جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-21@14:30:29 GMT

صوت الحكمة

تاريخ النشر: 22nd, June 2024 GMT

صوت الحكمة

 

د. محمد بن خلفان العاصمي

"يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ" (البقرة: 269).

والحكمة كما عرفها العلماء هي: كُلُّ ما منع من الجهلِ، وزَجَر عن القبيحِ وهي رأس المعرفة وهي زينة الرجال وسمتهم ومنتهى خصالهم، فقد كانت قبائل العرب تتفاخر بحكمائهما، وفي التاريخ نماذج لا تحصى من القصص والروايات التي تُبين حكمة العقلاء وحسن تدبيرهم وصلاح رأيهم، وسداد بصيرتهم، ولما كان هذا الأمر مصدر فخر بين العرب جاء الإسلام ليُعزز هذه القيمة بين النَّاس ويُرسخها لما لها من توافق مع قيم الإسلام والأخلاق الكريمة التي ينبغي للمسلم أن يتحلى بها.

وربما لا يفوت أي مسلم الموقف الذي حضرت فيه حكمة رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اختلفت قبائل قريش فيمن يضع الحجر الأسود عند بناء الكعبة المشرفة، تلك الحكمة التي جنّبت قبائل قريش صراعاً ومعركة كانت تلوح في الأفق لولا أن أرسل الله تعالى نبيه الكريم ليضع بحكمته وفطنته حلًا أرضى جميع الأطراف ونزع فتيل حرب كادت أن تعصف بأهل مكة، لا لشيء سوى النعرات التي جعلت كل قبيلة تتمسك بهذا الشرف حتى تنال الرفعة بين القبائل، وهذا أمر مُعتاد في زمن الجاهلية حيث طغى التفاخر والتسابق في إثبات علو قبيلة عن غيرها وما داحس والغبراء إلا نموذج، وما المُعلقات إلا شاهد على ذلك.

لا ينبغى أن تتغلب النعرات والتعصبات على صوت الحكمة والعقل؛ ففي هذا الميزان صلاح وهلاك أي أمة، وإن كان من أمر محمود للتعصب فيجب أن يكون للوطن لا لغيره، وأن يكون الانتصار لصوت العقل الذي هو وحده فقط من يقدر على وضع الأمور في نصابها الصحيح، وهنا يأتي دور العقلاء والحكماء الذين يقودون المجتمع للطريق الصحيح، مجنبين المجتمع أسباب الخلاف والشقاق، مقدمين المصلحة العامة على المصلحة الشخصية، وهذه من خصال القيادة الحكيمة والرئاسة المستحقة.

وفي مجتمعنا العُماني اعتدنا كثيرًا على أن يكون صوت الحكمة حاضرًا في كل قضية وحدث، وكان ولا زال منهاج إصلاح ذات البين والمناصحة واحتواء الأزمات ديدن أبناء سلطنة عُمان الكرام، وقد غرس السلطان الراحل قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- بذور الحكمة والتعقُّل في نفوس أبناء هذا الوطن، بالفعل قبل القول ومد يد السلام والتسامح، ونثر مبادئ الحكمة على جنبات هذا الوطن المترامي الأطراف، وهو النهج الذي يسير عليه حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم- أعزه الله- وهو الذي عرف بحكمته ونظرته الصائبة.

ولأن الفتن تبدأ من مُستصغَر الشرر وينفخ في نارها الشيطان لتستعر وتحرق وتهلك الحرث والنسل، فإنه ينبغي علينا ألّا نفتح هذا الباب حتى لا يؤتى الوطن من قبل أيٍّ منَّا؛ فالمتربصون كُثُر والحاقدون لا يتركون سانحة إلّا استفادوا منها لتحقيق مآربهم وغاياتهم، فكيف وقد وجدوا الفرصة لذلك على طبق من ذهب عندما يتقاذف أبناء الوطن الواحد الاتهامات ويتبادلون الشعارات المُثيرة للفتن، عندها يجدون مبتغاهم ويحققون مطامعهم في تفتيت لحمة أبناء الوطن وزرع الشقاق بينهم، ولعل الأهم من ذلك عدم إدراك الكثيرين ممن تحركهم مشاعرهم وتعصباتهم إن ما يحدث ما هو إلا مخطط يراد به إضعاف الأمة وخلق صراعات بين أبناء الشعب الواحد.

إن ما يميز أبناء هذا الوطن العزيز هو حسن الخلق والاحترام والتقدير الذي يحمله الصغير للكبير، ووجود قيادات وعقلاء من أبناء المجتمع تعيد الأمور إلى نصابها بعون الله. وهو ما ينبغي أن يكون دائمًا، فالقائد الناجح هو من يجنب جماعته الصراعات والمشاحنات والتجاذبات التي لا فائدة ترجى منها سوى اتساع هوة الخلاف، وهو من تقع عليه مسؤولية احتواء المواقف التي قد تصدر من جماعته، وفي هذا التوجه سلامة المجتمع وحفظًا لوحدته وتماسكه وترابطه، ولعل الشاهد من ذلك كله هو تغليب صوت العقل والحكمة ونبذ التعصب المبني على منطلقات قبلية ومذهبية وطائفية والتي حتمًا لا خير فيها.

ومن هنا كان لا بُد من أن يقوم العقلاء بدورهم؛ فالدولة الحقيقية لا تقف عاجزة أمام مثل هذه التعصُّبات؛ بل إنها تتعامل معها فورًا حتى لا تنتقل بين مكونات الدولة فتفسدها، وعلى الأفراد أن يدركوا أن رفعتهم وعزتهم لا تتحقق إلا برفعة وعزة دولتهم ووطنهم، فالذين يظنون أن ممارسة الحرية مناط بتفسيرهم لهذا المفهوم فهم بلاشك لم يصلوا إلى حقيقة الحرية وممارساتها الصحيحة، واكتفوا بالقشور منها معتقدين أن المقياس الذي يضعونه هم هو ما يجب أن يكون حتى وإن كان على حساب الآخرين من اخوانهم.

لقد أخذ موضوع هلال شهر ذي الحجة بُعدًا أكبر مما ينبغى ووصل الحال إلى مرحلة لا تليق بأبناء سلطنة عُمان الذين عُرِفُوا بأخلاقهم وعاداتهم وتقاليدهم وسمتهم، ووجد المُرجِفون الفرصة لتأجيج الفتنة وإشعال فتيلها بين ابناء الوطن الواحد، لكن هيهات؛ فالعُماني ليس كغيره، وعندما يصل الحال إلى حياض الوطن يتوحّد الصف وتذوب الخلافات وتتوقف كل التوجهات والاتجاهات ويتوجه الجميع نحو الدفاع عن هذا الوطن الغالي، والشواهد كثيرة لا حصر لها.

لكل من يعتقد أن مثل هذه الحوادث سوف تجد آذانًا صاغية فهذا مُحال، ولن يفت لحمة هذا الوطن مثل هذه الأحداث العابرة؛ فالدول العريقة ذات الإرث العظيم لا تُحرِّكها الأمواج ولا تتلاعب بها هبوب الحقد والغل الذي تمتلئ به نفوس الحاقدين الحاسدين الذين ساءتهم مواقفنا الثابتة ورسوخنا على قيمنا النبيلة والتفافنا حول قيادتنا.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الزيود يكتب: العيسوي.. بالشده والرخاء تظهر مواقف الرجال

صراحة نيوز ـ احمد الشرعاوي الزيود

لم أكن أفكر أن يكتب قلمي في مدح رجل من رجال الدولة. قد يأخذ البعض كلماتي بمنحى آخر ويعتقد البعض أنني بالغت في المدح وأطريت في الثناء أو ابتعدت عن جوهر الحقيقة والحقيقه واقع رسم من خلال رجل وفاء ومعطاء
ولكن أبى قلمي أن يجود بما تجود الكلمات ليكتب عن عملاق من عمالقة الوطن وعلم من أعلامها.
لا أعلم من أي أبواب القصيد ابدأ ومن أي أبواب الثناء ادخل.
نحن أمام محنة قوية جاءت دون سابق إنذار لنتعرف من خلالها على رجال وقامات حفرت اسمها على منابر الإعلام لتظهر مواقف الرجال والأردن خير من أنجبت من هؤلاء الرجال لتكون نبراس عطاء وقدوة لكل أردني غيور على وطنه.
تلوح في سمائنا نجوم تضيئ ببريقها نرتقب إضائتها ارتفع اسمها في عليانا استحقت بكل فخر التقدير والثناء.
لك يا معالي رئيس الديون الملكي التحية والتقدير لهذا الجهد المميز والأداء الرائع والرفيع.
ننتظرك ليدب الآمل والحياة في قلوب الأردنيين جميعاً.
أصبحت انموذج للاردنيين رجل يدير اهم المؤسسات بيت الاردنيين بكل حب وعطاء.
تتسابق الكلمات وتتزاحم لتنظم الشكر إلى رجل غيور على وطنه يدور مع مصالح الوطن أينما دارت ليبحر بنا في
سابقه أصبح بها بيت الهاشميين محج ومضيف للاردنيين .
(الرجل المناسب في المكان المناسب).
لك كل الشكر والثناء وقفت إلى جانب كل أردني لتضعنا على بوابات الأمل ننتظر ما سيأتي من نور يضئ حياتنا.
عرفناك رجل أحب العطاء والتضحية والفداء من أجل الوطن وقيادته لا يعرف أيام العطل فعطائه رأس عمله
كنت ولا زلت بمثابة سحابة معطاءة فجزاك عنا أفضل ما جزى العاملين المخلصين بارك الله لك وأسعدك أينما حطت بك الرحال وضعت بصمتك لتسير ببيت الاردنيين معطاء نحو الأفضل فكنت ربان مركب حماها الله من الغرق.
صعدت إلى قمم الجبال وتربعت على عرش قلب كل أردني.
لكل نجاح شكر وتقدير فجزيل الشكر نهديك.
حمى الله الاردن وطنا وملكا وأرضا وشعبا تحت ظل الرايه الهاشميه بقياده جلاله الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه وسدد على طريق الدرب خطاه وولي عهده الأمين الأمير المفدى الحسين بن عبدالله

مقالات مشابهة

  • في وداع السيدة خالصة
  • رئيس مجلس النواب يهنئ القيادة والشعب اليمني بالعيد الوطني
  • الراعي يهنئ القيادة والشعب اليمني بالعيد الوطني للجمهورية اليمنية
  • كيف لي أن أبدد مخاوفها وهي التي تظن أنني سأتركها بسبب مرضها؟
  • الزيود يكتب: العيسوي.. بالشده والرخاء تظهر مواقف الرجال
  • جامعة الحكمة قدمت منحًا تعليمية لطلاب متميزين أكاديميًا
  • من المضطر الذي لا يرد الله دعاءه؟.. الشيخ الشعراوي يُجيب
  • وصول أبناء وبنات المملكة الفائزين بجوائز ⁧‫آيسف ‬⁩ إلى أرض الوطن بفخر .. فيديو
  • الكوكب الذي غاب عن السماء.. زاهر البوسعيدي في ذمة الله
  • ماذا لو أحببنا الوطن.. .؟