بوابة الوفد:
2025-07-03@03:29:58 GMT

العداء لما نجهل آفة الآفات

تاريخ النشر: 21st, May 2024 GMT

لم نره من قبل، ولم نعرفه، ولم نختبره، لذا فهو ممنوع. هذا هو قانون العقل العربى المعاصر، وهو موروث من العصر السابق، والأسبق، والأسبق.

ظلت العقلية الشرقية تعادى كل ما لا تعرفه قروناً وقروناً. الجديد مستحدث، والمستحدث بدعة، والبدعة ضلالة، وكل ضلالة فى النهار. وما الداعى وما المبرر أن نغير ما ألفناه، وما الدافع أن نبدل ما وجدنا عليه آباءنا؟ تلك كانت الفكرة الحاكمة للعقل المسلم فى قرون المد العثمانى الكبير الذى شهد توسعاً عسكرياً للمسلمين، لكنه ظل توسعاً جغرافياً أرضياً لا حضارياً.

من يراجع تاريخ الإمبراطورية العثمانية الكبيرة يندهش من حجم الانتصارات التى حققتها، لكنه سرعان ما يحبط عندما يكتشف أن تمددها فى القوة العسكرية تلازم دائماً مع ضحالة معرفية، وانغلاق فكرى، ومعاداة لكل حديث، وهو ما علق بالعقل العربى والمسلم المعاصر، فصار كل مجهول محض مؤامرة كبرى.

فى سنة 1434م اخترع العالم الألمانى يوهان غوتنبرغ آلة الطباعة، وسارعت دول أوروبا إلى نسخ الكتب وطباعة المعارف ونقلها من بلد لآخر لتتسع العلوم وتنفتح العقول وتتوالد بدايات نهضة علمية واسعة.

وكانت الإمبراطورية العثمانية وقتها فى مرحلة نمو كبير، تحقق انتصارات واسعة على الأرض، وتحشد جيوشاً جرارة للهيمنة على شعوب الشرق والغرب، لكن هاجساً دفع ولاة الأمور فيها إلى استبعاد المطبعة من أى تخطيط نظراً لخطورتها، باعتبارها ناقلة علوم. وظلت السلطة الحاكمة فى أسطنبول ترى المعرفة خطراً، فأخرج رجال الدين المصفقون للسلطة قياساً فاسداً ادعوا فيه أن المطبعة حرام لأن آلة الطبع تضرب آيات القرآن الكريم، وأحاديث النبى «صلى الله عليه وسلم».  والغريب أن السلطان بايزيد الثانى أصدر أمراً بتحريم طباعة الكتب، إلا لطائفة اليهود داخل تركيا، لذا كان أول كتاب تمت طباعته هو التوراه فى نهايات القرن الخامس عشر الميلادى. وعندما تولى السلطان سليم الأول الحكم سنة 1515 جدد أمر تحريم الطباعة، ثم غزا سوريا وفلسطين ومصر واستولى عليها فنشر تحريم الطباعة فى كل الأقطار.

وظل الجهل سائداً، وضعف العقول حاكماً رغم اتساع الحدود وتضاعف الجنود، ولم يمر وقت طويل حتى سميت الإمبراطورية الواسعة لآل عثمان فى مصطلحات السياسة الدولية بـ«تركة الرجل المريض»، ثم تحولت لاحقاً إلى لقمة سائغة يلتهمها الاستعمار الأوروبى بسهولة مستلباً خيراتها عدة عقود.

***

فى سنة 1623 تولى سلطان طفل، لم يتجاوز الثانية عشرة حكم المسلمين فى العالم كله، وهو السلطان مراد الرابع، فأصدر فرماناً بتحريم شرب القهوة وقطع رأس من يضبط شارباً. كان الاعتقاد السائد لدى من يجهلون وينتشرون فى ربوع السلطنة أن القهوة مخدر ومسكر، بل هى أشد خطراً من الخمر، وظل الناس يتداولون هذه الفكرة دون اختبار أو تمحيص. وبعد وفاة مراد الثالث، تولى شقيقه الحكم وأحب التخفيف على الناس، فأمر بالاكتفاء بجلد من يشرب القهوة، فكان البعض يجاهر بالشرب محبة واستمتاعاً بمذاق القهوة ثم يتحمل بصبر سياط الجلد.

وفى مصر، وفى زمن مقارب، كان أحد شيوخ الأزهر ويدعى أحمد طنطاوى يفتى بحرمة شارب القهوة، وحرمة شاريها، وبائعها، ليساوى بينها وبين الخمر، حتى ضج منه التجار، وأرسلوا له مراراً ليناقشوه ويجربها لكنه أبى معتصماً بما يعتقد أنه التزام دينى. وظلت القهوة قروناً من الزمن محل شبهة لدى جمهور العامة، حتى قرر أحد القضاة فى القرن التاسع عشر اختبارها بشكل عملى، فدعا بضعة طلاب لديه وسقاهم منها، ثم تناقش معهم فوجدهم أكثر يقظة، وأصفى ذهناً، فحكم بحلها.

***

فى نهايات القرن الخامس عشر، كما يعتقد كثير من محللى أسباب النهضة فى العالم، كانت أوروبا منشغلة تماماً بحركة الكشوف الجغرافية، وكان الرحالة الأوروبيون يجوبون العالم شرقاً وغرباً، متحملين الصعاب، ومتعايشين مع الخطر، بحثاً عن الجديد، غير المعلوم.

كانت فكرة اكتشاف ما هو غير مكتشف بمثابة غاية الغايات فى أوروبا المتأججة الساعية للتقدم، والمتطلعة بقوة نحو المستقبل. وهكذا رصدت الكنوز وخصصت الميزانيات الملكية الضخمة، وبادر المغامرون والطامحون إلى التقدم لكشف العالم الغائب، ولديهم قناعة شديدة بأن المجهول دوماً نافع.

وبالفعل اكتشفت طرق ومسارات وبلدان كانت غائمة وبعيدة وبدأت خرائط الاقتصاد والتجارة فى التبدل، وانتشرت المعارف، ووضعت الخطط للمستقبل، وغرست النهضة أقدامها فى خرائط الغرب.

***

أسهل شىء أن نعادى ما نجهله، فنقطع بحرمته، بينما يعصر الآخرون أذهانهم عصراً ليعرفوا الناس ما هو مجهول.

لا تسر خلف القطيع، وغامر وخاطر واقتحم، واعرف، وجرب، واختبر، ولا تصدق تجار الدين وخدم السياسة فى كل مكان وزمان.

والله أعلم

 

 

 

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مصطفى عبيد

إقرأ أيضاً:

المركزية لمكافحة الآفات تشارك في ورشة عمل حول الوبائيات.. وتستقبل وفد سعودي للتعرف على وسائل المكافحة الحديثة للآفات

كثفت الإدارة المركزية لمكافحة الآفات بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، خلال يونيو الجاري، نشاطا مكثفا في مجال مكافحة الآفات وتعزيز الصحة العامة، حيث شارك الدكتور أحمد رزق، رئيس الإدارة المركزية لمكافحة الآفات بالوزارة، في ورشة عمل هامة نظمتها وزارة الصحة برعاية منظمة الصحة العالمية. تناولت الورشة "أساسيات علم الوبائيات وترصد الصحة العامة"، بهدف تعزيز آليات ترصد الأمراض الوبائية وناقلات الأمراض.

رئيس زراعة النواب: لن نكون سببا فى طرد مستـأجر بسيط من بيتهشح المياه وتغيّر المناخ يهددان الزراعة والأمن الغذائي في العراق

وأكد  رزق أن هذه المشاركة تأتي تنفيذًا لتوجيهات علاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، وبالتنسيق مع الدكتور أحمد عضام رئيس قطاع الخدمات الزراعية والمتابعة، بشأن التعاون الدائم بين مختلف الجهات للنهوض بالدولة المصرية والحفاظ على صحة المواطن وسلامة غذائه. وتجسد هذه الخطوة التكامل المؤسسي بين وزارات وهيئات الدولة المختلفة.

وشدد رئيس الإدارة المركزية لمكافحة الآفات على الدور المحوري الذي تقوم به وزارة الزراعة في الحفاظ على الصحة العامة والسلام المجتمعي. ويتم ذلك من خلال عدة محاور أساسية تشمل: حماية الإنتاج الزراعي، حيث تعمل الوزارة على حماية الإنتاج الزراعي من الخسائر التي تسببها الآفات المختلفة، والتي قد تصل إلى 40% في حال إهمال مكافحتها. هذا يسهم في ضمان الأمن الغذائي، خاصة في ظل المتغيرات الدولية والزيادة السكانية وندرة الموارد المائية، ويوفر غذاء صحيًا متوازنًا يعد الخطوة الأولى للحفاظ على الصحة البدنية والذهنية للأفراد.

وأوضح أن بعض نواقل المسببات المرضية، مثل القوارض وبعض أنواع الطيور والخفافيش والقواقع، تُعد من الآفات الزراعية. وتتم مكافحة هذه الآفات وفقًا لاستراتيجية واضحة تضعها وزارة الزراعة، مع تنسيق مستمر مع الجهات المختلفة للحد من انتشارها، مما يقلل بدوره من انتشار المسببات المرضية والأمراض، لا سيما في المناطق السكنية الريفية، لافتا إلى أن البيئة الزراعية تشكل بيئات مناسبة لبعض الأمراض ونواقلها، مما ينعكس على تواجد هذه النواقل التي تؤثر على تواجد بعض أنواع المسببات المرضية للإنسان.

في سياق متصل، استقبل رئيس الإدارة المركزية لمكافحة الآفات وفدًا من المملكة العربية السعودية، في مستهل زيارته للتعرف على أساليب المكافحة الحديثة التي تتبعها مصر، حيث تهدف هذه الزيارة إلى الاطلاع على حزمة الإجراءات والوسائل التي تتبعها وزارة الزراعة للحد من استخدام المبيدات والتوجه نحو طرق المكافحة الحيوية البديلة، حفاظًا على الصحة العامة والبيئة.

وقام الوفد بزيارة لمعهد بحوث وقاية النباتات للتعرف على الأنشطة العلمية بالمعهد ومعمل تربية طفيل التريكوجراما، حيث تقوم الإدارة بإنتاج هذا الطفيل وإطلاقه من خلال المعامل التابعة لها في بعض المديريات.

وتُواصل الإدارة المركزية لمكافحة الآفات جهودها الميدانية، حيث تابعت لجنة منطقة شمال الدلتا التابعة للإدارة أعمال مكافحة الآفات في محافظة مرسى مطروح، وعمليات إطلاق المفترس الأكاروسي لمكافحة العنكبوت الأحمر في التين، وذلك ضمن خطة الوزارة للتوسع في استخدام بدائل المبيدات. وتنتج الإدارة المفترس الأكاروسي وتُربيه وتُطلقه في زراعات مختلفة، كما تفقدت اللجنة معمل التريكوجراما وإطلاقه على النخيل لمكافحة ديدان ثمار النخيل (الحميرة). وتابعت اللجنة كذلك فحص نخيل البلح للتأكد من أعمال مكافحة سوسة النخيل الحمراء، وحثت المهندسين الزراعيين والمزارعين على ضرورة الفحص والعلاج.

سوسة النخيل الحمراء

وأوضح رزق ان  الإدارة  قد عقدت أيضا عددًا من اللقاءات التوعوية للمزارعين والمهندسين الزراعيين حول فحص وعلاج سوسة النخيل الحمراء في محافظتي الفيوم والإسماعيلية. إضافة إلى ذلك، تُكثف الإدارة أعمال لجان المرور والتقارير والشكاوى، خاصة فيما يتعلق بزراعات الذرة والإصابة بدودة الحشد الخريفية، وآفات القطن والأرز والبنجر ومحاصيل الخضر والفاكهة. ويتم أيضًا توفير المبيدات، وتنظيم حملات بالتعاون مع الجهات ذات الصلة على محال الاتجار في المبيدات لضبط أي مخالفات أو مبيدات غير شرعية.

طباعة شارك مكافحة الآفات زارة الزراعة الآفات وزير الزراعة الخدمات الزراعية

مقالات مشابهة

  • مسؤولة أممية لـعربي21: الجوع يفتك بالغزيين.. وندعو العالم للتحرك فورا (فيديو)
  • الروبوت الزراعي يدخل جامعة بنها لمعالجة الآفات بالذكاء الاصطناعي
  • مكتبة مصر ببنها تنظم فعاليات تدريب حول «المهارات الأساسية للمواطنة الرقمية»
  • ليوناردو باكيًا: والدتي كانت تعاني في المستشفى وتعيش على الأنابيب.. فيديو
  • أيقونة العمل الوطني.. مشاركة المرأة المصرية في 30 يونيو كانت مثار إعجاب العالم
  • المركزية لمكافحة الآفات تشارك في ورشة عمل حول الوبائيات.. وتستقبل وفد سعودي للتعرف على وسائل المكافحة الحديثة للآفات
  • وقاية النباتات يستقبل وفدين من السعودية وإيكاردا لتعزيز التعاون في مكافحة الآفات
  • «وقاية النباتات» يستقبل وفدين من السعودية وإيكاردا لتعزيز التعاون في مكافحة الآفات
  • راضي الجعايدي: مشاركة الترجي والأندية العربية كانت مشرفة بكأس العالم للأندية
  • القهوة.. زرعت في اليمن فطاف اسمها العربي العالم