وجاءت زيارة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن إلى السعودية الاثنين لتكشف عن مسار جديد للأمريكيين والسعودية والمرتزقة عنوانه العريض "التصعيد من جديد ضد اليمن"، حيث جاء هذا التحرك مع انسحاب لحاملة الطائرات الأمريكية "أيزنهاور" والمدمرة الأمريكية "غريفلي" من البحر الأحمر، في خطوة أثارت الكثير من التساؤلات حول دوافع هذا الانسحاب، ومآلاته.

 في تفاصيل المشهد، تتضح نوايا الأعداء تجاه اليمن، فالخطة المرسومة تتجه نحو إشعال الجبهات من جديد، وتحريك المرتزقة بشكل واضح وعلني، وهو ما برز من خلال زيارة المرتزق الأكبر رشاد العليمي ومجلسه إلى مأرب بالتزامن مع وجود بلينكن في الرياض، حيث جاءت تصريحات المرتزق العليمي وزياراته لتؤكد نوايا هؤلاء جميعاً، فالعليمي تعمد زيارة كلية الطيران في مأرب، وتفقد المليشيا المسلحة، ليدل على أن الرسالة "عسكرية" وليست تنموية.

 

زيارة المرتزق العليمي لأول مرة إلى محافظة مأرب الواقعة تحت سيطرة الاحتلال ومليشيا حزب الإصلاح لها أكثر من رسالة ودلالة، فهي تريد إيصال رسالة إلى صنعاء بأن المرتزقة على قلب رجل واحد، وأن إعادة إشعال الجبهات، سيكون منها، باتجاه صنعاء، ولهذا يقول المرتزق العليمي: "إن محافظة مأرب هي بوابة النصر الرئيسة فيما سماها المعركة المقدسة نحو إعادة السيطرة على صنعاء"، وهو تصريح يشير إلى أن خيارات المرتزقة تتجه نحو الحرب، وإشعال فتيل المواجهة من جديد، وعدم الالتزام "بخفض التصعيد" القائم، ويؤكد أيضاً أن الأعداء يتجهون تحت الراية الأمريكية لإشغال صنعاء عن مساندة غزة في جبهة البحار التي شكلت صداعاً قوياً لأمريكا والأوروبيين، وأقروا بفشلهم في المواجهة.

 

  ورقة غير رابحة

 

   وما بين زيارة المرتزق العليمي إلى مأرب، وزيارة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن إلى "الرياض" يقف اليمن بقيادته الثورية والعسكرية والسياسية على أهبة الاستعداد لمواجهة أي تطورات أو تصعيد، مقدماً النصح للأعداء بعدم المغامرة، وتكرار تجارب الفشل السابقة، لأنها ستكون وخيمة عليهم.

 

وفي هذا السياق أرسل المجلس السياسي الأعلى في اجتماعه الثلاثاء عدة رسائل للداخل والخارج، محذراً من مغبة أي تصعيد قادم على اليمن، ومؤكداً في الوقت ذاته على موقف اليمن الثابت الذي لن يتغير في مساندة الشعب الفلسطيني وقضيته المحقة العادلة، ومناصرة المظلومين في قطاع غزة.

 

من أبرز رسائل المجلس السياسي ما يلي:

 

الجهات الرسمية اتخذت كافة الإجراءات تجاه كل من يتورط في زعزعة الجبهة الداخلية.

المجلس السياسي حذر من أي تصعيد أمريكي عدائي ضد أمن واستقرار اليمن.

تداعيات أي تصعيد لن تقف عند حدود اليمن.

على السعودية تقديم مصلحتها الوطنية على المصلحة الأمريكية والانتقال من خفض التصعيد إلى استحقاقات السلام

وتأتي هذه الرسائل من قبل المجلس السياسي الأعلى بصنعاء، لتؤكد أنه على اطلاع بما يتم التحضير له من قبل ثلاثي الشر (أمريكا والسعودية والمرتزقة)، وأنه لن يتهاون على الإطلاق مع كل من يمس أمن واستقرار اليمن، لا سيما بعد حصول صنعاء على معلومات بما دار من نقاش بين وزير الخارجية الأمريكي بلينكن وأمراء السعودية، والتي تضمنت إعاقة صرف رواتب الموظفين، وقيام بلينكن بوضع خطة للمرتزقة لإثارة الوضع على مستوى الجبهات في اليمن وعلى مستوى الوضع الداخلي مستقبلاً.

 

وبناء على ما ورد في مضمون البيان، فإن صنعاء تراقب كل الخطوات بدقة متناهية، فالعين على كل الجبهات الداخلية والخارجية، وإذا ما غامر المرتزقة بإشعال الجبهات فإنهم سيتلقون الصفعات المدوية، التي تجعل صراخهم لا يصل إلى فنادقهم بالرياض فحسب، وإنما إلى البيت الأبيض، كما أن مدلول "تداعيات أي تصعيد لن تقف عند حدود اليمن"، هي رسالة للسعودي والإماراتي، بأن صنعاء لن تتفرج على "الرياض" و "أبو ظبي" وهم يحركون أدواتهم لإشغال اليمن عن معركته المقدسة، ولذا لا نستبعد أن نشهد موجة قصف غير مسبوقة ضد المنشآت النفطية والمصالح الاقتصادية للسعودية والإمارات، إذا ما اتجهت الأمور نحو التصعيد، وعودة الحرب.

 

ويفهم من خلال البيان أن المجلس السياسي لا يزال حريصاً على السلام مع السعودية، ولذا يتم توجيه دعوة للنظام السعودي بالانتقال من مرحلة "خفض التصعيد" إلى "استحقاقات السلام"، وهي دعوة سبق للسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- أن أطلقها في خطابه بمناسبة اليوم الوطني للصمود، ومرور 9 سنوات من العدوان الأمريكي السعودي على اليمن، غير أن النظام السعودي وحتى هذه اللحظة لا يزال يفضل المراوغة، وعدم الاندفاع بجدية نحو السلام، والدخول في مفاوضات جادة، لإيقاف الحرب، ولهذا فإن صنعاء تكون قد أقامت الحجة بشكل وافي أمام النظام السعودي المجرم، وأن عودة التصعيد مرة أخرى سيكلفها الكثير من المتاعب على كافة المستويات.

المسيرة

 

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

كلمات دلالية: المرتزق العلیمی المجلس السیاسی أی تصعید

إقرأ أيضاً:

اليمن يرسم معادلة البحر الأحمر.. كابوس الردع البحري يدفع العدو للتوسل بوقف العدوان على غزة

يمانيون | تقرير
من جديد، يجد كيان الاحتلال الصهيوني نفسه أمام متغير استراتيجي خطير قلب المعادلات التي كانت تمنحه هامش المناورة والهيمنة، فاليمن، ذلك البلد الصامد تحت الحصار منذ عقد، استطاع أن ينقل المعركة إلى قلب المصالح الحيوية للعدو في البحر الأحمر والمحيط الهندي، وأن يفرض معادلة ردع شاملة جعلت كل سفينة تفكر مرتين قبل أن تقترب من البحر الأحمر، أو تتعامل مع الكيان الصهيوني.

في الأيام الأخيرة، نفذت القوات المسلحة اليمنية عمليات بحرية نوعية استهدفت سفنًا شاركت بشكل مباشر في نقل البضائع إلى موانئ العدو، وذلك في سياق مستمر لم يتوقف منذ بدء عمليات “نصرة غزة”.

الإعلام الغربي، ومن خلفه الآلة الدعائية للعدو، حاول الترويج لفكرة أن ما يجري تصعيد استراتيجي جديد، لكن صنعاء كانت واضحة: “العمليات مرتبطة بحظر قائم لم يُرفع أصلًا”.

المعركة البحرية.. من التكتيك إلى الاستراتيجية
منذ انطلاق “طوفان الأقصى”، تبنت صنعاء موقفًا مبدئيًا عبّرت عنه القيادة مرارًا بأن معركة غزة ليست شأنًا فلسطينيًا فقط، بل هي معركة أمة، واليمن جزء أساسي فيها.

ومن هذا المنطلق، انطلقت عمليات البحرية اليمنية كذراع من أذرع محور المقاومة، ليس لإرباك العدو فقط، بل لقطع شرايين اقتصاده ومنعه من الاستفادة من موقعه الجغرافي في ممرات الملاحة.

العمليات البحرية اليمنية تطورت تدريجيًا، من استهداف سفن محددة بأسلحة صاروخية أو طائرات مسيرة، إلى فرض معادلة الحظر الكامل على السفن المرتبطة بالعدو، أو تلك التي ترفض الخضوع للتفتيش اليمني أو تعبر موانئ محتلة.

هذه المعادلة أجبرت كثيرًا من شركات الشحن العالمية على إعادة حساباتها، بل ودفعت بعضها إلى وقف التعامل مع الكيان الصهيوني كليًا.

فاينانشيال تايمز: التأمين يقفز من 300 ألف إلى مليون دولار
بحسب ما كشفته صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، فإن أقساط التأمين على السفن التي تمر عبر البحر الأحمر ارتفعت بشكل غير مسبوق لتصل إلى 1% من قيمة السفينة، وهو رقم مرعب في عالم الملاحة.

على سبيل المثال، سفينة تبلغ قيمتها 100 مليون دولار، ارتفعت تكاليف تأمينها لرحلة واحدة فقط من 300 ألف دولار إلى مليون دولار.

هذه الأرقام ليست مجرد معطيات اقتصادية، بل هي مؤشر على مدى جدية التهديد اليمني، وعلى فقدان الكيان الصهيوني وحلفائه القدرة على السيطرة على الممرات البحرية كما كانوا يفعلون سابقًا.

الشركات الكبرى بدأت بالفعل في تغيير مساراتها، مفضّلة رأس الرجاء الصالح رغم طول المسافة وارتفاع التكاليف، وهو ما يشير إلى أن قرار صنعاء قد أصبح مؤثرًا في الاقتصاد العالمي.

السفن المستهدفة.. ليست عشوائية
المواقع العالمية المتخصصة في الملاحة البحرية، إضافة إلى وكالات مثل رويترز، أكدت أن السفينتين اللتين تم استهدافهما مؤخرًا كانتا قد زارتا موانئ الكيان الصهيوني في السابق، ما يضعهما ضمن قائمة الأهداف المحددة للقوات المسلحة اليمنية.

وهذه النقطة تؤكد مجددًا أن العمليات اليمنية ليست عمليات تخريبية أو عشوائية، بل مبنية على معلومات استخباراتية دقيقة، وتحترم قواعد الاشتباك التي حددتها صنعاء منذ البداية: لا استهداف للسفن المحايدة أو غير المرتبطة بالعدو.

هذا المستوى العالي من الانضباط والدقة، سواء في اختيار الأهداف أو في استخدام الوسائل القتالية (صواريخ موجهة، طائرات مسيرة بعيدة المدى، أسلحة بحرية تكتيكية)، جعل من اليمن قوة بحرية يحسب لها حساب حتى من قبل الدول الكبرى، وخصوصًا في ظل فشل الأساطيل الأمريكية والبريطانية في تأمين الحماية للسفن.

صحف صهيونية: وقف العدوان على غزة قد يوقف الصواريخ اليمنية
في سياق متصل، نقلت صحيفة إسرائيل هايوم العبرية عن مسؤولين صهاينة كبار أن الكيان يدرس بجدية سيناريوهات متعددة لوقف العمليات اليمنية، أبرزها وقف الحرب على غزة.

وأوضح المسؤولون أن استمرار الضربات اليمنية، سواء عبر البحر أو الصواريخ التي تستهدف الأراضي المحتلة، بات يشكل خطرًا على الأمن القومي للكيان، وأن “كل الجهود لإيقافها عبر الحرب أو التخريب أو الوساطات باءت بالفشل”.

بل إن البعض داخل دوائر القرار الصهيونية، بحسب ما تنقله الصحيفة، يعتقد أن اليمن اليوم يمثل تهديدًا وجوديًا متزايدًا، خصوصًا في ظل امتلاكه صواريخ بعيدة المدى ودقيقة، إضافة إلى قدرات متطورة على توجيه الطائرات المسيرة، مع تزايد التقارير الاستخباراتية التي تشير إلى وجود طواقم فنية ترافق عمليات الإطلاق لضمان دقة الإصابة.

صحيفة تليغراف: براعة يمنية في تطوير المسيرات والصواريخ
صحيفة تليغراف البريطانية بدورها أشارت إلى تقييم استخباراتي يؤكد أن اليمنيين أصبحوا يمتلكون قدرات تصنيع محلية للطائرات المسيرة والصواريخ بعيدة المدى، وأنهم لم يعودوا يعتمدون على تهريب السلاح أو الدعم الخارجي.

وهذا التطور، بحسب الصحيفة، يجعل من صنعاء لاعبًا استراتيجيًا صاعدًا في معادلات الردع الإقليمي.

ما يعنيه هذا التقييم هو أن العقوبات، والحصار، والهجمات الجوية، وحتى الحرب الاستخباراتية، لم تفلح في إضعاف القدرات اليمنية، بل ساهمت في تسريع بناء منظومة ردع ذات طابع وطني مستقل، قائمة على التجريب، والتطوير، والانضباط الاستراتيجي.

محللون: الضغط اليمني كشف هشاشة كيان العدو
يرى مراقبون أن بحث العدو عن مخرج تفاوضي أو سياسي مع اليمن، ولو على شكل وساطات غير مباشرة، يعكس التحول في موازين القوة.. فالمعادلة التي كانت قائمة على الردع الصهيوني الكامل، وحصر قدرات محور المقاومة في الرد المحدود، باتت اليوم مقلوبة.

اليمن اليوم يضرب حيث يشاء، في توقيت يحدده هو، ووفق استراتيجية تخدم معركة غزة بشكل مباشر.. هذا ما عبر عنه أحد المحللين العسكريين في كيان الاحتلال لقناة كان 11، عندما قال: “الضغط من اليمن يجعلنا نعيد النظر في جدوى استمرار الحرب على غزة… نحن نخسر على الجبهتين”.

البحر الأحمر.. اليمن يتحول إلى عقدة استراتيجية
من الناحية الجغرافية، يشكل اليمن بوابة جنوب البحر الأحمر، وسيطرته على مضيق باب المندب تعني قدرته على التحكم في أحد أهم الممرات البحرية في العالم، والذي يربط آسيا بأوروبا عبر قناة السويس.

وما يجري اليوم، ليس مجرد تهديد صاروخي، بل هو تأسيس لواقع استراتيجي جديد يربك التحالفات الدولية، ويعيد رسم خريطة النفوذ البحري.

الولايات المتحدة، رغم إعلانها تشكيل تحالف بحري، لم تنجح في حماية السفن، واضطرت إلى سحب العديد منها من المنطقة.. أما الكيان الصهيوني، فبات أقرب إلى العزلة البحرية الكاملة، مع انعدام القدرة على تأمين خطوط الإمداد.

اليمن يرسم معادلة ردع جديدة بأيدٍ وطنية
ما يجري في البحر الأحمر، وما يرافقه من عمليات صاروخية دقيقة في العمق الصهيوني، هو إعلان صريح بأن اليمن اليوم حاضر في معادلة الردع الكبرى لمحور المقاومة.

فمن بحر الحديدة إلى سواحل عسقلان، باتت الضربات اليمنية تفرض توقيت المعركة واتجاهاتها، وتُجبر العدو على إعادة حساباته أمام قوة لا تخضع للابتزاز ولا تتأثر بالضغوط.

ولأول مرة منذ عقود، يتحرك القرار الصهيوني متأثرًا بضغط قادم من صنعاء، حيث ترتفع كلفة العدوان يومًا بعد آخر، ويغدو وقف الحرب على غزة خيارًا اضطراريًا أمام كيان فقد هيبته أمام اليمنيين.

لقد أثبتت صنعاء أن السيادة لا تقاس بحجم الجغرافيا، بل بإرادة المواجهة، وأن اليمن، رغم الحصار والعدوان، قادر على صناعة معادلات الردع، وفرض إرادته في البر والبحر والجو، حتى تُكسر قيود غزة وتنتصر فلسطين.

مقالات مشابهة

  • اليمن.. إحباط هجوم «حوثي» شمالي الضالع
  • منظمة دولية تحذر من ارتفاع مستويات سوء التغذية الحاد في غزة
  • وزير النقل يزف بشرى بشأن طريق هام يربط مأرب
  • موقع بحري يقرّ بفرض اليمن معادلة ردع جديدة
  • مساعد المشرف العام على البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن يلتقي رئيسة مؤسسة فتيات مأرب
  • الأمم المتحدة تحذر من تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن بصورة غير مسبوقة
  • “مساعد مشرف البرنامج السعودي لإعمار اليمن”: مشاريع ومبادرات البرنامج أسهمت في التمكين الاقتصادي للسيدات
  • فرنسا تدين هجمات الحوثيين وتدعو إلى دعم الحل السياسي في اليمن
  • اليمن يرسم معادلة البحر الأحمر.. كابوس الردع البحري يدفع العدو للتوسل بوقف العدوان على غزة
  • الأمم المتحدة تؤكد أهمية خفض التصعيد في اليمن