ثلاثة بريطانيين في القصف الإسرائيلي المتسلسل، وبعد ورود تقييمات قانونية بأنّ استمرار تسليح الجيش الإسرائيلي يضع حكومة سوناك ذاتها في مرمى المساءلة القانونية المحتملة، حتى قبل مقتل مواطنيها في غزة، التي ما عاد دمها المسفوك فلسطينيًا فقط.

في سيرة حرب الإبادة الجارية في غزة قد يسجِّل بعضهم من بعدُ أنّ مجزرة فريق "المطبخ المركزي العالمي" كانت نقطة تحوّل في مسار حلفاء الاحتلال، تحديدًا بعد أن ذاق طبّاخو السمّ شيئًا ممّا يحضِّرونه.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات المطبخ المرکزی العالمی الإبادة الجماعیة المطبخ العالمی جیش الاحتلال قطاع غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

ضفدع لا يخاف الزنابير القاتلة.. كيف يلتهمها بعد أن تلسعه مرارا؟

لو خُيِّرتَ بين وجبة دسمة وبين شوكة مسمومة، فالغالب أنك ستختار السلامة. لكن في برك وأحواض الأرز باليابان، يبدو أن "الضفدع البركي المنقّط" يتعامل مع زنابير الدبابير (الهورنت) كأنها وجبة سريعة، حتى عندما تغرس شوكتها في فمه أو قرب عينه.

ما كشفته دراسة جديدة لا يضيف لقطة مثيرة لعالم الافتراس فحسب، بل يفتح نافذة على سؤال بيولوجي كبير: كيف تتحمل بعض الفقاريات سموما كان يُفترض أن تشلها أو تقتلها؟

شوكة تلك الزنابير قادرة على قتل بعض الثدييات (جامعة كوبي)كارثة طبيعية

زنابير جنس "فيسبا"، الذي يعيش في تلك المناطق ليست مزعجة فقط، بل تمثل كارثة لأي جسد يشاء القدر أن تضربه، إناثها (الملكة والعاملات) تملك شوكة تحقن مزيجا من مركبات تسبب ألما حادا وتلفا موضعيا بالأنسجة، وقد يمتدّ الأثر إلى تكسّر كريات الدم الحمراء واضطراب وظائف القلب، وفي بعض الحالات قد يكون مميتا.

لذلك تعد لسعات هذا الجنس دفاعا فعالا عن العش وعن العاملات أثناء بحثهن عن الطعام، كما أفاد بيان صحفي رسمي صادر من جامعة كوبي في محافظة هيوغو اليابانية.

ومع ذلك، كانت هناك ملاحظة علمية قديمة محيرة، وهي أن تحليل محتويات معدة ضفادع بركية في البرية أظهر بقايا زنابير، لكن لم يكن واضحا هل الضفدع يتفاداها بذكاء دون أن يُلسع، أم أنه يتحمل السم فعلا.

محال التهام الزنابير القاتلة بحسب الدراسة (جامعة كوبي)ثلاثة زنابير وضفدع

لاختبار ذلك، قدم الباحث شينجي سوغيورا، من جامعة كوبي، لكل ضفدع بالغ عاملة واحدة من ثلاثة أنواع من زنابير "فيسبا"، الأول هو "فيسبا سيميليما" والثاني هو "فيسبا أناليس" والثالث هو "فيسبا ماندارينيا"، أو الزنبور الآسيوي العملاق.

فكرة التجربة كانت مباشرة وبسيطة، يوضع ضفدع واحد أمام زنبور واحد، وكل ضفدع استُخدم مرة واحدة فقط، إجمالي العينة كان 45 ضفدعا، وجرى توزيع الزنابير بواقع 15 لكل نوع.

إعلان

وبحسب الدراسة، التي نشرها سوغيورا في دورية "إيكوسفير"، فإن معظم الضفادع لم تتردد وهاجمت الزنابير مباشرة، وتعرض كثير منها للسعات متكررة في الوجه والحلق وداخل الفم.

ثم جاءت الأرقام التي تجعل المشهد أكثر غرابة، حيث نجح الضفدع في إنهاء الوجبة بنسبة 93% في حالة فيسبا سيميليما، و87% في حالة فيسبا أناليس، و79% مع في حالة فيسبا ماندارينيا، رغم اللسعات في مواضع شديدة الحساسية.

والأهم أنه بعد التجارب، لم يُلاحظ على الضفادع وهن واضح أو نفوق. ويقارن الباحث ذلك بحقيقة أن حيوانا ثدييا صغيرا قريبا في الحجم (مثل فأر) قد يموت من لسعة واحدة.

فرضيات العلماء

الدراسة، كما يؤكد مؤلفها، لا تدّعي أنها عثرت على "الآلية" التي تتسبب في هذه المقاومة المدهشة للسم، بل تثبت السلوك والنتيجة، وتترك الباب مفتوحا للتفسير. من هنا تبرز 3 فرضيات معقولة علميا:

حواجز جسدية أو كيميائية: ربما يوجد في جلد الضفدع أو أغشيته المخاطية ما يقلل نفاذ السم أو يعطله جزئيا. بروتينات أو جزيئات تعادل السم: قد تمتلك الضفادع مركّبات ترتبط بسموم الزنبور وتمنعها من إحداث الأثر المعتاد. عدم تكيف السم ضد البرمائيات: احتمال آخر طرحه الباحثون هو أن سموم الزنابير تكيفت أساسا ضد مفترسات أخرى وليس الضفادع.

إذا استطاع الباحثون لاحقا تحديد "زر التعطيل" الذي يجعل لسعات الزنبور غير فعالة، فقد يساعد ذلك، بشكل غير مباشر وطويل المدى، في فهم مسارات الألم والالتهاب والسمية لدى الفقاريات عموما، وهي معارف قد تلهم أبحاثا طبية، حتى لو كانت الطريق من الضفدع إلى العلاج طويلة ومعقدة.

مقالات مشابهة

  • ما موقف ألمانيا من الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة؟
  • 300 شخصية تُوقع وثيقة تُؤكد الهوية العربية للقدس وحق المقاومة
  • 300 شخصية يوقعون وثيقة تؤكد الهوية العربية للقدس وحق المقاومة
  • اقتحامات جديدة وهدم .. الاحتلال يصعد اعتداءاته في الضفة الغربية
  • ضفدع لا يخاف الزنابير القاتلة.. كيف يلتهمها بعد أن تلسعه مرارا؟
  • شهيدة وعدة مصابين بغزة والاحتلال يقصف مناطق شرقي بلدة دير البلح
  • مؤتمر "العهد للقدس" يُطلق وثيقة عالمية لملاحقة قادة الاحتلال
  • 300 شخصية دولية تتبنى عهد وقف الإبادة في غزة خلال مؤتمر إسطنبول
  • في اليوم العالمي للعمل التطوعي… الزيود: “القلوب التي تعمل للناس لا تُقاس جهودها بالأرقام بل بالأثر”
  • ارتفاع حصيلة شهداء الإبادة في غزة وسط خروقات الاحتلال المستمرة