تعرّض قمر صناعي روسي خارج الخدمة إلى انفجار أسفر عنه ما لا يقل عن 100 قطعة من الحطام المداري، مما دفع روّاد الفضاء الذين كانوا موجودين على متن محطة الفضاء الدولية إلى الاحتماء لنحو ساعة تقريبا داخل كبسولاتهم الفضائية تحسبا لأيّ خطر، وفقا لبيان صحفي صدر عن "قيادة الفضاء الأميركية".

وذكرت وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" بأنّ القمر الصناعي الروسي الذي يحمل اسم "ريسورس بي1″، والذي أُعلِن في عام 2022 أنّه لم يعد ضمن نطاق الخدمة، انفجر لأسباب غير معروفة، وألمحت الوكالة إلى أنّ الحطام الناتج عن الانفجار لن يحمل أيّ تهديد مباشر على بقيّة الأقمار الصناعية في الوقت الحالي.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2شاهد: محاكاة ثلاثية الأبعاد لأعمدة الخلق البديعةlist 2 of 2"ناسا" تمنح "سبيس إكس" 843 مليون دولار للتخلص من محطة الفضاء الدوليةend of list

وقعت الحادثة صباح الأربعاء، ولاحظ روّاد الفضاء أنّ سحابة من مخلفات الفضاء تشكّلت في مدارٍ قرب محطة الفضاء الدولية، مما دفع "ناسا" على الفور إلى إصدار تعليمات لرواد الفضاء بالاحتماء داخل المحطة ريثما ينتهي الخطر، ولم تستجب وكالة الفضاء الروسية "روسكوزموس" لإبداء أيّ تعليق على الحادثة حتّى اللحظة.

وتعد مثل هذه الحوادث نادرة الحدوث، لكنّها تشكّل مصدرا للقلق بشكل متزايد، خاصة مع ازدحام الفضاء القريب من الأرض بالأقمار الصناعية الضرورية والمسؤولة عن العديد من التطبيقات التي تمس الحياة اليومية، بما في ذلك الإنترنت والاتصالات وخدمات الملاحة.

ووقع الانفجار على ارتفاع نحو 355 كيلومترا من سطح الأرض، وذلك ضمن حيّز المدار الأرضي المنخفض، وهو المجال الفضائي الذي تعمل فيه العديد من الأقمار الصناعية مثل شبكة "ستارلينك" التابعة لشركة "سبيس إكس" ومحطة الفضاء الصينية كذلك.

وذكرت شركة "ليو لابس" التي رصدت أكثر من 180 قطعة من الانفجار أنّه نظرا لموقع الانفجار القريب من بقيّة الأقمار الصناعية، فإنّ الخطر قد يستغرق أسابيع إلى أشهر كي يزول تماما.

تحذير فوري.. "اللجوء إلى كبسولات الفضاء"

وأخطرت "ناسا" على وجه السرعة روّاد الفضاء الستة الموجودين داخل محطة الفضاء الدولية لاتخاذ الإجراءات اللازمة للجوء إلى مأوى آمن بعد الكشف عن الحطام مباشرة، وكانت الخطة كما هو متفق عليه، أنّ يتجه الروّاد إلى الكبسولات الفضائية المصطفّة خارج المحطة الدولية، وذلك تحسبًا لأي طارئ لو تطلّب الأمر مغادرتهم دون انتظار.

Shortly after 9 p.m. EDT, @NASA instructed crews aboard the space station to shelter in their respective spacecraft as a standard precautionary measure after it was informed of a satellite break-up at an altitude near the station’s earlier Wednesday. Mission Control continued to…

— International Space Station (@Space_Station) June 27, 2024

 

وكان ثمّة 3 مركبات فضاء جاهزة في الانتظار وهي مركبة "ستارلاينر" الفضائية، وكبسولة "دراغون"، وأخيرا المركبة الروسية "سويوز". ولم يمض الكثير حتّى مرّ خطر الحطام وعاد رواد الفضاء لاستئناف مهامهم الطبيعية بعد نحو ساعة.

"متلازمة كيسلر" وأخطار فوضى النشاط الفضائي المنخفض

ووفقا لـ"ناسا" يقدَّر عدد قطع الحطام الفضائي الذي يتجاوز طوله 10 سم بنحو 25 ألف قطعة، في حين تبلغ القطع التي تتراوح بين 1 و10 سم نحو نصف مليون، وأما القطع الأكبر من 1 ملم فتتجاوز 100 مليون. وحتّى حلول شهر يناير/كانون الثاني 2022، بلغ مجموع وزن هذه المخلفات أكثر من 9 آلاف طن تسبح في الفضاء بشكل عشوائي.

وفيما سبق، لاحظ أحد علماء "ناسا" وهو "دونالد كيسلر" هذه المشكلة المتفاقمة بسبب ارتفاع النشاط الفضائي على نحو متسارع في المدار الأرضي المنخفض، مما دفعه إلى وضع نظريته التي أطلق عليها "متلازمة كيسلر" التي تتناول الضرر الناجم من النشاط البشري غير المقيّد والمنضبط.

ووضع "كيسلر" سيناريو للمستقبل، وافترض تضاعف أعداد الأقمار الصناعية، مشيرا إلى أنّه في نقطة ما سيكون المدار مكتظا بالأجسام، فيتسبب بسلسلة من الأحداث التي تمنع البشر من مغادرة الأرض. ويقصد بتلك السلسلة من الأحداث أنّ وكالات الفضاء إذا واصلت إرسال الأقمار الصناعية إلى الفضاء دون خطة مدروسة لإعادتها إلى الأرض، فسوف تصل الكتلة الموجودة في مدار الأرض المنخفض إلى نقطة حرجة، وتبدأ الأجسام والأقمار الصناعية بالاصطدام معا.

وكلّ اصطدام يقع في الفضاء الخارجي سينتج عنه مزيد من الأجسام السابحة، وبالتالي سيحدث مزيد من الاصطدامات ثم مزيد من الأجسام، وهكذا تتشكل سلسلة من الأحداث لن تتوقف، لتصبح مغادرة الأرض أمرا مستحيلا يصعب تحقيقه دون التعرض للمخاطر.

وفي عام 2021، تعرضت موسكو لموجة حادة من الانتقادات التي طالتها إثر استخدام صاروخ مضاد للأقمار الصناعية لتدمير أحد أقمارها الصناعية المعطلة، مما نتج عنه آلاف من قطع الحطام.

وفيما يتعلّق بالقمر الصناعي "ريسورس بي1″، فلا توجد أدلّة حتى الآن تشير إلى استخدام أيّ نوع من الصواريخ. وعوضا عن ذلك، يشير الخبراء إلى أنّ انفجار القمر الصناعي قد يكون ناجما عن مشكلة تتعلّق بالوقود المتبقي فيها.

نموذج من القمر الصناعي المحطّم "ريسورس بي1" الذي أثار القلق لروّاد الفضاء (ويكيبيديا) مدار النفايات "مقبرة الأقمار الصناعية"

وفي العادة يجري التخلّص من الأقمار الصناعية منتهية الصلاحية بإدخالها إلى الغلاف الجوّي للأرض بشكلٍ محكم كي تحترق وتتفتت، وأحيانا أخرى تُرسل هذه الأقمار إلى مدار بعيد يحيط بالأرض حيث تلقى مثواها الأخير، ويُعرف بمدار النفايات، وذلك لتجنّب اصطدامها بالأقمار الصناعية النشطة الموجودة في المدارات المنخفضة.

ويبلغ ارتفاع مدار النفايات نحو 36 ألف كيلومتر فوق سطح الأرض، وتتضمّن عملية نقل الأقمار الصناعية إلى هذا المدار سلسلة من المناورات، وتستهلك هذه المهمة كميّة من الوقود المتبقّي لتشغيل محركات القمر الصناعي. كما تُستنفد جميع خزّانات الوقود والطاقة المتبقيّة لمنع حدوث أيّ انفجار على غرار ما حدث مع القمر الصناعي الروسي.

وتساهم مثل هذا المدارات في تفادي تفاقم "متلازمة كيسلر"، كما يطمح المسؤولون في إنشاء آلية دولية لإدارة حركة المرور الفضائية والتي لا وجود لها حاليا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فضاء محطة الفضاء الدولیة الأقمار الصناعیة القمر الصناعی

إقرأ أيضاً:

ثقب عملاق يتجاوز 5 ملايين كيلومتر مربع.. ماذا يحدث فوق الأطلسي؟

أعلن علماء الجيوفيزياء عن رصد توسع لافت في منطقة الضعف المغناطيسي في جنوب الأطلسي (SAA)، وهي منطقة تتراجع فيها قوة المجال المغناطيسي للأرض إلى مستويات خطرة. 

اكتشاف مدينة عنكبوتية عملاقة على الحدود اليونانية الألبانية .. تفاصيلاكتشاف تاريخي يعيد رسم خريطة التعدين في العالم.. ماذا وجد العلماء؟بعيون حمراء وأصابع طويلة.. اكتشاف أغرب كائن في هذه المنطقة| ما شكله؟اكتشاف نحو 11 مليون طن من النحاس والذهب والفضة في نجران جنوب السعوديةالجرام بـ 140 مليون دولار| اكتشاف مادة أغلى من الذهب والألماس.. ما هي؟

وتمتد هذه المنطقة اليوم على مساحة تقدر بنحو 5 ملايين كيلومتر مربع فوق جنوب المحيط الأطلسي، في تطور أثار مخاوف الباحثين حول مستقبل الدرع المغناطيسي للكوكب.

هذا الاضطراب يتيح للإشعاع الكوني الوصول إلى ارتفاعات أقل من المعتاد، ما يعرض الأقمار الصناعية لمستويات أعلى من الخطر، ويزيد من الغموض المرتبط بما يجري في أعماق الأرض.

مهمة Swarm تكشف تغيرات سريعة وغير متماثلة

بيانات جديدة من مهمة Swarm التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية  وهي مجموعة من ثلاثة أقمار مخصصة لقياس إشارات المجال المغناطيسي  أظهرت أن الشذوذ لا يزداد اتساعا فحسب، بل يتطور بشكل غير متماثل.

وقد برزت منطقة سريعة التدهور جنوب غرب إفريقيا، الأمر الذي يرجحه العلماء لظاهرة تعرف بـ بقع التدفق العكسي.

وهي مناطق ينحني فيها المجال المغناطيسي نحو الداخل بدلا من خروجه، ما يشير إلى اضطرابات عميقة عند الحدود الفاصلة بين النواة الخارجية السائلة والوشاح الصلب للأرض.

ويصف الباحث كريس فينلي من وكالة الفضاء الأوروبية سلوك هذه المنطقة بأنه “غير معتاد”، قائلاً إن المجال “يعود إلى النواة في أماكن يجب أن ينبثق منها”، ما يجعل ظاهرة SAA واحدة من أكثر الظواهر المغناطيسية إثارة للقلق.

تهديد مباشر للأقمار الصناعية والمهمات الفضائية

ورغم أن هذه الظاهرة لا تشكل خطرا على البشر على سطح الأرض، فإن تأثيرها في الفضاء بات ملموسا فالأقمار الصناعية التي تمر بالمنطقة تتعرض لكم أكبر من الإشعاع، ما يؤدي إلى:

أعطال مفاجئة

تلف البيانات

تقليص العمر التشغيلي للمهمات الفضائية

وتضطر أنظمة حساسة مثل تلسكوب هابل إلى إيقاف بعض أجهزتها أثناء العبور عبر المنطقة لتجنب الأخطاء كما تمر محطة الفضاء الدولية فوق المنطقة عدة مرات يوميًا، ما يضاعف من تأثير الظاهرة على أجهزتها.

ومع اتساع الشذوذ المغناطيسي، تزداد مدة بقاء الأقمار الصناعية داخل "الحفرة المغناطيسية"، الأمر الذي يرفع مستوى المخاطر على التقنيات الفضائية.

نافذة لفهم أعماق الأرض والجيودينامو

يتجاوز هذا الاضطراب تأثيراته التكنولوجية ليكشف أسرار حول الديناميكيات العميقة للأرض فالمجال المغناطيسي يتولد نتيجة حركة الحديد المنصهر في النواة الخارجية ضمن عملية تعرف بـ الجيودينامو.

دراسة حديثة في مجلة Physics of the Earth and Planetary Interiors تشير إلى علاقة بين توسع SAA وبقع التدفق العكسي المستقرة عند حدود النواة والوشاح، ما قد يدل على اضطرابات حرارية عميقة قادرة على تغيير سلوك الجيودينامو على المدى الطويل.

كما تظهر بيانات Swarm تغيّرات غير متماثلة في مناطق أخرى، من بينها:

ضعف متزايد فوق كندا

ازدياد قوة المجال فوق سيبيريا

انجراف القطب المغناطيسي الشمالي نحو روسيا


هل نقترب من انعكاس قطبي مغناطيسي؟

على الرغم من أن العلماء يستطيعون التقليل من المخاطر الحالية عبر إعادة توجيه الأقمار الصناعية أو إيقاف بعض أجهزتها مؤقتا، فإن التوسع المستمر في الشذوذ يثير أسئلة عن مستقبل المجال المغناطيسي للأرض.

وتطرح بعض الأبحاث فرضية احتمال حدوث انعكاس قطبي مغناطيسي في المستقبل – وهو حدث لم يقع منذ 780 ألف عام – لكن لا يوجد دليل يشير إلى أن حدوثه وشيك.

مراقبة مستمرة لفهم مستقبل الدرع المغناطيسي للأرض

تشدد وكالة الفضاء الأوروبية على أهمية المراقبة الدقيقة لهذه المنطقة، لمعرفة ما إذا كان الضعف الحالي يمثل مرحلة مؤقتة أم مقدمة لتغير جذري في درع الأرض المغناطيسي الذي يحمي الكوكب من الإشعاع الكوني والجسيمات الشمسية.

طباعة شارك جنوب الأطلسي المجال المغناطيسي المجال المغناطيسي للأرض مهمة Swarm الحفرة المغناطيسية

مقالات مشابهة

  • جامعة أم القرى تطوّر قمرًا صناعيًّا بحثيًّا لرصد الطقس الفضائي وتأثير الإشعاعات الشمسية
  • ما مصير رائد الفضاء إذا مات على سطح القمر؟.. سيناريوهات غير متوقعة
  • وكالة الفضاء: نشاط شمسي متزايد وإطلاق قمر صناعي سعودي متخصص بالطقس في 2025
  • الحرب الإلكترونية تتصاعد: تقرير يوثّق ارتفاع الهجمات على الأنظمة الفضائية خلال حرب غزة
  • طاقم فضاء أمريكي روسي يبدأ مهمة تستمر مدة 8 أشهر بمحطة الفضاء الدولية
  • بشرط الانتهاء من 50 % من الإنشاءات..الصناعة: مهلة 6 أشهر للمشروعات الصناعية
  • من الأرض إلى المريخ.. كيف تخطط ناسا لزراعة النباتات خارج الكوكب؟
  • إطلاق أول قمر صناعي تجاري في العالم لعلوم الفضاء
  • «محمد بن راشد للفضاء» يستعد لتطوير 5 أقمار «كيوب سات» من فئة «12U»
  • ثقب عملاق يتجاوز 5 ملايين كيلومتر مربع.. ماذا يحدث فوق الأطلسي؟