كيف يستغل الاحتلال وقف إطلاق النار لتجديد بنك أهدافه بغزة؟
تاريخ النشر: 3rd, November 2025 GMT
غزة- لم تفارق طائرات الاحتلال المسيّرة سماء قطاع غزة، وتستمر في إنجاز مهام استخبارية تهدف إلى تجديد بنك أهدافه العسكرية، وذلك رغم دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول المنصرم.
ويتخذ الاحتلال الإسرائيلي من حالة الهدوء النسبي التي يشهدها قطاع غزة فرصة لجمع المزيد من المعلومات عن عناصر المقاومة الفلسطينية، ومن ثم اختلاق ذرائع لاستهدافها، على غرار الغارات الجوية المركزة التي كررها الجيش مرتين الشهر الماضي.
                
      
				
وحذرت أجهزة أمن المقاومة الفلسطينية من استغلال قوات الاحتلال الروتين اليومي والتراخي الأمني لدى بعض المقاومين، لاختراق الصفوف وجمع المعلومات واستهداف نقاط الضعف الفردية.
وكشف مصدر أمني مسؤول في غزة أن قوات الاحتلال تستغل فترات الهدوء الظاهري لإعادة تنظيم قدراتها الاستخباراتية، وجمع المعلومات لتحديث بنك أهدافها.
وأوضح المصدر المسؤول في حديث للجزيرة نت، أن هذا الاستغلال يشمل تكثيف عمليات الرصد، باستخدام أحدث أدوات التكنولوجيا في العالم، وخاصة المرتبطة بالطائرات المسيرة والذكاء الاصطناعي والأقمار الصناعية، وتجنيد مصادر بشرية، واقتناص أي تهاون أو انكشاف لضرب البنى المعنوية والمادية للمقاومة.
وأكد المصدر الأمني أن الهدف واضح وهو "تحويل الهدوء المؤقت إلى فرصة لإعادة رسم خارطة الأهداف، ومحاولة ضرب قدرة المقاومة على الصمود لاحقا".
ولفت المسؤول الأمني إلى أن الاحتلال يعتمد على مزيج من الوسائل الاستخباراتية والتقنية والإجرائية لاستغلال فترات الهدوء، تشمل:
زيادة المراقبة العامة. والاستقواء بمصادر معلومات محلية وغير محلية. والاستفادة من أي تقاطعات معلوماتية تتيح له تحديد أهداف حساسة. إضافة إلى القدرة التكنولوجية الهائلة التي حصل عليها من الدول الداعمة للإبادة، مثل الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وغيرها. إعلانوأشار إلى أن هذه الوسائل تُستخدم في إطار سياسات قتل واغتيال، تهدف إلى إضعاف القدرة المجتمعية على الصمود، مشددا على أنه أمام هذه الحالة تتخذ الأجهزة الأمنية في غزة خطوات وقائية وإدارية متعددة، تهدف إلى حماية المدنيين والأعيان والبنى الحيوية وأفرادها من الاستهداف، وتشمل:
تعزيز التنسيق الأمني داخل مؤسسات المقاومة وفصائلها. تكثيف الجهود الاستخباراتية. تشديد السياسات الرادعة ضد أي محاولات تجسس أو تعاون مع العدو. الحرص الشديد والحيطة والحذر، وتغيير أسلوب وتكتيكات الحياة الاعتيادية.كما تعمل الأجهزة على تعزيز حماية المؤسسات المختلفة، والتأكيد على سرية المعلومات الحساسة، ومعاقبة كل من يتعاون مع الاحتلال بما يتوافق مع التشريعات والأنظمة المعمول بها.
تحذيرات أمنيةوذكر المصدر الأمني المسؤول أن الجهات المعنية تتعامل بكل حزم مع أي محاولات لاختراق أو استغلال أدوات الاحتلال للمس بالمدنيين أو البنى الأساسية أو أفرادها وعناصرها، وتبذل جهودا قانونية وأمنية واستخباراتية لرصد حالات الاختراق ومقارعتها عبر آليات الرقابة والتحقيق والمساءلة، ووفق الأطر والبروتوكولات المعمول بها.
وتثبت المعلومات الميدانية التي حصلت عليها الأجهزة الأمنية في غزة أن الاحتلال سعى في ما مضى إلى استغلال شبكات محلية خارجة عن القانون، وأفراد ذوي دوافع شخصية، لتحقيق أهدافه الاستخباراتية والتخريبية.
ونقل المصدر المسؤول تحذير الأجهزة الأمنية الحازم من أي تعامل أو تعاون مع سلطات الاحتلال أو عناصرها، أو تغذيتها بأي معلومات بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، مشددا على أن مثل هذا السلوك يُعد خيانةً وطنية وجريمة يعاقَب عليها بموجب القانون.
ودعا "كل من تسول له نفسه بالتواطؤ مع الاحتلال للتراجع فورا، والالتزام بالمسؤولية الوطنية والقانونية"، معتبرا أن حماية المجتمع وترابطه أولوية لا تفاوض عليها، وأن الأطراف المتعاونة سيتم محاسبتها قانونيا وأخلاقيا وسياسيا.
وحث المصدر الأمني جميع عناصر العمل الوطني "من مقاومين وأفراد وقادة" إلى "الالتزام بضوابط العمل الأمني المؤسساتي والقانوني، والحفاظ على انضباطهم، وضبط النفس داخل الأطر الأمنية المختلفة، سواء كان ذلك في الأجهزة الأمنية المختلفة أو داخل فصائل المقاومة الفلسطينية، والتعاون مع الأجهزة الرسمية المختصة في حال وجود تهديدات أو معلومات مشبوهة".
تشير المعطيات الميدانية التي نشرتها منصة تتبع أمن المقاومة الفلسطينية إلى أن أجهزة الاحتلال تسعى خلال هذه الفترة لتوسيع رقعة اختراقها، عبر وسائل تقنية وميدانية متعددة، مستفيدةً من حالة الاعتياد على الهدوء، واستخدام الهواتف الذكية وشبكات التواصل بصورة مفرطة وغير منضبطة أمنيا.
كما رُصدت في الأيام الأخيرة محاولات عدّة لتتبع المقاومين، عبر الطائرات المسيّرة ووسائل التنصت، إلى جانب محاولات إسقاط جديدة من قبل ضباط الاحتلال تحت غطاء المساعدات أو التواصل الإنساني.
ونبهت المنصة الأمنية أن حالة الهدنة لا تعني الأمان، بل هي مرحلة أشد حساسية، يسعى فيها الاحتلال لجمع ما عجز عن جمعه في أوقات المواجهة، وأن أي تراخٍ في الالتزام بالإجراءات الأمنية قد يُحوّل الهدوء إلى فخ قاتل.
إعلانوفي هذا السياق يرى الباحث في الشأن الأمني رامي أبو زبيدة أن أنماط العمل الميداني للاستخبارات المعادية تتمثل في مزج قدرات تقنية مع شبكات بشرية عاملة في الميدان، فضلا عن استعمال الطائرات المسيّرة ومصادر تمويل وتواصل تغطي أنشطة مختلفة، بهدف بناء ملفات معلوماتية عن الأشخاص والفصائل وبيئاتهم التشغيلية.
ويعتقد أبو زبيدة في حديثه للجزيرة نت أن هناك مخاطر جوهرية خلال فترات الهدوء تتمثل في:
تحول الهدنة إلى نافذة لجمع معلومات دقيقة بهدف الاستهداف لاحقا. ارتفاع احتمالات الاستغلال النفسي والإعلامي لثغرات في السلوك الأمني. تنامي اعتماد الخصم على قاعدة بيانات مستجدة قد تُستَخدَم في هجمات مستقبلية أو لضرب شبكات الدعم.ومن الجدير ذكره أن قوات الاحتلال اختلقت ذرائع متشابهة بتعرض جنودها لعمليتي تفجير وقنص في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، وذلك في الأيام التي تلت اتفاق وقف إطلاق النار، وشنت على إثرهما غارات مكثفة وعمليات اغتيال أدت إلى استشهاد أكثر من 200 فلسطيني.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: شفافية غوث حريات دراسات المقاومة الفلسطینیة الأجهزة الأمنیة
إقرأ أيضاً:
يونيسف: مليون طفل بغزة بحاجة للماء والغذاء و650 ألفًا للمدرسة
جنيف - صفا قالت المتحدثة باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) تيس إنغرام، إن أكثر من مليون طفل في غزة لا زالوا بحاجة للماء والغذاء. وأوضحت إنغرام، في مقابلة مع "الأناضول"، أن آلاف الأطفال ينامون جياعًا كل ليلة، رغم سريان اتفاق وقف إطلاق النار، بينما يحتاج 650 ألف طفل العودة إلى مدارسهم. وأضافت أن وقف إطلاق النار يمثل "خبرًا جيدًا"، لأنه يعني توقف القصف اليومي الذي كان يودي بحياة الأطفال، لكنه "لا يكفي وحده لإنهاء الجوع أو ضمان حصول العائلات على مياه شرب آمنة". وتابعت "العائلات في غزة لا تزال تكافح يوميًا من أجل البقاء، والبنى التحتية التي كانت توفر المياه والرعاية الطبية للأطفال تضررت بشدة، ما يجعل الوصول إلى هذه الخدمات الأساسية أمرا في غاية الصعوبة". وبينت أن حجم المساعدات التي دخلت القطاع بعد بدء وقف إطلاق النار شهد زيادة طفيفة خلال الأسبوعين الأولين، لكنها "ما تزال غير كافية على الإطلاق". وأوضحت أن الكميات التي وصلت لا تزال دون المستويات التي كانت تدخل قبل اندلاع الحرب. وأردفت: "نحتاج إلى تدفق كبير وسريع للمساعدات، لأن المخاطر ما زالت مرتفعة، فالأطفال يواجهون خطر الموت بسبب سوء التغذية أو انخفاض الحرارة أو أمراض يمكن الوقاية منها". ودعت إنغرام السلطات الإسرائيلية إلى فتح جميع المعابر المؤدية إلى غزة لتمكين المساعدات من الوصول على نطاق واسع، مشيرة إلى أن العديد من المناطق لا تزال محرومة من أي دعم إنساني فعّال. وأكدت أن وقف إطلاق النار لم يغيّر واقع الحياة الصعب في غزة، قائلة: "هل غيّر هذا الوقف حياة الأطفال بالكامل؟ لا. لقد أوقف القصف اليومي، لكنه لم يُعد الحياة إلى طبيعتها بين ليلة وضحاها". وذكرت أن نحو 650 ألف طفل بحاجة إلى العودة إلى مدارسهم، بينما يجب تأمين المياه والغذاء لأكثر من مليون طفل. وأشارت إلى أن آلاف الأطفال ما زالوا ينامون جياعًا، فيما يعاني آخرون في المستشفيات من أمراض يمكن علاجها، لكن نقص الأطباء والأدوية يجعلهم يتألمون دون علاج. وقالت إنغرام: إن فشل المجتمع الدولي في استغلال وقف إطلاق النار لإنقاذ حياة الأطفال ومنع معاناتهم أمرٌ مفطر للقلب. ودعت إلى تكاتف الجهود العالمية لمساعدة أطفال غزة على التعافي من الكارثة التي يعيشونها منذ عامين.