بوابة الوفد:
2025-06-26@18:17:53 GMT

من الزُهد ما أفقر وأوهن

تاريخ النشر: 25th, June 2024 GMT

لفت نظر الشيخ محمد الغزالى يومًا صياد بسيط كان يجلس إلى شاطئ البحر فى مدينة الجزائر العاصمة. رمى الصياد سنارته، وانتظر صابرًا، ساعة أو أكثر حتى غمزت سنارته، فسحب الخيط ليجد سمكة كبيرة مُبهرة. لم يكد الرجل يراها حتى تهللت أساريره فرحًا، ثم فك وثاقها وألقى بها فى سلته، وحمل حقيبته، وغادر راضيًا. لحقه الشيخ الغزالى وفق روايته – وسأله عما يدفعه للمغادرة.

وقال له: ألم يكن من الأفضل أن تزد مكوثك ساعتين أو ثلاثًا لتصطاد سمكًا أكثر. ردَّ الصياد بأنه حصل على رزق اليوم، واكتفى فما اصطاده يكفى لإطعام أسرته. لكن الشيخ جادله بأن رزق اليوم مفتوح، وأنه كان يمكن أن يصطاد المزيد من الأسماك ويبيعها ويحقق ربحًا أكبر.

هذه الحكاية التى حكاها الشيخ الغزالى- رحمه الله- نموذج شائع لتصورات عامة بين الناس، بأنهم حازوا رزقهم، وأنه لا سبيل للمزيد من العمل والإنتاج للحصول على المزيد والمزيد. وهؤلاء يتدثرون بنصوص عديدة من التراث تحض على القناعة وتُحرض على الزُهد وتُحفّز على الرضا بالقليل. وهى نصوص نقية وطيبة وجميلة، لكن ترسيخها وتكريسها فى مجتمعات تنشد النو مثل مجتمعاتنا يُفتت طموحات البشر، ويصُب فى خانة الكسل والاتكال ويسهم فى ضعف الإنتاج.

 

يبقى الزُهد قيمة عظيمة، إذ يؤمن الصالحون دومًا بأن كل شىء إلى زوال. الدنيا ممر وليست مقرًا، وكل نعمها مؤقتة. والأعظم والأحكم أن نعمل للآخرة. لا جدال فى ذلك بين مَن آتاهم الله الحكمة. لكن ما يمنع أن تكون ممراتنا إلى الآخرة رحبة، ومفروشة بالورود؟ من قال إن الإنسان مُخيرّ بين نعيم الدنيا والآخرة؟ أوَ ليست نعم الله مكفولة لعباده فى الدنيا ما دامت دون جور أو أذى؟

لقد كانت حكايات الزهاد والمتصوفين مثيرة وشيقة وهى تسرى بين الناس قرونًا وقرونًا، لكن مردودها الفعلى كان مزيدًا من السلبية والسكون والجمود، ووصل الأمر للبعض أنهم تركوا كل شىء وتفرغوا للعبادة وعاشوا عالة على الآخرين. وهكذا فترت الهمم، وخمدت الآمال، ووهنت السواعد، ولم يحاول مَن يُفترض حراكهم تغيير أوضاع حياتهم، فلم يجتهدوا ولم يُغيروا، ولم يسعوا السعى اللازم لتغيير الحياة.

 

فى حقيقة الأمر لم يكن الدين أبدًا حجر عثرة أمام تقدم الشعوب وتحضرها وتنميتها، لكن الفهم المغلوط للدين كان سببًا فى الترويج للزهد، والرضا بالفقر، وعدم السعى وراء الرزق أينما كان. أقول ذلك والتراث العربى ملىء بفخاخ من التواكل، والكسل، وتقييد النجاح بدعاوى القناعة. اقرأوا إذا أردتم ما شاع وذاع عن دخول الفقراء للجنة قبل الأغنياء، وتمنى بعض السلف أن يبعثوا مع زمرة المساكين، والحديث الضعيف المنتشر عن كون الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر.

كل هذا فى ظنى لا علاقة له لا بالإسلام ولا بالمسيحية ولا بغيرهما من الأديان السماوية التى جاءت لتخرج الناس من الظلمات إلى النور، ومن الظلم إلى العدل، ومن الفقر إلى العيش الهانئ. تذكروا قوله تعالى: «وقال استغفروا ربكم إنه كان غفارًا، يرسل السماء عليكم مدرارًا، ويمددكم بأموالٍ وبنين، ويجعل لكم جناتٍ، ويجعل لكم أنهارًا».

تحت لافتات الزهد المتطرف توقفت كثير من الأيدى عن العمل، وباسم التوكل على الله سكنت كثير من النفوس عن السعى نحو الرزق، وبعبارات الإرهاب والتخويف من الثراء رضت عقول عدة بما لديها من مال ولم تسع لمضاعفته وتنميته. وكان النتاج المر أن شعوبنا العربية والإسلامية لم تبتكر ولم تتطور ولم تقدم ما يفيد البشرية علمًا أو اقتصادًا أو فكرًا.

سبات فى سبات وسكون طاغ تملكنا فصرنا نرى كل صاحب مال شريرًا، وكل ثرى جشعًا، وكل ملياردير سفاحًا.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: والله أعلم مصطفى عبيد

إقرأ أيضاً:

حسين الشيخ : عربدة وعنف المستوطنين قرار من حكومة إسرائيل‎

أكد حسين الشيخ نائب الرئيس الفلسطيني، مساء الأربعاء 25 يونيو 2025، أن عربدة وعنف المستوطنين الإسرائيليين "قرار سياسي" من حكومة بنيامين نتنياهو ، داعيا المجتمع الدولي لحماية الشعب الفلسطيني.

وقال حسين الشيخ عبر منصة إكس: "عربدة وعنف المستوطنين بحماية جيش الاحتلال هو قرار سياسي من حكومة إسرائيل ينفذ بأيدي المستوطنين".

وتابع نائب الرئيس الفلسطيني أن "حكومة إسرائيل بسلوكها وقراراتها تدفع المنطقة للانفجار".

ودعا حسين الشيخ المجتمع الدولي إلى "التدخل العاجل لحماية أبناء شعبنا الفلسطيني".

وفي وقت سابق الأربعاء، أفادت وزارة الصحة الفلسطينية، في بيان، بـ"ارتقاء 3 شهداء وإصابة 7 آخرين جراء عدوان المستوطنين على بلدة كفر مالك" شرق مدينة رام الله (وسط).

وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية أن "عشرات المستعمرين هاجموا بلدة كفر مالك، وأحرقوا مركبات فلسطينية، وسط محاولات من مواطني البلدة والقرى المجاورة التصدي لهم".

فيما قالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، عبر بيان، إن طواقمها غرب مدينة أريحا (شرق) تعاملت ميدانيا مع "8 حالات اختناق بدخان نتيجة قيام المستوطنين بإحراق منزل".

كما قال رئيس مجلس محلي قرية عصيرة القبلية جنوب مدينة نابلس (شمال) حافظ صالح للأناضول إن "مواطنا أصيب بحجر في رأسه خلال هجوم المستوطنين على القرية".

** تواطؤ دولي

وأدانت وزارة الخارجية الفلسطينية، في بيان، "بأشد العبارات الهجمات الإرهابية التي تشنّها مليشيات المستوطنين المسلحة ضد المدنيين الفلسطينيين العُزل في قرية كفر مالك".

ولفتت إلى أنهم "أضرموا النيران في عدد من المنازل والمركبات، وأطلقوا الرصاص الحي بشكل مباشر على المواطنين، ما أدى إلى استشهاد 3 داخل منازلهم وإصابة عدد كبير من المدنيين".

وحملت الخارجية الفلسطينية "الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم المستمرة".

ودعت المجتمع الدولي، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن، إلى "التحرك العاجل لتوفير الحماية الدولية للمدنيين الفلسطينيين".

كما دعت إلى "مساءلة ومحاسبة منظمات المستوطنين الإرهابية وملاحقتهم قضائيا، وفرض عقوبات فورية على الجهات التي تدعمهم وتوفر لهم الحماية السياسية والأمنية".

بدورها، قال متحدث حركة "فتح" عبد الفتاح دولة، عبر بيان، إن ما جرى في كفر الديك "جريمة مكتملة الأركان، تمت بتشجيع من حكومة الاحتلال الإسرائيلي وغطاء مباشر من جيشه".

وشدد على أن "استمرار هذه الجرائم دون محاسبة يعكس تواطؤا دوليا مع منظومة الاحتلال وانحيازا أعمى يعمّق شلال الدم الفلسطيني، ويهدد الأمن والاستقرار في المنطقة برمتها".

وخلال مايو/ أيار الماضي، ارتكب مستوطنون إسرائيليون 415 اعتداء بالضفة الغربية المحتلة، وفق معطيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان (حكومية).

وأفادت الهيئة بأن الاعتداءات "راوحت بين هجمات مسلحة على قرى فلسطينية، وفرض وقائع على الأرض وإعدامات ميدانية وتخريب وتجريف أراض واقتلاع أشجار والاستيلاء على ممتلكات وإغلاقات وحواجز تقطع أواصر الجغرافيا الفلسطينية".

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين الصحة تعلن وصول 3500 وحدة دم وبلازما إلى مستشفى ناصر في غزة مفتي فلسطين: الخميس غرة محرم لعام 1447 هـ غزة: الإعلامي الحكومي يتحدث عن مراكز توزيع المساعدات الأمريكية الأكثر قراءة سعر صرف الدولار مقابل الشيكل اليوم الخميس 19 يونيو 16 شهيدا و100 مصاب في مجزرة جديدة بحق منتظري المساعدات وسط قطاع غزة شاهد: 65 إصابة وأضرار جسيمة في تجدد القصف الصاروخي الإيراني على إسرائيل مـن يفشـل في غــزة هل ينجح في إيران؟ عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • فتاوى :يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عُمان
  • الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الشيخ مفرح علي الكثيري
  • حسين الشيخ : عربدة وعنف المستوطنين قرار من حكومة إسرائيل‎
  • آل الشيخ: الطرح الإعلامي مُضحك مُبكي والهلال رفع رأس كل سعودي .. فيديو
  • حنكش عن كلام الشيخ نعيم: منفصل عن الواقع!
  • سلطة في الظل.. هل حلّ "الشيخ" مكان الدولة في سوريا؟
  • الشيخ خالد الجندي: النبي عبّر عن حب الوطن في لحظات الهجرة
  • حملة مكبرة لإزالة التعديات في كفر الشيخ .. صور
  • دعاء واحد يجمع لك خيري الدنيا والآخرة في العام الهجري الجديد 1447
  • صناعة الفخار.. ورشة بـ متحف شرم الشيخ تعيد روح الحرف اليدوية