عصب الشارع
صفاء الفحل
قلنا قبل فترة أن المقاومة الشعبية وعمليات الاستنفار الفوضوية ستتحول إلى مشكلة جديدة بالمستقبل، سيعاني منها الوطن حتى وإن تم القضاء على آخر جندي بالدعم السريع الذي تم تكوينه بنفس الكيفية التي تم بها تكوين ذلك الكيان الذي صنعته الحركة الإسلامية خلال النظام المدحور، وأن حل قضايا الوطن لا تكون بصناعة مشكلة جديدة بل في هيكلة الجيش وتنظيمه ليكون جيش واحد ذو عقيدة قتالية موحدة وحل وإيقاف تكوين مليشيات جديدة، وفي وقتها اتهمنا بأننا خونة وعملاء.
وقد أثبت اليوم الخلاف الذي نشب بين والي نهر النيل أبو قرون والفريق معاش محجوب حسن سعد رئيس لجنة الاستنفار بالولاية صدق ما ذهبنا إليه وأظهر النوايا (المبطنة) والغرض الأساسي من تكوين مليشيات ما يسمى بالمقاومة الشعبية عندما رفض (سعد) قرر أبو قرون التنحي وتسليم قيادة تلك المجموعة بالولاية إلى القوات المسلحة ممثلة في قيادات عليا من بعض الضباط المتقاعدين ليسقط خبث النوايا في أول اختبار حقيقي للمساس بتلك المليشيات الجديدة.
قرار الوالي (الذكي) بمحاولة تجاوز لجنة (سعد) القديمة دون الدخول في تجاوز لقرار تكوين لجان الاستنفار الذي أصدرته حكومة الأمر الواقع في بورتسودان أو التصادم مع المجموعة الكيزانية التي تقود هذا العمل من خلال الستار؛ يعلن عدم رضاء الوالي عن عمل تلك اللجنة الأولى وتجاوزاتها (الخفية) التي لا يود الوالي الإفصاح عنها بصورة مباشرة خوفاً على موقعه حتى ولو تحمل عبء وجود لجنتين (ولائية واتحادية) وما يحمله ذلك من تبعات مالية على خزانة الولاية المفلسة أصلاً.
والمبررات التي ساقها رئيس لجنة الاستنفار الاتحادية والتي أطلق عليها (الأصل) على اعتبار أن اللجنة الولائية الجديدة التي كونها الوالي (مزورة) لا علاقة لها بما ورد في خطابه الذي قدمه، فالأمر في رمته لا يعدوا سوى صراع حول الأموال الضخمة التي تُدفع لتلك اللجان ومحاولة كل طرف الحصول عليها فـ(سعد) الذي يخاف أن يصير يتيماً باستيلاء اللجنة الجديدة على تلك الأموال لن يصمت بكل تأكيد وسيتحرك خلفه كيزان بورتسودان الذين يدخرون تلك اللجان ليوم كريه، والوالي الذي ضاق ذرعاً من (تجاوزه) وعملها بعيدا عن قبضته لن يصمت وسيستعين في الحرب القادمة بقيادات الجيش وقد يصل إلى كشف التجاوزات المالية للجنة السابقة إذا ما دعا الأمر.
ولك الله أيها المواطن المغلوب على أمره.
الثورة ستظل مستمرة...
والقصاص سيظل أمر حتمي ..
والرحمة والخلود للشهداء..
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
سلطنة عُمان.. الودق الذي يُطفئ الحروب
د. أحمد بن علي العمري
سلطنة عُمان… بلد الأمن والأمان والسلام والإسلام والاعتدال والحياد والأعراف والعادات والتقاليد وحسن التعامل والتسامح، حيث إن الأعراف والتقاليد لدى العُماني أقوى من أي قانون؛ الأمر الذي جعلها محل ثقة وتقدير واحترام العالم أجمع دون استثناء.
ومع ذلك؛ فالرأي مفتوح للجميع، وسقف الحرية مرتفع بحكم القانون العُماني. ولقد لفت انتباهي الانطباع الذي خرج به المشاركون في معرض مسقط الدولي للكتاب من زوار ومؤلفين وناشرين؛ حيث عبّروا عن الحرية التي وجدوها؛ فهناك الكثير من الكتب التي يُمنع نشرها في العديد من الدول وجدت حريتها في عُمان تنتظرها، وأكدوا أن في عُمان مجالًا رحبًا للرأي والرأي الآخر، وأفقًا للرأي الواسع، كما أشاروا إلى حفظ الحقوق واحترام وتقدير الآخرين.
لقد وجدوا التطبيق الفعلي لعدم مصادرة الفكر؛ بل حمايته وتهيئة الجو المناسب له، فقد قالها السلطان الراحل قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه -: "إننا لا نصادر الفكر.. أبدًا"، وأتت النهضة المتجددة لتؤكد على استمرارها ونموها وتوسعها؛ فأضحت عُمان بلا منازع محل تقدير ومركز تسامح وموقعًا لثقة الجميع.
المعروف أن الودق هو المطر الذي يُنهي الجفاف ويحيي الأرض، وفي السياق الأدبي أو الثقافي يُستخدم كرمز للخير والسلام، وعندما نقول إنه يطفئ الحروب، فهو تعبير مجازي عن دور عُمان التاريخيّ في إخماد النزاعات بالحكمة والدبلوماسية، كما فعلت عبر تاريخها في الوساطة بين الأطراف المتنازعة.
إن سلطنة عُمان معروفة بسياسة الاعتدال والحوار؛ سواء كان ذلك في محيطها الخليجي أو العربي أو على المستوى الدولي، مما جعلها صانعة للسلام بامتياز. وهكذا فإن الودق العُماني ليس مجرد مطر مادي، وإنما هو إشارة للغيث الأخلاقي في البوتقة السياسية الذي تقدمه عُمان لتهدئة الصراعات ومسبباتها ووأد الفتنة في مهدها.
لقد وقفت السلطنة كعادتها الدائمة والثابتة والراسخة على الحياد؛ فلم تقطع العلاقات مع جمهورية مصر العربية إبان اتفاقية كامب ديفيد، وكذلك الحياد في اتفاقيات مدريد وأوسلو ووادي عربة، وبقيت محايدة في الحرب العراقية الإيرانية، ولم تتدخل في الحروب التي تستعر هنا وهناك من حينٍ لآخر؛ فلم تتدخل في حرب ليبيا، ولا الصومال، ولا اليمن، ولا السودان؛ بل أغلقت أجواءها أمام الاستخدام العسكري لأي من الطرفين المتنازعين.
وقد كانت الوسيط لإطلاق عدد كبير من المحتجزين للعديد من الدول، كما إنها كانت وسيط الاتفاق النووي الإيراني عام 2015، وحاليًا تقوم بالوساطة ذاتها بين أمريكا وإيران للوصول إلى اتفاقية ثابتة وملزمة ومحكمة.
ومؤخرًا تدخلت السلطنة لإطفاء الحرب الملتهبة بين أمريكا واليمن، والتوصل للاتفاق على وقف إطلاق النار بين الطرفين، وهي حرب بالغة في التعقيد، لكن الدبلوماسية العُمانية المعهودة كان لها التأثير السلس الذي يتواصل مع الفرقاء برقة النسيم، وعذوبة الودق، وشذى الياسمين.
كل ذلك بهدوء ودون صخب إعلامي أو ضجيج القنوات الفضائية أو جعجعة الحناجر، كعادتها عُمان تبتعد عن المنّ والأذى.
إن الطائر الميمون الذي يقلّ المقام السامي لحضرة مولانا صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - بين العديد من عواصم العالم بين الحين والآخر، إنما يحمل على جناحيه غصن الزيتون ومرتكزاته وأهدافه، هو نشر السلام والتسامح؛ فعُمان تلتقي ولا تودع، وتجمع ولا تفرّق، وتلمّ ولا تشتّت، وتمُدّ يد السلام والوئام والتسامح والأُلفة للجميع.
حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها.