تخيل أن تعيش في قرية تتجول بها قطعان من الأفيال الضخمة، ويكون لديك أطفال، وكيف يمكن أن تكون العلاقة بين هذا الحيوان، والمجتمع الخاص بك داخل القرية، من أطفال، أو أراضي زراعية، أو مسكنك وخزان المياه الخاص بك، وكيف يمكن أن تكون الطرق، وكيف يمكن أن تتجنب أضرار وجود تلك الحيوانات الضخمة حولك، إنها قصص مشوقة من أدغال القارة السمراء، فهيا بينا في جولة سفارى للتعرف عليها.

 

ومرشدنا في تلك الجولة التي ستكون في دولة بتسوانا، هو موجيتا، والذي انتظر ثلاث أيام حتى يرصد لنا تفاصيل وأجواء رحلة هؤلاء العمالقة المعتادة داخل القري، حيث تنتقل في تلك الأوقات ما بين أماكن التغذية إلى أماكن مياه للشرب، ويصاحبه في الانتظار أطفال القرية وهم يهمس: "إنهم يجمعون الأشياء هناك ، في الأدغال"، تلك الرحلة التي رصدتها صحيفة bbc البريطانية.

 

أكوام كبيرة من الروث والبصمات في الرمال قبل الظهور

الأجواء المشمسة تعم القرية، وتحت سطوتها تتواجد الأشجار المعتادة في تلك الأدغال، والبشرة السمراء يملأ المكان، تتخللها بعض الوجوه البيضاء تمثل توافد السياح المنتظرين لرؤية رحلة السفاري، والهدوء سيد الموقف، وكأنه الصمت الذي يسبق العاصفة، ولا آثار لوجود الأفيال، إلا أكوام كبيرة من الروث، وبصمات واضحة لأرجلها الضخمة على الرمال، والأنظار كلها متوجهة صوب الغابات، ولا حديث سوى على ظهور قائد القطيع، إنه الفيل مركزي الذي يتواجد داخل الغابة وحوله أفراد القطيع.

ويهمس موجيتا مرة أخرى: "إنهم هناك فقط"، ولكن المحيطين يقولون "لا نستطيع أن نسمع ولا نرى شيئًا سوى الأشجار والشجيرات"، والجميع في الجزء العلوي من دلتا أوكافانغو في شمال بوتسوانا، حيث يقفون في منتصف "ممر الأفيال" - أحد الطرق المعتادة التي تسلكها الأفيال في تنقلاتها اليومية بين مناطق التغذية من جهة والمياه من جهة أخرى، ويمكن للمتواجد  سماع أصوات هدير منخفضة في بعض الأحيان - حيث يلاحظ أجزاء من رأس عملاق يحدق بالجميع عبر الأدغال، ويوضح موجيتا: "يمكنهم شم رائحتنا .. إنهم قلقون، إنهم يدورون حولنا".

 

انفجار الأجساد الضخمة يقطع الصمت .. الحركة بحساب

 على بعد حوالي 100 متر، انفجرت عشرات الأفيال من جميع الأحجام من الغطاء واندفعت عبر الطريق، إلى الأدغال على الجانب الآخر، وفي الدقائق القليلة التالية، يعبر قطيع كامل، بعضهم يرفرف بأذنه ويهتف، وهنا يوضح موجيتا أنهم يحذرون بعضهم البعض وعلينا الابتعاد، وهم يتحركون بسرعة أثناء ذهابهم إلى النهر، ولا يريدون أن يتم إزعاجهم، إنهم عطشى ويحتاجون فقط للذهاب وشرب بعض الماء، ويمكن أن يكون الأمر خطيرًا للغاية مع السرعة التي يتقدمون بها، فهم لا يرون حتى ما يجري، بل يمضون في خط مستقيم".

وعلى مدار ربع الساعة التالي، يجب أن تكون الحركة بحساب حتى لا يتأذى أحد، حيث يعبر حوالي 150 فيلًا الطريق، ويشاهد الجميع الأخيرين بالقطيع، فهما أبطأ الحركة، أم مع طفلها البالغ من العمر أسبوعا واحدا، إنه لأمر مبهج أن نراهم في البرية هكذا وأن تجربهم عن قرب، ولحسن الحظ ، كما يوضح موجيتا ، فإن حاسة الشم الشديدة لديهم تبقيهم على مسافة آمنة منا.

 

شخص يموت سنويا تحت أقدامها.. تلك إرشادات عامة 

وفي محاولة لمنع موت أي إنسان قامت الحكومة بعدد من الإجراءات الهامة، حيث تقتل الأفيال كل عام شخصا واحدا على الأقل في هذه المنطقة، لذلك نجد علامات التحذير على جانب الطريق تحدد ممرات الأفيال، لذلك يعرف السكان المحليون أن يبتعدوا عن مساراتهم المعتادة، كجزء من مبادرة حكومية، حيث تم وضع اللافتات بمساعدة من أصاحب العمل بالمنطقة.

هي أجواء ستجدها في 14 قرية على امتداد 75 ميلاً (120 كم) من الطريق، فيما يسمى Okavango Panhandle، هذا الامتداد الطويل الرفيع من الأرض والمياه يفتح على أكبر دلتا داخلية في العالم، جوهرة خضراء في صحراء كالاهاري، وهي منطقة تديرها شركة بالتنسيق مع الحكومة، وذلك لتنظيم رحلات السياحة، والتنسيق مع أبناء القرى، ورسم خريطة الإرشادات واللافتات.

 

دلتا أوكافانغو .. ومزادات الأفيال

بحسب الصحيفة البريطانية، فمنذ مائة عام، جاب القارة حوالي 10 ملايين فيل، ومع الصيد الجائر وفقدان الموائل وانتشار الأمراض، أصبح الآن هناك أقل من نصف مليون متبقي في إفريقيا - وما يقرب من ثلثهم في بوتسوانا لوحدها، ويقول الخبراء إن أعداد الأفيال في البلاد تتزايد بمعدل 6٪ سنويًا - بالسرعة التي يمكن أن تنمو بها بيولوجيًا.

ونتيجة لهذا النمو رفعت حكومة بوتسوانا بشكل مثير للجدل الحظر المفروض على صيد الأفيال في عام 2019، وتجادل بأنها توفر مصدرًا جيدًا للدخل للمجتمع المحلي - وتقول إن صيد الغنائم مرخص وخاضع للرقابة الصارمة، ففي هذه المنطقة ، بالقرب من قرية سيرونجا ، يفوق عدد الأفيال عدد السكان، ولكن هذا يمكن أن يسبب مشاكل، خاصة بالنسبة لمزارعي الكفاف المحليين، وقد تؤدي غارة الأفيال على المحاصيل إلى تدمير الإمدادات الغذائية السنوية للأسرة في ليلة واحدة فقط.

 

 تدابير المزارعين لتجنب الأفيال

بالعودة لأجواء القرية، نجد أن المزارعين يتخذون تدابير بسيطة لإبعاد الأفيال عن مزارعهم، حيث يتم تعليق خيوط من علب الصفيح، والزجاجات البلاستيكية، وحتى الأكياس البلاستيكية من الأسلاك حول حقولهم، وفي الآونة الأخيرة، تم إدخال "أسوار" الفلفل الحار، وهي عبارة عن أقمشة مبللة بالفلفل الحار تتدلى من سلك معدني، وكذلك البعض يقوم بعمل أسوار خلية نحل، فالفيلة حقا لا تحب طنين النحل.

ويوضح موجيتا: "أنت بحاجة إلى مجموعة كاملة من التقنيات، حيث يمكن للفيل أن يأتي ويلاحظ سياج العلبة ويرى ما إذا كانت هناك أي حركة أو ما إذا كان ضارًا، ولكن مع الوقت هي تتعلم، وفي مرحلة ما، سينتهي به الأمر بالاختراق والدخول، وهو ما يسبب في حدوث الحوادث مع سكان القرى"، وهنا تحدث ديمبو – أحد السكان وقال إنه ذات ليلة من الشهر الماضي أيقظه صوت الأفيال، وقد تخطت كافة الأسياج، وحينها قرعت طبولتي لإخافتهم بعيدًا، ضربت وضربت وضربت، ثم سمعت صوت تحطم، وبمجرد ذهاب الأفيال، خرجت واكتشفت الضرر، فقد هدموا ودمروا ممتلكاتي الثمينة والأغلى .. خزان مياه بلاستيكي كبير، وكان يحمل 5000 لتر من الماء، مرفوعًا على بعض الركائز المتينة تحت شجرة".

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: یمکن أن

إقرأ أيضاً:

انطلاقة مميزة لأسود الرافدين بكأس العرب 2025

حقق المنتخب العراقي بداية قوية في كأس العرب بعدما تمكن من حسم مواجهته الأولى أمام منتخب البحرين بنتيجة 2-1 في اللقاء الذي جمعهما مساء اليوم الأربعاء، ضمن منافسات الجولة الافتتاحية للمجموعة الرابعة من دور المجموعات.

في بروفة ثقيلة.. منتخب مصر يواجه نيجيريا وديًا قبل أمم أفريقيا "موعد المباراة"

دخل أسود الرافدين اللقاء برغبة واضحة في فرض السيطرة مبكراً، معتمدين على الضغط الهجومي وتحركات الخط الأمامي بقيادة أيمن حسين ومهند علي "ميمي". وقد أثمرت هذه الرغبة عن هدف أول حمل توقيع أيمن حسين الذي افتتح التسجيل مُعلناً تقدّم العراق، قبل أن يعود زميله مهند علي (ميمي) ويعزّز النتيجة بالهدف الثاني، ليضع فريقه في موقف مريح خلال مجريات الشوط الثاني.

ورغم التفوق الواضح للعراق في معظم لحظات المباراة، إلا أن المنتخب البحريني لم يستسلم، ونجح في تقليص الفارق عند الدقيقة 79 عبر هشام السيد عيسى الذي أحيا آمال فريقه في العودة، إلا أن الوقت المتبقي لم يكن كافياً لقلب المعادلة، لينتهي اللقاء بفوز ثمين للعراق وثلاث نقاط أولى تُنعش حظوظه في التأهل.

تشكيل الفريقين

جاءت اختيارات الجهاز الفني العراقي على النحو التالي:

حراسة المرمى: أحمد باسل

خط الدفاع: مصطفى سعدون – أكرم هاشم – مناف يونس – أحمد يحيى

الوسط: حسن عبد الكريم – سجاد جاسم – علي جاسم – زين إسماعيل

الهجوم: أيمن حسين – مهند علي "ميمي".


أما المنتخب البحريني فقد خاض المواجهة بالتشكيل التالي:

حراسة المرمى: إبراهيم لطف الله

الدفاع: عبد الله الخلاصي – وليد الحيام – أمين بنعدي

الوسط: فينسنت أيمانويل – السيد ضياء سعيد – كميل الأسود – علي مدن

الهجوم: محمد مرهون – مهدي حميدان – محمد الرميحي

موقف المجموعة الرابعة

بهذا الفوز يحصد العراق أول ثلاث نقاط في مشواره بالمجموعة الرابعة التي تضم أيضاً منتخبات الجزائر والسودان، فيما بقي المنتخب البحريني دون نقاط، ليصبح مطالباً بتحقيق نتيجة إيجابية في الجولة القادمة إذا أراد الحفاظ على فرصه في المنافسة.

مقالات مشابهة

  • الشباب الأميركي لا يحب أخبار السياسة وتجذبه قضايا الترفيه
  • «الوثبة للعسل» ينطلق في أبوظبي لدعم المنتجين المحليين
  • انطلاقة مميزة لأسود الرافدين بكأس العرب 2025
  • جائزة أبوظبي.. «رحلة العُمر» التي يُلاحقها «عُشّاق الفورمولا-1»
  • مصر تستضيف فعاليات المؤتمر الدولي الخامس عشر لاتحاد النحالين العرب بشرم الشيخ
  • سعرها 400 ألف جنيه.. خطوات التزايد على لوحة سيارة مميزة
  • “لم نعهدها من قبل”.. نازح فلسطيني يروي صعوبة العيش بين الزواحف والقوارض
  • هل تريد العيش حتى 100 عام؟.. عليك بتناول هذه الأطعمة
  • الاحتلال الإسرائيل يقتحم بلدة أبو ديس جنوب شرق القدس
  • جديد طقس لبنان.. هكذا ستكون الأجواء خلال الأيام المُقبلة