المبعوث الأممي يحذر من عواقب وخيمة.. خطر التصعيد في اليمن قائم
تاريخ النشر: 16th, April 2024 GMT
حذر المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، الاثنين، من عواقب سير اليمن نحو التصعيد، وربط الحل السياسي فيه بقضايا إقليمية أخرى.
وقال غروندبرغ، خلال إحاطته أمام مجلس الأمن، إن هذه السنة لم تحمل مشاهد الاحتفال التي نتوق لها، فالمحتجزين لا يزالون قيد الاحتجاز، والطرق التي كنا نأمل فتحها ما زالت مغلقة.
وأضاف أن ما يحتاج إليه اليمنيون بالأساس هو وقف شامل لإطلاق النار، وتحسين للظروف المعيشية، واستئناف عملية سياسية جامعة.
وتابع: "كان شهر رمضان في السنوات الماضية فرصة للأطراف اليمنية لتجاوز الخلافات، وتعزيز الأمل وبناء الثقة، لكن لم نتمكن من إطلاق سراح المحتجزين في الوقت المناسب، فيما ما زالت الطرق مغلقة".
وعبر المبعوث الأممي عن خشيته من أن يشهد اليمن تصعيدا متزايدا من قبل أطراف الصراع.
كما تطرق الدبلوماسي الأممي إلى حادثة تفجير جماعة الحوثيين لأحد المنازل في محافظة البيضاء (وسط البلاد)، ما أسفر عن مقتل وإصابة 16 مدنيا بينهم نساء وأطفال بشكل مأساوي.
معضلة اقتصادية
واتهم مبعوث الأمم المتحدة "أطراف الصراع باتخاذ إجراءات أحادية الجانب تهدد بتفاقم تقسيم النظام الاقتصادي".
وقال، إن تفكك العملة المتداولة في مناطق سيطرة "أنصارالله" يشكل معضلة اقتصادية جوهرية للشعب اليمني، ويزيد من تعقيد الوضع السلطة المتنازع عليها للبنك المركزي اليمني.
وأشار إلى أن التحديات التي يواجهها الاقتصاد اليمني تتطلب استجابة استراتيجية ومنسقة تتماشى مع تسوية النزاع على المدى الطويل.
تصعيد الأعمال العدائية
عسكريا، قال الدبلوماسي الأممي إنه رغم الاستقرار النسبي للوضع العسكري، مقارنة بما كان عليه قبل نيسان/ أبريل 2022، فإننا مؤخرا شهدنا تصعيدا للأعمال العدائية على عدة جبهات، لاسيما في الضالع ولحج جنوبي البلاد.
وواصل حديثه: كما تم الإبلاغ عن تحركات عسكرية واشتباكات متفرقة وتبادل لإطلاق النار في محافظات الحديدة ومأرب وصعدة وشبوة وتعز (غرب وشرق وشمال وجنوب غرب البلاد).
وبين غروندبرغ : "في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، اتخذت الأطراف خطوة هامة، عندما أعربوا لي عن استعدادهم لتفعيل مجموعة من الالتزامات ضمن خارطة الطريق التي ترعاها الأمم المتحدة".
وقال غروندبرغ: " للأسف، تعثر الزخم نحو التوصل إلى اتفاق بسبب الأحداث الإقليمية، التي أدت إلى تعقيد مساحة الوساطة بشكل كبير".
ووفقا لغروندبرغ، فإن تصعيد الأوضاع في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن ما زال مستمرًا، الذي دخل الآن شهره السادس، حيث استهدف أنصار الله عدة سفن تجارية وعسكرية.
وأردف: "كما قامت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بتنفيذ هجمات على أهداف عسكرية في مدن الحديدة، حجة، وصنعاء، وتعز".
ومنذ 12 يكانون الثاني/ يناير الماضي، بدأت الولايات المتحدة بالتعاون مع بريطانيا بشن العديد من الضربات ضد مواقع تابعة لجماعة الحوثي في المناطق التي تسيطر عليها بينها صنعاء، بهدف ردع الجماعة عن الهجمات التي تستهدف السفن الإسرائيلية والقطع البحرية التجارية المتجهة إلى إسرائيل، في سياق تضامنها مع غزة، كما تقول الجماعة.
خطر التصعيد قائم
وشدد غروندبرغ على أنه في ظل غياب وقف إطلاق النار في غزة وعدم وقف الهجمات بشكل كامل في البحر الأحمر وخليج عدن، "يظل خطر التصعيد قائما".
وأوضح المبعوث الأممي أن النزاعات في اليمن والمنطقة المحيطة به باتت متشابكة بشكل لا يمكن تجاهله، مطالبا في الوقت نفسه "عدم ربط حل الصراع في اليمن بتسوية القضايا الأخرى".
ومضى بالقول: "يجب ألا نجازف بفرصة اليمن في تحقيق السلام وتحويلها إلى خسائر ثانوية. لقد تكبّد الشعب اليمني، بما في ذلك 17 مليون نسمة الذين ما زالوا يعتمدون على المساعدات الإنسانية للبقاء، معاناة طويلة بما يكفي".
وبين مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن أن السلام في اليمن له قيمة جوهرية... ذلك أن اليمن الذي يعيش في سلام مع نفسه ومع جيرانه سيكون له تأثير إيجابي على الديناميكيات الإقليمية.
وحذر من عواقب وخيمة على اليمن والمنطقة برمتها نتيجة إهمال العملية السياسية في اليمن والذهاب نحو مسار التصعيد.
ودعا غروندبرغ الأطراف اليمنية إلى الامتناع عن اتخاذ إجراءات تصعيدية أحادية الجانب، والانخراط في حوار بنّاء بحسن نية تحت رعاية الأمم المتحدة؛ لإيجاد حلول مشتركة من خلال التعاون، وتحويل النزاعات إلى فرص لاتخاذ مسار نحو الازدهار المشترك.
وكانت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، قد أعلنت في آذار/ مارس الماضي، عن توقف خارطة الطريق التي تم الإعلان عنها نهاية العام 2022 من قبل مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن.
وقال رئيس الوزراء اليمني، أحمد بن مبارك، وفق ما نقلته وكالة "سبأ" للأنباء الحكومية، إن خارطة الطريق للحل توقفت في اليمن، نتيجة التصعيد العسكري في جبهات القتال بالمحافظات اليمنية، وما يحدث من تحشيد وعسكرة وعمليات حوثية بالبحر الأحمر.
ومنتصف مارس الماضي، أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، خلال إحاطته السابقة أمام مجلس الأمن، أن "مجال وساطته في اليمن أصبح أكثر تعقيدا رغم الجهود المبذولة لحماية عملية السلام بعيدا عن التأثيرات الإقليمية".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية اليمن التصعيد الحوثيين الأمم المتحدة الأمم المتحدة اليمن الجيش الحوثي التصعيد المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المبعوث الأممی الأمم المتحدة إلى الیمن فی الیمن
إقرأ أيضاً:
هل فشلت الأمم المتحدة في ليبيا؟
منذ صدور القرارين 1970 و1973 عن مجلس الأمن الدولي في مارس 2011، وُضعت ليبيا رسميًا تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ما كان يُفترض معه أن تتحمّل المنظمة الدولية مسؤولية مباشرة في حماية المدنيين، وضمان الأمن والسلم، ومنع الانهيار المؤسسي. إلا أن ما تلا التدخل الدولي في ليبيا لم يكن سوى انفلات شامل غابت فيه الدولة، وتراخى فيه المجتمع الدولي – وعلى رأسه الأمم المتحدة – عن أداء دور حاسم تجاه الفوضى المتصاعدة.
فوضى بعد سقوط النظام
فما إن سقط النظام السابق، حتى اندلع اقتتال داخلي، رافقته حملات انتقامية ممنهجة ضد مناصري النظام، شملت التهجير والقتل والاعتقال خارج القانون، في خرقٍ صريح للقانون الدولي الإنساني. كما استحوذت ميليشيات مسلحة على السلاح، رافضة قرار المكتب التنفيذي بجمعه وحلّ التشكيلات المسلحة، تحت ذريعة “حماية الثورة”.
وقد تأسست كتائب كـ”الدروع”، وتشكيلات أخرى لم تشارك أصلًا في الثورة، بينما سلّم الثوار الحقيقيون أسلحتهم في بادرة حسن نية، ما جعل ميزان القوة يميل لصالح تيارات الإسلام السياسي والتنظيمات المؤدلجة.
انقلاب على الديمقراطية وتغوّل الميليشيات
وفي خضم هذه الفوضى، تم الانقلاب على العملية السياسية الوليدة، حين سيطرت جماعات مرتبطة بالإخوان المسلمين على المؤتمر الوطني العام، وهمّشت إرادة الناخبين. وبلغ التصعيد ذروته في عام 2014، مع اندلاع حرب بين الميليشيات في طرابلس، تسببت في تدمير مطار العاصمة ومرافق حيوية، وكرّست واقعًا دمويًا انقسمت فيه البلاد.
وفيما كانت الجماعات المسلحة تفرض سيطرتها على الغرب، انطلقت عملية عسكرية بقيادة المشير خليفة حفتر في الشرق، بدعم شعبي، استهدفت ما كانت الأمم المتحدة تصفهم بـ”الثوار”، رغم أن بعضهم حمل فكرًا متشددًا لا يعترف بشرعية الدولة ولا بمخرجات العملية الديمقراطية.
عشرة مبعوثين.. وفشل متكرر
منذ عام 2011، تعاقب على رئاسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عشرة مبعوثين أمميين، دون أن ينجح أيّ منهم في حل الأزمة، بل اكتفوا بإدارتها والتكيف مع أطرافها:
عبد الإله الخطيب (أبريل – أغسطس 2011): وزير خارجية أردني سابق، عُيّن مبعوثًا خاصًا مع اندلاع النزاع، مهمته اقتصرت على إجراء مشاورات عاجلة في ظل المواجهات، لكنه غادر سريعًا دون تأثير فعلي. إيان مارتن (سبتمبر 2011 – 2012): دبلوماسي بريطاني وأمين عام سابق لمنظمة العفو الدولية، قاد جهود التخطيط لمرحلة ما بعد النزاع، لكن الواقع تجاوز التصورات، واندلعت الأزمات سريعًا. طارق متري (2012 – 2014): أكاديمي ودبلوماسي لبناني، حاول إدارة حوار شامل بين الأطراف، لكن اندلاع حرب طرابلس وبنغازي حدّ من حركته، وأجبره على الانسحاب. برناردينو ليون (2014 – 2015): دبلوماسي إسباني، أدار مفاوضات “اتفاق الصخيرات” بين الفرقاء الليبيين، لكنه غادر وسط جدل كبير بعد تعيينه في مؤسسة إماراتية، ما أضعف مصداقيته. مارتن كوبلر (نوفمبر 2015 – يونيو 2017): ألماني، حاول تنفيذ اتفاق الصخيرات، لكنه فشل في احتواء الخلافات العميقة بين المجلس الرئاسي والبرلمان وقادة الميليشيات. غسان سلامة (يونيو 2017 – مارس 2020): لبناني، أحدث تقدمًا نسبيًا في ملفات المصالحة وتعديل الاتفاق، لكنه استقال فجأة لأسباب صحية بينما كانت الحرب على طرابلس على أشدّها. ستيفاني وليامز (2020 – بداية 2021): دبلوماسية أميركية، قادت ملتقى الحوار السياسي، وساهمت في إنتاج السلطة التنفيذية المؤقتة (المجلس الرئاسي برئاسة محمد المنفي، والحكومة برئاسة عبد الحميد الدبيبة). استطاعت ممارسة ضغوط فعلية على الأطراف الليبية لإجبارهم على قبول “خريطة طريق” في جنيف، إلا أن ما تحقق كان حلًا مؤقتًا هشًا لم يعالج جذور الأزمة. يان كوبيتش (2021): دبلوماسي سلوفاكي، حاول تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، لكن العملية انهارت قبيل موعدها بسبب خلافات قانونية عميقة. عبد الله باتيلي (سبتمبر 2022 – أبريل 2024): دبلوماسي سنغالي، أعلن استقالته بعد أن وصلت جهود التسوية إلى طريق مسدود، واتهم الأطراف الليبية بغياب الإرادة السياسية. (المنصب شاغر حتى منتصف 2025): وحتى اليوم، لم تُعيَّن شخصية جديدة لإدارة البعثة، في ظل انسداد سياسي داخلي، وتراخٍ دولي متزايد.تدخلات دولية تقيّد المبعوث وتُجهض الحلول
إضافة إلى الإخفاق البنيوي في أداء بعثة الأمم المتحدة، فإن الواقع الجيوسياسي المحيط بليبيا أثّر بشكل مباشر في قدرة المبعوثين الأمميين على أداء مهامهم. فمجلس الأمن نفسه – الذي يفترض أن يمنح المبعوثين القوة الشرعية لتنفيذ القرارات – يعاني من تضارب مصالح حاد بين أعضائه الدائمين، خصوصًا الولايات المتحدة وروسيا، ناهيك عن فرنسا وبريطانيا والصين.
وفي مثل هذه البيئة المنقسمة، لا يستطيع أي مبعوث أممي التحرك بحرية، بل يتحرك ضمن حدود ما تسمح به توافقات القوى الكبرى. وإذا غابت هذه التوافقات، فإن مهمة المبعوث تصبح مجرد إدارة للوقت والمواقف، دون قدرة حقيقية على فرض الحلول أو مساءلة المعرقلين.
وقد لوحظ أن بعض المبعوثين – خصوصًا أولئك القادمين من الدول الكبرى – يميلون أحيانًا لمحاباة مواقف دولهم الأصلية، أو يسعون لتجنب استفزاز الأطراف المتدخلة في ليبيا، حفاظًا على مسيرتهم المهنية أو طموحاتهم المستقبلية. كما أن تعيين الأمناء العامين للأمم المتحدة والمبعوثين الخاصين لا يتم دون موافقة القوى الكبرى، مما يجعل الاستقلالية مسألة شكلية أكثر من كونها حقيقية.
شخصية المبعوث… بين العدالة والانحياز
لا يمكن فصل أداء المبعوثين الأمميين في ليبيا عن شخصياتهم وخلفياتهم السياسية، ومدى قدرتهم على فهم الواقع الليبي المعقّد، والتعامل بعدالة مع الأطراف المتنازعة.
فبعض المبعوثين تعاملوا مع مهمتهم كأنها مجرد “وظيفة مؤقتة”، ينهونها دون صدام أو تأثير يُذكر. بينما نظر آخرون إليها كمشروع سياسي أو أخلاقي، واعتبروها فرصة لإثبات قدرتهم على صنع تغيير في واحدة من أعقد الأزمات في العالم.
في هذا السياق، برزت ستيفاني ويليامز كحالة فريدة، إذ أنها – بخلفيتها الأمريكية ودعم بعض العواصم الغربية – استطاعت ممارسة ضغوط فعلية على الأطراف الليبية، وأجبرتهم على القبول بـ”خريطة طريق” عبر ملتقى الحوار السياسي في جنيف، الذي أسفر عن تشكيل سلطة تنفيذية مؤقتة (المجلس الرئاسي برئاسة محمد المنفي، والحكومة برئاسة عبد الحميد الدبيبة).
لكن رغم هذا الاختراق، فإن ما تحقق كان حلًا مؤقتًا هشًا، لم يخدم الحل النهائي للأزمة، ولم يعالج جذور الانقسام، بل أدى لاحقًا إلى خلق سلطتين تنفيذيتين متنافستين من جديد، ما أعاد الأزمة إلى نقطة الصفر.
وقد حاول بعض المبعوثين فهم منطق الأزمة من الداخل، وواجهوا الواقع بشجاعة. طارق متري، على سبيل المثال، أشار بوضوح إلى أن الأطراف الليبية “لا تبحث عن حل بقدر ما تبحث عن مصالحها الضيقة”، في إشارة إلى تغليب الحسابات الشخصية والمناطقية على المصلحة الوطنية.
أما غسان سلامة، فقد تحدث بصراحة نادرة عن عمق الفساد المستشري، حين قال:
“في ليبيا، كل يوم يُولد مليونير جديد، ولا أحد يريد حقًا إنهاء الأزمة.”
هذا التصريح لم يكن مجرد توصيف، بل إدانة واضحة لنخبة سياسية تستفيد من استمرار الفوضى، وتُجهض أي مسار جاد نحو الاستقرار.
ورغم هذه الرؤية النقدية لدى بعض المبعوثين، فإن غياب الدعم الدولي، وصراعات مجلس الأمن، وازدواجية مواقف الدول المتدخلة، حالت دون تمكنهم من تنفيذ رؤاهم، وانتهى الأمر ببعضهم إلى الاستقالة، والآخرين إلى العزلة والتهميش.
الولايات المتحدة.. فوق الأمم المتحدة
من المهم أن نفهم أن تدخل القوى الكبرى – وعلى رأسها الولايات المتحدة – في الأزمات الدولية لا يخضع دائمًا لإطار الأمم المتحدة، بل يتجاوزه حين تقتضي المصالح الاستراتيجية ذلك. فواشنطن، كما أظهرت في ملفات متعددة، لا تعير قرارات المنظمة الأممية اهتمامًا حقيقيًا إن تعارضت مع أولوياتها، بل تتحرك بشكل منفصل، مستخدمة أدواتها الدبلوماسية والأمنية الخاصة.
وفي الحالة الليبية، فإن التحركات الأمريكية الأخيرة تعكس هذا النمط. فإدارة واشنطن قد تلجأ إلى بناء شراكات مباشرة مع أطراف محلية تراها موثوقة، متجاوزة دور البعثة الأممية إن رأت أنها عاجزة أو مقيدة بسبب الخلافات داخل مجلس الأمن.
هذا يُعيدنا إلى المعادلة الحاسمة: إذا استمر الليبيون في الارتهان للتدخلات المتقاطعة دون بلورة موقف وطني موحد، فإن مصير الأزمة سيبقى رهين حسابات الخارج لا إرادة الداخل.
وأخيرًا… لا خلاص دون وعي وطني
رغم كل ما قيل عن دور الأمم المتحدة ومبعوثيها، وعن التدخلات الإقليمية والدولية المتشابكة، تبقى المسؤولية الأساسية في نهاية المطاف على عاتق الليبيين أنفسهم. فلولا تفكك الداخل، وترسّب الخلافات الفكرية والمناطقية، وضعف الشعور بالوطنية الجامعة، لما تمكن الخارج من فرض وصايته بهذا الشكل.
لقد أضاع الليبيون أكثر من عقد وهم يراهنون على الخارج لحل أزمتهم، في حين أن المفتاح الحقيقي للحل لم يكن يومًا في يد المبعوث الأممي، بل في اليد الليبية الواعية التي تؤمن بأن “ليبيا يجب أن تُبنى بأيدي أبنائها، لا بأجندات الآخرين”.
ولعل وعي الليبيين بخطورة اللحظة التاريخية، وإدراكهم أن الحل يجب أن يكون وطنيًا، هو وحده القادر على إجبار الأمم المتحدة والدول المتدخلة على احترام إرادة الشعب الليبي، والكفّ عن العبث بمصيره، والتوقف عند حدود دورهم كمسهلين لا مقرّرين.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.