مجالس التصدي لتغير المناخ.. الإمارات تستحضر تراث الماضي لبناء مستقبل أفضل للعالم
تاريخ النشر: 28th, April 2024 GMT
أبوظبي/ وام
شكل «مجلس صناع التغيير» الذي نظمته رئاسة COP28 نقطة تحول في عملية المفاوضات، إذ حفز الأطراف للاستفادة من ثقافة الإمارات في التواصل الفعال، والتركيز على التقدم والإنجاز.
فمنذ عهد بعيد يجتمع أبناء دول الخليج العربية في «المجلس»، مدرسة الحياة، ونبع الحكمة، فيتناولون تمرهم وقهوتهم، ويتداولون أمرهم وعيشتهم، وينهلون من حكمة وخبرة كبارهم في هذا الملتقى التراثي العريق الذي كان أهم وسائل التواصل الاجتماعي في منطقة الخليج قبل انتشار وسائط التكنولوجيا الحديثة.
ويعكس «المجلس» ثقافة المجتمع الإماراتي؛ وفي فضائه المفتوح للحوار والنقاش، تجتمع العائلات والجيران والأصدقاء لتبادل الأحاديث والأخبار، وسماع حكاياتِ الأجدادِ، ومناقشة تجاربهم، والاستفادة من حكمتهم ونصائحهم، وبحث التحديات والصعوبات في جو من الصراحة والودّ والألفة، إلى جانب دور المجالس المهم في الحياة الاقتصادية، من خلال تعزيز العلاقات التجارية، حيث يجتمع فيها رجال الأعمال والتجار لتبادل المعلومات، وبناء الثقة، وإقامة علاقات تجارية جديدة، ما يحفز النشاط الاقتصادي ويخلق فرص عمل جديدة.
وانطلاقاً من هذا الإرث العريق، ولدت فكرة الاستفادة من «المجلس» لدى رئاسة COP28 التي تحملت مسؤولية تحريك المياه الراكدة في ملفات مفاوضات تغير المناخ في توقيت حاسم بالنسبة لمستقبل البشرية وكوكب الأرض، واستحضرت من التراث والتقاليد الحل المناسب لتعقد المفاوضات وتضارب آراء الأطراف ومصالحهم.
وعُقد المجلس حينها في توقيت حرج كانت المفاوضات فيه متعثرة، مع تمسُّك كل من الأطراف بمواقفها والتركيز على خلافاتها، لكن هيكل «المجلس» ساعد المجتمعين على كسر الجمود والتحدث من القلب، وإجراء حوارات صريحة وعملية بعيداً عن النصوص مسبقة التحضير، مما أسهم في التوصل إلى «اتفاق الإمارات التاريخي»، الذي وضع مساراً جديداً للعمل المناخي العالمي يتماشى مع الحقائق العلمية، ويحافظ على إمكانية تفادي تجاوز الارتفاع في حرارة كوكب الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية.
وساهمت روح التعاون التي سادت «مجلس صناع التغيير»، واجتماع الأطراف على قدم المساواة، في تهيئة الأجواء للحوار العملي حول متطلبات مواجهة تداعيات تغير المناخ، لذا، سعت رئاسة COP28 إلى تطبيق الهيكل ذاته خارج دولة الإمارات، واستلهام روح التعاون لإجراء محادثات صريحة وشفافة وعملية بهدف تحويل التعهدات إلى إجراءات فعالة وملموسة لتصبح من الإرث المبتكَر للمؤتمر.
وخلال فعاليات «حوار بيترسبرغ للمناخ» المقام في العاصمة الألمانية «برلين»؛ بادرت دولة الإمارات بتصدير تجربتها الناجحة في المفاوضات المناخية للعالم من خلال «ترويكا رئاسات مؤتمر الأطراف» وهي تعاون ثلاثي بموجب «اتفاق الإمارات» بين رئاسات مؤتمرات الأطراف COP28 الذي أقيم في دولة الإمارات، وCOP29 الذي سيقام في أذربيجان، وCOP30 الذي سيقام في البرازيل، حيث استضافت الترويكا مجلساً على الطريقة الإماراتية لمناقشة سُبل تحقيق انتقال مُنظَّم ومسؤول وعادل ومنطقي في قطاع الطاقة، ما يؤكد نجاح دولة الإمارات في تصدير مفهوم «المجلس»، لاعتماد نهج الحوار البنّاء في مواجهة أبرز التحديات العالمية.
وتستهدف رئاسة COP28 من ترسيخ مفهوم «المجلس» في المفاوضات المناخية، تعزيز التواصلِ الدوليّ في مواجهةِ التحدياتِ العالميةِ من خلال تيسير الحوار والنقاش بين ممثلي كافة الدول حول مختلف القضايا، للوصول إلى حلول مشتركة وقابلة للتطبيق، وبإمكان ذلك تحفيز الدول على تبنّي تطبيق الفكرة في مجتمعاتها، لتعزيز التعاون من أجل مستقبل أفضل للجميع.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات الإمارات دولة الإمارات رئاسة COP28
إقرأ أيضاً:
قيادة أمريكا للعالم لم تعد مقبولة
لن يكون عالم ما بعد الاعتداء الأمريكي الصهيوني على إيران هو نفسه عالم ما قبل هذا العدوان، ليس فقط على مستوى منطقة الشرق الأوسط التي ابتلاها الله بهذا العدو الغادر، ولكن أيضا على مستوى العالم كله.
لن يصدق أحد بعد الآن القوى العظمى الخمسة أو السبعة أو حتى العشرة التي تتحكم في مصير الدول والشعوب، بعد كل هذه الأكاذيب التي روجتها لسنوات طويلة عن وهم تحقيق السلام العالمي والعدالة الدولية. لن يثق أحد بعد الآن في الأمم المتحدة ومنظماتها المختلفة التي عجزت عن مواجهة الغرور الصهيوني الأمريكي رغم مخالفته لكل المواثيق والأعراف الدولية.
عالم ما بعد ضرب إيران سيكون مختلفا أيضا على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والإعلامية بعد أن عصفت الولايات المتحدة بآخر منجزاتها الحضارية، إن كان لها بالفعل منجزات حضارية، وهي حرية الإعلام والرأي والتعبير وحرية تدفق المعلومات، وتحولها إلى دولة سلطوية ديكتاتورية يستطيع فيها الرئيس منفردا ودون العودة إلى المؤسسات المنتخبة اتخاذ القرارات المصيرية كمهاجمة دولة لم تهاجمه ودخول أراضيها بطائراته وقصف منشآتها، وفي الوقت نفسه إجبار وسائل الإعلام الأمريكية على التزام الصمت وممارسة الرقابة الذاتية على نفسها، والمشاركة في تضليل الرأي العام الأمريكي والعالمي، ونشر الأخبار الزائفة، لتحقيق مصالح ذاتية سواء له أو للمقربين منه داخليا وخارجيا. وعلى رأسهم رئيس الوزراء الإسرائيلي الإرهابي الهارب حتى الآن من العدالة الدولية.
كفرت أمريكا بالحرية التي قاتل من أجلها الآباء المؤسسون وحرصوا على وضعها في التعديل الأول في الدستور الأمريكي، وظل حلفاؤهم من الرؤساء مخلصين لها حتى انتهاء الحرب العالمية الثانية وبداية الخروج إلى الساحة العالمية كقوة عظمى، وتخلت عنها وجعلتها حكرا عليها وتلاعبت بها وهي تغزو دولا وتقتل ملايين البشر الأبرياء في العديد من الأقاليم البعيدة عنها وفي قارات العالم المختلفة.
فعلت الولايات المتحدة ما كانت تنتقد الدول الأخرى بسببه، لم يعد يهمها أن تتهم بانتهاك حقوق الإنسان مثلها مثل أي دولة صغيرة يحكمها ديكتاتور بلباس عسكري في إفريقيا أو أمريكا اللاتينية. تآمرت على الأنظمة التي تمردت عليها وشغلتها بالانقلابات العسكرية والحروب الأهلية ومنحت السلاح والدعم لكل المتصارعين تقريبا لاستمرار استنزاف الدول.
مارست سياسة الاغتيالات والاعتداء الفاجر والغزو العسكري في العديد من دول العالم دون وجه حق، من أجل إرضاء غرورها وإرضاء اللوبي الصهيوني الذي يتحكم في القرار السياسي الأمريكي ويوجهه كيف يشاء، ويرجع الفضل له دوما في وصول الرؤساء إلى البيت الأبيض وآخرهم الرئيس الحالي الذي أعادوه إلى منصبه رغم كل ما أحاط به خلال فترة رئاسته الأولى من اتهامات وفضائح ومحاكمات.
لا غرابة في أن تمارس القوة الأكبر في العالم كل أشكال النفاق والكذب السياسي لتحقيق انتصارات زائفة ترضي غرور المرضى النفسيين من قادتها وقادة الكيان الصهيوني.
ما الذي تبقى من أمريكا التي كانت، سوى مجموعة من السياسيين الانتهازيين المتحللين من كل مسؤولية أخلاقية يرددون ادعاءات كاذبة ويتاجرون بها لتبرير اعتداءاتهم الهمجية على دول وشعوب تحاول الحفاظ على سيادتها وأمنها وتشكيل قوى ردع لمواجهة الكيان اللقيط المتعطش دوما للدماء في المنطقة؟ لم يتبق شيء من الولايات المتحدة التي كانت بعد أن رهنت قرارها لدولة إرهابية قتلت وما زالت تقتل عشرات الآلاف من البشر في غزة والضفة الغربية ولبنان واليمن وسوريا وامتدت يدها الطويلة إلى دولة بعيدة عنها مثل إيران ومن قبلها السودان والعراق، ومن قبلهما مصر والأردن. لم تعد هناك دولة في المنطقة لم تكتو بنار الإرهاب الصهيوني!!
من حق أمريكا أن تفعل ما تشاء وقتما تشاء دون حساب أو حتى مراجعة؟ تضرب اليابان بالقنابل النووية في الحرب العالمية الثانية لتصبح الدولة الوحيدة التي استخدمت هذا السلاح الفتاك، ثم يكافئها العالم على ذلك بجعلها القوة الأعظم وحاضنة الأمم المتحدة ومنظماتها، ثم تنصب نفسها وصية على الدول التي تريد امتلاك التكنولوجيا النووية لاستخدامها في الأغراض السلمية، وتغض الطرف عن امتلاك ربيبتها إسرائيل للقنابل النووية من سنوات طويلة، تغزو دولا وتسقط حكومات وأنظمة ثم يكافئها العالم بمنحها قواعد عسكرية على امتداد الكرة الأرضية، واستثمارات بتريليونات الدولارات كان يمكن أن تحول دول عديدة إلى قوى عظمى.
تغزو بنما وكوبا وفيتنام وتنشر الخراب في الصومال وأفغانستان وليبيا والعراق فيصفق لها العالم، وعملائها في كل منطقة.
الصدام الأمر- صهيوني مع إيران لن يكون الأخير طالما ظل العالم ينافق هذه الدولة ويشتري رضاها بالصمت على جرائمها في حق الإنسانية. الأيام القادمة، كما تقول التوقعات، حبلى بصدامات جديدة للولايات المتحدة مع قوى إسلامية صاعدة عسكريا مثل تركيا وباكستان، ليس فقط لتوفير أقصى حماية ممكنة للكيان الصهيوني، ولكن أيضا للحفاظ على تفوقه على جميع دول الإقليم مجتمعة. وربما يحين الدور بعدها على الصين وروسيا.
على دول العالم أن تتوحد الآن لإظهار أن قيادة الولايات المتحدة للعالم لم تعد مقبولة، وأن إدارة العالم بالحروب والأزمات لم تعد مجدية، ولا تحقق السلام العالمي، بل أنها تزيد من أخطار هذه الحروب وتلك الأزمات. على جميع دول العالم أن تنتهز هذه الفرصة السانحة وحالة الغضب التي تعم العالم حاليا من الضربة الأمريكية غير الشرعية لإيران والاعتداء الإسرائيلي السافر على دولة ذات سيادة وجرائمها المستمرة في غزة والأراضي المحتلة، حتى في الداخل الأمريكي، للمطالبة بوقف هذا التجبر الأمريكي. إن الخطوة الأولى في تقديري تتمثل في إسقاط النظام العالمي القائم والعاجز حتى عن قول لا لأمريكا. يحتاج العالم الآن وليس غدا إلى نظام عالمي جديد تتوزع فيه الأدوار والمسؤوليات ولا تبقى فيه سيطرة مطلقة لتجار الحروب والأزمات.