منحت جامعة العلوم الإسلامية الماليزية USIM، امس  الخميس، الدكتوراة الفخرية في دراسات القرآن والسُّنَّة، لفضيلة الإمام الأكبر أ. د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين؛ حيث سلَّمها لفصيلته سمو ولي العهد السيد، تونكو علي رضاء الدين، ولي عهد ولاية نجري سمبيلان بماليزيا، بحضور السيد، داتؤ سري أنور إبراهيم، رئيس وزراء ماليزيا، والبروفيسور محمد رضا وحيدين، رئيس جامعة العلوم الإسلامية الحكومية الماليزية USIM، ولفيف من الوزراء والعلماء والأساتذة والباحثين والطلاب الماليزيين.

 

نموذجًا حيًّا في التمدُّن والنهوض الاقتصادي والعمراني

 

ألقى فضيلة الإمام الأكبر كلمةً أعرب فيها عن اعتزازه بالتواجد في ماليزيا، البلد المسلم الذي يُقدِّم ، وفي الجامعة: مهوى أفئدة المشتغلين بالعلم والتعليم، والمثابة التي إليها المرجع في مدارسة العلم ومطارحة قضاياه، والاستماع إلى أهل الفكر والنَّظر من الأكاديميِّين والباحثين.

 

وأضاف فضيلة الإمام الأكبر أنه حين يتحدث في رحاب جامعة العلوم الإسلامية الماليزية USIM، فإنه يشعر بأنه مُطوَّقًا بواجب العرفان لأهلِ هذه البلاد، الذين كانوا روَّادًا في إرساءِ قواعد منهجيَّة ومعرفية، في مجال الدراسات الإسلاميَّة.


مشيرًا إلى أن هذا المنهج يَعتمدُ على «غرس الأدب وترسيخه في وعي الإنسان عبر تأديب العقل والروح معًا»، وهي رؤية تَدِينُ لها ماليزيا بالحظِّ الأوفر في تجنيبها أخطار الفكر المصادم للوسطيَّة الإسلاميَّة، تلكم الوسطية التي مَثَّلت ميزة تتميَّز بها هذه البلاد، منذ عرفت الإسلام واتَّخذته دِينًا ومنهج حياة، وسمة ثابتة لفكر أبنائها، أثروا بها الحضارة الإسلاميَّة، وأسْهَمُوا بها في بناء هذا النموذج الحضاري الصَّامد على صفحات التاريخ رغم تقلُّب الزمان وتطور المكان.


واختتم فضيلته "إنني وأنا أقف هنا بينكم، لأحوز شرف لقبٍ علميٍّ هو الدكتوراة الفخرية، فإني أعبر عن اعتزازي بهذه المبادرة الكريمة من جامعة العلوم الإسلامية الحكومية الماليزية لسببين

أولهما: أن هذا اللقب العلمي متصل بدراسة الوحي الشريف، أعز ما يطلب، وأسمى ما يدرس ويدرس، وهو القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.

وثانيهما: لأن هذا التكريم لا يقتصر على شخصي المتواضع فقط، وإنما هو تكريم لمؤسسة الأزهر الشريف وعلمائه وطلابه وخريجيه، بل وتاريخه العلمي الذي مضى عليه اليوم أكثر من سبعين وألف عام من عمر الزمان، استقبل فيها آلاف الآلاف من طلاب العلم من جميع بلاد الدنيا، وفي مقدمتها بلدكم الكريم: ماليزيا العريقة، صاحبة نصيب الأسد من الطلبة الوافدين للدراسة في الأزهر الشريف".


وفي كلمته ، أعرب سمو ولي العهد السيد، تونكو علي رضاء الدين، ولي عهد ولاية نجري سمبيلان بماليزيا، عن عمق العلاقة التي تجمع بين الأزهر الشريف وماليزيا، معبرًا عن فخره اليوم بأن يُسلِّم فضيلة الإمام الأكبر الدكتوراة الفخرية، وسعادته بالعلاقة الوطيدة التي تجمع جامعة العلوم الإسلامية الماليزية USIM وجامعة الأزهر العريقة.

من جانبه أعرب السيد داتؤ سري أنور إبراهيم، رئيس وزراء ماليزيا، عن تقدير الشعب الماليزي لفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر ، معربًا عن سعادته الغامرة وهو يستمع لكلمة فضيلة الإمام الأكبر التي عبَّرت عن حكمة بالغة من أكبر علماء الأمة الذي يؤثر فينا دائمًا بحكمته وحديثه العميق الذي يصل إلى جميع الناس، لافتًا إلى أن ماليزيا استفادت كثيرًا من علماء الأزهر الشريف، وتخرج لديها آلاف الطلاب الذين يحملون الفكر الوسطي المستنير وينشرونه في إقليم جنوب شرق آسيا.

 

أوضح  رئيس الوزراء الماليزي أنه شخصيًّا يسترشد بكلمات فضيلة الإمام الأكبر في الكثير من القضايا والمواقف، مشيدًا بجهود شيخ الأزهر لتعزيز وحدة الأمة ونشر قيم الحوار والتسامح والتعايش المشترك بين المسلمين وغيرهم، داعيًا الماليزيين إلى الاقتداء بمواقف فضيلة الإمام الأكبر، التي تؤسِّس لقيم الاحترام والتعارف الإنساني .

،مضيفًا: إنني باسم حكومة ماليزيا وشعبها أود أن أعبر عن حبنا العميق لفضيلة الإمام الأكبر ورغبتنا في تكرار هذه الزيارة مرات ومرات.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الأزهر شيخ الأزهر الدكتوراة الفخرية جامعة العلوم الإسلامية الماليزية فضیلة الإمام الأکبر الأزهر الشریف شیخ الأزهر الأزهر ا

إقرأ أيضاً:

الإبراهيمية بين الدين والسياسة

السفير د. عبدالله الأشعل

عام 2021، تمكنت واشنطن من اختراق العالم العربي لصالح إسرائيل، وقد بنت على الموجة الأولى من الاختراق في أواخر السبعينيات وأوائل التسعينيات. كانت الموجة الأولى تشمل مصر 1979، وهي الجائزة الكبرى، وإعلان أوسلو 1993، ووادي عربة مع الأردن 1994. وأهمية إعلان أوسلو في هذا السياق أنه من كبريات محطات المشروع الصهيوني، هذه المرة مع الفلسطينيين.

وفي عام 2021، أبرمت إسرائيل مع أربع دول عربية ما سُمِّي بالمعاهدات الإبراهيمية، وهذه الدول هي: المغرب، والسودان، والبحرين، والإمارات. وهذه أول مرة نسمع عن "الإبراهيمية".

وإذا كانت الموجة الأولى من معاهدات السلام كان مضمونها استسلام الدول العربية لمطالب إسرائيل، مقابل انسحاب إسرائيل من أراضيها التي احتلتها عام 1967 -رغم أن الانسحاب نتيجة حتمية للعدوان الإسرائيلي في القانون الدولي، كما فصّلت ديباجة قرار مجلس الأمن 242 عام 1967- فقد فرضت إسرائيل نظريتها على المجتمع الدولي، وهي: الأرض العربية مقابل السلام الإسرائيلي، علمًا بأن السلام معنى لم يتفق عليه العرب وإسرائيل. ولذلك أسميتها "معاهدات الاستسلام للشروط الإسرائيلية" أو "معاهدات السلام الإسرائيلي".

وقد فُهم أن إطلاق صفة "معاهدات السلام الإبراهيمية" إنما هو حتى نعتقد بأن التسليم لإسرائيل وسلامها امتثال لواجب ديني منسوب إلى دين إبراهيم. وقد تبيَّن فيما بعد أن نسبة المعاهدات لإبراهيم لم تكن عبثًا، وإنما لكي تبشِّر أمريكا وإسرائيل بدين جديد. وسرعان ما تحولت صفة "الإبراهيمية" إلى "الدين الإبراهيمي" باعتبار أن إبراهيم أبو الأنبياء. وتلقفت دول عربية الخيط، فأعلنت أن الإبراهيمية دين جامع لكل الأديان المقدسة، كما قال بيان الأزهر الذي تبرّأ من الفكرة.

موقف الأزهر من الإبراهيمية:

الأزهر حارس لوعي المسلمين الديني، ولذلك تعاديه إسرائيل وأمريكا. وقد أصدر الأزهر بيانًا رفض فيه "الدين الإبراهيمي" على الأسس الآتية:

إن الدين الجديد فتنة ظاهرة توحِّد أصحاب الديانات السماوية الثلاثة، وهدفه تمييع الفوارق بين هذه الأديان، حسب بيان الأزهر. إن الدين الجديد يُغفل أن رسل الله نزلت بهذه الأديان. إن الهدف طمس التدرج، وآخرها الإسلام.

وأرى موقف الأزهر صحيحًا، لولا أنه أغفل حقيقة قرآنية، وهي أنه لا توجد "أديان". وقد كشفت دراساتنا للقرآن الكريم الحقائق الآتية:

أولاً: إن القرآن الكريم هو كلمة الله النهائية التي لم تُحرّف، وقد تعهّد الله بحفظه إلى يوم الدين، لقوله تعالى: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"، ولذلك ذُكرت في آيات قليلة هذه الكتب المقدسة حسب تاريخ النزول: التوراة، والإنجيل، والقرآن. وأخبرنا القرآن أن الكتب المقدسة الأخرى الأصلية وجّهت الرسل إلى الإيمان بالرسول التالي وكتابه. وكلها قامت على التوحيد، وأن هذه الكتب قد حُرّفت بأيدي رجال الدين في اليهودية والنصرانية.

ثانيًا: إن الإسلام هو الدين الجامع منذ آدم حتى محمد رسولنا الكريم، وأنه لا توجد أديان أخرى، وإنما شرائع، وكلها تشكّل جوهر الإسلام وأصل التوحيد. وأن جميع الرسل والأنبياء كانوا مسلمين، بدليل قرآني في آيتين:

"اليوم أكملت لكم دينكم ورضيت لكم الإسلام دينًا"، وقوله تعالى: "ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يُقبل منه".

فالإسلام بدأ بآدم وانتهى بمحمد، والقرآن هو معجزته. وقد تفرّد رسولنا الكريم -جماع الفضائل- بمركز خاص في القرآن، فهو آخر الأنبياء والرسل، وهو الذي مدحه ربه فقال: "وإنك لعلى خلق عظيم".
ثم إن التشريعات الوضعية لا بد أن تستند إلى القرآن والسنة المطهّرة، وأن رسالته لجميع الأمم إلى قيام الساعة، لقوله تعالى: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين".
والرسول كان يفخر بقول القرآن على لسانه: "أدبني ربي فأحسن تأديبي".

والأمة المحمدية أمة وسط، شاهدة على الأمم السابقة، وفي القرآن: "فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا"، و"كنتم خير أمة أخرجت للناس"، وقد كلفها الله سبحانه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ثالثًا: أشار القرآن إلى قصة إبراهيم، وأنه كان أمةً قانتًا لله، وأنه عرف الله بالعقل، وأنه رفض عبادة الأصنام. وأكد القرآن أن إبراهيم لم يكن مشركًا أو نصرانيًّا أو يهوديًا، وإنما كان حنيفًا مسلمًا، وهو الذي سمّى أمة محمد "المسلمين" قبل أن تظهر.

فالإسلام بدأ بآدم، وسُمّي إبراهيم بأبي الأنبياء لأن أولاده: يعقوب، وإسماعيل، وإسحاق. وتتطابق الكتب المقدسة الأصلية في الفضائل، ولكن القرآن الكريم حجة رسولنا الكريم.

رابعًا: إن ابتداع دين لإبراهيم ضلال بعيد، وهدفه سياسي، وهو الاستسلام للسماحة في قصة إبراهيم مع الصهاينة خدمةً لإسرائيل، فكان التسليم لها واجبًا دينيًا. ثم إنه بدعة، وكل بدعة ضلالة. ولولا النية المبيّتة للصهيونية الأمريكية والإسرائيلية في ضرب كل مقدّس دينيًا، لقلنا إنه اجتهاد يُقبل النقاش.

خامسًا: إن الفكرة تنطلي على ذوي القلوب المريضة والجهلة، وما أكثرهم. ولكي لا تكون فتنة، يجب رفض الفكرة الاستعمارية، والالتزام بصحيح الدين.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • الإبراهيمية بين الدين والسياسة
  • رئيس جامعة الأزهر: سورة المائدة انفردت ببيان حكم الصيد للمحرم
  • سفير تايلاند يزور كلية العلوم جامعة الأزهر لبحث التعاون العلمي
  • الإمارات… الذكاء الاصطناعي من رياض الأطفال إلى الدكتوراه
  • أفضل كلمات الاستغفار.. 6 صيغ وردت في القرآن والسنة تمحو الذنوب
  • رئيس جامعة الأزهر: الحج دين في رقبة المستطيع
  • رئيس جامعة الأزهر لـ «الخريجين»: أنتم حملة ميراث النبوة
  • البحوث الإسلامية: خريجو الأزهر قدوة في المجتمع .. ويحملون أسمى رسالة
  • شيخ الأزهر يستقبل رئيس الأركان الباكستاني.. ويؤكد: لا استقرار في العالم دون حل لقضية فلسطين
  • قطر تشارك في مسابقة ماليزيا للقرآن الكريم