عربي21 ترصد قراءات إسرائيلية لهجوم غالانت على نتنياهو بشأن حرب غزة
تاريخ النشر: 16th, May 2024 GMT
شكّل وقوف وزير حرب الاحتلال يوآف غالانت أمام الكاميرات، ومهاجمته لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لعدم اتخاذه قرارات بشأن البديل المطلوب في غزة عن حماس، فرصة لمعرفة طبيعة العقلية داخل حكومة تل أبيب وحجم الخلافات التي تشهدها.
وفجر غالانت في خطابه العلني قنبلة مدوية حين طالب نتنياهو بإعلان عدم رغبته باحتلال غزة، والبدء بتعيين حكم محلي مدني فيها، دون التورط في مستنقعها، خشية الأضرار والخسائر التي تنتظر الاحتلال، مما دفع الساحة السياسية والحزبية والأمنية للانشغال بهذا الخطاب، حتى على حساب التطورات الدامية القادمة من غزة.
ورصدت "عربي21" أهم ردود الفعل الإسرائيلية على خطاب غالانت ضد نتنياهو، الذي زاد من اشتعال الأزمة السياسية الحالية.
وأشار المراسل العسكري للقناة 12، نير دفوري إلى أن "الخطاب التحذيري لغالانت يشبه ذات الخطاب الذي أدى لإقالته قبل نحو عام إبان اعتراضه على الانقلاب القانوني، والآن بعد هذا الخطاب، لن يستطيع إسرائيلي أن يقول: لم أعرف معنى احتلال غزة، وماذا سيكلفنا، لأن خطاب غالانت يؤكد أنه سيكلفنا دماء وأزمة اقتصادية، وأن الإصرار القديم على رفض وجود السلطة الفلسطينية في القطاع هو الخطيئة الأصلية لنتنياهو، لأنها ستقود الدولة لتنازلات قاسية وغير عادية".
وأضاف دفوري أن "السؤال الذي يطرحه الإسرائيليون على أنفسهم الآن بعد خطاب غالانت هو كيفية مواصلته العمل مع نتنياهو، واتخاذ قرارات مصيرية تنطوي على دماء الإسرائيليين، الأمر الذي سيترك آثاره السلبية على خدمة أهداف الحرب بالطريقة الأكثر فعالية، وهي عودة المختطفين، ثم استبدال حكومة حماس".
ومن جهتها، أكدت خبيرة الشئون الحزبية، دانا فايس، "أننا أمام خطاب درامي، اتهام خطير من وزير الحرب لرئيس الوزراء خلال الحرب بأنه لا يتخذ قرارا، وبالتالي يعرّض أمن الدولة للخطر، ويقول علنا ما كان يقوله منذ أشهر في الغرف المغلقة لنتنياهو وكافة منتديات صنع القرار، لأنه يمثل المؤسسة الأمنية بأكملها ومعظم وزراء مجلس الحرب، الذي يدرك أن الاحتلال يتحول إلى حكومة عسكرية فعلية في غزة، خاصة بعد احتلال معبر رفح، والنتيجة أن غالانت لا يثق بنتنياهو، ويتخذ خطوة أخرى، ويطالبه بالإعلان علانية عن معارضته للحكم العسكري في غزة، وفي هذه الحالة سيضطر الأخير للاختيار بين المؤسسة الأمنية ووزير الحرب، وبين سموتريتش وبن غفير، وخلاصة القول إننا أمام أزمة ثقة خطيرة للغاية".
وبدورها، أكدت المعلقة السياسية، دافنا ليئيل، أن "خطاب غالانت احتوى على أمور مهمة جدا، وهذه ليست أزمة أخرى مع نتنياهو، لأن حديثه كشف عن خلافات عميقة في الرأي داخل الحكومة بأسرها بشأن استمرار العدوان العسكري على غزة، مع العلم أن غالانت يتمتع بوزن شعبي كبير جدا، ونتنياهو غير مهتم بالخوض في مغامرة إقالته، رغم أن خلافهما وصل آفاقا جديدة، وهذه المرة بسبب حرب غزة، وبالتالي يضع غالانت مسألة غزة في قلب الأجندة الإسرائيلية".
ومن ناحيته، أكد مراسل الشؤون الحزبية، يائير شاركي، أن "بيني غانتس وغالانت يفكران بنفس الطريقة، باستثناء أن غانتس وغادي آيزنكوت تناقشا لفترة طويلة حول الصياغة والتوقيت، وهنا جاء غالانت وقال بطريقته المباشرة والحادة الأشياء بشكل أكثر وضوحًا مما قد يقوله غانتس على الإطلاق، ربما لأنه ليس لديه حزب يستقيل منه، وهكذا، اختصر غالانت الساعة السياسية للوزراء من "المعسكر الرسمي" بطريقة حادة جداً، هذه الليلة يتم تفكيك مجلس الحرب فعلياً، ربما كان فعالاً في بداية الحرب، لكنه الآن عقب التسريبات، ومناقشة الخلافات علناً، بات يطرح السؤال حول مستقبل الحرب، وإلى أين تتجه".
وأكدت خبير الشئون السياسية، عاميت سيغال أن "غالانت، ورغم الدراما الذي أحدثها خطابه، لكن ليس لديه أي نية للاستقالة، والخلافات في الرأي التي أثارها الخطاب بأكثر الطرق علنية أمام الشعب ونتنياهو لا تعني أنه ينوي إنهاء منصبه، وانطلاقا من تجربة العام الماضي، فلا يبدو أن نتنياهو ينوي إقالته أيضا، ولذلك، سيتعين عليهما الاستمرار معا، فالنقاش الأساسي حول ما سيحدث "في اليوم التالي"، وهنا عادت القضية الفلسطينية إلى مركز الخريطة السياسية".
وأوضح سيغال أن "خطاب غالانت يعني أنه وفق تقديراته المهنية، فإن الجيش لا يمكن أن يوجد في غزة، وبالتالي فإن ما تبقى منطقياً تقريباً هو القوى الفلسطينية المعتدلة، وحتى لو لم تتخذ الحكومة قراراً بشأن حكومة عسكرية مدنية هناك، لكن الأمور ببساطة تتدحرج هناك، أي أن الوضع معقد للغاية، وهؤلاء الوزراء، الذين لا يحبون بعضهم، يتناقضون مع بعض في هدف الحرب الأساسية".
أما محرر الشئون الحزبية، أمنون أبراموفيتش، فقد أكد أن "ما يقوله غالانت لنتنياهو هو ما تقوله المؤسسة الأمنية والعالم أجمع، ومفاده أنه يطيل الحرب لأسباب شخصية وسياسية تتعارض مع المصلحة الوطنية".
تكشف هذه القراءات الإسرائيلية لخطاب غالانت أنه قد يكون لديه معلومات بأن نتنياهو ينوي احتلال غزة فعلا، مما قد يشير إلى أن غالانت ومن خلفه المؤسسة العسكرية والأمنية يتفقون على رفض توجهاته، الأمر الذي يفسح المجال للتعرف على ما سيعنيه من الناحية العملياتية في غزة، فضلا عن قراءة التحريض الأمريكي لغالانت للخروج علانية ضد نتنياهو الذي يعاند واشنطن كثيرا.
وكل ذلك سيلقي بظلاله السلبية على مجريات الحرب، وقد تدفع باتجاه شركاء نتنياهو الآخرين للاستقالة، خاصة غانتس وآيزنكوت، وتركه وحيدا.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية غالانت نتنياهو غزة إسرائيلي إسرائيل غزة نتنياهو غالانت صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی غزة
إقرأ أيضاً:
نتنياهو إلى المأزق
قبل 13 حزيران/ يونيو 2025 كان نتنياهو مأزوما مذموما معزولا، يقف على شفا هاوية السقوط، وذلك بسبب هزيمته العسكرية، طوال عشرين شهرا، أمام المقاومة في غزة، حيث فشل في القضاء عليها والسيطرة عسكريا، وحيث تردّت سمعة الكيان الصهيوني في الوحول، أمام الرأي العام العالمي، بسبب ما ارتكب من مجازر، وقتل جماعي للأطفال والمدنيين، الأمر الذي جعله يواجه موقفا ضدّ عودته إلى الحرب من قِبَل كل دول العالم، بما في ذلك أزمة في العلاقة مع ترامب، ومع الدول الأوروبية.
على أن انقلاب موقف ترامب، لتأييده في شنّ حرب ضد إيران، أخرجه من المأزق، من خلال التفاف الداخل المعارض له لتأييده في الحرب، كما انحياز ترامب له في هذه الحرب، وتأييد الدول الأوروبية له، تحت شعار مقلوب على رأسه، وهو "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، وذلك بالرغم من كونها المُعتدِية على إيران.
أصبح مسار الحرب، في حالة توقفه الآن، مكرِّسا لقوّة إيران ومنَعَتِها سياسيا وعسكريا، الأمر الذي نقل الكرة إلى ملعب ترامب وملعب الدول الأوروبية لإنقاذ نتنياهو، من خلال المشاركة في الحرب
ففي فجر الثالث عشر من حزيران/ يونيو 2025، أعلن نتنياهو الحرب على إيران، وقد استهلها بغارات غادِرة، اغتالت العشرات من العلماء والقادة العسكريين، وعمدت إلى تدمير المئات من المواقع العسكرية والمدنية.
ولكن مع مضيّ نهار ذلك اليوم، غامضا حالكا، وإذ بليلة 13/14 تنقذ الموقف، من خلال القصف الذي شنّته إيران ردا على العدوان، بقرار من السيد الإمام علي الخامنئي، بعد تضميد الجراح، واستعادة ترتيب الهيكلية العسكرية والسياسية، والانتقال إلى امتلاك زمام المبادرة. وهو ما تصاعد في الأيام الستة التالية، الأمر الذي جعل الأسبوع، من الجمعة إلى الجمعة، يسفر عن ميزان قوى في غير مصلحة الكيان الصهيوني، بما أعاد نتنياهو إلى مأزق لا يقلّ عن سابقه.
لقد أصبح مسار الحرب، في حالة توقفه الآن، مكرِّسا لقوّة إيران ومنَعَتِها سياسيا وعسكريا، الأمر الذي نقل الكرة إلى ملعب ترامب وملعب الدول الأوروبية لإنقاذ نتنياهو، من خلال المشاركة في الحرب. وهذا يفسّر تتالي لقاءات ترامب بمجلس الأمن القومي، حيث لم يستطع، بعد أيام، أخذ قرار بين الخيارين، إما المشاركة في الحرب وإما إطالة أمدها، لوقفها.
يرجع هذا التردّد من جانب ترامب إلى دراسة المحاذير والمخاطر، في حالة المشاركة في الحرب، واستعداد إيران للردّ على الحرب بالحرب. كما أن الذهاب إلى خيار الحل التفاوضي يقود إلى وقف الحرب، مما يؤدي إلى خروج إيران منتصرة، كما إلى هزيمة نتنياهو، وهو ما يصعب على ترامب وأوروبا ابتلاعه.
المحصلة التي انتهت إليها الحرب التي شنّها نتنياهو والجيش الصهيوني في 13 حزيران/ يونيو 2025، وخلال الأسبوع التالي حتى 20 حزيران/ يونيو 2025، ليست في مصلحة الكيان الصهيوني
وبهذا يمكن القول، إن المحصلة التي انتهت إليها الحرب التي شنّها نتنياهو والجيش الصهيوني في 13 حزيران/ يونيو 2025، وخلال الأسبوع التالي حتى 20 حزيران/ يونيو 2025، ليست في مصلحة الكيان الصهيوني.
فقد بدأت الصواريخ، وفي مقدمّها "الفرط صوتية"، تترك آثارا سلبية جدا على الداخل الصهيوني، سواء أكان بسبب مأزق نتنياهو الجديد، بعدم إخضاع إيران كما توهّم هو وترامب، أم كان بسبب الردّ الإيراني وحجم الخسائر التي نجمت عنه؛ ويمكن أن تنجم عنه أكثر في الداخل الصهيوني.
وهنا يجب أن يُلحظ بأن التدخل الأمريكي العسكري لن ينجح بدوره، سواء بسبب إرادة المقاومة لدى قيادة إيران، ووحدة شعبها، أم كان بسبب عدم قدرته على الانتصار أو إخضاع إيران، ذلك لأن الانتصار في مثل هذه الحالة لا يتحقق إلا بالغزو البرّي، والاحتلال العسكري المباشر، وليس بالقصف الجوّي، أو الاغتيالات، أو الحرب النفسية فحسب.
أما من جهة أخرى، فإن المحصلة العامة لهذه الحرب، والحرب الأمريكية إن وقعت، فستكون في مصلحة المقاومة والشعب في قطاع غزة، كما القضية الفلسطينية بعامة.