جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-15@03:37:52 GMT

سحابة حرية

تاريخ النشر: 26th, June 2024 GMT

سحابة حرية

 

فاطمة الحارثية

 

منذ الأزل كان لشريعة الحرية رموز يتباهى بها شعراؤها ومعتنقوها، ومن فصائلها حرية الرأي، حرية العبادة، حرية الفكر، ومن مطالبها العميقة والجريئة: التحرر من الحاجة والتحرر من الخوف والتحرر من الذات (العتق من الهوى)، وغيرها من الشرائع والمطالبات التي تواترت إلينا.

ولقد عرّف سقراط الحرية على أنَّها: «قدرة الإنسان على فعل ما هو أفضل»؛ وبما أنني أتعاطى المنطق فأنا مع سقراط في قوله هذا، ومن قوله ندرك تماماً أنَّ المعرفة من وجهة نظر سقراط شرط أساسي لممارسة الحرية، ولقد تعلمنا أن الخطابة في زمن ما كانت مهنة، واستطاعت أن تصنع التغيير، وتوصل للناس المفاهيم والاتجاهات والصواب والمرغوب وما يجب وما لا يجب، وهذا أضاف التنوع في شريعة الحرية فانبثقت مدارس الحرية وتنوع مرتادوها، ولا يغني أي تغيير عن وجود بعض السلبية والجهل، فظهرت العصبية والتعصب والكثير من المغالطات التي أبعدت الحرية عن مسارها الصحيح.

لا يُخفى عن قُرَّاء التاريخ والفلسفة معتقد اليونانيين القدماء بأن من يعيش تحت ظل القانون هو الحُر، ومن هو خارجه يُعد عبدًا لأنه لا يخضع للحماية التي توفرها التشريعات القانونية، ونحن اليوم رغم القرون التي مرت لسنا بعيدين تماماً عن هذا المفهوم، ولكن الأمر لم يعد في مسألة إطار المدينة أو خارجها؛ بل في إطار العلم والجهل بالحقوق والواجبات والقوانين والتشريعات، أي مفهوم سقراط للحرية.

حقيبة المسؤولية تنص على العلم بها قبل حملها، وكطبيعة بشرية الغالب من البشر يهرولون ويتسرعون لحملها، دون قراءة إرشادات الاستخدام، وما لها وعليها، وهذا لا ينفي قدرة البعض الفعلية على حمل المسؤوليات الجسام، وتفوقهم في ذلك، فبخبرتي الطويلة ومعاملاتي الكثيرة مع الكثير من القادة والمسؤولين، ثمَّة الكثير من القدرة والتمكن عند بعضهم؛ وللأسف رغم قلتهم لكن جعجعة المسؤول الفاسد ما تفسد السيرة لعلو الصوت، والقدرة على التضليل، وفتن حقده ما يلتهم الأجواء ليهيمن قوله وخبثه في طمس الحق والتلاعب في الأدلة، فكثيرا ما رأينا قادة أكفاء ومسؤولين أمناء تدهوروا بسبب كيد وفتن وجشع وطمع أقرانهم وزملائهم من المسؤولين، المسؤولية ليست أهواء ولا سلطة مطلقة، هي أمانة وعلى القائم عليها أن يتحرى في النزاعات، فرب معزول مظلوم ورب موثوق به خائن، يُرابط ليصل خنجره للظهر.

العمل المُشترك يحتاج إلى الكثير من الوعي والتسامح، لكن على الفريق أيضاً أن يُراقب في عملية توازن التسامح ومقدار التنازلات بين أعضاء الفريق، وأن لا يطغى لطيب أحدهم أو حاجته، ويتحمل فردا عن آخر المزيد من التنازلات، فهذا يؤثر سلباً على سلامة الفريق واستدامة جودة العطاء، ناهيك عن الظلم الكامن في ذلك.

نعم، يمتلك القائد أو المسؤول مساحة حرية أكبر من التنفيذي، لكن بدون التنفيذي لا توجد ترجمة قوية أو انعكاس مُبهر لتلك الحرية، وأقصد هنا حرية القرار، والعائد الاستثماري من كل قرار يتم وضعه وفرضه.

وإن طال...

تختلف رؤانا للأمور ومقدار استيعابنا ووعينا للمفاهيم المختلفة، فثمة علم وثمة نضج لتلك العلوم، وثمة معرفة وإن تعمقت أصبحت وعيا يقدر، وبالاستطاعة أن نعكسه على أرض الواقع، ليتحول من ورق إلى ممارسات وأفعال ومنافع.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

عيدان ألكسندر يعود من غزة.. هل تفتح الحرية بابها لسكان القطاع؟

بينما طوى الأمريكي عيدان ألكسندر صفحة الأسر، يترقّب الغزاويون انفراجة تحمل لهم بارقة أمل في وقف إطلاق النار، والابتعاد عن دوامة الحرب والحصار.

تحرير رهينة.. ورسائل ما وراء الصفقة

في خطوة مفاجئة أعادت ملف الرهائن إلى واجهة المشهد السياسي، أطلقت حركة "حماس"، يوم الإثنين، سراح عيدان ألكسندر، آخر رهينة أمريكي معروف كان على قيد الحياة في قطاع غزة، بعد احتجاز دام 18 شهرًا. الإفراج عن ألكسندر لم يكن مجرد حدث إنساني، بل حمل في طياته دلالات سياسية ورسائل دبلوماسية تتجاوز حدود غزة.

وجاء إطلاق سراح ألكسندر، البالغ من العمر 21 عامًا والمولود في نيوجيرسي، عقب محادثات مباشرة بين حماس والولايات المتحدة، تخطّت هذه المرة الحكومة الإسرائيلية، وشكّلت جزءًا من جهود أوسع للتوصل إلى وقف لإطلاق النار واستئناف تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة، بحسب ما نقلته شبكة "سي إن إن".

أظهرت صور ومقاطع مصوّرة ألكسندر وهو يرتدي قميصًا أسود من "أديداس" وقبعة بيسبول، لحظة تسليمه إلى الصليب الأحمر الدولي في خان يونس، جنوبي القطاع، قبل أن يغادر الموكب متوجهًا إلى الأراضي الإسرائيلية، حيث نُقل إلى قاعدة عسكرية لإجراء الفحوصات الطبية، وللقاء عائلته في مشهد إنساني مؤثر طال انتظاره.

وفي مشهد رمزي بثّه الجيش الإسرائيلي، سلّم المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، هاتفًا إلى والدة ألكسندر، يائيل، لتُجري مكالمة مع نجلها فور تحرّره. وقد ظهر لاحقًا ألكسندر في تل أبيب وهو يعانق أفراد أسرته رافعًا العلمين الأمريكي والإسرائيلي.

ترامب والصفقة.. التوقيت والدلالة

الإفراج عن ألكسندر تزامن مع بدء جولة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في منطقة الشرق الأوسط، تشمل السعودية وقطر والإمارات. وأثار توقيت الصفقة اهتمام المراقبين، خاصة أن إدارة ترامب نجحت في عقد تفاهم مع حماس، دون إشراك الحكومة الإسرائيلية في التفاصيل، وفقًا لما أكدته "سي إن إن".

وقال ترامب في تعليق له على العملية: "إنها خطوة لإنهاء هذه الحرب الوحشية للغاية، وإعادة جميع الرهائن الأحياء ورفاتهم إلى أحبائهم." في موقف يُظهر رغبة الإدارة الأمريكية في تحقيق اختراق إنساني ودبلوماسي في آنٍ معًا.

ووصف ترامب الصفقة بأنها "بداية لإنهاء معاناة المدنيين من الجانبين"، مؤكدًا التزامه بالعمل على إطلاق سراح بقية الرهائن وإنهاء النزاع الذي طال أمده في قطاع غزة.

رئيس وزراء إسرائيل يشيد.. ويُصرّ على الحسم

من جانبه، وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الإفراج عن ألكسندر بأنه "لحظة مؤثرة للغاية"، مشيدًا بجهود ترامب ودوره في تأمين عودة الجندي الأمريكي إلى عائلته.

وقال نتنياهو في بيان رسمي: "لقد تحقق ذلك بفضل الضغط العسكري من جانبنا، والضغط الدبلوماسي الذي مارسه الرئيس ترامب. هذا مزيج ناجح."


وأضاف: "تحدثت مع الرئيس ترامب اليوم، وقد أكد لي التزامه العميق تجاه إسرائيل، ورغبته في التعاون الوثيق معنا لتحقيق أهداف الحرب: إطلاق سراح جميع الرهائن، وهزيمة حماس. هذان الهدفان مترابطان ولا يمكن الفصل بينهما."

الرهائن في غزة... ملف لم يُغلق بعد

رغم إطلاق سراح ألكسندر، لا يزال 58 رهينة محتجزين في قطاع غزة، يُعتقد أن 20 منهم على الأقل لا يزالون على قيد الحياة، بينهم عدد من حاملي الجنسية الأمريكية.

ومن بين الرهائن الذين تأكد مقتلهم أربعة أمريكيين، هم الزوجان غادي حجاي وجودي وينشتاين حجاي، إضافة إلى الجنديين إيتاي تشين وعمر نيوترا.

وتُعد قضية الرهائن من أبرز الملفات التي تُعقّد مساعي وقف إطلاق النار، في وقت تتعرض فيه غزة لحصار خانق، وتعيش على وقع أزمة إنسانية متفاقمة منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023.

غزة تنتظر حريتها.. ومصير الحرب لا يزال غامضًا

بينما يعود عيدان ألكسندر إلى حضن عائلته، يترقّب سكان قطاع غزة بفارغ الصبر أي بارقة أمل تفتح لهم أبواب الحياة من جديد. الإفراج عن رهينة واحدة قد لا يُنهي الحرب، لكنه قد يكون بداية لتحوّل أوسع في مسار الصراع، إذا ما أفضت الجهود الأميركية والدولية إلى وقف فعلي لإطلاق النار، يضع حدًا للمأساة الإنسانية ويمهد الطريق نحو تسوية أكثر شمولًا.

لكن إلى أن يتحقق ذلك، تظل آمال الغزاويين معلقة على قرار سياسي طال انتظاره، ينتشلهم من تحت الركام، ويعيد لهم أبسط حقوقهم في العيش بحرية وكرامة.

طباعة شارك غزة ألكسندر عيدان قطاع غزة عيدان إسرائيل

مقالات مشابهة

  • سحابة الموسم
  • ماكرون: ما تفعله حكومة نتنياهو بغزة “عار”
  • المراد من البيوت في قوله تعالى: «فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ»
  • خالد أبو بكر: قانون تنظيم الفتوى يهدف لضبط الفتاوى وليس تقييد حرية الاستشارة
  • ترمب يقرر رفع العقوبات عن سوريا
  • الدبيبة: المعركة مستمرة حتى اكتمال سيادة الدولة
  • هل يساعدنا مصطلح «سحابة الفاشية» على فهم اليمين المتطرف ومقاومته؟
  • الحرية على طاولة النار… نصف الأسرى ثمن لهدوء مؤقت
  • عيدان ألكسندر يعود من غزة.. هل تفتح الحرية بابها لسكان القطاع؟
  • أهلا بغداد حبيبتنا أهلا بعروس الحرية