عربي21:
2025-06-10@12:32:38 GMT

اللؤم والأذى: سلطة عباس.. ماذا بعد؟

تاريخ النشر: 21st, July 2024 GMT

يقينا وواقعا لا يستطيع أي مكابر إنكار أن "طوفان الأقصى" أحدثت قفزة نوعية وتاريخية هائلة، في معادلة الصراع العربي/ الإسرائيلي، وقد كانت بالفعل كالرياح العاتية، التي طهرت مجرى هذا الصراع المعقد من الكثير من قاذوراته التي ملأته طوال السنوات الأخيرة..

ولعلنا نتذكر مقولة جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الأمنية والعلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي: "لقد تصورنا أن الصراع انتهى، ولم يعد هناك ما يعرف بالقضية الفلسطينية".

. ومتى؟ بعد عملية سيف القدس! أي منذ ثلاث سنوات!.. ولنا أن نتخيل التطور الموضوعي والطبيعي لهذه الجملة بعد "طوفان الأقصى"، بكل الاعتبارات الكمية والنوعية والتاريخية.

* * *

كان الجميع قبلها في حالة من السعادة والبهجة اللذيذة، وأسعدهم بالطبع كان نتنياهو، الذي كان يطوف العالم بخريطته الواعدة بشرق أوسط ينبض بقلب إسرائيلي ويفكر بعقل إسرائيلي، وقد يكون ذلك مفهوما منه؛ لكن كيف يُفهم موقف السلطة الوطنية الفلسطينية (سلطة عباس)، والتي أثبتت في كل وقت وفي كل مرحلة، أنها ليست وطنية ولا فلسطينية؟ وبكل معايير السياسة والواقع لا يمكن وصفها بغير ذلك، وهو الأمر الذي كان من الصعب قبوله واستمراره. ولم يطل الانتظار في الحقيقة.. فقد أتى الطوفان..

كيف يُفهم موقف السلطة الوطنية الفلسطينية (سلطة عباس)، والتي أثبتت في كل وقت وفي كل مرحلة، أنها ليست وطنية ولا فلسطينية؟ وبكل معايير السياسة والواقع لا يمكن وصفها بغير ذلك، وهو الأمر الذي كان من الصعب قبوله واستمراره
* * *

هل نقول هنا مع الشاعر الجميل محمود درويش (ت: 2008م) الوداع لما قد يأتي ولا يصل..؟

لا.. فها هو قد أتى ووصل يا شاعر الأمل والأحزان، وكان على الجميع أن يُعد العدة لهذا الذي أتى ووصل.. الجميع، ولا يُستثنى منهم أحد.. عربيا ودوليا.

وعلى رأس الجميع بالطبع كانت السلطة في رام الله. ولن نقف كثيرا عند ما قاله ويقوله السيد عباس في كل فرصة للقول، ولا عما فعله ويفعله ماجد فرج، رئيس مخابرات السلطة، ولا حسين الشيخ، ولا حتى أقوال الأستاذ هباش الذي يحتوي الحقائق كلها في جوفه، ويصرخ من على كل منبر منددا بالمقاومة وما تفعله المقاومة..

* * *

فقط سنترك المفكر الكبير إدوارد سعيد (ت: 2003م) يحكي لنا طرفا من قصة "سلطة رام الله" في كتابه الشهير "غزة أريحا: سلام أمريكي" الذي صدر سنة 1995م.

يقول: "ويتضح هذا الخلل في التوجه بأمضى صوره في مجال التعبئة لنصرة نضال الشعب الفلسطيني، الذي أتشرف بالانتماء إليه، والذي خدمت في صفوف حركته الوطنية، وصولا إلى عضوية المجلس الوطني الفلسطيني منذ عام 1977 وحتى استقالتي منه عام 1991. وقد جاءت استقالتي من المجلس الوطني في أعقاب اكتشاف الأطباء أنني أعاني من مرض اللوكيميا. إلا أن المرض لم يكن هو الباعث الوحيد وراء الاستقالة. فقد كانت هناك أيضاً الشروط التي قبلتها القيادة الفلسطينية حتى يتسنى لها الذهاب إلى مدريد، والتي كنت أرى أنها ستؤدي بنا إلى كارثة".

"أخذت أرى بوضوح، ومنذ العام 1991، الأسلوب الذي يتم به إهدار المكاسب التي حققتها الانتفاضة، بل وإصرار ياسر عرفات وحفنة من مستشاريه على قبول أي شيء تلقي به الولايات المتحدة وإسرائيل في طريقهم، حتى لا يفوتهم ركب "عملية السلام". فقد وجدت قيادة منظمة التحرير نفسها، وفي خضم حالة الفوضى والذعر من المستقبل، تفرط في كافة الأهداف الوطنية والمشروعة للشعب الفلسطيني لصالح ما يعرف "بالحل الانتقالي".

"وقد جاء إعلان مبادئ أوسلو، الذي تم الاحتفال بالتوقيع عليه في حديقة البيت الأبيض في سبتمبر الماضي (1993)، بالمزيد من التنازلات (..). فقد تنازلت القيادة الفلسطينية، ولأول مرة في التاريخ الفلسطيني الحديث، لا عن حق تقرير المصير فقط، بل وعن القدس وقضية اللاجئين، حيث ارجأت هذه الأمور مجتمعة إلى مفاوضات "المرحلة النهائية" غير المحدودة الشروط".

" تتكشف لنا الحقائق فنعرف أن الجانب الفلسطيني ذهب للتفاوض على اتفاقية ملزمة دوليا (..) تم بمقتضاها تفكيك بنية المقاومة الفلسطينية بأكملها".. انتهى كلام د. إدوارد سعيد..

الأخطر والأخطر أن السلطة في رام الله والسيد عباس ومعاونيه لا زالوا قائمين على هذا الإرث الكريه المتعفن، والمرفوض تماما من صفوة العقول الفلسطينية
وهذا كلام تقفز الكلمات والعبارات فيه قفزا لتعبر عن عالم ومرحلة، وموت كاد أن يكون محتما. هذا كلام خطير، وخطورته ليست فقط فيمن قاله، ولكن في كونه حدث بالفعل.

* * *

لكن الأخطر والأخطر أن السلطة في رام الله والسيد عباس ومعاونيه لا زالوا قائمين على هذا الإرث الكريه المتعفن، والمرفوض تماما من صفوة العقول الفلسطينية.

والمفترض أنه خلال الفترة الجارية ومن خلال تصريحات متكررة لوزير الخارجية الأمريكي بلينكن أن تقوم السلطة الوطنية بدخول غزة في "اليوم التالي" للحرب بالاشتراك مع قوة أممية وإقليمية، وقد سارعت الإمارات بإعلان الموافقة على مشاركتها في هذه القوة..

الحكمة القديمة تقول: "لا تخسر ما هو ضروري، من أجل شيء مشكوك في حصولك عليه".. وحدة الصف الفلسطيني الآن وأكثر من أي وقت مضى "ضرورة" لا يمكن التضحية بها وخسارتها من أجل ما هو مشكوك في الحصول عليه، وأقصد حل الدولتين، والذي أغنانا الكنيست برفضه الأربعاء الماضي (17 تموز/ يوليو).

فهل السيد عباس والسلطة على استعداد لفهم ذلك، ويكفوا عن القيام بهذا الدور المشبوه بالغ اللؤم والأذى؟

* * *

الحقيقة والواقع يقولان إن الناس لا يقدّرون إلا من يحتاجون إليه.. وحاجة إسرائيل والغرب للسيد عباس والسلطة ليس فيها أي تقدير، إلا بالقدر الذي يُمكنهم من السيطرة والتحكم في المقاومة وتفكيكها، كما قال د. إدوارد سعيد منذ ما يقرب من ثلاثين سنة..

وقد أحسن د. مصطفي البرغوثي لنفسه ولنا ولقضية الأمة كلها، حين استنكر بيان السلطة الذي صدر يوم 14 تموز/ يوليو، وتتهم فيه بكل غدر وخسة المقاومة بأنها أوجدت الذريعة للإبادة التي تجري في غزة!

المشكلة هنا ليست في خطأ القراءة الاستراتيجية للحاضر والمستقبل، المشكلة في الخطأ الفاحش في حق التاريخ، بل وفي حق المعلومات العامة التي يعرفها أبسط عربي من ثلاثينيات القرن الماضي.

المشكلة هنا ليست في خطأ القراءة الاستراتيجية للحاضر والمستقبل، المشكلة في الخطأ الفاحش في حق التاريخ، بل وفي حق المعلومات العامة التي يعرفها أبسط عربي من ثلاثينيات القرن الماضي
* * *

السيد عباس وزملاؤه لا يريدون الجلوس في منازلهم يتطلعون إلى جدرانها صامتين منتظرين المرض والموت، لكن لا يمكن لهم الاستمرار في القيام بنفس الدور، الذي قاموا به أولا بابتلاع الانتفاضة واحتوائها، ومنع أي عمل مقاوم ضد المحتل بحجة أنه ضد المشروع الوطني الفلسطيني! في تكرار ممسوخ لأهازيج الستينيات المليئة بالهزائم..

الطريف في الموضوع أنهم يتحدثون بجدية بالغة، وتأخذ وجوههم -وهم يقولون ذلك- تعبيرات تدل على التفكير العميق، والصرامة الصارمة (الأستاذ هباش نموذجا).

لا يمكن أبدا أن يكون ثانية ما كان أولا، فقد تغير كل شيء بعد "طوفان الأقصى".. فعلا تغير كل شيء، من نظرة الغرب السياسي لإسرائيل، إلى الشعوب الغربية نفسها.. وحتى في نظرة إسرائيل لنفسها.

والقادم أقوى وأوقع..

* * *

يقولون إنه لا شيء ينفع في إصلاح المرء، كما تنفعه ذكرى ماض نادم عليه.. لكن المشكلة أنهم في السلطة غير نادمين، فكيف سيُصلحون؟

x.com/helhamamy

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسرائيلي الفلسطينية المقاومة إسرائيل فلسطين محمود عباس المقاومة اتفاقية أوسلو مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة رام الله لا یمکن

إقرأ أيضاً:

ليبراسيون تستبعد أن تقوض عصابة تدعمها إسرائيل سلطة حماس بغزة

اهتمت صحف عالمية بآخر تطورات الحرب الإسرائيلية غير المسبوقة على قطاع غزة، وما أفرزته من واقع إنساني كارثي على الغزيين، وسط عجز دولي عن ردع تل أبيب منذ 20 شهرا.

وذكرت صحيفة ليبراسيون الفرنسية أن إسرائيل لم تتردد في التحالف مع عصابة إجرامية بهدف إضعاف حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2وول ستريت جورنال: وثائق تبرز كيف اختطف نظام الأسد آلاف الأطفالlist 2 of 2نيويورك-باريس في أقل من 4 ساعات.. هل يتحقق الحلم في 2029؟end of list

وأشارت الصحيفة إلى أن ما أثير في السابق بشأن حماية توفرها إسرائيل لعصابة تسطو على قوافل المساعدات بات اليوم مؤكدا، إذ لم ينكر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو (المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية) دعمها.

لكن مراقبين -وفق الصحيفة- يستبعدون أن تشكل هذه العصابة تهديدا حقيقيا لسلطة حماس على القطاع، بالنظر إلى قوامها ونطاق انتشارها في غزة.

وكان زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني المتطرف أفيغدور ليبرمان قال لهيئة البث الإسرائيلية الرسمية إن "إسرائيل نقلت بنادق هجومية وأسلحة خفيفة إلى مليشيات إجرامية في غزة"، مؤكدا أن هذه الخطوة تمت "بأوامر من نتنياهو".

ولاحقا، نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مصدر أن إسرائيل نقلت سلاحا لمليشيا ياسر أبو شباب، بينها أسلحة خفيفة صودرت من حركة حماس.

أما صحيفة غارديان فاهتمت بقصة أم فلسطينية قتلت برصاص جنود إسرائيليين بعد العديد من المحاولات اليائسة لتأمين قليل من الطعام لأبنائها من أحد مراكز توزيع المساعدات في غزة.

إعلان

وخلصت الصحيفة إلى أن المشي لساعات والانتظار طويلا والدخول في حالة من الفوضى "مخاطرة لا طائل منها في غزة"، مشيرة إلى أن كثيرين يعودون أدراجهم دون الحصول على المساعدات التي عرضوا حياتهم للخطر من أجل الوصول إليها.

بدورها، استذكرت صحيفة نيويورك تايمز مقالا نشرته قبل عام تناول تحديات واجهتها بعض العائلات في غزة لحماية الأطفال من سوء التغذية.

وأوضحت الصحيفة الأميركية أن الوضع الآن أصبح أكثر تعقيدا بعد حصار دام أشهرا، ثم تغيير جذري في آلية توزيع المساعدات، مؤكدة أن الآباء والأمهات في غزة باتوا يأملون الآن تأمين بقاء أطفالهم على قيد الحياة فقط.

وخلص مقال في صحيفة هآرتس إلى أنه لا يمكن تجاهل الصلة المباشرة بين منطق الاحتلال والتطرف السياسي وتراجع سيادة القانون ومعها مكانة إسرائيل الدولية.

وشرح المقال كيف تحول احتلال الأراضي الفلسطينية خلال أقل من عامين من قضية هامشية في الداخل الإسرائيلي إلى قضية تقوض أسس الديمقراطية وتفكك المجتمع الإسرائيلي.

من جانبها، تناولت صحيفة إندبندنت ما سمّته إحباطا متزايدا يستشعره معظم فلسطينيي الضفة الغربية المحتلة من المجتمع الدولي، بسبب ما يعتبرونه تجاهلا للواقع المفروض عليهم.

واستعرضت الصحيفة البريطانية قصص العديد من العائلات التي تعرضت للتهجير إما عبر هدم منازلها أو ترهيبها لإجبارها على الرحيل.

ولفتت إلى أن من فلسطينيي الضفة الغربية من اضطر إلى إعادة بناء منزله عدة مرات بعد عمليات هدم متكررة.

مقالات مشابهة

  • رسالة من عباس لماكرون: نؤيد نزع سلاح حماس
  • صوفان: وجود شخصيات على غرار فادي صقر ضمن هذا المسار له دور في تفكيك العقد وحل المشكلات ومواجهة المخاطر التي تتعرض لها البلاد.. نحن نتفهم الألم والغضب الذي تشعر به عائلات الشهداء، لكننا في مرحلة السلم الأهلي مضطرون لاتخاذ قرارات لتأمين استقرار نسبي للمرحلة
  • ماذا نعرف عن الجولة الجديدة من المفاوضات النووية التي تأتي مع تحذير إيران لإسرائيل؟
  • ليفاندوفسكي يشعر بالغدر والأذى من مدرب منتخب بولندا
  • بالفيديو: اندلاع حريق في غابة جنوب غرب القدس
  • صيد الغزلان يوم العيد يوقف ثلاثة أشخاص بينهم عون سلطة بتزنيت
  • بعد عيد الأضحى.. ديتوكس للتخلص من السموم والدهون بالجسم
  • العليمي يشيد بمأرب وقبائلها الأصلية والنهضة التي تشهدها المحافظة والعرادة يؤكد جاهزية القوات لإفشال أي محاولة حوثية لاختراق الجبهة الداخلية
  • السلطة الفلسطينية تنفي صلتها بحركة أبو شباب
  • ليبراسيون تستبعد أن تقوض عصابة تدعمها إسرائيل سلطة حماس بغزة