قالت صحيفة لوفيغارو إن قناة بنما، هذا الطريق البحري الذي يربط المحيط الأطلسي بالمحيط الهادئ منذ قرن من الزمان، يعاني من نقص خطير في المياه يعيق ملء ممراته العملاقة ويبطئ نشاطه منذ العام الماضي، مشيرة إلى أن الحلول المتوخاة تهدد بعض السكان.

وأوضحت الصحيفة -في تقرير لمبعوثها الخاص إلى باناما كوينتين دوفال- أن السفن العملاقة المملوكة لكبار شركات التجارة البحرية العالمية ظلت تعبر قناة بنما لأكثر من قرن على مياه تربط بين المحيط الهادئ والمحيط الأطلسي، متدفقة على مساحة شاسعة من بحيرة غاتون.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2جيروزاليم بوست: من سيخرج منتصرا إذا نُفذ مقترح بايدن لوقف إطلاق النار؟جيروزاليم بوست: من سيخرج منتصرا إذا نُفذ ...list 2 of 2هآرتس: مشكلة إسرائيل هي مجتمعها المتعفن وليس غانتسهآرتس: مشكلة إسرائيل هي مجتمعها المتعفن ...end of list

وفي كل عام كان ما يقرب من 12 ألف سفينة حاويات، تعبر هذا الشريان الإستراتيجي، بحيث تستخدم واحدة من كل عشرين سفينة من الأسطول التجاري العالمي هذه القناة، كما يعبرها نحو 40% من الحاويات الأميركية.

لكن عدم كفاية هطول الأمطار عام 2023، فرض على هيئة قناة بنما أن تقلل حركة المرور، مما عطل هذا الباليه البحري بشكل خطير، وربما يطول هذا الوضع مع استمرار الجفاف، كما يقول مبعوث الصحيفة.

جفاف مؤثر

وقد تم تخفيض عدد الممرات اليومية بنسبة 40%، ليسمح بعبور 27 سفينة بدل 36 بين المحيط الهادئ والمحيط الأطلسي في الاتجاهين.

ويقول ريكاردو غويتي كالديرون، عالم المياه (الهيدرولوجيا) الذي يعمل لدى القناة ويقيس عدة مرات في الأسبوع مستوى بحيرة غاتون، إنهم طلبوا من مالكي السفن تقليل حمولتها بسبب انخفاض الغاطس في الخزان الاصطناعي الهائل الذي يغذي السلالم ويسمح لسفن الحاويات بالتنقل، خاصة أن القناة لا تتزود من مياه المحيطات، لأنها تقع على ارتفاع 26 مترا فوق مستوى سطح البحر.

وبالإضافة إلى الحد من حركة المرور، وضعت الإدارة إستراتيجية لتوفير المياه داخل السلالم، بحيث يتم إرسال نصف المياه من الحوض الأول إلى الآخر للسماح لسفينة الشحن بالوصول إلى مستوى بحيرة غاتون، في عملية تستغرق 10 دقائق.

وبالتالي فإن الجفاف -كما يقول المراسل- يؤثر بشكل مباشر على سلاسل الإنتاج المعولمة من خلال إبطاء تسليم المنتجات أو تمديد وقت السفر بالنسبة للسفن التي تمر عبر كيب هورن، خاصة أن الضغط اشتد على قناة بنما عندما بدأ الحوثيون دعما لشعب غزة، بمهاجمة السفن التي تمر عبر قناة السويس والبحر الأحمر.

وتمثل عائدات القناة التي اكتمل العمل فيها عام 1914، اليوم 6% من الناتج المحلي الإجمالي لدولة بناما الصغيرة في أميركا الوسطى، ويتعين على مجموعة دول أفريقيا والبحر الكاريبي والمحيط الهادئ أن تدفع ما يقرب من 2.5 مليار دولار لبنما كل عام، إلا أن العجز هذا العام يتراوح بين 150 و200 مليون دولار، وهو أقل بكثير من الـ700 مليون المعلن عنها بداية العام.

سفينة حاويات أثناء عبورها قناة بنما في الأول من يونيو/حزيران 2024 (الأوروبية) القناة الجافة كحل

وفي مواجهة حالات الجفاف، تجري دراسة طرق بديلة مختلفة، وقد قدمت الحكومة السابقة مشروع "القناة الجافة" الذي يخطط لاستخدام السكك الحديدية والطرق والمطارات والمناطق الحرة كأدوات إضافية لتسهيل نقل البضائع، إلا أن تدشين خط السكة الحديد في المكسيك لربط المحيط الهادئ بالمحيط الأطلسي يشكل منافسا للطريق البنمي، مع أن النقل البحري يظل دائما أرخص من تفريغ وإعادة تحميل المنتجات.

والحل الآخر الذي تم النظر فيه هو بناء سد إضافي على نهر إنديو، الواقع على بعد 15 كيلومترا من بحيرة غاتون، لتوفير المياه لضمان مرور ما بين 11 و16 سفينة شحن إضافية كل يوم، وتقدر قيمة هذا المشروع الذي تمت دراسته عام 2006، بنحو 1.2 مليار دولار، إلا أن القانون يمنع حتى الآن امتداد سيطرة الهيئة إلى نهر إنديو.

وفي ليمون دي شاغريس، وهي قرية صغيرة تضم حوالي ستين عائلة، ينبغي بناء الخزان الجديد، ويقول أوليغاريو هيرنانديز (86 عاما) وهو يكافح لإخفاء مشاعره من خلال تخيل حياته بأكملها مغمورة تحت الماء، "هنا أزرع الذرة والكسافا، ولدي ماشية تأتي لترعى وكل شيء سيُغمر بالمياه"، كل شيء ينمو في هذه المنطقة الجبلية كالموز والأرز والفاصوليا والكسافا.

وتقدر الهيئة عدد المتضررين من هذا السد المستقبلي بألفي شخص، إلا أن السكان يعتقدون أنه سيكون ضعف ذلك أو ثلاثة أضعافه، مع الإشارة إلى أن سكان ليمون دي شاغريس لن يستفيدوا مهما كانت أمة بأكملها تعيش على القناة.

وختم المراسل بقول فلاح من هذه القرية إن قيمة مزرعته يجب أن تكون 7 آلاف دولار، لكن الشركة الفاحشة الثراء (هيئة القناة)، لا تريد أن تدفع، متسائلا كم تدفع السفينة مقابل المرور؟ الملايين، أليس كذلك؟.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ترجمات المحیط الأطلسی المحیط الهادئ قناة بنما إلا أن

إقرأ أيضاً:

بعد خسارة شريان النفط.. هل بات الجيش السوداني مجبرا على التفاوض؟

أعاد سقوط مدينة هجليج النفطية في غرب كردفان إلى واجهة المشهد سؤالا ملحا عن مستقبل الحرب في السودان، بعد أن فقدت الخرطوم أحد أهم مواقعها الاقتصادية، وبرزت مخاوف من تغير موازين القوة بما قد يفرض مسارا سياسيا جديدا على أطراف الصراع.

وتمثل هجليج المتاخمة لدولة جنوب السودان نقطة ارتكاز اقتصادية للجيش، إذ اعتمدت الدولة على عائداتها في تمويل العمليات العسكرية وتغطية النفقات الأساسية، ومع انتقالها إلى قوات الدعم السريع وتعليق الشركات الأجنبية نشاطها، يتخذ الضغط المالي على الخرطوم بُعدا أكثر حدة يؤثر مباشرة في قدرة الجيش السوداني على إدارة الحرب.

ويرى الدكتور لقاء مكي، الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات، أن توقف الضخ لا يحرم الخرطوم من عائداتها فقط، بل يضرب البنية الاقتصادية للدولة في لحظة تحتاج فيها الحكومة إلى موارد مضاعفة لتثبيت خطوط الإمداد.

ويعتبر، في حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر"، أن خسارة هجليج تنقل الجيش من وضعية القتال إلى وضعية الدفاع عن بقايا موارده الأساسية.

أما على المستوى السياسي، فيمنح سقوط الحقول الدعم السريع نفوذا إضافيا، حيث يعتقد الكاتب والمحلل السياسي محمد تورشين أن السيطرة على هجليج -مثلما حدث سابقا مع مصفاة الجيلي شمال الخرطوم- ستشكل ورقة ضغط لإرباك الحكومة وإفقادها أدوات التمسك بالميدان.

ويصف تورشين هذا التحول بأنه "ضربة مركّبة" تجمع بين استنزاف الجيش اقتصاديا وتوسيع مساحة مناورة الدعم السريع سياسيا.

وتتعاظم أهمية هذا التطور لأن السيطرة على هجليج ليست حدثا معزولا، بل تأتي ضمن سلسلة تقدمات في غرب كردفان.

محاور ضغط متزامنة

ووفق تورشين، يتحرك الدعم السريع ضمن تصور يهدف إلى خلق محاور ضغط متزامنة على الأُبيّض والدلنج وكادقلي بكردفان، بحيث يجد الجيش نفسه أمام جبهات متوازية تستنزف قدراته في وقت واحد، مع ما يرافق ذلك من اهتزاز معنوي داخل المؤسسة العسكرية.

إعلان

هذه التطورات الميدانية ترفع درجة القلق الأميركي، فالدكتور كاميرون هدسون، مستشار المبعوث الأميركي السابق للسودان، يرى أن سيطرة الدعم السريع على مواقع اقتصادية كبرى تدفع واشنطن إلى إعادة النظر في مقاربتها، لأن ميزان القوة يتغير بوتيرة أسرع مما تسمح به التحركات الدبلوماسية.

ويشير إلى أن تقدم الدعم السريع نحو مناطق مأهولة وثقلية مثل الأُبيّض أو أطراف العاصمة الخرطوم، يعني اقتراب الحرب من "منطقة اللاحسم" التي تخشاها الولايات المتحدة.

ويضيف هدسون أن واشنطن تخشى سيناريو يصبح فيه الدعم السريع القوة المهيمنة فعليا على معظم غرب وجنوب السودان، ما يحدّ من فرص فرض تسوية متوازنة، ويعتبر أن هذا المسار يجعل الولايات المتحدة مضطرة للتدخل السياسي بوتيرة أعلى، حتى وإن كانت رؤيتها للحل لا تزال غير مكتملة.

لكن هذا التدخل نفسه يعاني ارتباكا، كما يوضح هدسون، إذ تتباين مواقف البيت الأبيض ووزارة الخارجية والمبعوث الخاص، في مشهد يعكس غياب إستراتيجية موحدة.

ويرى مستشار المبعوث الأميركي السابق للسودان أن الإدارة الأميركية تتصرف وفق منطق "منع الأسوأ" أكثر من سعيها لتحقيق نتائج فعلية، وهو ما يجعل أي مبادرة أميركية عرضة للتراجع أمام سرعة التطورات على الأرض.

على الجانب السوداني، تتعمّق الأزمة مع غياب أدوات بديلة تعوّض خسارة العوائد النفطية، وفي هذا يرى لقاء مكي أن انهيار الإيرادات يضع الجيش أمام اختبار قاسٍ، لأن الحرب لا يمكن إدارتها بلا موارد ثابتة، بينما تزداد كلفة العمليات كلما توسعت رقعة سيطرة الدعم السريع.

ويؤكد أن هذا الخنق المالي يختصر زمن الحرب مهما حاول الجيش تأجيل لحظة التفاوض.

موقف أضعف إقليميا

ويشير محللون دوليون إلى أن السيطرة على هجليج تقوّض أيضا قدرة الخرطوم على إدارة علاقاتها الإقليمية، خاصة مع دولة جنوب السودان، التي تعتمد على خطوط الأنابيب العابرة لهجليج، فغياب تدفق النفط يخلق توترا جديدا مع جوبا، ويضع الحكومة السودانية في موقف أضعف أمام أي مفاوضات إقليمية مقبلة.

ويؤكد تورشين أن قدرة الجيش على استعادة زمام المبادرة باتت محدودة، لأن الدعم السريع استثمر التفوق في المسيّرات والتقنيات الحديثة لتعطيل السلاح الجوي السوداني وإرباك منظومة الدفاع.

ويرى أن الجيش يواجه اليوم حربا تُدار بأدوات لا يمتلكها، ما يضعه في موقع المتلقي أكثر من موقع الفاعل.

وفي ظل هذا المشهد المعقد، تبدو فرضية أن يضطر الجيش إلى التفاوض أقرب إلى الواقع، فمعادلة "القتال حتى الحسم" تفقد وجاهتها مع تراجع الموارد، واتساع رقعة السيطرة المضادة، وثبات المجتمع الدولي على مقاربة تسعى لإدارة الأزمة لا حسمها.

ويشير مكي إلى أن الخرطوم، رغم رفضها المتكرر لأي صيغة تضم الدعم السريع، تُدفع تدريجيا نحو الاعتراف بأن استبعاد خصم يسيطر على نصف البلاد ليس خيارا قابلا للتطبيق.

ورغم ذلك، تبقى التسوية بعيدة عن الصياغة النهائية، فالقوى الإقليمية والدولية لم تتفق بعد على شكل النظام السياسي المقبل، والدعم السريع نفسه لا يمتلك أدوات حكم مستقرة، والجيش يرفض منح خصمه شرعية سياسية.

إعلان

لكن المؤكد أن سقوط هجليج أزاح ورقة اقتصادية كبرى كانت الخرطوم تعوّل عليها، وأدخل الحرب في مرحلة جديدة تُكتب قواعدها تحت ضغط الوقائع لا تحت سقف البيانات.

مقالات مشابهة

  • خبير استراتيجي: إسرائيل تلوّح بورقة المياه للضغط على الأردن
  • بعد خسارة شريان النفط.. هل بات الجيش السوداني مجبرا على التفاوض؟
  • قناة السويس تحقق إيرادات بنحو 40 مليار دولار بين 2019-2024
  • 7 سنوات سجنا نافذا لصاحب قناة تلفزيونية نشط باعتماد مزور
  • انتشار سيارات شفط المياه بمحافظات قناة السويس
  • نجاح عملية عبور "الحوض العائم" GREEN DOCK 3 بقناة السويس
  • عبور تاريخي للحوض العائم GREEN DOCK 3 عبر قناة السويس مع تدابير ملاحية خاصة
  • أغاني أطفال لولو.. تردد وطريقة تنزيل قناة وناسة 2025 على نايل سات
  • تغطية حصرية لبطولة كأس العرب.. تردد قناة الكأس 1 الجديد على نايل سات
  • فرق المعامل بشركة المياه تتوجه للمراقبة اليومية طوال 24 ساعة