احتفل سيادة المطران يوسف سويف، رئيس أساقفة أبرشية طرابلس المارونية السامي الإحترام بقداس العيد في كابيلا القديسة ريتا في رعية عربة قزحيا، عشية العيد.

استُقبل سيادته عند وصوله من قِبَل الخوري مارون بشارة خادم الرعية والبعض من كهنة الجوار وجمهور كبير من المؤمنين بالزغاريد والرديّات الشعبية.

بعد نلاوة الإنجيل المقدّس، شكر سيادته في عظته خادم الرعية على دعوته، ورفع الصلاة عن نيّة المتبرعين ببناء الكابيلا مثمّنًا تقدمة كلّ محسن تهدف لبناء بيت الرب.

نوّه راعي الأبرشيّة إلى "الارتباط الجميل بين القديسة ريتا وشعب لبنان، لدرجة أن أكبر نسبة من زوار دير القديسة في كاشيا هم من اللبنانيّين، ما يدلّ على الكمّ الكبير من المحن وصعوبات والأزمات والصلبان والأشواك، التي نواجهها بالقرب من الله وبشفاعة القديسين وبالأخص القديسة ريتا التي بدورها حملت في مسيرة حياتها الأشواك والآلام والعذابات وحملت صليبها."

وتابع: "وحده الصليب الذي حملته وضمّته إلى صدرها وقلبها، هو الذي عزّاها وقوّاها وشجّعها وأعطاها أن تفهم يسوع المجروح المكلل بالشوك، وهو ملك الملوك، وربّ الأرباب، هو الذي خلق السماء والأرض، وسخريةً منه كلّلوه بإكليل من الشوك، واستهزأوا به: إذا كنت ملك اليهود خلّص نفسك والذين معك. يسوع عاش آلامًا جسديّة ونفسيّة لا توصف، تحمّلها عنّا، لذلك أمام إختبار الألم ا أجمل ما نقوله هو: "مع آلامك يا يسوع". وحين تصدر عنّا بحبّ، بثقة، وإيمان، وبعمق عندها، هذه الآلام تتحوّل تدريجيًا إلى ورود.

فحياتنا مبنيّة على آلام المسيح وقيامته، حياتنا مرتكزة على الفصح أي عبور المسيح من الألم إلى الفرح، من الموت إلى الحياة الجديدة التي أعطانا إياها يسوع بموته وبقيامته. في كل منا أشواك وضعف ولكن مع هذا الشوكة نلتمس نعمة. مَن وما هي النعمة؟ هي يسوع المسيح، هي نعمة الخلاص، نعمة المحبة، حقيقة يسوع المسيح الذي جعلنا نكتشف أنّ الله هو أولًا وأخيرًا " الله محبة".

وأضاف: "بمحبّته أرسل إبنه، والإبن عاش معنا وتضامن معنا وسار كل الإختبار الذي يعيشه الإنسان ورفعنا معه على الصليب، وحرّرنا من المرض والألم والحزن والبكاء والإحباط وخيبات الأمل، فكل إنسان عندما يجد نفسه أمام حائط مسدود أو خيبة أمل، يصرخ: "ليس عند الله أمر مستحيل - عسير".

وأكمل سيادته: "تُعلّمنا ريتا أنّ ليس عند الله أمر مستحيل، كل شيء ممكن، لأنّ الله هو الحبّ، وقوّة الحب تُحوّل وتُعطي حياة، بِتَجاوبي كإنسانٍ مع قوّة الحب أتجدد، وأتحمل ألألم لا بل يتحوّل الألم فيّ إلى نعمة الخلاص، طوبى للإنسان الذي يعيش مثل القديسة ريتا، التي تحمّلت آلام هذه الدنيا لأنّها نالت نعمة الخلاص ليس فقط لها، بل أيضًا ولزوجها ولأولادها ولكل العالم."

وختم سيدته: "أنتم تعرفون تمامًا يا أحبّائي أن ربّنا يستخدمنا، يستعملنا لخلاصه، لسلامه فبتحملنا واشراكنا في القليل من آلامه، يأخذ الربّ هذا القليل ويوزّعه نعمًا على ملايين البشر، نحن لا نعرف كيف، فالأهمّ هو الإيمان بأنّ الرب معنا، لا يتركنا، يرافقنا ويساعدنا لنعيش إيماننا بطريقة عميقة. فالقديسة ريتا ومار شربل أمثلة كيف يُكرمون اليوم، وهذا يجعلنا نُجدّد إيماننا به، أي بيسوع المسيح، بصليب المسيح، الذي لا يتركنا بل يرافقنا بالحياة، هو الذي كلّما أشركنا آلامنا بآلامه بالثقة وبالإيمان وبالرجاء وبالمحبة نصل إلى الخلاص والحياة الجديدة فنُصبح شهود وتلاميذ حقيقيّين ومُعلنين ليسوع، معلنين قيامته من بين الأموات. بالروح القدس الذي يُعزّينا، ويُقوّينا، ويُشجّعنا.:

وتمنّى راعي الأبرشية عيدًا مباركًا "وعسى أن يكون المزار علامة تجدّد لإيماننا وشهادة للمحبة وللرجاء الموجود فينا. آمين"

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: عيد القديسة ريتا الكنيست القدیسة ریتا

إقرأ أيضاً:

الدكتور يوسف عامر يكتب: ثواب الحج

يقول سيدُنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَن حجَّ للهِ فلم يَرفُثْ، ولم يَفسقْ، رَجَع كيَوْمَ ولدتْهُ أمُّه» [متفق عليه]. إنها منزلةٌ عظيمةٌ حقاً أن يتطهرَ العبدُ من ذنوبِه ويصبحَ كيوم ولدتْه أُمّه!

إنَّ النفسَ البشريةَ خُلقتْ طاهرةً نقيةً، ولكنها تتلوثُ بمرورِ الأيامِ، تتلوثُ بشىءٍ مِن تقصيرِ الآباءِ، وبشىءٍ من آثارِ البيئةِ المحيطةِ، ثم تجنى عليها يدُ صاحبِها حينَ يَقترفُ الآثامَ غيرَ مبالٍ بها، وهذا مؤثّرٌ فيه لا شكَّ.

وفى هذا الحديثِ الشريفِ يبينُ لنا سيدُنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم كيفَ يفوزُ العبدُ بالمغفرةِ التى تمحُو ذنوبَه، فيعودُ طاهراً كما ولدتْه أُمُّه، إنه يتجنبُ (الرفثَ) والرفثُ: الكلامُ الفاحشُ.

ويطلق أيضاً على المعاشرةِ الزوجيةِ، فالحاجّ منهىٌ عن الجماعِ مدةَ إحرامِه، والحجُّ يجعلُ النفسَ مسيطرةً على شهواتِها لا منقادةً لها، وإذا استطاع الحاجُّ أن يتحكمَ فى شهوتِهِ، ولم ينقدْ لها، وأمسكَ عليه لسانَه، فإنه بذلك يكونُ قد قطعَ الخُطوةَ الأُولى فى سبيلِ المغفرةِ.

ثم تأتى الخطوةُ الثانية وهى فى قولِهِ صلى الله عليه وسلم: «ولم يفسقْ»، أى لم يقترف المعاصى، ويَحسنُ بنا هنا أن نقفَ على أصلِ معنَى كملةِ (فسق)، تقولُ العربُ: فسَقَتِ الرطبَة عن قشرِها؛ أى: خرجتْ عنه، فالفاسقُ خارجٌ عن حدودِ الشرعِ الشريفِ، سواءٌ أكان مُخلاً بجميعِ أحكامِ الشرعِ أو ببعضِها.

والحديثُ الشريفُ هنا اشترطَ لحصولِ المغفرةِ عدمَ وجودِ الفسق، فكما أنَّ الحاجَّ حفِظَ لسانَهُ من الكلامِ الفاحشِ (الرفث)، وكما أنه تحكمَ فى نفسِه ولم يرتكبِ الشهوةَ التى أحلَّها الله تعالى له فى غيرِ وقتِ الإحرامِ، فكذلك عليه أن يتحكمَ فى نفسِهِ ويسيطرَ عليها فلا يدعَها ترتكبُ إثماً كبيراً أو صغيراً حتى يفوزَ بمغفرةِ الذنوبِ.

ثم تأتى البشارةُ فى قولِه صلى الله عليه وسلم: «رَجَع كيَوْم ولدتْهُ أمُّه»، وكلمةُ (رجع) تبينُ أنه يعودُ من حَجِّهِ نقىَّ اللسانِ، طاهرَ الأركان، مشابهاً يومُه يومَ ولادتِه فى خلوه من الذنوب، ومثلُ هذه النفسِ تتأثرُ بالقرآنِ الكريمِ إذا تَلَتْ، وبالذكرِ إذا ذكرَتْ، وبالصلاةِ إذا صَلَّتْ، وبالزكاةِ والصدقةِ إذا زكَّتْ وتصدقَتْ، وبالصيامِ إذا صامَتْ.

كيف لا وهى نفس نقية تقية التزمت الخير وتزودت التقوى؟ وكانت كما أمر الله تعالى فى كتابه: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِى الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِى الْأَلْبَابِ}، فاجتنبتِ الرفثَ والفسوقَ والتنازعَ، وعمِلَتِ الخير، وتزودتْ مِن التقوى!

والمسلمُ بالحجِّ قد أكملَ أركانَ دينِهِ، ولا يصحُّ أن يكملَ أركانَ دينِهِ فى الصورةِ الظاهرةِ ثُم يخلُّ بها فى الباطنِ، والبعضُ قد يعودُ بعودتِهِ مِن الحجِّ إلى ما كان قد هجره من سيِّئ الأخلاقِ والأفعالِ والأقوالِ، وهذا انتكاسٌ لا يليقُ بمسلمٍ عاقلٍ أن يرتكبَه، خصوصاً بعد أن غُفرَتْ له ذنوبُه وأعطىَ فرصةً عظيمةً فى أن يبدأَ الحياةَ بدايةً جديدةً يجمعُ فيها بينَ طهارةِ الولادةِ وخبرةِ النضجِ الذى اكتسَبَهُ فى أيامِ عُمرِةِ، إنه مكسبٌ عظيمٌ لا يليقُ بعاقلٍ ناضجٍ أن يَفقده.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: الأوضاع في قطاع غزة جحيم.. وتوصيل المساعدات شبه مستحيل
  • مسؤول أممي: توصيل المساعدات لسكان قطاع غزة أمر شبه مستحيل
  • المطران ابراهيم احتفل باليوبيل الفضي للمتزوجين في ابلح: الزواج في المسيحية ليس مجرد عقد
  • الدراج رقيقي ثانيا في سباق “Courts Mammouth” موريس
  • عودة: على حكماء هذا البلد أن يتفقوا على مبادىء واضحة وتفاسير موضوعية لكل ما يختلف عليه اللبنانيون
  • مهللين ومكبرين وشاكرين نعمة الله عليهم.. “مشعر منى” يستقبل ضيوف الرحمن لرمي جمرة العقبة
  • محافظ بني سويف يُؤدى صلاة عيد الأضحى بساحة مسجد عمر بن عبد العزيز
  • المطران ابراهيم في رسالة عيد الاضحى: لانتخاب رئيس للجمهورية يُعيد انتظام عمل المؤسسات
  • تحت رعاية وحضور الأنبا عمانوئيل مؤتمر إيمان ونور الإيبارشي
  • الدكتور يوسف عامر يكتب: ثواب الحج