600 وفاة على الأقل بين الحجاج المصريين
تاريخ النشر: 19th, June 2024 GMT
سرايا - أفاد دبلوماسي عربي وكالة فرانس برس الأربعاء عن وفاة 600 حاج مصريّ على الأقلّ خلال أداء فريضة الحج هذا العام، جميعهم تقريبًا بسبب الطقس الحار.
وقال الدبلوماسي شرط عدم الكشف عن اسمه إن عدد الوفيات في صفوف الحجّاج المصريين ارتفع إلى "600 على الأقل"، بعد أن أفاد عن وفاة 323 مصريًا على الأقلّ في حصيلة سابقة.
وأضاف إن "جميع (حالات الوفاة الجديدة) ناجمة عن الحرّ، وغالبًا ما يكونون غير نظاميين" في إشارة إلى من لا يحملون تصاريح للحجّ.
وأكد دبلوماسي آسيوي في السعودية الأربعاء أن 68 مواطنًا هنديًا قضوا خلال موسم الحجّ الذي تزامن مع طقس حارّ هذا العام.
وقال الدبلوماسي شرط عدم الكشف عن هويّته لوكالة فرانس برس: "لدينا حوالى 68 حالة وفاة مؤكّدة (في صفوف الحجاج الهنود) ... بعضهم لأسباب طبيعية وكان هناك العديد من الحجاج المسنين. والبعض (قضوا) بسبب الأحوال الجوية، هذا ما نفترضه".
وأعلنت كل من اندونيسيا وإيران والسنغال وتونس وإقليم كردستان العراق عن عدد الوفيات في صفوف مواطنيها الحجّاج. لكن معظم هذه الدول لم توضح الأسباب.
وكانت وزارة الصحة السعودية قد أعلنت الأحد تسجيل "2764 حالة إصابة بالإجهاد الحراري، بسبب ارتفاع درجات الحرارة بالمشاعر المقدسة والتعرض للشمس، وعدم الالتزام بالإرشادات". لكنّها لم تعطِ أي معلومات عن الوفيات.
وقال الدبلوماسي الآسيوي الأربعاء إن هناك عددًا من المفقودين أيضًا بدون المزيد من التفاصيل.
وتابع "هذا يحصل كل عام ، لا يمكننا القول إن هذا العدد مرتفع بشكل غير طبيعي هذا العام"، مضيفًا "إنه مشابه إلى حد ما للعام الماضي لكننا سنعرف المزيد في الأيام المقبلة."
وكما في العام 2023، أدى أكثر من 1.83 مليون حاج المناسك هذا العام، بينهم 1.6 مليون من خارج المملكة، بحسب السلطات السعودية.
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: على الأقل هذا العام
إقرأ أيضاً:
مشاهدات وملحوظات من حج 1446هـ
كنت ممن أكرمهم الله وأنعم عليهم بأداء فريضة الحج في هذا العام، ورغم ما تمليه النفسُ عليَّ في فتح عنان أدب السرد وفلسفته؛ فإنني لست قاصدا في سطور هذا المقال أن أسهب في سرد ذكريات حج هذا الموسم أو الاستفاضة في استعراض فلسفة الحج ومخرجاتها الروحية السامية -فلعلّ ذلك يكون في مقالٍ أو كتابٍ خاصٍ بأدب الرحلات في المستقبل بإذن الله-، ولكنني بصدد أن أقيّد هذه السطور في قضية الرأي وأستجمع من المشاهدات التي تستحق الإشادة وتلك التي تستدعي الانتباه وتتطلب التحسين في مواسم الحج القادمة، وهنا لا يعني أن ننشدَ النقدَ لغرض النقد، وإنما نحاول أن نسهم بوضع المقترحات؛ فنعين بها القائمين على إدارة الحج وتشغيل أنظمتها المتعددة.
قبل أن أخوض في عرض الملحوظات؛ فإنه من جميل العادة أن نبدأ بعرض الجوانب المشرقة -التي لا مبالغة إن وجدناها غالبة وبارزة للجميع- سواء من جانب إدارة الحكومة العُمانية متمثلة في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية أو على وجه الخصوص بعثة الحج العُمانية، أو من جانب الحكومة السعودية ومؤسساتها المعنية بإدارة ملف الحج. نعود إلى البداية؛ حيثُ أظهرَ النظامُ الإلكتروني الذي اعتمدته وزارة الأوقاف والشؤون الدينية العُمانية في عملية اختيار المترشحين للحج تفوقًا ملحوظًا وفقَ معايير معيّنة تتبع سياسة الأولويات عبر آلية رقمية لا أتصور تداخلها مع التفاعل البشري -لعلّ التدخل البشري كان في حدود ضيقة-؛ فأكسبَ عمليةَ الاختيار مزيدا من الشفافية والعدالة؛ فرفع من مستويات الرضى العام من قبل المترشحين، وكذلك آلية التواصل وعملية الدفع المالي والتنسيق مع وزارة الصحة لأجل الفحوصات واللقاحات الطبية؛ فكانت كلها في منظومة رقمية دقيقة لم ألحظ سواء معي أو مع من أعرف نسبةَ خطأ أو بطءٍ في الخدمة. كذلك كانت تجربتي مع الحملة المتعاقد معها لموسم الحج في غاية النجاح من حيثُ انضباط الحملة ووفاؤها بكل الشروط والتعهدات، وهذا ما لمسته مع بعض الأصدقاء في حملات أخرى، وإن دل ذلك على شيء؛ فإنه يدل على ثبات قيمة الوفاء والكرم عند العنصر العماني فردًا كان أو مؤسسةً، ويدل على وجود متابعة حكومية حثيثة لهذا الملف واهتمامها بنجاح عملية التعاقد بين الحاج والمقاول.
لا يكتمل سردُ المشاهد دون أن نتناول أجزاءه وتجاربه الرئيسة في الديار المقدّسة «مكة المكرمة وما يرتبط بها من المشاعر المقدّسة الثلاث»؛ فكانت بدايةً مع إجراءات الدخول إلى المملكة العربية السعودية عبر مطار الملك عبدالعزيز في جدة التي انعكست فيها حفاوة الاستقبال بالترحيب والابتسامة وسرعة إنهاء الإجراءات وسرعة التنسيق ودقته في تحديد مواقع الخروج وتسجيل الحجاج وتوثيقهم داخل حافلات الحملة بكل سلاسة وخلق جم، وامتد هذا الأسلوب الاحترافي الرفيع في جميع مناسك الحج ومراحله المتعددة حتى لحظة تسجيل الخروج من المملكة؛ فكانت مظاهر الاهتمام وعبارات الدعاء لا تفارق أفواه أفراد الأمن السعودي وأفراد إدارة الحج بجانب مواقع الضيافة وزواياها المخصصة في المطار وخارجه؛ فيعكس عمق التجربة السعودية ونضج قيادتها في التعامل مع أصعب الملفات التجمعية العالمية وأكبرها -الحج-.
بجانب النجاح الذي أظهرته الحكومة السعودية؛ فإنني لا يمكن أن أغفل عن النجاح الذي تميّزت به حكومتنا العُمانية الرشيدة؛ فكانت التحسينات في مخيّم منى خيرَ شاهد على ذلك وفقَ ما أُخبِرنَا به من وجود إضافات مقارنة بالمواسم السابقة؛ فكانت معظم الخيام بحالة تكييف جيدة لم أشهد -على الأقل في الخيمة التي كنت فيها- أيّ انقطاع للكهرباء أو فتور لأجهزة التكييف، ولكن كان العكس؛ فكنا أحيانا نطالب بتقليل درجات البرودة، وكذلك مواضع جلوس الحجاج ونومهم؛ فكانت في هيئة أنيقة وجديدة يمكن أن أصوّرها في ذهن غير المجرّب كأنها كراسي «درجة رجال الأعمال» في الطائرات؛ فيمكن تحويلها إلى سرير ممتد يتيح للحاج الراحة متى شاء بكل يسر، ولا يمكن أن أتخطى هذه الفقرة دون أن أوجّه الشكر إلى البعثة الصحية العُمانية التي -عبر تجربة شخصية- بذلت جهدا منقطعَ النظير في التعامل مع حالات الحجاج الصحية دون تعب أو تذمّر؛ فأذكر أنني ذهبت إليهم بعد صلاة الفجر مباشرة للاستطباب نتيجة الإصابة بالإنفلونزا أو ما يضارعها؛ فلم تدم عملية علاجي بدءا بمقابلة الطبيب والانتهاء بأخذ الحقن والأدوية أكثر من ثلث ساعة أو أقل؛ فكانت تجربة لم تجعلني أشعر أنني خارج حدود الوطن.
لم يقتصر التفوق العماني في نجاحه في عملية التنظيم المتقن والتحسينات المُرْضِية والنظام الصحي الرائد، ولكنه انعكس أيضا في حسن الكرم والضيافة التي شهدها الحجاج المنضوون تحت لواء البعثة العُمانية في عرفات؛ فكانت الخيَم مُهيَّأة وفي أحسن حالة من حيثُ النظافة والحجم، ومن حيثُ الإمداد الغذائي عبر الوجبات المتنوعة؛ فكانت مبادرة تشعرك بالانتماء للوطن وعاداته الرفيعة في أيّ بقعة جغرافية.
بجانب ما سقناه من ملامح إيجابية نفخر بأننا كنا من خاض تجربتها وشهد على وجودها؛ فألزمنا ذلك شكرَ القائمين على بذلهم جهودا تُشكر تمثلت في بعض ما ذكرناه آنفا من النماذج الناجحة؛ فإن مسؤوليتنا الدينية والوطنية تقتضي أيضا أن نعبّر عن المقترحات؛ فيمكننا بواسطتها أن نسهم في تحديد مكامن النقص -رغم ندرتها- واقتراح الحلول الممكنة، ولعلّ مظاهر النجاح وتعددها غطّت على بعض هذه المكامن؛ فنحتاج إلى كشف أهمها نظرا لأولويتها؛ فتأتي دورات المياه خصوصا في مخيّم منى في قائمة التحسينات المطلوبة رغم الجهود التي بذلتها الحكومة العُمانية في هذا الموسم عبر زيادتها لأعداد هذه الوحدات الضرورية، ولكن تظل الحاجة إلى زيادتها وتحسين مستويات جودتها مطلبًا متجددًا عبر أنظمة عصرية جديدة مثل دورات المياه ذاتية التنظيف؛ لسهولة تنظيفها وتعقيمها بعد كل استعمال، وكذلك أهمية تغطية ممرات العبور في المخيّم وتزويدها بمراوح الرذاذ المائي الملطّف لحرارة الصيف. في صعيد عام يخرج عن دائرة مسؤولية البعثة العُمانية، وجدت أن كثيرا من ممرات عبور الحجاج وشوارع التفويج المؤدية إلى المناسك -مثل الممر من مزدلفة إلى الجمرات أو من مخيمات منى إلى قرب مداخل الجمرات- تفتقد -في بعض المواقع الرئيسة- أيضا مراوح رذاذ الماء المساعد في تقليل درجات الحرارة؛ فلعلّ زيادة أعداد مثل هذه الأجهزة الملطّفة لدرجات الحرارة يمكن أن يسهم في إضفاء مزيد من الراحة للحجاج، وكذلك الحال لمزدلفة التي تكتظ بعدد كبير من الحجاج ليلة العاشر من ذي الحجة؛ فإنها بحاجة إلى مزيد من التحسينات خصوصا فيما يتعلق بدورات المياه ونظافتها، وليدرك القارئ ومن يستقبل هذه الملحوظات أنني أعي حجم الجهود ووفرة الملاحق وكثرتها، ولكن الأعداد الكبيرة للحجاج ومتطلباتهم الضرورية الكثيرة تحول دون بلوغ درجة الكمال، ولهذا فإننا نرفع سقف رغباتنا في الدفع بمزيد من التحسين والتطوير الذي ينعكس إيجابا على الحاج وراحته وتيسير مناسكه.
د. معمر بن علي التوبي أكاديمي وباحث عُماني