أوزغور أوزيل وأسباب تغييره سياسات حزبه
تاريخ النشر: 16th, May 2024 GMT
في تطوّرٍ لافتٍ بدأ أوزغور أوزيل رئيس حزب الشعب الجمهوريّ، أكبر أحزاب المعارضة التركيّة اتّخاذ خطواتٍ عمليةٍ باتجاه تحديد الإطار العام لتوجّهات سياساته التي سينطلقُ منها حزبه، بعد فوزه بالأغلبية في الانتخابات المحليّة، والتي سيتم العملُ بمقتضاها خلال المدّة المقبلة.
وهي سياسة تخالف في مجملِها ما سبق أن اتّبعه – هو نفسه – تحتَ قيادة سلفه الرئيس السابق للحزب كمال كليجدار أوغلو، خاصةً فيما يتعلق بالعلاقات مع الدولة السورية، وملفّ اللاجئين والأجانب، إذ طالما نادى زعماء الحزب بضرورة ترحيلهم عن البلاد، وتقديم الوعود للجماهير بإفراغ البلاد منهم خلال عامين فقط حال فوزهم بالانتخابات.
بل وأعلنوا مناصبتهم العداء للحكومة التي تسبّبت طريقة تعاطيها مع هذا الملف – وفق وجهة نظرهم – في جلب الخراب إلى البلاد، وإدخالها في أزمة اقتصادية طاحنة، تسبّبت في حالة الغلاء غير المسبوق التي أصبح يعاني منها المواطن التركيّ.
رئيس جديد وسياسة مختلفةتوجهات أوزيل الجديدة التي بدأها بجملة من التصريحات المتلاحقة حول رؤيته لوضع اللاجئين السوريّين والوجود الأجنبي عموم في تركيا، أشار فيها إلى أن عودة السوريين إلى بلادهم ترتبط بصورة مباشرة بوجود أماكن آمنة للعيش فيها، وليس هناك إمكانية لإعادتهم إلى وطنهم قبل ذلك.
لافتًا إلى أنه قبل الحديث عن إعادة السوريين إلى بلادهم، يجب التفاوض مع الرئيس السوري بالتعاون مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، كما يجب توفير حياة طبيعية لهم تتضمن المأوى، والعمل، وتوفير الطعام، وليس الاكتفاء بتشييد مبانٍ خرسانية في مناطق غير مؤهلة للسكنى وترحيلهم إليها.
أوزيل أعلن أيضًا رفضه الحربَ ضد اللافتات المكتوبة باللغة العربية تحديدًا، التي يشنّها رؤساء بلديات حزبه، وكافة أشكال التمييز العنصري، التي وصمت تعاملاتهم ضد الأجانب المنتمين عمومًا للدول الإسلامية، منوهًا إلى ضرورة احترام اللغة العربية؛ بصفتها لغة مقدسة، كونها اللغة التي نزل بها القرآن الكريم.
التحذير من تهديد السلم الاجتماعيمشيرًا إلى أنّ هناك قانونًا يحدد للعاملين في البلديات حجم اللافتات المكتوبة باللغات الأجنبية، والتي يجب ألا تتعدى 25 بالمائة من حجم اللافتات التركية، مما يعني أن الأمر يجب أن يطبق على جميع اللافتات المكتوبة بمختلف اللغات الأخرى، وليس العربية فقط، مضيفًا أنه إذا كانت هذه اللافتات تيسّر حصول الناس على الخدمات فلا بأس من تركها.
منتقدًا استخدام البعض منهم كلمة "عربي" باعتبارها "سُبة"، لافتًا النظر إلى أنَّ هناك أكثر من ستة ملايين مواطن تركي، لغتُهم الأم هي اللغة العربية، والذين يجب احترامهم، لأن مثل هذه التصرفات غير المسؤولة، تسبّب لهم الأذى النفسي، محذرًا من مغبة الانزلاق صوب استخدام خطاب تمييز ضد العرب؛ لانعكاسات ذلك السلبية على الأتراك من أصول عربية، وبما يمثل تهديدًا للسلم الاجتماعيّ.
التغيير الذي أعلنه أوزيل في نهج تعاطيه مع قضية اللاجئين، تسبّب في حالة من الغضب الشديد والرفض داخل حزب الشعب الجمهوري، وبين قطاعات واسعة من العلمانيين والكماليين الرافضين وجودَ السوريين والعرب عمومًا داخل تركيا، والذين رأوا في توجهه هذا ابتعادًا عن نهج أتاتورك، وخلع عباءته.
صدمة الأحزاب القومية واليساريةأما المفاجأة الكبرى – التي مثّلت صدمة قوية للأوساط السياسية والحزبية ذات التوجه القومي – فكانت تحرّكه صوب التعاطي المباشر مع رئيسَي حزبي الائتلاف الحاكم، الرئيس أردوغان، ودولت بهجلي، ورغبته في إجراء حوار عقلانيّ معهما فيما يخصّ سياسات الحكومة، وتعاطيها مع العديد من الملفات المرتبطة بالأمن، والاقتصاد، والسياسة الخارجية، إلى جانب مسألة إعداد دستور جديد للبلاد.
إذ أعرب ممثلو أحزاب الجيد، والنصر، وحزب الديمقراطية والتقدم، عن خيبة أملهم جراء سعي رئيس حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، لإقامة حوار مباشر مع كل من أردوغان وبهجلي، حتى إنّ كمال كليجدار أوغلو، رئيس الحزب السابق، قام بتوجيه تصريح شديد اللهجة لأوزيل، قال فيه:" إنّ القصر الرئاسي يجب أن يُحارب لا أن يتم التفاوض معه".
بينما علّق أحد الصحفيين المقربين من المعارضة التركية في تفسيره للتغيرات المفاجئة في مواقف أوزيل في منشور له على منصة "إكس" قائلًا:" حينما توجه أوزغور أوزيل إلى مقر حزب العدالة والتنمية اعتقدت أنه تم اختطافه واستبداله بنسخة أخرى شبيهة له، لأن أوزيل الذي دخل شيءٌ، والذي خرج كان شيئًا آخر".
اختلاف النهج السياسي وأهدافهبينما طالب بعض أعضاء الحزب الغاضبين، خاصة من الحرس القديم، بضرورة مراجعة رئيس الحزب مواقفَه، والنظر بجدية في سياساته الجديدة التي أصبحت أكثر قربًا من سياسات الحزب الحاكم، وأكثر ابتعادًا عن أفكار الحزب ونهجه في التعامل مع الحكومة.
قد يعتقدُ البعض أنَّ المسار الذي قرّر أوزغور أوزيل السير فيه، وتغيير نهج سلفه، مجرد لحظة وقتية فرضها عليه الشعور بنشوة الانتصار الكبير الذي أحرزه الحزب في الانتخابات المحلية تحت قيادته، وأن الرجل يمكن أن يتراجع عن مواقفه تلك بعد مدة من الوقت؛ نتيجة للضغوط التي تمارس عليه.
لكن الحقيقة التي لا يريد الكثيرون رؤيتها، أن أوزيل باتباعه هذه السياسات الجديدة يريد التأكيد على عدة أمور مهمة غابت فيما يبدو عن ذهن منتقديه، ومن أهمها:
1 – أن حقبة كليجدار أوغلو وسياساته العدائية قد انتهت دون رجعة، وأن الحزب يخطو خطوات جديدة، بتوجهات جديدة تختلف تمامًا عن كل ما سبق.
2 – أن الحزب أصبح له رئيس جديد يضع سياساته، ويحدد توجهاته، ويملي عليه قراراته بالتوافق مع الهيئة العليا للحزب لما فيه مصلحة البلاد والعباد، وأنه كرئيس للحزب لا يأخذ تعليمات من أحد، ولا يتم توجيهه من جانب أي فصيل، سواء داخل الحزب أو خارجه.
3 – أنه يريد توجيه رسالة مباشرة للكيانات والمجموعات المتحالفة داخل الحزب التي أصبحت تهدّد وحدته، وتقسّم صفّه، مفادها أن لديه القدرة على تصحيح المسار، وتوجيه دفة سياسة الحزب؛ لتحقيق الأهداف التي ينتظرها مؤيدوه وقاعدته الشعبية، وليس لتحقيق مصالح وأهداف أشخاص بعينهم داخل الحزب، يقودون حربًا إعلامية ضده وضد سياساته.
4 – أن الرجل قرّر الابتعاد عن الخلافات السياسية القديمة، وبدء مرحلة جديدة ترتكز على الاحترام المتبادل بين حزبه وبين القصر الرئاسي؛ لتعزيز المنصب الرئاسي، ووضعه في مكانته اللائقة به لهدفين أساسيين على ما يبدو؛ أولهما: تقديم حزبه للناخبين كبديل سياسي قوي ومحترم يدرك مكانة الرئاسة، ويعي حجم مسؤولياتها.
وثانيهما: التصدي لمحاولات أكرم إمام أوغلو الذي يفرض نفسه منذ فوزه برئاسة بلدية إسطنبول لمدة ثانية كمرشح الحزب لخوض السباق الرئاسي في الانتخابات المقررة في 2028، ويتبع في سبيل تحقيق هذا الهدف نفس نهج رئيس الحزب السابق كليجدار أوغلو، حيث لا يزال يهاجم اللاجئين، ويعلن محاربته للافتات المكتوبة باللغة العربية، بل ويسعى للنيل من شخص الرئيس.
ولعلّ أوزيل بسياساته الجديدة، وبقراره العمل على التواءم مع توجّهات الرأي العام التركي بأكمله وليس فقط شريحة العلمانيين والقوميين، يؤهّل الجميع نفسيًا لطرح اسمه هو شخصيًا لخوض السباق الرئاسي المقبل، خاصة بعد أن اشتدت الخلافات بينه وبين أكرم إمام أوغلو، مما جعله يعلن أن تحديد اسم مرشح الحزب المنتظر لخوض السباق الرئاسي لم يحسم بعدُ.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات کلیجدار أوغلو أوزغور أوزیل إلى أن
إقرأ أيضاً:
سوق العمل في مواجهة العاصفة التكنولوجية والحاجة إلى سياسات استباقية
مرتضى بن حسن بن علي
في عصر التطورات التكنولوجية والتحولات العالمية السريعة، سوف يشهد سوق العمل العُماني والعربي، تحولات جذرية بسبب تقدم الذكاء الصناعي والرقمنة والتكنولوجيا، وهو اتجاه بدأ يعم العالم. هذه التطورات ستؤدي إلى اختفاء عشرات الآلاف من الوظائف التقليدية وظهور وظائف جديدة أخرى ذات رواتب عالية.
وبما أن أكثر الوظائف في عُمان والبلدان العربية، هي وظائف تقليدية، فإنَّ عملية تسريح الموظفين عامة والمواطنين خاصة، سوف تتسارع، كما سوف تزداد نسبة البطالة بشكل كبير خلال السنوات المُقبلة ما لم تأخذ الجهات المعنية إجراءات سريعة ومنظمة لمواجهة التحديات القادمة.
وفيما يلي نرصد الوظائف التقليدية المُهددة بالاختفاء، والتي تمثل الجزء الأكبر من الوظائف التي يشغلها المواطنون:
الوظائف الإدارية والكتابية الروتينية؛ مثل: كتَبة البيانات، والموظفين التقليديين في البنوك، بسبب التحول إلى الخدمات الإلكترونية والذكاء الاصطناعي والرقمنة. وظائف التصنيع اليدوي: مع انتشار الروبوتات والآلات الذكية في المعامل، ستقل الحاجة إلى الأيدي العاملة. الوظائف الزراعية التقليدية بسبب تقدم التكنولوجيا الزراعية (مثل الزراعة الذكية والروبوتات الحصادة). وظائف البيع بالتجزئة: مع نمو التجارة الإلكترونية، سوف تختفي أو تقل تدريجيا وظائف البائع في المراكز والمحلات التجارية. وظائف الوساطة (كالسماسرة)؛ حيث إن المنصات الرقمية ستربط المستهلكين مباشرة بالخدمات. وظائف السياقة ومحطات البترول: سوف تختفي هذه الوظائف بسبب التوسع في السيارات ذاتية القيادة والسيارات الكهربائية. وفي الولايات المتحدة فقط، من المتوقع إلغاء نحو 300 ألف وظيفة سياقة سنويًا بدءًا من عام 2030، كما ستختفي وظائف العاملين في محطات البترول بسبب انتشار السيارات الكهربائية. عمال الطباعة: سوف تختفي وظائف الطباعة بسبب التحول الرقمي.وظائف البنوك
هناك حديث مستمر حول قدرة البنوك على تشغيل المواطنين. ولكن لن يستمر هذا الوضع طويلا؛ ففي ظل التطورات التكنولوجية المتسارعة، سوف تشهد الصناعة المصرفية تحولات جذرية تؤثر على وجود الفروع المادية وإغلاقها وسوف تقوم البنوك بتسريح عدد متزايد من الموظفين.
وهناك اتجاهات عالمية باختفاء فروع البنوك التي توظف النسبة الكبرى من الموظفين.
ومن المتوقع أن تتراجع أعداد فروع البنوك بشكل ملحوظ؛ فعلى سبيل المثال أغلقت البنوك الأمريكية أكثر من 2454 فرعًا خلال العام الماضي فقط، والذي تمخض عنه تسريح آلاف الموظفين، بسبب التحول نحو الخدمات الرقمية.
وفيما يتعلق بأسباب الإغلاق، فإنها تتمثل في المحافظة على الأرباح وزيادتها عن طريق تقليل أعداد الموظفين وتقليل الفروع المُكلفة. وكذلك تفضيل العملاء للخدمات الرقمية؛ حيث إن 59% من الفئة العمرية (16- 24 سنة) يعتمدون على تطبيقات الهواتف الذكية لإدارة حساباتهم. فضلًا عن تحسُّن التطبيقات المصرفية التي تتيح إجراء معاملات معقدة كتحويل الأموال ومراقبة الحسابات لحظيًا.
تأثير التكنولوجيا المالية (FinTech)
أدت منصات الفنتيك إلى تقليل الحاجة للوساطة المالية التقليدية، مثل السماسرة، عبر ربط المستخدمين مباشرة بالخدمات. ونؤكد أن التغيير حتمي، لكن الفرص أكبر لخلق وظائف جديدة ذات رواتب عالية إذا تمَّ التخطيط الاستباقي.
أما الوظائف الجديدة التي ستظهر، فهي كما يلي:
1- وظائف التكنولوجيا المتقدمة:
- مطورو الذكاء الاصطناعي، خبراء البيانات الضخمة (Big Data)، ومهندسي إنترنت الأشياء (IoT).
- مُختصو الأمن السيبراني وحماية الخصوصية الرقمية.
2. وظائف الطاقة المتجددة:
- فنيو الطاقة الشمسية والرياح، ومهندسو كفاءة الطاقة.
3. الوظائف الصحية:
- أخصائيو الطب التخصيصي والجيني، وفنيو الروبوتات الجراحية.
- مُقدمو الرعاية الصحية عن بُعد (Telemedicine).
- وظائف التكنولوجيا الحيوية.
- مهندسو الذكاء الاصطناعي.
4- وظائف الاقتصاد الرقمي:
- مُسوقون رقميون، مُحللو سلوك المستهلك، ومُطورو منصات التعلم الإلكتروني.
- مُصممو الواقع الافتراضي (VR) والواقع المُعزَّز (AR).
5- خبراء إدارة النفايات، ومهندسو البيئة، ومُخططو المدن الذكية.
6- وظائف الرعاية والخدمات الإنسانية:
- مُدربو المهارات النفسية، ومرشدو التوازن بين العمل والحياة.
ولا شك أن اختفاء وظائف تقليدية وظهور وظائف جديدة ليس بشيء جديد؛ إذ يحصل ذلك عند ظهور أي تقدم للتكنولوجيا وظهور اختراعات جديدة. فعلى سبيل المثال، شهدت أوروبا الغربية خلال القرن الثامن عشر نهضة علمية شاملة فتنوعت الأبحاث والتجارة؛ لتشمل مختلف فروع العلم ولتؤدي إلى اختراعات واكتشافات مهمة كانت السبب المباشر في قيام الثورة الصناعية الأولى خلال القرن التاسع عشر. ونتج عن ذلك عمليات التصنيع الكيميائي الجديدة وإنتاج الحديد، وازدياد استخدام الطاقة البخارية والمائية وتطوير أدوات الآلات.
وقد كان للثورة الصناعية الأولى الأثر البالغ على الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية سواء في أوروبا أو خارجها. وبدأت الثورة الصناعية في بريطانيا وبدأت الآلة بالإحلال بدل الإنسان في عدد من المجالات. وعندما بدأ الجميع يدرك أنه لا يمكن الرجوع إلى الخلف وتخلوا عن مقاومتهم للآلة وبدأ الجميع تدريجيا يتدرب على الآلة. معظم جوانب الحياة اليومية تأثر بها بطريقة ما. وبدأ متوسط السكّان يشهد نموًا مستدامًا غير مسبوق، وتحسن مستوى المعيشة لجميع السكان في العالم الغربي.
وكما فعلت الثورة الصناعية الأولى واكتشاف الآلة البخارية والكهربائية في بريطانيا فإن الثورة التكنولوجية الحالية حقبة تاريخية جديدة سوف تؤدي إلى تغيرات واسعة في أنماط الحياة. سوف توفر فرص عمل جديدة ذات رواتب عالية وتُلغي بالمقابل فرص عمل هائلة من الوظائف التقليدية. وإذا لم نبادر وبسرعة بتحسين التعليم والتدريب بصورة جذرية، فإنَّ البطالة سوف تتفاقم بشكل غير مسبوق مثلما حصل في بريطانيا وأوروبا بعد الثورة الصناعيّة الأولى.
وكيفية إدارتنا لمواردنا البشرية والتكنولوجية تؤدي دورًا حاسمًا في تحديد قدراتنا على مواجهة التحديات القادمة والاستفادة من الوظائف الجديدة ذات الرواتب العالية. وإذا لم نتدارك الأمور وبسرعة، فإن التقدم التكنولوجي الحديث سوف يكون عبئاً ثقيلاً على كواهلنا، وبالعكس فإن التكنولوجيا سوف تنطوي على منفعة عالية لنا. ولا ريب أن كيفية إدارتنا لمواردنا البشرية والتكنولوجية تسهم بدور كبير في تحديد قدراتنا على مواجهة التطورات التكنولوجيّة الحاصلة.
إن التاريخ يأتي دائماً ليقدم قوائمه بالفائزين والخاسرين؛ ذلك أن التغييرات الاقتصادية والتكنولوجية، شأنها شأن الحروب والدورات الرياضية، لا تنطوي في العادة على منفعة لجميع الأطراف. ومن ينتفع بالتقدم هي الجماعات والأمم التي غدت قادرة على تسخير العلوم والوسائل الحديثة لمصلحتها، فيما لحق الضرر بالأمم الأخرى الأقل استعدادًا للاستجابة للمتغيرات التكنولوجية والثقافية والعلمية.
رابط مختصر