حمود بن علي الطوقي

 

 

لم يكن رحيل الأخ والصديق زاهر بن سالم البوسعيدي مجرد غياب جسد، بل كان لحظة فارقة، حملت معها الكثير من المعاني، وأيقظت فينا الحنين إلى زمن الطفولة وصفاء البدايات.

كان رحيله في يوم غير عادي، يوم جمعة مُبارك، اجتمعت فيه الأسرة كما اعتادت، على مائدة الغداء، في مشهد يفيض بأريج المحبة ودفء الأخوة.

تبادلوا أطراف الحديث، تدارسوا القرآن الكريم، كما كانوا يفعلون في عهد والدهم، الشيخ الجليل سالم بن خليفة البوسعيدي، رحمه الله. كأن الرحيل أراد أن يكون تذكرة بما كانت عليه الأسرة، وأن يختم حياة زاهر بجلسة عامرة بالألفة، بين اثني عشر كوكبًا، كان هو كوكبهم الأوسط.

ولعل من أعمق ما يربطني بزاهر، رحمه الله، أن علاقتنا لم تكن وليدة يوم أو صدفة، بل جذورها تمتد إلى جيل الآباء. فقد كان والدي، الشيخ الجليل علي بن محمد الطوقي الحارثي، يرتبط بصداقة متينة بوالد زاهر، الشيخ الجليل سالم بن خليفة البوسعيدي، رحمهما الله جميعًا. ومن تلك العلاقة الأبوية المُباركة نبتت علاقة الصداقة بيني وبين زاهر، فترسخت، واتسعت لتشمل إخوانه الكرام، أحبّتي أحمد وسعيد ومحمد وبقية الإخوة، علي وسليمان وحافظ وخلفان وخليفة حتى صرنا نعد أنفسنا أسرة واحدة، تربطنا محبة صادقة ووئام دائم، قَلَّ أن نجد له نظيرًا.

أكتب هذه الكلمات لا لأرثي زاهر فحسب، بل لأحيي ذكراه، وأخلّد أثره. فهو لم يكن صديق الطفولة فقط، بل رفيق الدراسة في المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية، وزميل حلقات تحفيظ القرآن الكريم في جامع السلطان قابوس بروي. عرفته رفيق درب ذكيًا، وشابًا طموحًا، ورجلًا لا يعرف الكلل ولا الملل.

تميّز زاهر منذ صغره بحب الرياضة وروح القيادة، فأسس فريق كرة اليد في نادي فنجا، وبذل فيه من الجهد ما جعله فريقًا منافسًا على الساحة الرياضية، فكانت النتيجة أن أُسندت إليه مهمة تدريب المنتخب الوطني لكرة اليد، وهو إنجاز لم يأتِ من فراغ، بل من عزيمة صادقة وإيمان راسخ بقدراته.

لكن زاهر، رحمه الله، لم يكن رياضيًا فقط، بل كان إنسانًا واسع القلب، له قاعدة عريضة من الأصدقاء الذين ظلوا أوفياء له حتى اللحظة الأخيرة، وقد لمسنا ذلك في مجلس العزاء، حيث توافد الأحبة من كل حدب وصوب لتقديم التعازي، واستحضار ذكراه الطيبة.

رغم أن لقاءاتنا تباعدت في السنوات الأخيرة، بسبب مشاغل الدنيا التي لا تنتهي. إلا أن زاهر ظل حاضرًا في القلب. والوجدان، أذكر أنني التقيته ذات مرة، فقلت له ممازحًا: "مختفي يا كابتن زاهر!" فكنت أحب أناديه بالكابتن فضحك وقال: "بعد التقاعد من مستشفى السلطاني، اشتريت مزرعة صغيرة في مدينة المصنعة.. فبعد التقاعد وجدت ضالتي في الزراعة أحب الزراعة، وأدعوك لتناول الخضروات الطازجة من مزرعتي." وما زال صدى تلك الدعوة يتردد في أذني، وقد حالت مشاغل الدنيا بيني وبين تلبيتها.

رحل زاهر، ولكنه ترك خلفه سيرة عطرة، وعلاقات طيبة، وإنجازات باقية. رحل بعد حياة حافلة بالعطاء، والطاعة، والعمل، تاركًا قلوبًا مُحبة، وذكريات لا تُنسى.

نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يجزيه عنّا وعن وطنه وأسرته خير الجزاء.

وداعًا يا أبا سالم.. إلى جنات الخلد بإذن الله.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

كواليس عرض بقيمة ١ مليون يورو لإطلاق أول جائزة نوبل في المناخ وصحة الكوكب

انضمت أصوات بارزة إلى الدعوة الموجهة إلى لجنة جوائز نوبل من أجل استحداث جائزة جديدة ضمن جوائزها مخصصة ومكرسة بالكامل لقضايا المناخ.

تواجه لجنة نوبل ضغوطاً للاعتراف بـ"أكبر أزمة في عصرنا" من خلال استحداث جائزة مكرسة لـ تغير المناخ.

وباعتبارها من أرفع الجوائز التي يمكن نيلها عبر التاريخ، تقتصر جائزة نوبل حالياً على ست فئات فقط: الفيزياء، والكيمياء، والسلام، والأدب، والاقتصاد، وعلم وظائف الأعضاء أو الطب.

يحصل الفائزون على جائزة مالية تقارب مليون يورو، إلى جانب مزايا أخرى تشمل شهادة فريدة وميدالية ذهبية. غير أنّ الدعوات إلى الاعتراف بالاختراقات البيئية تتصاعد مع تنامي تهديد تغير المناخ.

إيكوسيا تعرض مليون يورو لإطلاق جائزة نوبل للمناخ

اليوم، يحثّ محرك البحث الذي يزرع الأشجار "إيكوسيا" الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم، المسؤولة عن اختيار الحائزين على جوائز نوبل في الفيزياء والكيمياء والاقتصاد، على إطلاق أول جائزة من نوعها في المناخ والصحة الكوكبية العام المقبل.

وقد أودعت الشركة مليون يورو لدى كاتب عدل في برلين، مخصّصة حصراً للمساهمة في إنشاء الوقف المالي للجائزة. وتقول إنها منفتحة أيضاً على تمويل "مؤسسة طويلة الأمد" أو تقاسم التمويل مع منظمات أخرى "ملتزمة بالعدالة المناخية" لكي تحافظ حلول المناخ على مكانتها ضمن عائلة جوائز نوبل.

Related عملية للإنتربول.. توقيف مجرمين ضمن حملة على الإتجار بالحياة البرية

وفي بيان أرسل إلى "يورونيوز غرين"، أوضحت "إيكوسيا" أنها لا ترغب في أي تأثير على الترشيحات أو أسماء الفائزين.

وبدلاً من ذلك، ستتّبع الجائزة المبادئ نفسها التي تحكم اليوم جائزة الاقتصاد، حيث يختار أعضاء اللجان المرشحين المؤهّلين من بين من تم ترشيحهم.

كيف ستبدو جائزة نوبل في المناخ والصحة الكوكبية؟

تقول "إيكوسيا" إن الجائزة المقترحة تهدف إلى تكريم الأفراد أو المجموعات أو الشركات التي حققت "خطوات كبيرة" في الابتكار المناخي، أو التخفيف، أو التنظيم، أو المناصرة.

ويقول الرئيس التنفيذي لـ"إيكوسيا"، كريستيان كرول: "إن الطريقة التي نتكيف بها مع أزمة المناخ ستحدّد مصير الإنسانية".

ويضيف: "نؤمن بأن الخبرة والمكانة التي تتمتع بهما الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم ولجنة نوبل ستجعلان هذه الجائزة الجديدة تُبرز وتكافئ وتُلهم الابتكارات الرائدة والأفراد المخلصين الذين يعملون بلا كلل لضمان بقائنا لأجيال مقبلة".

ما مدى احتمالية إطلاق جائزة نوبل مخصصة للمناخ؟

لم تُضَف أي فئات جديدة إلى جوائز نوبل منذ عام 1968، حين استُحدثت جائزة العلوم الاقتصادية تكريماً لمؤسس الجائزة الأصلي ألفريد نوبل.

غير أن أصواتاً بارزة في مجال المناخ ترى أن الحاجة إلى منصة عالمية ترفع من شأن العمل المناخي لم تعد تحتمل التجاهل.

تقول الناشطة المناخية لويزا نويباور: "إن جائزة للمناخ والصحة الكوكبية ستشجّع الناس في أنحاء العالم على بناء حلول، وتحسين السياسات، وحشد المجتمعات للتحرك".

وتتابع: "لقد حان منذ زمن طويل أن تعترف تقاليد نوبل أخيراً بأكبر أزمة في عصرنا".

كما أيّد أندرياس هوبر، من "الجمعية الألمانية لنادي روما"، الحملة. ويقول: "إن الفكرة الأصلية لجائزة نوبل، أي تكريم أعظم فائدة للبشرية، تنطبق اليوم قبل كل شيء على أولئك الذين يحمون أسس وجودنا".

وردّد الزعيم البرازيلي البارز من السكان الأصليين ألفارو توكانو هذا الموقف، مشيراً إلى أن أكثر الجوائز هيبة في العالم ينبغي أن تعترف أخيراً بـ"أخطر مشكلة تواجه الكوكب".

وقد تواصلت "يورونيوز غرين" مع مؤسسة نوبل للتعليق.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة

مقالات مشابهة

  • صيانة وتطوير خط مياه 6 بوصة بقرية أبو غانم بكفر الشيخ| صور
  • محافظ كفر الشيخ يتابع رفع كفاءة الطرق بسيدي سالم وتنفيذ خط صرف صحي بدسوق
  • محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال رفع كفاءة وتمهيد الطرق بسيدي سالم.. صور
  • بدون إصابات.. حريق يلتهم أتوبيس رحلات في كفر الشيخ | صور
  • حريق يلتهم أتوبيسًا بطريق كفر الشيخ – سيدي سالم دون إصابات
  • حريق يلتهم أتوبيس في كفر الشيخ دون إصابات.. صور
  • كواليس عرض بقيمة ١ مليون يورو لإطلاق أول جائزة نوبل في المناخ وصحة الكوكب
  • جلال كشك.. الذي مات في مناظرة على الهواء مباشرة وهو ينافح عن رسول الله
  • كفر الشيخ.. استمرار كسح مياه الأمطار من شوارع سيدي سالم| صور
  • ولد المسيح هللويا