صحيفة البلاد:
2025-07-02@19:15:57 GMT

سلمان رشدي والصهيونية

تاريخ النشر: 29th, May 2024 GMT

سلمان رشدي والصهيونية

” عندما يهجم عليك شخص يحمل سكيناً، 27 ثانية وقت طويل جداً. جاء يركض نحوي بسرعة. لم يكن لدي وقت للقيام بأي شيء. معه سكين ومعي مايكروفون ..عمري 75 وعمره 24. لم أستطع الهرب منه، ولم أكن قادرا على مواجهته، حتى وإن لم يكن حمل سكيناً. تعرّضت لطعنات في أكثر من 15 موضعاً في جسمي.”

هكذا كان تعبير الكاتب الهندي الأصل والبريطاني الجنسية سلمان رشدي، واصفاً الحادثة التي تعرّض لها أمام جمهور كبير وصل عدده إلى أكثر من 1000 شخص.

كان رشدي يلوّح بيديه للجمهور الذي كان يصفق له عندما انطلق شاب ذو أصول لبنانية واتجه نحو خشبة المسرح صوب رشدي وهو يحمل سكيناً. من المفارقات الساخرة أن هذه المناسبة الأدبية في نيويورك تتناول الحديث عن ضرورة حماية المؤلفين المعرضين للخطر وكيفية تقديم المساعدة لهم.

حياة رشدي مليئة بالمفارقات الساخرة إذ كان يعبّر صراحة ويقول إن الخوف الذي كان يلازمه طوال حياته هو أن يفقد بصره. الآن يبدو سلمان رشدي في الصور الحديثة له كما لو كان موشي دايان، وزير الدفاع الصهيوني السابق، بعين واحدة لأنه فقد العين اليمنى إلى الأبد في تلك الحادثة التي خصّص لها كتابا جديداً يحمل عنوان “سكين” يسجّل فيها مذكراته مرة أخرى وانطباعاته بعد لقائه بالموت وجهاً لوجه.

كان رشدي قد كتب مذكراته سابقا في 2012 وخصصها للحديث عن سنوات الاختفاء عن الناس وعدم الظهور أمام العامة هرباً من الشخص الذي كان يبحث عن 3 مليون دولار كمكافأة لمن يأتي برأسه بعد فتوى الخميني الشهيرة ضد روايته الضعيفة فنياً والموسومة “الآيات الشيطانية”. كان يمكن لرشدي أن يظل مجهولاً لا يعرفه أحد لكن تلك الفتوى صنعته إعلاميا أمام العالم الغربي. رغم أن اختفاء رشدي الإجباري عن الأنظار طيلة العقود الماضية قد أبقاه حياً إلى الآن ، إلا أن شبح الموت ظل يطارده منذ روايته المشؤومة التي اعتمد في حبكتها على انتقاد الإسلام والمسلمين. ليس هو فقط، وإنما امتدت هذه اللعنة لتصل إلى مترجميها وناشريها؛ إذ تعرّض مترجمها الياباني للطعن والقتل في 1991، كما تعرض مترجم الرواية الإيطالي إلى الطعن لكنه نجا من الموت. وقد تعرض الأديب والمترجم التركي الشهير عزيز نيسين إلى هجوم في 1993 عندما أشعل المهاجمون النار في فندق بتركيا الأمر الذي أدى إلى مقتل 37 شخصاً. أما المظاهرات الغاضبة التي انفجرت في بومبي وقت صدور الرواية، مات فيها ما لايقل عن عشرة أشخاص.

رغم كل هذه الأحداث الدرامية التي ملأت حياته، لا يبدو أن البوصلة التي يستخدمها رشدي صالحة ،فقد أصابها العطب منذ الآيات الشيطانية وحتى هذه اللحظة لأنه اختار أن يقف مع الصهاينة ضد إقامة الدولة الفلسطينية. وقال هذا الكاتب في حديث مع منصة إليكترونية ألمانية أن المظاهرات في الجامعات الأمريكية الداعمة لفلسطين ومنها جامعة نيويورك التي يعمل بها قد اتجهت إلى معاداة السامية. تلقّف العدو الصهيوني هذه التصريحات ونشرها في حساباته الالكترونية لترويج السردية الإسرائيلية في حربها على غزة و التي تتناقض مع الأدب الحقيقي الذي يُعلي من شأن الإنسان ويدافع عنه. موقف رشدي الراهن هذا يشكّك في أدبيّة أعماله وينسفها.

khaledalawadh @

المصدر: صحيفة البلاد

إقرأ أيضاً:

رحلة جمالية في مدونة شعرية

قبل سنوات بعيدة كنت أتابع صفحة مخصّصة للشعر المترجم المكتوب باللغة الإنجليزيّة، في مجلة (دبي الثقافية)، وللشعر الإنجليزي مكانته الرفيعة بين الآداب العالمية لغناه وتنوّعه، وتأثيره في شعراء الحداثة العربية كالسيّاب، وميزة تلك النصوص المترجمة أنها منتقاة بعناية، ويقوم بترجمتها شاعر له تجربة طويلة وقد تُرجم شعره إلى عشرين لغة هو الدكتور شهاب غانم، وإلى جانب ذلك، له باع طويل في الترجمة وحاصل على أكثر من 30 جائزة وتكريما في مجال الشعر والترجمة والبحث العلمي، منها جائزة طاغور للسلام من الهند عام 2012م، وجائزة جمعية الشعر العالمية عبر القارات للثقافة والإنسانية من الهند 2013م وجائزة شخصية العام الثقافية ضمن جائزة العويس للإبداع من الإمارات 2013م، وجائزة أفضل مترجم لعام 2014م من المركز الدولي لترجمة الشعر والبحوث من الصين.

فكنت أحرص على متابعة تلك الصفحة، وأحيانا أنقل النصوص في دفتر خصّصته لنصوص مختارة، وبعد أن توقّفت مجلّة (دبي الثقافية) عن الصدور، فقدتُ تلك المساحة الجميلة، ولكنّ الدكتور شهاب غانم لم يتوقّف عن ترجمة تلك القصائد للشعراء الإنجليز، وقام أخيرا بجمع النصوص التي ترجمها، وأصدرها في كتاب حمل عنوان (اذهب وتلقَّف نجمةً تسقط) نشرته دارة الشعر العربي بالفجيرة، وضمّ مُختارات شعرية لمائة شاعر وشاعرة يكتبون بالإنجليزية، معظمهم من الذين حصلوا على جوائز عالميّة مثل نوبل أو عُيّنوا برتبة شاعر البلاط وبعضهم من المعاصرين الذين عرفهم المترجم شخصيا «وكثير من القصائد المختارة تحمل طابعا إنسانيا خاصا» كما يقول الدكتور شهاب غانم، وبذلك يضع المعيار الذي جعله يختار النصوص دون سواها، وهكذا اختار لمارجريت كافندش (١٦٢٣ - ١٦٧٣م) قصيدة (لم أُولد أو أنشأ شاعرة) ولجون درایدن (١٦٣٠ - ١٧٠٠م) أغنية من (الإمبراطور الهندي) ولإليزابيث توماس (١٦٧٥ - ١٧٥١م) (الزوجة المهجورة)، وللإسكندر بوب - (١٦٨٨ - ١٧٤٤م) قصيدة عن العزلة، ولوليم بليك (١٧٥٧ - ١٨٢٧م) سر الحب وشجرة السم، ولروبرت برنس (١٧٥٩ - ١٧٩٦م) (وردة حمراء.. حمراء) ولويليام وردزورث (١٧٧٠ -١٨٥٠م) (النرجس الأصفر) و(إن قلبي يثب) ولصامويل تیلر ولردج (١٧۷۲- ١٨٣٤م) مقطعا من قصيدة (أنشودة الملاح العجوز) وللورد بایرون (١٧٨۸ - ١٨٢٤م) قصيدة (عندما افترقنا) ولبرسي بسشي شيلي (۱۷۹۲-۱۸۲۲) قصيدة (فلسفة الحب) ولجون كيتس (١٧٩٥-١٨٢١م) (عندما تنتابني المخاوف) ولهنري وادسورث لونجفيلو (۱۸۰۷-۱۸۸۲م) (مزمور الحياة) ولإدوارد فتز جرالد (۱۸۰۹ - ۱۸۸۳م) من ترجمات رباعيات الخيام واختار الرباعية 51 والرباعية 14 والرباعية 36، ولم يكتفِ بترجمة نصّ واحد لكلّ شاعر، فقد ترجم لوليم شكسبير (١٥٦٤ - ١٦١٦م) عدّة نصوص من بينها: السوناتا 18، والسوناتا 116 ومقطع من مسرحيّة (هاملت) هو مقطع (أن تكون، أو لا تكون) ومن مسرحيّة (يوليوس قيصر) ترجم مقطع (لقد جئت لدفن قيصر لا للثناء عليه) ومن مسرحيّة (كما تحب) ترجم مقطعا اختاره من الفصل الثاني والمشهد السابع (هذا العالم مجرد مسرح)، واختتم ترجماته لشكسبير بنص (غداً.. وغداً.. وغداً) وهو مقطع من المشهد الخامس في الفصل الخامس من مسرحية (ماكبث) عندما يصل خبر موت الملكة لماكبث فيقول:

كان ينبغي أن تموت في وقت لاحق

كان سيأتي زمن مناسب لمثل هذه الكلمة

غداً.. وغداً.. وغداً

تزحف هذه الوتيرة التافهة يوما بعد يوم

حتى آخر مقطع في سجل الزمان

انطفئي، انطفئي، أيتها الشمعة الوجيزة

ليست الحياة سوى ظل يمشي

حكاية يرويها أحمق ملأى بالصخب والعنف

فيما اختار لإليزابيث براوننج (١٨٠٦ - ١٨٦١م) ثلاث قصائد هي: (اقرأ بوجهي) و(إن كان لا بد من حب...) و(كيف أحبك؟ دعني أعدد الطرق) وللشاعر جون دون (١٥۷۲-١٦٣١م) قصيدتان هما: (اذهب وتلقّف نجمة تسقط) التي حمل الكتاب عنوانها وقصيدة (لا يوجد إنسان جزيرة)، إلى جانب نصوص أخرى عديدة مترجمة لشعراء آخرين كبار اختارها المترجم ووضعها بين دفّتي كتاب من (384) صفحة من القطع المتوسط.

وفي بعض النصوص التي قام بترجمتها يمدّ الشاعر المخبوء داخله عنقه فيقوم بترجمتها بشكل موزون، كما رأينا في ترجمته لقصيدة الملكة إليزابيث الأولى (١٥٣٣ - ١٦٠٣م) الموسومة (عندما كنت في الصبا ذاتَ حُسن) إذ ترجمها على شكل رباعيّات:

عندما كنت في الصبا ذاتَ حُسن

وحفيّا كان الزمان بشأني

كم أتتني الرجال تخطب ودّي!

إنّما الازدراء قد كان ردّي

كم عيون فيّاضةٍ بالدموع

وقلوب مسعورة بالولوع

فجاء الكتاب ليكون «رحلة جمالية وجسرا وجدانيا يربط الإنسان بأخيه الإنسان متجاوزا حواجز الجغرافيا والتاريخ واللغة»، كما جاء في كلمة الغلاف الأخير من الكتاب الذي قدّم أنطولوجيا في الشعر المكتوب باللغة الإنجليزية، فما أمتعها وما أجملها من رحلة ربّانها شاعر!

مقالات مشابهة

  • رحلة جمالية في مدونة شعرية
  • ٣٠/ يونيو، ليلة القبض علی جَمْرَة!!
  • ترمب: سنعيد ملء الاحتياطي النفطي عندما تسمح السوق
  • سلمان بن إبراهيم: الهلال سفير ناجح للقارة الآسيوية
  • شوبنهاور ولعبة العقل
  • عندما تهاجر عقول الوطن! 
  • عندما يكون الإنسان أكثر وحشية من الآلة!
  • شاهد بالفيديو.. شاب سوداني يجهش بالبكاء أثناء سرده قصته مع “القطة” التي كان يطعمها كل يوم وعندما تعرض لضايقة مالية ردت له الجميل وجاءته بكيس فيه أموال والجمهور يصف الواقعة بالمعجزة الإلهية
  • و أمرت النيابة العامة بحبس مالك السيارة المتسببة في حادث الطريق الإقليمي بمحافظة المنوفية لتمكينه المتهم من قيادتها رغم علمه بعدم حيازته رخصة تجيز له قيادة تلك المركبة. جاء ذلك في إطار التحقيقات التي تجريها النيابة العامة في الحادث المروري المروع الذي وقع
  • "حتى لا أتكشف عندما يقتلونني"!