سودانايل:
2025-12-14@16:16:40 GMT

مؤامرة الصمت عن السودان ومشكلة اللاجئين فى مصر

تاريخ النشر: 7th, June 2024 GMT

د. أحمد عبدالعال عمر
وظيفة المفكر والكاتب كما تعلمنا من أساتذتنا الكرام هى أن يفكر بصوت مسموع، وأن يكتب بفصاحة وشجاعة فى الموضوعات والقضايا والمشكلات التى يفكر فيها الآخرون دون صوت، لأنهم يخشون التعبير عنها أو لا يملكون مهارات وأدوات هذا التعبير.
ولعل أهم الموضوعات والمشكلات المثيرة للخوف والجدل فى مجتمعنا المصرى اليوم، والتى أصبحت تُثير اهتمام وحيرة رجل الشارع البسيط، واهتمام المسؤولين الرسميين ومؤسسات الدولة، هى مشكلة الوافدين واللاجئين فى مصر عامة، ومشكلة الوافدين واللاجئين السودانيين على وجه التخصيص، بعد أن أدى طوفان لجوئهم إلى مصر هروبًا من الحرب العبثية الدائرة فى السودان منذ عام ونصف، وتمركزهم بأعداد كبيرة فى محافظات ومدن وأحياء محددة إلى بعض المخاوف الأمنية والاجتماعية، وإلى زيادة أعباء المصريين الاقتصادية نتيجة مزاحمة اللاجئين لهم فى سوق وفرص العمل، ونتيجة ارتفاع أسعار العقارات والإيجارات فى مدن ومناطق تمركزهم على نحو يفوق قدرة المصريين على الاحتمال فى ظل ظروف اقتصادية مصرية داخلية ضاغطة عليهم بالأساس.


وفى حقيقة الأمر، إن صمت العالم ومعظم وسائل الإعلام عن ما يحدث فى السودان من حرب بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع، وما يترتب عليها من جرائم فى حق الشعب السودانى، يجعلنى أرى فى هذا الصمت مؤامرة كبرى هدفها إعطاء الفرصة لتمزيق وحدة السودان والسيطرة على خيراته لصالح بعض القوى الإقليمية والدولية، بعد تهجير أكبر عدد من أهله إلى مصر، ليصبح اللاجئون السودانيون فى مصر قنبلة موقوتة يُمكن تفجيرها لاحقًا، وليزيدوا بوجودهم الضخم من الأعباء الاقتصادية والاجتماعية والأمنية للدولة المصرية.

وهذا يعنى أن مصر هى الخاسر الأكبر من الحرب بين الإخوة الأعداء فى السودان، ومن المؤامرة التى تُحاك ضد شعبه ومقدراته، وأن هذه الحرب وتلك المؤامرة أصبحت تهدد ثوابت أمن مصر القومى، وتهدد كذلك اقتصادها وأمنها الداخلى واستقرار وتوازن مجتمعها على نحو أخطر فى ظنى مما يحدث فى غزة.

ومع احترامى الشديد للخوف الإنسانى وغريزة حب البقاء التى دفعت ملايين السوريين واليمنيين والسودانيين لترك بلادهم وأرض أجدادهم، وتحولهم إلى لاجئين فى بلاد الآخرين، فإننى أظن اليوم أن تهجيرهم وتيسيره مع بداية الحرب الأهلية فى سوريا واليمن والسودان كان مؤامرة تهدف إلى تفريغ المدن السورية واليمنية والسودانية لتصبح الأرض مسرحًا لتنفيذ مخطط إسقاط أنظمة هذه الدول وتمزيق وحدتها وأرضها، مع التقليل بقدر الإمكان من حجم الخسائر البشرية حتى يظل ضمير العالم فى الثلاجة لحين اكتمال مخططات الإسقاط والتقسيم.

وبناء على ذلك يُمكن القول إن هروب هؤلاء اللاجئين السريع مع بداية الحرب من بلادهم وبيوتهم وأرض آبائهم وأجدادهم بدافع السلامة والخلاص الشخصى والعائلى، كان جريمة ضمنية أخرى فى حق أوطانهم يسرت تنفيذ مخططات أعدائها، وربما لو تشبثوا بالبقاء فى بلادهم ودفعوا ثمن ذلك الخيار الوطنى، لأفشلوا إلى حد كبير هذه المُخططات.

وبعيدًا عن موضوع اللاجئين أنفسهم وعلاقتهم بأوطانهم، وأن بعضهم قد استغل حالة انعدام الأمن مع بداية الحرب فى السلب والنهب، ورحل عن بلاده محملًا بالكثير عن المال الناتج عن ذلك، وعودة للحديث عن تفاقم مشكلة الوافدين واللاجئين عمومًا فى مصر والمخاوف والمخاطر الاجتماعية والاقتصادية والأمنية والثقافية المترتبة عليها، يمكن القول إن التصدى لبحث هذه المشكلة فى بلدنا من أجل محاولة حلها قبل تفاقمها وانفجارها المتوقع فى وجهنا بشكل يُهدد أمننا الاقتصادى والاجتماعى، ويؤثر سلبيًا على علاقتنا الإنسانية والتاريخية والسياسية بهذه البلاد وشعوبها يتطلب دراسة الأسئلة التالية ومحاولة الإجابة عنها:

- ما هى أهم مخاوف المصريين الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والأمنية من طوفان الوافدين واللاجئين فى مصر، وكيف يمكن التعامل معها وتقليل مخاطرها؟

- ما هى الأعداد الفعلية للوافدين واللاجئين المقيمين فى مصر اليوم، سواء المسجلين منهم فى مفوضية اللاجئين أم غير المسجلين، وما هى طريقة دخولهم لمصر؟

- ما هى دوافع خروج كل منهم من أوطانهم، وما هى إمكانية عودتهم إليها بعد استقرار أوضاعها؟

- ما هى مصادر دخلهم وإنفاقهم فى مصر، ونمط حياتهم وطبيعة علاقاتهم فيها؟

- ما هى أهدافهم الحالية والمستقبلة من وجودهم فى مصر؟ وهل مصر بالنسبة لهم وطن مؤقت لحين استقرار الأوضاع فى بلادهم؟ أم هى وطن بديل وفرصة استثمار وحياة أفضل؟ أم مجرد معبر إلى أوروبا؟.

وأظن أن الإجابة على هذه التساؤلات بموضوعية مع دعوة الدولة المصرية للوافدين واللاجئين لتسجيل بياناتهم وتوفيق أوضاعهم فى موعد نهائى أقصاه يوم 30 يونيو 2024، سوف يمنح صانع ومتخذ القرار فى مصر رؤية أكثر شمولًا لمشكلة الوافدين واللاجئين فى بلادنا، وتحديد الطريقة المثلى للتعامل معهم كل بحسب حالته، وتقليل أعداد المقيمين منهم فى بلادنا بقدر الإمكان، وإعادتهم الواجبة إلى أوطانهم بشكل يحترم إنسانيتهم وكرامتهم وأمنهم، ويضمن الحفاظ على علاقات الجوار ومشاعر الأخوة الإنسانية والقومية مع شعوب هذه الدول، ويكفى المصريون أنهم استضافوا هؤلاء الوافدين واللاجئين فى بلادهم كأهل وأصحاب بيت على مدار أكثر من عشر سنوات.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: اللاجئین فى فى مصر

إقرأ أيضاً:

عودة «1150» مواطن سوداني من مصر ضمن مشروع العودة الطوعية

 

وصل الي محطة السد العالي باسوان فجر اليوم عدد 1150 مواطن سوداني ضمن مشروع العودة الطوعية المجانية للسودانيين من مصر في مرحلته الثانية علي متن قطار العودة الطوعية رقم 39.

القاهرة _ التغيير

في ظل استمرار الحرب في السودان، يواجه اللاجئون السودانيون في مختلف الدول، وخاصةً مصر، تحديات متزايدة تهدد استقرارهم وسلامتهم، ومع مرور الوقت، باتت خياراتهم محدودة بين نوعين من العودة إلى وطنهم الممزق: عودة طوعية يفرضها ضيق الحال، وعودة قسرية تقودها حملات اعتقال وترحيل مفاجئة..

وفور وصول العائدين اقلتهم البصات السفرية الي وادي حلفا لمواصلة الرحلة إلى وجهتها بكل من الميناء البري الخرطوم والميناء البري عطبرة.

وستتواصل الرحلات تباعا خلال الاسابيع القادمة حتي اكمال تفويج كل المواطنين المسجلين في قوائم العودة.

يذكر آن المشروع الذي تموله وتنفذه منظومة الصناعات الدفاعية السودانية قد انطلق في شهر ابريل الماضي في مرحلته الأولى بالبصات السفرية من القاهرة، فيما انطلقت مرحلته الثانية بالقطارات من محطة رمسيس وبلغ عدد الذين تم تفويجهم ما يزيد علي المائه وستون ألف مواطن.

و شملت شرائح مختلفة ضمت أسر منسوبي القوات النظامية ومنسوبي المؤسسات الحكومية و المعلمين فيما شكل المواطنون العائدون لمدنهم ومناطقهم بولايات السودان المختلفة اكثر من 70% من العائدين.

غادر الكثير من السودانيين البلاد في بداية الحرب بأموال محدودة، أملاً في العودة السريعة. لكن مع طول أمد الصراع، تآكلت مدخراتهم، وباتوا عاجزين عن تحمل تكاليف المعيشة المرتفعة خاصة في ظل انخفاض قيمة الجنيه السوداني.

في دول مثل مصر، أصبحت إيجارات المنازل، وتكاليف الرعاية الصحية، ومصروفات الحياة اليومية عبئًا لا يطاق.

يجد هؤلاء أنفسهم في وضع لا يُحسدون عليه، حيث لا يملكون تصاريح عمل رسمية، مما يضطرهم إلى العمل في وظائف غير مستقرة بأجور زهيدة.

هذا الوضع دفع الآلاف من الأسر والشباب إلى اتخاذ قرار مؤلم بالعودة إلى السودان، على الرغم من المخاطر الأمنية، اعتقاداً منهم أن العودة إلى مناطق هادئة نسبياً قد تكون أفضل من مواجهة الفقر والجوع في الغربة.

 

الوسوم1150 مواطن سوداني اسوان السودانيين بمصر محطة السد العالي مشروع العودة الطوعية المجانية

مقالات مشابهة

  • عودة «1150» مواطن سوداني من مصر ضمن مشروع العودة الطوعية
  • انقضاء عام 2025 والحرب تقتل حاضر ومستقبل السودانيين
  • آبي أحمد وأفورقي: صراع الممرات البحرية يعيد شبح الحرب
  • العقوبات المتراكمة ليست كافية لوقف الحرب في السودان
  • النفط يُحمى.. والشعب السوداني يترك للمجهول!
  • محنة التعريفات الجزئية الملتبسة..
  • ماذا تغير في تركيا بعد عام من بدء عودة السوريين إلى بلادهم؟
  • السودان على مفترق طرق: حرب استنزاف أم مفاوضات جادة؟
  • غوتيريش: الأمم المتحدة ستلتقي طرفيّ حرب السودان
  • حوار مع صديقي المصري عاشق السودان