الإطار التنسيقي بين آنية النجاح ومستقبل الفشل
تاريخ النشر: 20th, April 2024 GMT
20 أبريل، 2024
بغداد/المسلة الحدث:
حسين فلسطين
اكثر من عام على نجاح الإطار التنسيقي في تشكيل حكومة السيد (محمد شياع السوداني) بعد مخاض عسير من الصراعات السياسية بين الكتل والأحزاب،نجاح كان متوقع حدوثه لدى كل من يعرف ثلاثية الإطار ( نوري المالكي ، عمار الحكيم ، قيس الخزعلي ) اضافة لعنصر التوازن الجانح للسلمِ (هادي العامري) والراغب في مواصلة قصص الوّد بينهُ وبين رئيس التيار الصدري السيد (مقتدى الصدر).
وليس بعيدًا عن الرغبة الإقليمية وشغفها في زعزعة الاستقرار السياسي النسبي الحالي المقرونة ببثِ اشاعات فتنوية تهدف إلى التأثير على تماسك كتل الإطار،تغرق بعض الشخوص والكتل الإطارية في طوفان خلاف مصطنع يهدف إلى بعثرتها من خلال محاولات لخلق جبهتين سياسيتين متنافستين تمهيدًا لأعادة أجواء الخلاف والاختلاف بينها وهذه المرة ب”ضدٍ نوعيٍا” ينفي الحاجة الى مزاعم خوض الكتلة الصدرية الانتخابات القادمة من عدمه.
ومن المؤكد أن النجاح الحالي على المستوى الأمني والخدماتي والسياسي هو نجاح آني ومؤقت مرهون بدوام الاستقرار السياسي وآفاق الخريطة السياسية في العراق التي يراد لها أن تشطر الإطار إلى شطرين مما يعجل في حتمية بدأ مرحلة الفشل مستقبلاً،فالبعض يريد جرّ نار الحكومة إلى قرصهِ السياسي مع الرغبة بعزلِ الباقون وهذا ما يتطلب الإجماع والاجتماع من قبل زعماء الإطار التنسيقي بنفس الهمة والرغبة والإصرار لمنع حدوث أي شرخ سياسي جديد،مع ضرورة بقاء السيد رئيس الوزراء على مسافة واحدة من الجميع وعدم التحليق بجناحٍ واحد في حال كانت لديه الرغبة بولاية ثانية !
ومن المؤكد أن الاستقرار السياسي للأطاريين سيؤثر بشكلاٍ مباشر على بقية الأطراف في مقدمتها التيار الصدري ويمنع أي حالة الهاء تؤدي إلى التراجع عن تأسيس “حكومات خدمات” ينتظرها العراقيين بشغفٍ كبير بعد سنوات عجاف مليئة برائحة دخان المفخخات والعبوات الناسفة التي تصدرها قوى إقليمية في مقدمتها الكيان السعودي الوهابي ومشيخات الخليج والتي لم تخفي سعيها في تفجير الجسد السياسي الشيعي، لذا أرى الضروري والمنطق أن يكون دعم الحكومة دعم جماعي – كما هو الآن- وإن أي تنسيق لعودة السيد الصدر يجب أن يكون مع الجميع وبالتالي ممكن أن نحسب للأطار النجاح الاستراتيجي مستقبلا بدل من الفشل الذي سيفقد الجميع فرص العودة مجددًا او على الاقل البقاء بنفس عوامل القوة الحالية.
ولأن المقال هو “رسائل ناصح” اكثر من كونه تحليل لتفاصيل حدثت وتحدث الآن تجاوزت الخوض في طبيعة الشدّ والجذّب الحالية عسى أن تدرك القوى السياسية طبيعة المصير الشيعي الواحد الذي لن ولم يسمح به عامة الشيعة ومرجعايتهم المجازفة به نتيجة رغبات وشهوات ترهق المكون الذي ذاق مرارة البعث الإرهابي وتلظظ جسده بنار الفرقة السياسية.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
الضربة الإسرائيلية ومستقبل التسلح النووي الإيراني
- ترجمة: نهى مصطفى
قد يخلّد التاريخ قرار إسرائيل بمهاجمة البرنامج النووي الإيراني في 12 يونيو باعتباره بداية حرب إقليمية كبرى، ونقطة تحوّل محتملة في سعي إيران لامتلاك أسلحة نووية. لكن ربما تُذكر هذه الضربات أيضا باعتبارها اللحظة التي بدأ فيها العالم، ولأول مرة منذ عقود، يتراجع عن حافة خطر القنبلة الإيرانية. لطالما درس المحللون النتائج المحتملة لمثل هذا الهجوم، وتوصلوا إلى توقّعات متباينة بشدة. واليوم، بمقدور الجميع أن يروا أيّ تلك التوقّعات كان الأقرب إلى الواقع.
لا يزال من المبكر جدا التنبؤ بالنتائج. فقد يستغرق الأمر أسابيع قبل أن يتمكن الخبراء من تقييم حجم الأضرار التي تسببت بها الضربات الإسرائيلية، فضلا عن فهم قدرة طهران على التعافي وكيفية ذلك- علما بأن الهجمات، في نهاية المطاف، لم تنتهِ بعد. ورغم أنه لا يمكن بعد الحكم على الآثار طويلة المدى لهذه الضربات، إلا أن المحللين يدركون ما ينبغي رصده عند تقييم النتائج. بعبارة أخرى، يستطيع الخبراء تحديد العوامل التي ستُبين ما إذا كانت الهجمات قد نجحت في حرمان إيران من القدرة على امتلاك أسلحة نووية.
بعض هذه العوامل قابل للقياس الكمي. فعلى سبيل المثال، لكي تتمكن الضربات الإسرائيلية من وقف أو إبطاء قدرة إيران على إنتاج سلاح نووي بشكل ملموس، لا بد من حرمانها من المواد الأساسية اللازمة لصنع تلك الأسلحة. ومن الضروري استهداف وتدمير المعدات الحيوية لعملية التصنيع. إلى جانب ذلك، ينبغي تقليص المعرفة التقنية التي تتيح لإيران تحويل هذه المواد إلى قنابل، ولو جزئيا. غير أن هذا العامل الأخير يبقى الأصعب قياسا. فلكي يُعد الهجوم ناجحا بالكامل، لا بد أن يدفع طهران إلى إعادة النظر في جدوى مواصلة مشروعها النووي.
نجحت الضربات الإسرائيلية حتى الآن في تدمير عدد من محطات الطاقة والمباني والبنى التحتية الحيوية التي يعتمد عليها البرنامج النووي الإيراني. وأثبتت قدرتها، في معظم الأحيان، على ضرب أهداف داخل إيران متى أرادت. ومع ذلك، لا يمكن اعتبار هذا النجاح مضمونا بأي حال؛ نظرا لاستثمارات طهران الكبيرة في التحصينات الدفاعية، وتمسّكها بالبرنامج، ووجود أنظمة بديلة، فضلا عن الصعوبة الجوهرية التي تنطوي عليها هذه المهمة.
حتى الآن، تبدو الأضرار الناجمة عن الضربات على المنشآت النووية متباينة. فبحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تعرّض موقع فوردو، أحد أخطر منشآت تخصيب اليورانيوم، للهجوم، لكن لم يتأكد بعد ما إذا كانت دفاعاته اختُرقت أو ما إذا تم تدمير الآلاف من أجهزة الطرد المركزي الموجودة فيه. كذلك، لا توجد مؤشرات على أن الضربات جعلت مخزون اليورانيوم المخصب غير صالح للاستخدام. إذا ظل هذا المخزون متاحا، وظل جزء كبير من أجهزة الطرد المركزي في الخدمة، فقد تتمكن طهران من إعادة بناء برنامجها النووي خلال بضعة أسابيع فقط. فعلى سبيل المثال، يمكنها نقل اليورانيوم المخصب بنسبة 60% إلى فوردو أو إلى موقع سري آخر، لاستكمال التخصيب، مما يمنحها بسرعة الكمية اللازمة لإنتاج قنبلة.
لكن امتلاك يورانيوم مخصب قابل للاستخدام في الأسلحة لا يكفي لبناء قنبلة نووية. فإيران تحتاج أيضا إلى معدات تمكّنها من تحويل اليورانيوم إلى معدن، وتشكيله إلى مكونات ثم تجميعها في سلاح كامل. تنفيذ كل ذلك في ظل حرب قائمة سيكون أمرا بالغ الصعوبة، خصوصا في ظل الجهود الدولية التي سعت طيلة عقود إلى حرمانها من هذه المعدات. ولا تزال قدرة طهران على إنتاج رأس حربي يُحمّل على صاروخ أمرا غير محسوم، وإن كانت بعض التقديرات الاستخباراتية تشير إلى أن ذلك سيستغرق شهورا.
ومع ذلك، لا تزال هناك جوانب غامضة في برنامج الأسلحة، إذ أصدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قبل الضربات، تقريرا مفصّلا حول أسئلة عالقة، خاصة ما يتعلق بالأنشطة السابقة المرتبطة بالتسليح. تركّز بعض هذه التساؤلات على مواقع يُحتمل أن تحتوي على معدات تستخدم حاليا في تطوير الأسلحة. وقد تكون لدى الاستخبارات الإسرائيلية معلومات عن مواقع تلك المعدات، وربما استهدفتها بالفعل - أو تستعد لذلك. ومع أن سجلها في هذا المجال لا يُستهان به، فإن إيران تبقى دولة واسعة، تتيح العديد من الأماكن لإخفاء تلك الموارد واستخدامها.
تمتلك طهران أيضا نخبة كبيرة من العلماء والفنيين في المجال النووي، ولا يزال عدد القتلى في صفوفهم غير مؤكد. استهدفت الضربات الإسرائيلية شخصيات بارزة، من بينها فريدون عباسي، الرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية، ومحمد مهدي طهرانجي، الفيزيائي ورئيس جامعة آزاد الإسلامية في طهران، إلى جانب عدد من القادة العسكريين. ومع ذلك، فإن هذه الخسائر، بحد ذاتها، لا يُتوقع أن تعرقل المشروع النووي بشكل حاسم. فما دامت البلاد تحتفظ بكوادر فنية ماهرة، متحمسة ومدرّبة، ستظل قادرة على التقدم بسرعة نحو امتلاك السلاح النووي.
لا يزال هناك قدر كبير من الغموض بشأن حجم الضرر الفعلي الذي لحق بالبرنامج النووي.
لكن السؤال الأهم: هل دمّر الهجوم الإرادة السياسية للمضي قدما؟
يبدو من غير المنطقي، في البداية، توقع أي رد غير عدواني، لكن إذا تبيّن أن الأضرار التي لحقت بالبرنامج والقدرات العسكرية أشدّ مما هو ظاهر، ستبحث طهران عن بدائل. ربما تعود إلى خيار الدبلوماسية، خصوصا مع استمرار التصعيد. فالضربات لم تتوقف بعد، وقد تصبح أكثر تدميرا في الأيام المقبلة، لا سيما بعدما دمّرت الدفاعات الجوية بشكل شبه كامل، مما يفتح المجال أمام استهداف منشآت حكومية مركزية أو مسؤولين بارزين. كما يُحتمل أن تُضرب منشآت نفط وغاز حيوية، مما يعرّض الاقتصاد لهزة عنيفة. في ظل هذا الضغط، ستجد الحكومة الإيرانية نفسها مدفوعة نحو مسار تفاوضي، ربما يُفضي إلى اتفاق يقيّد المشروع النووي.
مع ذلك، من الطبيعي التشكيك في استعداد إيران لقبول صفقة تُفرض عليها تحت التهديد. بل حتى إن تم التوصل إلى اتفاق، فقد لا تلتزم به بدقة. والأرجح أن تواصل الرد على الهجمات، محاولة إقناع المجتمع الدولي بأن إسرائيل تصرفت كطرف منفلت، خصوصا أنها استخدمت القوة قبل أيام فقط من استئناف المفاوضات بين طهران وواشنطن. ويُضاف إلى ذلك إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب تحمّله بعض الفضل في الضربات، رغم محاولة إدارته سابقا النأي بنفسها عنها، سيجعل فرص التوصل إلى اتفاق أكثر صعوبة.
تبدو الهجمات الإسرائيلية على إيران بارعة من الناحية التكتيكية ومدروسة بعناية. لكن براعة التنفيذ لم تكن موضع شك في الأصل؛ فالمحللون يدركون تماما أن الجيش الإسرائيلي يمتلك قدرات فائقة ويحتفظ بوسائل متطورة لا يُعلن عنها. السؤال الحقيقي: هل يستطيع هجوم إسرائيلي منفرد - أو حتى عملية مشتركة مع الولايات المتحدة - أن يوقف فعليا اندفاع طهران نحو امتلاك سلاح نووي؟ الإجابة ستتضح قريبا.
ريتشارد نيفيو باحث أول في مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا، وزميل مساعد في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.
نشر المقال في Foreign Affairs