أعلنت الدكتورة يكاتيرينا ديميانوفسكايا، أخصائية طب الأعصاب، أن الرهاب يظهر من آلية دفاعية قديمة.
إقرأ المزيدوتقول في مقابلة مع Gazeta.Ru: "عندما يواجه الشخص خطرا ما، يطلق الجسم سلسلة معقدة جدا من التفاعلات الكيميائية الحيوية. بمعنى عام، يرسل الدماغ في المواقف الحرجة إشارة إلى الغدد الكظرية، وهي بدورها تطلق هرمونات التوتر في الدم - الأدرينالين والنورادرينالين والكورتيزول، تلك التي تضع الجسم في حالة طوارئ، ما يؤدي إلى ازدياد ضربات القلب وتسارع عملية التنفس وتوسع حدقة العين، ووصول جرعة كبيرة من الغلوكوز إلى الدم لزيادة تغذية العضلات والدماغ".
ووفقا لها، كل هذا يحصل فورا، ويصبح الجسم جاهزا عند تأكد الخطر إما لأن يدافع عن نفسه أو ليقرر الهرب. وبعد زوال الخطر يعود الجسم إلى حالته الطبيعية.
وتقول: "الخوف من الخطر مسألة طبيعية. ولكن في بعض الأحيان لا تعمل الآلية الطبيعية للخوف. لذلك يرافق القلق الإنسان في حياته دائما، دون أي تفسير منطقي. فمثلا من الطبيعي أن يخاف الإنسان عندما يواجه افعى في الطبيعة. بينما الخوف من الزواحف وهو جالس في بيته هو مظهر من مظاهر الرهاب وخوف باطل".
وتشير الطبيبة، إلى أن الخوف يرتبط عادة بمواقع أو ظواهر معينة- كائنات حية (أفاعي، عناكب، أسماك قرش، كلاب وغيرها) وظواهر طبيعية (عواصف رعدية، رياح عاتية، نار) وإصابات جسدية (حقن، عيادة طب الأسنان)، وحياتية (استخدام المصعد، السباحة في البحيرة) وتسمى هذه جميعا رهاباً خاصة.
وتقول: "هذه المخاوف تبدو طبيعية، إذا لم تكن قد وصلت إلى مستوى الرُهاب، ومبررة من ناحية التطور، لكونها مرتبطة بإحساس الحفاظ على الذات".
وتشير الطبيبة، إلى أنه حتى حادث صغير يمكن أن يؤدي إلى الرهاب. فمثلا يمكن أن يشعر الطفل بألم شديد في بطنه تزامن مع لحظة حلاقة شعره. من المحتمل أن يتركز هذا الخوف ويظهر عند كل زيارة لصالون الحلاقة. أو يمسك الطفل في عيد ميلاده بالونا ينفجر فجأة بصوت عال. حينها تسجل نفسية الطفل خطرا صادرا من البالون إياه.
وتقول: "الرهاب هو خوف غير منطقي، لذلك لا يمكن للشخص أن يتعامل معه بمفرده. أي لمنع تدهور الوضع أكثر يحتاج إلى مساعدة طبيب نفساني أو معالج نفسي. فيسمح المعالج للشخص بمقابلة مصدر خوفه في ظروف خاضعة للرقابة. وعندما لا يكون هناك خطر على الحياة، فإن التجربة الإيجابية عادة ما تتوطد تدريجيا ويتلاشى الخوف".
المصدر: Gazeta.Ru
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: كورونا امراض نفسية
إقرأ أيضاً:
توماس فريدمان: مستقبل إسرائيل كدولة طبيعية مهدد بين الأمم
في مقال تحليلي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، وجّه الكاتب والمحلل السياسي توماس فريدمان رسالة مباشرة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، محذرا فيها من خطورة السياسات التي تتبعها حكومة الاحتلال الإسرائيلي الحالية بقيادة بنيامين نتنياهو، والتي وصفها بأنها لم تعد تتصرف كحليف موثوق للولايات المتحدة.
واستهل فريدمان رسالته بالإشارة إلى دعم بعض سياسات ترامب خلال ولايته الثانية، باستثناء مقارباته المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط، معبّرا عن ارتياحه لقرار الرئيس بعدم لقاء نتنياهو خلال زيارته المرتقبة للمنطقة، حيث اعتبر ذلك مؤشراً على إدراك متنامٍ لحقيقة أن الحكومة الإسرائيلية الحالية تعمل ضد المصالح الحيوية لأمريكا في المنطقة.
ويؤكد فريدمان أن نتنياهو أخطأ التقدير حين ظن أنه يستطيع التلاعب بترامب كما فعل مع رؤساء أمريكيين سابقين، ويثني على الرئيس لقيامه بإشارات واضحة في مفاوضاته مع قوى إقليمية مثل حماس وإيران والحوثيين، بأنه لا يخضع لأي إملاءات من نتنياهو، ما دفع الأخير إلى حالة من الذعر السياسي.
ويضيف أن الشعبين الأمريكي والإسرائيلي يحتفظان بروابط تاريخية وثقافية عميقة، إلا أن الحكومة الإسرائيلية الحالية، التي يتزعمها ائتلاف يميني متطرف ذي نزعة قومية٬ لم تعد تضع تحقيق السلام مع العرب في سلم أولوياتها، بل تركز على ضم الضفة الغربية، وطرد الفلسطينيين من غزة، وإعادة بناء المستوطنات فيها، وهي سياسات يرى فريدمان أنها تهدد المصالح الأمريكية في المنطقة وتُقوّض النظام الأمني الإقليمي الذي بنته الولايات المتحدة على مدار عقود.
ويعود فريدمان إلى جذور هذا التحالف الأميركي-العربي-الإسرائيلي، فيُذكّر بأن أساسه وُضع بعد حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973 من قبل إدارة الرئيس ريتشارد نيكسون ووزير خارجيته هنري كيسنجر، اللذين نجحا في إبعاد الاتحاد السوفيتي وتعزيز الهيمنة الأمريكية في المنطقة من خلال دبلوماسية معقدة أفضت إلى اتفاقيات فك الاشتباك ثم معاهدة كامب ديفيد، ما مهّد لاحقاً لاتفاقيات أوسلو، وترسيخ منظومة أمنية شرق أوسطية تخدم المصالح الأمريكية.
إلا أن فريدمان يرى أن هذا البناء الاستراتيجي القائم على الالتزام بحل الدولتين، مقابل اعتراف فلسطيني بدولة الاحتلال الإسرائيلي ونزع سلاح الدولة الفلسطينية المستقبلية، يتعرض الآن للانهيار بسبب سياسات حكومة نتنياهو. فمنذ عودته إلى السلطة في أواخر عام 2022، جعل نتنياهو من ضم الضفة الغربية أولوية، متجاهلاً الجهود الأمريكية الرامية إلى الحفاظ على استقرار المنطقة.
ويشير الكاتب إلى أن إدارة الرئيس السابق جو بايدن سعت على مدار عام لإقناع نتنياهو بقبول فتح حوار مع السلطة الفلسطينية حول تسوية سياسية مستقبلية، وهو شرط سعودي لتطبيع العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي، كان من الممكن أن يفضي إلى تحالف إقليمي جديد يوازن نفوذ إيران ويحد من التغلغل الصيني، ويُترجم بمعاهدة أمنية بين واشنطن والرياض.
لكن نتنياهو رفض هذا المسار تحت ضغط حلفائه من المتطرفين اليهود في حكومته، والذين هددوا بإسقاطه في حال التنازل. كما أن نتنياهو، الغارق في قضايا فساد ومهدد بالسجن، متمسك بمنصبه لحماية نفسه من الملاحقة القضائية.
ويقول فريدمان إن نتنياهو بهذا السلوك لا يخدم لا الاحتلال الإسرائيلي ولا الولايات المتحدة، بل يقدّم مصالحه الشخصية على المصلحة الوطنية للطرفين.
ويتابع الكاتب أن التطبيع بين السعودية والاحتلال لو تم، لفتح الأبواب أمام تعاون اقتصادي وثقافي غير مسبوق بين إسرائيل والعالم الإسلامي، ولأسهم في تخفيف التوتر الديني على المستوى الدولي، وعزز الدور الأمريكي الإقليمي لعقود قادمة.
غير أن محاولات نتنياهو، على مدار عامين، لخداع الجميع أفشلت هذا المسار، وأجبرت الأمريكيين والسعوديين على استبعاده من أي اتفاق، ما اعتبره فريدمان خسارة مؤسفة لإسرائيل والشعب اليهودي على حد سواء.
ويستشهد فريدمان بتقرير لوكالة "رويترز" أشار إلى أن الولايات المتحدة لم تعد تشترط تطبيع العلاقات بين السعودية والاحتلال الإسرائيلي للمضي في اتفاقات التعاون النووي المدني مع الرياض، في دلالة على تغير المقاربة الأمريكية.
ومما يزيد الطين بلة، بحسب فريدمان، أن نتنياهو يستعد لشن هجوم عسكري واسع على قطاع غزة، في خطة ترمي إلى حشر سكان القطاع في مساحة ضيقة جداً بين البحر والحدود المصرية، بالتزامن مع تسريع ضم الضفة الغربية.
ويحذر الكاتب من أن هذه الحملة قد تقود إلى مزيد من اتهامات جرائم الحرب ضد الاحتلال الإسرائيلي، خصوصاً في ظل التوقعات باستخدام الجيش الإسرائيلي لقوة مفرطة قد تدمر ما تبقى من البنية التحتية المدنية، وتؤدي إلى موجات نزوح ومجاعات، بما يعرّض قادة إسرائيل للملاحقة القانونية، وعلى رأسهم رئيس الأركان إيال زامير.
ويضيف أن تداعيات هذه السياسات قد تمتد إلى خارج حدود فلسطين، مهددة استقرار دول حليفة لأميركا مثل الأردن ومصر، اللتين تخشيان من أن تؤدي سياسات نتنياهو إلى تهجير الفلسطينيين باتجاه أراضيهما، ما قد يشعل اضطرابات إقليمية خطيرة.
وينقل فريدمان عن هانز ويكسل، المستشار السياسي السابق للقيادة المركزية الأميركية، قوله إن "اليأس الفلسطيني المتزايد يُضعف الرغبة الإقليمية في المضي قدماً في مشروع التكامل الأمني بين واشنطن والعرب وإسرائيل، وهو المشروع الذي كان يمكن أن يمنح الولايات المتحدة مزايا استراتيجية طويلة الأمد دون الحاجة لوجود عسكري كبير".
ويختتم فريدمان مقاله بنداء موجه لترامب يحثه فيه على الإصغاء لحدسه المستقل، محذراً من أن مستقبل إسرائيل كدولة طبيعية بين الأمم مهدد، مشيراً إلى أن أحفاده اليهود قد ينشؤون في دولة منبوذة دولياً، إن استمرت السياسات الحالية.