اللاجئون في الوطن يستحضرون مشاهد النكبة بالحرب على غزة
تاريخ النشر: 14th, May 2024 GMT
القدس المحتلة- في الذكرى 76 للنكبة، يتجوّل المهندس سليمان فحماوي في أراضي قريته "أم الزينات" الواقعة على سفوج جبال الكرمل في قضاء حيفا، التي هجّرتها العصابات الصهيونية، ويتنقل بين ذكريات عائلته وما تبقى من معالم قاومت الاندثار رغم تطاول الزمن وتقادم الاحتلال.
عاش فحماوي، وهو عضو "لجنة الدفاع عن حقوق المهجّرين بالداخل الفلسطيني" والمتحدث باسمها، أسوة بمئات آلاف الفلسطينيين المهجرين فصول النكبة لاجئا داخل وطنه، في بلدات الكرمل والساحل، إلى أن استقر به مسلسل اللجوء في بلدة أم الفحم المتاخمة لحدود الرابع من يونيو/حزيران 1967، حيث يواجه كغيره الكثير من فلسطينيي 48 إخطارات هدم لمنازلهم بذريعة البناء من دون ترخيص.
واصطلح على تسمية الفلسطينيين اللاجئين على مقربة من قراهم المدمرة بـ"اللاجئين في أرضهم"، وهم نحو 350 ألفا من بين مليوني فلسطيني تمكنوا من البقاء في المناطق الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل عام 1948.
ولأجل قضيتهم، يعارك فحماوي صراع البقاء والوجود من خلال خوض معركة الأرض والمسكن التي تعتبر وجها آخر للتهجير والتشريد، حيث يمنع كما باقي المهجّرين داخل الوطن من العودة إلى قراهم وبلداتهم المدمرة التي تبعد عنهم مرمى حجر.
وتعود الجزيرة نت في هذا الحوار مع فحماوي، الذي يعتبر أحد المبادرين لتأسيس "جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين"، إلى محطات النكبة، ويستحضر من خلال التنقل في بلدته أم الزينات مشاهد الحرب الإسرائيلية على غزة، وما تحمله في طياتها من تشابه كبير في التهجير والتشريد والمجازر والتدمير والنزوح لما عاشه الأجداد في نكبة فلسطين الكبرى.
مشاهد النكبة قبل 76 عاما نفسها تجسدها الحرب على غزة الآن، فأنا أنحدر من قرية أم الزينات في سفوح جبال الكرمل التي بلغ تعداد سكانها عشية النكبة ألفي نسمة. وكانت قريتنا من أوائل البلدات التي دُمرت وهُجر سكانها.
مع مشاهد الحرب على غزة وبداية التوغل البري في شمالي القطاع في أكتوبر/تشرين الأول 2023، كوني لاجئا داخل الوطن، أستحضر محطات وفصول مسيرة التهجير والتشريد والتنقل التي عشناها في تخوم قرانا وبلداتنا المهجرة.
عدد كبير من سكان 50 قرية فلسطينية في منطقة الكرمل والرّوحة هُجّروا إلى الضفة الغربية والأردن ولبنان، وبعضهم وصل بمحطات اللجوء إلى العراق، لكن العديد من العائلات تمكنت من البقاء هنا وأصبحت لاجئة داخل الوطن في منطقة حيفا والساحل والمثلث، وتعيش على مرمى حجر من قراها وبلداتها المدمرة.
ما زلنا نحو 350 ألف لاجئ داخل الوطن، وبمرور 76 عاما على التهجير، نعيش على حلم العودة، فصمود أهالي غزة الذين يعيشون فصول نكبة جديدة أعطى زخما للقضية الفلسطينية وأعادها إلى الحياة وإلى مربع الصراع الأول عام 1948، وحفّز مشاعر اللاجئين في الشتات بالعودة إلى فلسطين.
ماذا تحدثنا عن نكبة وتهجير "أم الزينات" عام 1948؟عاشت القرية -كسائر القرى الفلسطينية في المنطقة الساحلية- مسلسل اعتداءات المستوطنين في مستوطنتي "مشمار هعيمق" و"إلياكيم"، حيث تمادت العصابات الصهيونية المسلحة في شن الهجمات على القرى وارتكاب المجازر وترويع السكان لدفعهم إلى الهجرة القسرية، وسط تشكل فرق الثوار والمقاومة للدفاع عن السكان والتصدي لاعتداءات المستوطنين.
أستحضر هذه المشاهد لما حدث في بلدتي أم الزينات من روايات والدي ووالدتي، حيث كانت البداية الحقيقة للتشريد حين زار القائد العسكري للعصابات الصهيونية المدعومة من الانتداب البريطاني، الذي كان يدعى كرميلي، القرية ودخل بيت المختار أسعد المصطفى، وطلب منه أن يقنع سكانها بالرحيل لتجنب أي هجمات مسلحة، وعندما رفض المختار طلبه، أشهر كرميلي مسدسه وقتل المختار في بيته.
بقيت عائلتي على غرار كثير من العائلات نازحة في الجبال قبالة قراها وبلداتها، وتترقب الثوار والمعارك، ومن ثم نزحنا إلى خربة "قمبازة" قرب بلدة إجزم الساحلية، حيث مكثت عائلتي هناك 6 أشهر، ومن ثم انتقلت إلى بلدة دالية الكرمل المتاخمة لأراضي "أم الزينات"، وهناك ولدتُ بالعام 1952، ومن ثم انتقلنا للسكن إلى بلدة الفريديس، وعشنا في كوخ من الصفيح، علما أن عائلتي كانت تتملك منازل و3500 دونم من الأراضي في أم الزينات.
بقيت العائلة في الفريديس حتى عام 1973، نسكن على قطعة أرض لا تتعدى مساحتها 300 متر، واستلهمنا من والدي معركة البقاء والصمود ومواصلة الحياة، حيث عمل بكد وجهد لنواصل تعليمنا الجامعي، وكنا نرى توسع المستعمرات والبلدات اليهودية على أراضي القرى المهجرة، ومنها بلدة "إلياكيم" التي أقيمت عام 1949 على أراضي أم الزينات، التي تحول ما تبقى من مسطحاتها إلى محمية طبيعية من أجل تخصيصها للمشاريع الحكومية الإسرائيلية.
لم تتوقف محطات اللجوء داخل الوطن، وانتقلنا عام 1973 للسكن في مدينة أم الفحم في المثلث الشمالي، حيث تواجه عائلتي أسوة بعشرات الآلاف من العائلات الفلسطينية الملاحقة والمخالفات والغرامات المالية وإخطارات الهدم بذريعة البناء من دون ترخيص، وذلك بعد مصادرة الغالبية العظمى من أراضيها بموجب قانون "أملاك الغائبين" الإسرائيلي، ليواصلوا معركة الأرض والمسكن بعد تهجيرهم وتشريدهم وسلبهم أدنى مقومات الحياة.
كان قتل مختار أم الزينات وسط بيته بمثابة الطلقة الأولى لبداية تهجير وتشريد السكان وترويعهم، وهي فصول ومشاهد النكبة التي عرفت بـ"الخطة 4″ التي هدفت لتهجير الفلسطينيين للدول المجاورة، حيث قسمت البلاد إلى 4 مناطق، وكان يتم حصار القرى والبلدات في كل منطقة بالدبابات والفرق المسلحة من 3 جهات مع إبقاء ممر واحد لدفع السكان إلى الهروب والنزوح تحت طائلة النار والمجازر، وهي الخطة التي نفذت في 531 قرية وبلدة تم تدميرها بعد تهجير سكانها.
وكان ممر النزوح القسري -حسب المناطق التي حددتها الخطة- يؤدي إلى لبنان والأردن والضفة الغربية وقطاع غزة، وعلى هذا الأساس تطورت مخيمات اللاجئين في الضفة والقطاع، بينما لجأت كثير من العائلات إلى الجبال حيث عاشت لمدة أشهر بتخوم قراها ترقب وتنتظر الفرصة للعودة إلى مسقط رأسها، لكن العصابات الصهيونية عمدت إلى تدمير القرى ونسفها بعد نهب المنازل لتحول دون عودة من تبقى من العائلات، وهو الأسلوب ذاته الذي ينفذه الجيش الإسرائيلي بالحرب على غزة الآن.
لقد أقيمت المستعمرات اليهودية على أنقاض البلدات الفلسطينية المدمرة وتوسعت على أراضيها، وعليها تأسست إسرائيل، وما يجري في غزة الآن يعيد الصراع إلى البداية، فصمود أهل غزة وتجذّرهم فوق أنقاض منازلهم المدمرة، ورفضهم الهروب من الموت والمجازر والإبادة أفشل المخطط الإسرائيلي لتهجير من تبقى من عرب في كل فلسطين التاريخية.
إذن، هي أساليب التهجير والتشريد ذاتها التي ما زالت تعتمدها إسرائيل رغم مرور 76 عاما على النكبة!صحيح، الأساليب ذاتها؛ أشهر قبل النكبة، بنَت العصابات الصهيونية المسلحة مستعمرة تحاكي البلدة الفلسطينية، للتعرف على العادات والتقاليد العربية والتدرب على المعارك وحرب العصابات، وهو الأسلوب ذاته الذي اعتمده الجيش الإسرائيلي ببناء معسكر في النقب قبيل التوغل في قطاع غزة، بغية إجراء تدريبات على الحرب البرية وشن المعارك لدفع سكان القطاع إلى الهجرة القسرية.
كانت بلدي أم الزينات أولى البلدات التي نفذت العصابات الصهيونية فيها مخططها، حيث دارات المعارك مع الثوار واستشهد العشرات منهم وارتكبت المجازر بحق المدنيين، وتم إحضار الحافلات التي نقلت من تبقى من السكان للمناطق الحدودية.
في حين بقيت عشرات العائلات نازحة في الجبال قرب البلدة تنتظر العودة، لكن العصابات الصهيونية حالت دون ذلك، لينتقل هؤلاء للعيش بالقرى المجاورة وظلوا فيها كمحطة لجوء داخل الوطن.
بالنسبة إلى اللاجئين داخل الوطن أو في الشتات على حد سواء، غزة أحيت الأمل وبعثت بهم الحلم مجددا بالعودة إلى الأرض. فبلدي أم الزينات التي تأسست عام 1850 كانت عامرة بالحياة والثقافة والتجارة والزراعة، حيث تملك سكانها 16 ألف شجرة زيتون و6 معاصر للزيت ومطاحن للحبوب، وإن بقي من البلدة ركام وأنقاض وحجارة وشواهد، لكن أشجار الزيتون بقيت راسخة ومتجذرة تنتظر عودتنا، وذلك على غرار ما يقوم به سكان غزة.
بالعودة إلى مشاهد النكبة عام 1948، بقي جدي مع مجموعة من الثوار في الجبال حول أم الزينات يقاوم ويقاتل لمدة أشهر العصابات المسلحة، لكنه اضطر كغيره إلى الانسحاب بعد نفاد الذخيرة والسلاح واستشهاد الغالبية من المقاومين وإصابة من تبقى منهم.
بفضلهم، بقينا داخل الوطن، وإن كنا مهجّرين من قرانا، لكننا عشنا على أمل وحلم العودة الذي ورثناه وورّثناه ونقلناه للنشء الجديد، ليحملوا رايته للأجيال الجديدة التي تستلهم مما يحصل من مجازر في غزة فكرة الصمود والإصرار على العودة للقرى المهجرة.
في قطاع غزة، فشل مخطط التطهير العرقي والتشريد، وحتى قتل الآلاف وتدمير المنازل بالطيران الإسرائيلي لم يرهب السكان الذين يعيشون تحت القصف المتواصل ويبنون الخيام على أنقاض منازلهم المدمرة ويصرّون على البقاء والإعمار.
وعليه، نحن نتعلم من صمود أهل غزة، واليوم نحن نرى العودة إلى أم الزينات وكافة القرى المهجرة داخل فلسطين أقرب من أي وقت مضى.
يمكن أن تسلب الأرض، لكن لا يمكن أن تسلب الإنسان. وواقع الحرب على غزة أصعب بكثير لربما من نكبة 1948، فهذه مجزرة ممنهجة وما يحصل في غزة اليوم هوله أعظم من حروب النكبة والنكسة عام 1967، لكن صمودهم أفشل نكبة 2024.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات العصابات الصهیونیة الحرب على غزة من العائلات العودة إلى داخل الوطن من تبقى من عام 1948
إقرأ أيضاً:
مشاهد من احتضان أهالي الشمال السوداني لنازحي الفاشر
الخرطوم- قال الفنان محمد النصري، الذي أطلق مبادرة "البلد بلدكم" لدعم نازحي الفاشر، للجزيرة نت، إن أحد جيرانه، عندما رأى تدافع الناس لإغاثة أهل الفاشر الذين وصلوا إلى منطقة الدبة، أبت نفسه إلا أن يُساهم معهم بما يستطيع، وعندما لم يجد في منزله ما يمكن أن يتبرع به، جاء وهو يحمل "موقد نار" ليصنع عليه الطعام للوافدين.
وتسابق أهل شمال السودان في توفير احتياجات النازحين بمعسكر أزهري المبارك بالعفاض في الدبة، إلى درجة أربكت القائمين على أمر التكايا في المعسكر، حسب إفادات نازحين أكدوا للجزيرة نت أنه لم تكن هناك حاجة لإشعال نيران التكايا لأيام، بسبب توفير المبادرات المجتمعية لما يحتاجون إليه من الطعام.
إغاثة وترحيب
وكشفت متابعات الجزيرة نت عن قصص إنسانية عكست تكافلا وتفاعلا مجتمعيا لافتا، إذ قطع شيخ سبعيني عشرات الكيلومترات رغم إعاقته الحركية، وهو يحمل تمورا للنازحين، في حين تبرّع أحد أصحاب الاحتياجات الخاصة بسريره لنازح من الفاشر، مؤثرا إياه على نفسه.
وقد قاد أطباء من المنطقة مبادرة لتقديم العلاج من داخل معسكر العفاض، ووفّر أصحاب مطاعم وكافتيريات بمدينة الدبة وجبات جاهزة للنازحين.
كما قاد حلاّقون بالمدينة مبادرة لقص شعر الأطفال في المعسكر، الذي تتواصل فيه المبادرات المجتمعية الهادفة إلى توفير احتياجاتهم الأساسية.
وقال موسى عبد العزيز، وهو نازح من الفاشر، للجزيرة نت، إن المبادرات المجتمعية مستمرة بصورة دورية، وأحيانا تُنظَّم 4 مبادرات في اليوم الواحد لتوفير الطعام في المعسكر، الذي يشهد تدفقا مستمرا للنازحين من الفاشر ومناطق أخرى.
وأفاد موسى، أن معسكر العفاض الذي يعمل به مشرفا يضم عددا من التكايا، لكنها لا تعمل أحيانا بسبب الطعام الجاهز القادم من أهل الولاية الشمالية، إذ أصبح الطعام متوفرا.
وأضاف "نحن سعداء وممتنون لتلقينا الدعم الذي وصلنا من كل المبادرين والخيّرين والمنظمات والمواطنين، الذين وقفوا على قلب رجل واحد، ووجدنا منهم كل الترحاب والتقبّل لأهلنا من الفاشر".
إعلانوقالت هويدا رمضان، وهي من المشرفات على التكايا في المعسكر، للجزيرة نت، إن المبادرات المجتمعية شكّلت إسنادا كبيرا للنازحين الذين تتزايد أعدادهم يوميا، وذلك عبر توفير الوجبات من فطور وغداء، بالتنسيق مع القائمين على التكايا، حيث يحصل كل النازحين المستهدفين على وجباتهم بانتظام.
وما حدث لأهل الفاشر وكل دارفور من مجازر وانتهاكات ومصائب، حرّك -وفق الفنان النصري- الجميع في كل أنحاء العالم، وكان لزاما علينا كإخوة وأبناء وطن واحد أن نبادر ونتحرّك بمسؤولية لتقديم ما يلزم وتوفير احتياجاتهم، حسب تعبيره.
وأفاد بأن دعم أهل الشمال لمبادرات مساندة أهالي الفاشر، أقنعهم أكثر أن هناك قيما وأشياء أساسية لم تندثر بعد، كوقوف الناس بعضهم مع بعض، مبينا أن من رسائل مبادرته أنها أثبتت لسكان الغرب عموما أن أبناء الشمال يعتبرونهم إخوتهم، وليسوا نازحين.
وعزا النصري، الذي توقّف عن الغناء منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل/نيسان 2023، التفاعل الأخير، الذي وصفه بالمشرّف، مع أهل الفاشر من جميع القبائل والمبادرات، إلى التأثّر الشديد بما حدث لهم.
وأضاف أنه أعلن في وقت سابق عزمه العودة إلى الغناء بإقامة أول حفل في الفاشر بعد انتهاء الحرب، لتعزيز الروابط بين شمال السودان وغربه وأجزاء البلاد المختلفة، لكن تطورات الأحداث جعلت أهل الفاشر يأتون إليهم في الولاية الشمالية، فهبّوا لمساعدتهم وسط ترحيب كبير.
مع تزايد احتياجات النازحين بسبب ارتفاع أعدادهم.. مراسلة الجزيرة أسماء محمد ترصد إعداد الوجبات الغذائية لآلاف الأسر من أمام إحدى التكيات بمخيم العفاض في مدينة الدبة بالولاية الشمالية#الأخبار pic.twitter.com/wd1bJRtN1j
— قناة الجزيرة (@AJArabic) November 29, 2025
هبّة الكلورصدت الجزيرة نت سلسلة من المبادرات المجتمعية عقب الاستجابة الإنسانية العاجلة التي بادرت بها "قطر الخيرية" بتوفير الإيواء والغذاء لنازحي الفاشر بمنطقة الدبة، حيث أنشأت مخيم "قطر الخير" لإيوائهم، وتعتزم تنفيذ حزمة من التدخلات النوعية لتوفير حياة كريمة للنازحين.
وكشف الإعلامي الواثق عثمان، وهو أحد أبناء محلية الدبة المتابعين لأوضاع النازحين عن كثب، للجزيرة نت، أن أكثر من 70 قرية جاءت تحمل الطعام والملابس والأغطية والأواني المنزلية والتمور، حيث تصل إلى المعسكر يوميا من 3 إلى 4 قرى أحيانا، لتعلن تكفّلها بتوفير وجبات اليوم التالي.
وأشار الواثق، إلى أنه تم استقبال مبادرة من المناصير بولاية نهر النيل، ضمّت نحو 50 عربة، ومثلها عبر مبادرة أخرى من منطقة أمري، وهو ما فعلته قرية السليم في محلية دنقلا، ومناطق أخرى، جاءت محمّلة بالمواد الغذائية واحتياجات النازحين المختلفة.
ورأى مراقبون أن اختيار أهل الفاشر النزوح نحو منطقة الدبة بالولاية الشمالية، ومناطق سيطرة الجيش، رغم أن العديد من مناطق ومدن دارفور التي تُسيطر عليها قوات الدعم السريع كانت أقرب لهم، يُفنّد ويهزم كل الدعاوى والأصوات العنصرية التي تعالت في الفترة الماضية.
إعلانوقال الفنان النصري إن ميزة السودان تكمن في تنوّعه وتعدّد ألوانه، مشيرا إلى أن وقوف جميع أصحاب المبادرات لدعم أهل الفاشر الذين وصلوا إلى الولاية الشمالية، يحمل رسائل قوية لبعض من يغردون خارج سرب الوطنية الحقيقية، بالدعوة للانفصال، وبثّ العنصرية التي يروّج لها البعض لتحقيق مآرب شخصية.
وأعرب النصري عن يقينه بتعافي السودان، وطيّ صفحة الحرب، وإفشال مخططات التقسيم، عبر تعزيز قيم الإخاء والتكاتف والتعايش بين أبناء الوطن الواحد، منوّها إلى إحدى أغنياته الشهيرة المكتوبة باللهجة السودانية، والتي تبشّر بوطن عصيّ على الانقسام وتقول:
"بلدا موسّمة فد وسم
فوقا السمح مرسوم رسم
ما بتنقسم
وناسا بتتقاسم حلال اللقمة والروح والإسم
رغم الفواجع.. والمواجع.. تبتسم
كيف تنقسم؟!".