الكذبة البيضاء.. وباء الاحتيال يتسلل إلى الطبقة الوسطى في بريطانيا
تاريخ النشر: 18th, July 2024 GMT
أشارت صحيفة "تلغراف" البريطانية، إلى زيادة انتشار "الكذبة البيضاء" كشكل من أشكال الغش بين المستهلكين من الطبقة الوسطى في بريطانيا، خاصة في المعاملات التجارية، حيث اعترف واحد من بين كل ثمانية بالغين بريطانيين بارتكاب عمليات احتيال "الطرف الأول" في العام الماضي.
وقالت الصحيفة، في تقرير ترجمته "عربي21"، إنه بينما يعاني معظم البريطانيين من أزمة غلاء المعيشة وما يرتبط بها من ضغط على الموارد المالية الشخصية فإن العناوين الرئيسية للنتائج المذهلة للشركات الكبرى قد تكون مزعجة بشكل خاص.
وأضافت الصحيفة، أن الحالات الفرديّة لهذا النوع من الاحتيال صغيرة الحجم إلى حد كبير. وقد يكون شراء الملابس من متاجر التجزئة عبر الإنترنت، وارتداءها مرة واحدة ثم إعادتها، أو وزن الموز الرخيص عند الخروج الذاتي أثناء وضع المنتجات الأغلى ثمنًا في سلة التسوق أمرا لا ضير فيه - ولكن إذا مارس عدد كافٍ من الأشخاص نفس السلوك فإن الآثار يمكن أن تتراكم سريعا.
وذكرت الصحيفة أن واحد من بين كل ثمانية بالغين بريطانيين قد اعترفوا بارتكاب عمليات احتيال "الطرف الأول" في السنة الماضية، وذلك وفقًا لخدمة منع الاحتيال "سيفاس". وقد أعلنت شركة أفيفا أنها اكتشفت ارتفاعًا بنسبة 39 بالمائة في عمليات الاحتيال في التأمين على مدار سنة واحدة، مما كلف الشركة 318,000 جنيه إسترليني يوميا.
احتيال "الكذبة البيضاء" في ازدياد
نقلت الصحيفة عن ميا نايتس، المستشارة والخبيرة في مجال البيع بالتجزئة، قولها: "لقد رأينا [الاحتيال] يتزايد بسبب العصر الرقمي. وعندما تفكر في الطريقة التي نتعامل بها عبر الإنترنت فإنك تضطر إلى الاعتماد كثيرًا على صدق المستهلك".
وأضافت "في الماضي، ربما كانت نسبة صغيرة من العملاء الذين يتطلعون إلى القيام بذلك على نطاق واسع، ولكن حقيقة أننا نقوم بالكثير من التسوق وإجراء المعاملات عبر الإنترنت تجعل من السهل انتشار هذا النوع من الاحتيال".
الشعور بالضغط
حسب الصحيفة، فإن كل مثال على الاحتيال بالكذبة البيضاء هو مؤشر آخر على مدى صعوبة الأوضاع المالية في الخارج، وتحول في المشاعر المعادية للشركات. وبالنسبة للشركات التي تحقق المليارات، فإن تأثير هذا النوع من الاحتيال، على المستوى الفردي، لا يكاد يذكر ولكن يمكن أن يكون له تأثير كبير على الشركات الصغرى التي تكافح من أجل البقاء.
وأشارت الصحيفة، إلى أنه في مواجهة التسليم السريع والإرجاع المنخفض المشكوك فيه من أمثال أمازون، أصبح لدى العديد من العملاء الآن توقع بأن بإمكانهم الإفلات بسهولة من ممارسات مثل طلب استرداد الأموال للطرود التي لم يتم تسليمها - حتى لو كانوا قد استلموها عن طريق التوصيل المتعقب.
لكن هذه الأدلة لا تكفي دائمًا لثني بعض العملاء عن الضغط من أجل استرداد المبالغ المستردة غير المبررة، حيث غالبًا ما يثبت نجاح التهديد بالمراجعات السلبية عبر الإنترنت أو التذرع بعمليات رد المبالغ المدفوعة، حسب التقرير.
ونقلت الصحيفة عن بيتر تايلور، وهو محقق ومستشار في مجال التحقيق في الاحتيال، قوله: "هناك تسامح - أو فشل في الحقيقة - في إيصال الرسالة بأن الاحتيال أمر سيء". كما أن الإفلات من مثل هذه الأفعال يشجع الناس أكثر.
واستشهدت الصحيفة بتجربة جيني (اسم مستعار) وهي طالبة على وشك التخرج اشترت فستانًا من أحد متاجر التجزئة الكبيرة على الإنترنت ليوم تخرجها الجامعي القادم وسهرة التخرج وهي تخطط لإعادته بمجرد انتهاء الحدث. وقالت: "لم أكن أنوي أبدًا إنفاق ما يقارب 200 جنيه إسترليني على فستان لأرتديه لليلة واحدة".
يُعرف هذا النوع من الاحتيال باسم "واردوروبينج"، وهو يصف ممارسة شراء الملابس لمناسبة خاصة وارتداءها مرة أو مرتين ثم إعادتها لاسترداد قيمتها. يتقاضى بائع التجزئة المعني، الذي طلبت جيني عدم الكشف عن هويته، رسومًا رمزية لمعالجة المرتجعات (حوالي نصف تجار التجزئة في المملكة المتحدة للأزياء يفرضون الآن رسومًا على العملاء لإعادة الملابس).
وأوضحت الصحيفة أن مشكلة إعادة الملابس التي سبق استعمالها تعد مشكلة شائعة في صناعة الملابس: يعترف خُمس المتسوقين بتجربة هذه الحيلة، حيث يقوم 43 بالمائة ممن تتراوح أعمارهم بين 16 و24 سنة بإعادة الملابس التي سبق أن ارتدوها - حيث يقوم الشخص العادي بإعادة أربع قطع سنوياً، وتبلغ تكلفة كل قطعة 40.95 جنيه إسترليني.
الحلقة المفرغة للاحتيال
وتساءلت الصحيفة عما إذا كانت هذه حالة مستهلكين يتسلحون بحقهم في اللجوء إلى القضاء إذا لم يلتزم تجار التجزئة بجانبهم من الصفقة، أو يمارسون حقوقهم ضد الشركات التي ترفض اتخاذ إجراء؟ وقالت نايتس إن الأمر يعتمد دائمًا على الظروف الفردية لكل معاملة.
وذكرت الصحيفة أنه يتم تحميل ما يقارب من 650,000 معاملة يوميًا في جميع أنحاء العالم على التاجر، وفقًا لماستركارد إيثوكا. وعلى نطاق أوسع، من المتوقع أن يكلف الاحتيال التجار ي عبر الإنترنت 362 مليار دولار (281 مليار جنيه إسترليني) بين سنتي 2023 و2028، وذلك وفقاً لشركة جونيبر للأبحاث.
ونقلت الصحيفة عن تايلور، مستشار الاحتيال، قوله: لقد دخلنا في حلقة مفرغة عندما يتعلق الأمر بالاحتيال بالكذبة البيضاء. ما يقوله المحتالون لي هو أن الجميع يفعل ذلك. أنت تخلق هذا الوهم بأن الجميع يرتكبون الاحتيال طوال الوقت". وإذا كان الجميع يفعلون ذلك، يبدأ الناس العاديون الملتزمون بالقانون في الاعتقاد بأنهم حمقى لعدم مشاركتهم أيضا.
يجب أن يدفع شخص ما ثمن الاحتيال
لا يحدث الاحتيال بالكذب الأبيض في تجارة التجزئة فقط، بل إن فكرة تحدي هيمنة الشركات الكبرى تنتشر حتى في أماكن العمل حيث يقوم المتقدمون للوظائف بتضخيم الادعاءات في السير الذاتية، فقط لتجاوز عملية التصفية، حسب الصحيفة.
وقال تايلور: "ما يحدث هو أن ذلك يغير السعر الذي ندفعه جميعًا في نهاية المطاف مقابل السلع أو يصبح هناك الكثير من الاحتكاك في عمليات الاسترداد".
وذكرت الصحيفة أننا نشهد بالفعل تأثير الاحتيال على الطريقة التي نتلقى بها عمليات التسليم عبر الإنترنت. فغالبًا ما يضطر الشخص الذي يقوم بتوصيل أحدث ما اشتريته من ملابسك إلى التقاط صورة لك وأنت تحمل الطرد، لأن ذلك يخلق دليلاً دامغًا على استلامك للسلع.
وبالمثل فإن الحاجة إلى اقتباس رمز لسائق التوصيل الخاص بك هو لأن الكثير من الناس كانوا يطالبون بطعام لم يكن لهم، أو يكذبون بشأن عدم وصول وجباتهم أبداً. وقال تايلور: "أي نوع من الاحتيال يجب أن يدفعه شخص ما، ولكن ليس الحكومة، ولا شركة التأمين، ولا بائع التجزئة، بل يدفعه الجمهور والعملاء، ونحن ندفع مقابل الاحتيال"، وفقا للتقرير.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية بريطانيا الاحتيال بريطانيا الاحتيال صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة جنیه إسترلینی عبر الإنترنت الصحیفة أن
إقرأ أيضاً:
ارتفاع متزايد لجرائم الاحتيال الإلكتروني.. والشرطة تحذر
حذرت شرطة عمان السلطانية من تزايد جرائم الاحتيال الإلكتروني التي أصبحت تمثل تحديًا أمنيًّا كبيرًا للأفراد في ظل التوسع المتسارع في استخدام المنصات الرقمية والتجارة الإلكترونية مما يوفر للمحتالين فرصًا لاستغلال الثغرات التقنية وقلة الوعي الأمني لدى بعض المستخدمين.
وتشير الإحصاءات إلى ارتفاع ملحوظ في هذا النوع من الجرائم مما يستدعي تضافر الجهود الأمنية والمجتمعية لتعزيز الوقاية الرقمية والتصدي لهذه الممارسات الإجرامية.
وقال العميد جمال بن حبيب القريشي، مدير عام التحريات والبحث الجنائي: ارتفعت جرائم الاحتيال بنسبة 35% خلال الربع الأول من العام الجاري مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، ويعد تصميم مواقع إلكترونية مشابهة للمواقع الرسمية من أبرز الأساليب الاحتيالية إذ تُرفع على محركات البحث لتظهر ضمن النتائج الأولى ما يمنحها مظهرًا من المصداقية الزائفة من أجل استدراج الضحايا للكشف عن بياناتهم البنكية بعد تعبئة نماذج مزيفة ودفع رسوم معينة، وعند إدخال رمز التحقق (OTP) تُسحب المبالغ مباشرةً وتُحوّل عبر شبكة حسابات وهمية ومنصات عملات رقمية ضمن سلسلة سريعة من العمليات المالية لإنهاء أثر الجريمة وتهريب الأموال للخارج.
ويرافق هذا الأسلوب ما يُعرف بـ"الاحتيال عبر المهام الوظيفية" إذ يروّج المحتالون خاصة في الخارج لعروض توظيف مثل "مستشار مالي" أو "وكيل مالي" ثم يطلبون من المستهدف فتح حساب بنكي لاستقبال الأموال وتحويلها إلى حسابات أخرى، أو سحبها نقدًا وتحويلها عبر الصرافة أو العملات الرقمية، ليقع بعدها ضحية لجرائم احتيال وغسل أموال دون إدراك منه إضافة إلى المساءلة القانونية نتيجة مشاركته في استقبال أموال مجهولة المصدر ناتجة عن عمليات جرمية.
وأوضح العميد جمال القريشي: أصبحت الاتصالات الهاتفية الاحتيالية من الوسائل السهلة التي يلجأ إليها المحتالون بانتحال صفة مؤسسات رسمية أو بنوك أو شركات؛ إذ يعرضون على الضحايا جوائز أو خدمات مغرية مقابل الإفصاح عن بيانات حساسة أو رموز تحقق، وقد يزودون الضحايا بمعلومات دقيقة عن أرصدتهم البنكية وبياناتهم الشخصية لكسب ثقتهم.
وأكد أن الجهات الرسمية لا تطلب مثل هذه المعلومات عبر الهاتف ولذا يجب تجاهل هذه الاتصالات والتبليغ عنها فورًا، مبينًا أن الإدارة العامة للتحريات والبحث الجنائي تعاملت مع عدد من هذه الحالات إذ تمكنت من ضبط الجناة واتخذت الإجراءات القانونية ضدهم.
وتم رصد أسلوب احتيالي مشابه يتم من خلال إرسال رسائل نصية أو عبر تطبيق "واتساب" تفيد بوجود طرد بريدي يطلب من الضحية الدخول إلى رابط مزيف لاستكمال الإجراءات ودفع رسوم التوصيل ليتمكن المحتالون من الوصول إلى بياناته والاستيلاء على أمواله.
وأشار العميد القريشي إلى الارتفاع الملحوظ في البلاغات المتعلقة بالاحتيال عبر التسوق الإلكتروني الذي يعزى إلى الإقبال الواسع على التسوق عبر الإنترنت خاصة في فترات الأعياد والعروض الترويجية.
واستُخدمت حسابات وهمية على "إنستجرام" للترويج لعروض استقدام عمالة منزلية، إذ يُطلب من الضحايا دفع رسوم عبر روابط مزيفة ليتم الاستيلاء على بياناتهم البنكية وسرقة أموالهم.
وأوضح العميد أن منصات تداول العملات الرقمية أصبحت من البيئات المفضلة للمحتالين في ظل افتقار الكثير من المستخدمين للخبرة الكافية في هذا المجال؛ إذ يقوم المحتالون بإقناع الضحية بتحقيق أرباح من مبالغ بسيطة، ليُدفع بعدها لإيداع مبالغ أكبر ثم تُسحب الأموال من محفظته الرقمية دون القدرة على استرجاعها.
وتستقبل بعض المنصات أموالًا مجهولة المصدر ناتجة عن جرائم إلكترونية سابقة يتم استخدامها في شراء العملات الرقمية وتحويلها إلى حسابات أخرى.
استغلال الأطفال عبر الألعاب الإلكترونية
وحذّر العميد جمال القريشي من تزايد الاستغلال الرقمي للأطفال عبر الألعاب الإلكترونية خاصة تلك التي تعتمد على التواصل المباشر؛ إذ يستدرج المحتالون الأطفال للإفصاح عن معلومات شخصية تتعلق بأسرهم أو يُغرونهم بعمليات شراء داخل التطبيقات.
ورُصدت حالات ابتزاز إلكتروني يطلب فيها الجناة صورًا خاصة من الأطفال، لتهديدهم بها لاحقًا لتحقيق مكاسب غير مشروعة، ولذا يسهم دور الأسرة في رقابة الأولاد في الحد من هذه الحالات وتوعيتهم بكيفية التصرف عند التعرض للاحتيال والابتزاز.
وأكد العميد القريشي أن شرطة عمان السلطانية تواصل التعاون والتنسيق مع المنظمات الأمنية الدولية والإقليمية في مجال تتبع ورصد هذه الجرائم وضبط مرتكبيها، وتمكنت شرطة عمان السلطانية بالتنسيق مع جهات دولية من ضبط شبكة دولية للجريمة المنظمة عند دخول أفرادها إلى سلطنة عمان حيث ثبت ضلوعهم في تنفيذ عمليات احتيال إلكتروني في عدة دول إذ قاموا باستدراج أشخاص من جنسيات آسيوية للعمل داخل سلطنة عمان ليقوموا عند وصولهم بسحب وثائقهم الشخصية وتدريبهم على تنفيذ عمليات احتيال عبر الإنترنت مثل إنشاء حسابات وهمية على تطبيقات التواصل الاجتماعي والدردشة العاطفية بالإضافة إلى انتحال صفة شخصيات ثرية بهدف كسب ثقة الضحايا وإقناعهم بالاستثمار في منصات مزيفة للعملات الرقمية.
وشدد مدير الإدارة العامة للتحريات والبحث الجنائي على أهمية تعزيز مستوى الوعي الأمني لدى الأفراد، لتمكينهم من استشعار مواطن الخطر وتفادي الوقوع ضحية لعمليات الاحتيال الإلكتروني من خلال عدم فتح الروابط المشبوهة وتجنب مشاركة المعلومات الشخصية أو البنكية دون التحقق من موثوقية الجهة المرسلة وتفعيل خاصية التحقق بخطوتين واستخدام كلمات مرور قوية ومختلفة لتأمين الحسابات الإلكترونية بالإضافة إلى تخصيص بطاقة بنكية مستقلة تحتوي على رصيد محدود للتسوق عبر الإنترنت.
وأضاف أن المؤسسات الرسمية لا تطلب بيانات شخصية عبر الاتصالات الهاتفية، لذا يجب تجاهل مثل هذه المحاولات وعدم التفاعل معها وضرورة إسراع كل من يتعرض للاحتيال في إبلاغ البنك لإيقاف الحسابات المتأثرة والتقدم ببلاغ رسمي إلى أقرب مركز شرطة أو التواصل عبر الخط الساخن (80077444)، مع ضرورة الاحتفاظ بجميع المراسلات أو المحادثات التي جرت مع الجهة المحتالة كأدلة توثيقية.