البدلاء المحتملون لبايدن بعد انسحابه من السباق الرئاسي
تاريخ النشر: 22nd, July 2024 GMT
بانسحاب جو بايدن من السباق إلى البيت الأبيض، أصبحت متاحة التذكرة الرئاسية للحزب الديموقراطي الذي سيسارع إلى إيجاد مرشّح بديل.
في ما يلي نظرة على البدلاء المحتملين:
كامالا هاريستبدو نائبة الرئيس كامالا هاريس الخيار الأكثر بديهية. فهاريس التي رافقت بايدن منذ أدائه اليمين الدستورية في يناير 2021، في وضعية جيدة لتكون حاملة لواء الحزب الديموقراطي.
هاريس البالغة 59 عاما هي ابنة لأب جامايكي وأم هندية، وكانت أول شخص أسود وأول امرأة تشغل منصب المدعي العام لولاية كاليفورنيا، كما كانت أول عضو في مجلس الشيوخ الأميركي من أصول جنوب آسيوية. وهي الآن أول امرأة وأول سوداء تتولى منصب نائب الرئيس.
خلال مسيرتها المهنية كمدعية عامة، اشتهرت هاريس بصرامتها، وهي سمة يمكن التعويل عليها في حملة من المتوقع أن تركز على الجريمة والهجرة.
لكن بعض الديموقراطيين التقدميين وجّهوا انتقادات لسجل عقوباتها الصارمة للمخالفين القصر، معتبرين أنها تؤثر بشكل غير متناسب على الأقليات.
إلى ذلك، لا تحظى هاريس بمعدلات تأييد مرتفعة، ما قد يدفع الديموقراطيين إلى البحث عن شخصية أخرى لترشيحها للرئاسة.
غافين نيوسومما من قاعدة تنص على حلول المرشح لمنصب نائب الرئيس تلقائيا محل المرشح الرئاسي في حال انسحابه.
وهذا الديموقراطي البالغ 56 عاما هو رئيس سابق لبلدية سان فرانسيسكو وحاكم ولاية كاليفورنيا منذ خمسة أعوام، وقد جعلها ملاذا متاحا لعمليات الإجهاض.
دعم نيوسوم بايدن بثبات ورفض الحديث عن استبداله قبل انسحاب الزعيم الديموقراطي من السباق، لكنه لم يخف طموحاته الرئاسية.
في الأشهر الأخيرة، رفع وتيرة سفراته الدولية، وكثّف الترويج لسجلّه وقد استثمر ملايين الدولارات في لجنة للعمل السياسي، ما أثار تكهنات بأنه سيترشح في العام 2028. فلم لا في العام 2024؟
غريتشن ويتمرمرشحة ديموقراطية أخرى محتملة هي غريتشن ويتمر، حاكمة ميشيغان البالغة 52 عاما.
عدد كبير من سكان الولاية هم من الطبقة العاملة مع مجتمعات رئيسية للسود والعرب، وكلها مجموعات أساسية من الناخبين الذين يسعى بايدن لاستمالتهم.
ويتمر من أشد منتقدي ترامب، وقد استهدفت بمخطط للخطف أعدته مجموعة يمينية متطرفة.
ستكون ميشيغان واحدة من الولايات الحاسمة في الانتخابات الرئاسية المقررة في الخامس من نوفمبر، وهي حجة قوية، وفقا لمؤيديها، لترشيحها للرئاسة.
جوش شابيرويقود حاكم ولاية بنسلفانيا جوش شابيرو أكبر ولاية متأرجحة في سباق نوفمبر.
شابيرو البالغ 51 عاما انتُخب في نوفمبر 2022 بفوز مقنع حقّقه على منافس محافظ وتولى منصبه في أوائل العام 2023، وسبق أن انتُخب مرتين مدعيا عاما للولاية.
ودان شابيرو رجال دين كاثوليك اعتدوا جنسيا على آلاف الأطفال وحاكم شركة بيرديو فارما المصنعة لمسكّن الألم الأفيوني القوي أوكسيكونتين.
شابيرو معروف بأسلوبه الخطابي الفاعل وهو وسطي، وهي صفات يمكن أن تحمله إلى الرئاسة.
البقيةمن بين الأسماء الأخرى المتداولة حاكم إلينوي جاي بي بريتزكر، وحاكم ميريلاند ويس مور، وحاكم كنتاكي آندي بشير، لكن فرصهم حتى الآن تبدو محدودة.
كذلك يتم تداول اسمي السناتور إيمي كلوبوشار ووزير النقل بيت بوتيجيج، وهما واجها بايدن في الانتخابات التمهيدية للعام 2020.
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
الفيدرالية والنظام الرئاسي: طريق السودان نحو دولة العدالة والاستقرار
الفيدرالية والنظام الرئاسي: طريق السودان نحو دولة العدالة والاستقرار
محمد تورشين
يشكّل موضوع شكل الدولة ونظام الحكم أحد أهم ركائز بناء السودان الجديد، خاصةً في ظل تراكم الأزمات التاريخية الناتجة عن التهميش وعدم التوازن في توزيع السلطة والثروة. فقد أثبتت العقود الماضية، منذ الاستقلال وحتى اليوم، فشل النمط المركزي في إدارة الدولة السودانية، حيث استأثر المركز، وتحديدًا العاصمة، بكافة الصلاحيات والموارد، في مقابل تهميش واسع للأقاليم، مما فاقم مشاعر الظلم، وأدى إلى اندلاع حروب أهلية طويلة، كانت كلفتها باهظة على الدولة والمجتمع. لذلك، فإن الانتقال إلى شكل فيدرالي للحكم ونظام رئاسي قوي ومنتخب يُعدّ ضرورة استراتيجية وليس مجرد خيار سياسي، بل هو مدخل لتجاوز الانقسامات، وتحقيق التوازن، وبناء دولة المواطنة.
الفيدرالية ليست غريبة على التجربة السودانية من حيث الفكرة، لكنها لم تجد طريقها للتطبيق الجاد. وفي بلد يتميّز بتنوع إثني وثقافي وديني كبير مثل السودان، تُعد الفيدرالية الوسيلة الأمثل لتسوية العلاقة بين المركز والأقاليم بطريقة تضمن الاعتراف بالتنوع، وتمكين المجتمعات المحلية من إدارة شؤونها بنفسها، بعيدًا عن هيمنة المركز. وهذا الشكل من الحكم لا يُضعف الدولة، كما يروّج البعض، بل يقوّيها من خلال توزيع الصلاحيات والموارد، بما يجعل المواطن في أي بقعة من البلاد شريكًا حقيقيًا في القرار والتنمية.
وفي هذا السياق، يمكن اقتراح تقسيم السودان إلى تسعة أقاليم فيدرالية، يراعى فيها الخصوصية الجغرافية والثقافية لكل منطقة، كما يهدف إلى إعادة التوازن بين المركز والهامش، من دون الإخلال بوحدة البلاد. ويبدأ هذا التقسيم بـ”إقليم العاصمة الخرطوم”، كوحدة خاصة تتمتع بوضع اتحادي رمزي وإداري، نظرًا لكونها مركز الدولة. ثم يأتي “الإقليم الشمالي” ويضم ولايتي الشمالية ونهر النيل، وهما منطقتان مترابطتان جغرافيًا وتاريخيًا. أما “الإقليم الشرقي” فيتكوّن من ولايات القضارف وكسلا وولاية البحر الأحمر، وهي منطقة استراتيجية تطل على البحر الأحمر، وتُمثل نقطة ربط بين السودان والقرن الإفريقي. ويضم “الإقليم الأوسط” ولايتي الجزيرة والنيل الأبيض، وهما من أكثر المناطق الزراعية كثافة سكانية وإنتاجًا. أما “إقليم النيل الأزرق”، فيجمع بين ولاية النيل الأزرق وأجزاء من ولاية سنار، بما يعكس خصوصيته الثقافية. ويُقترح كذلك “إقليم كردفان” بمكوناته الحالية دون تقسيم داخلي، لتسهيل الإدارة وتجاوز التوترات المناطقية بين شمال وغرب كردفان. أما “إقليم جبال النوبة”، فيتمتع بخصوصية ثقافية وتاريخية واضحة ضمن نطاق جنوب كردفان السابق. وفي دارفور، يُقسّم الإقليم إلى “إقليم شمال دارفور”، ويشمل شمال وغرب دارفور وأجزاء من وسطها، و”إقليم جنوب دارفور”، ويضم جنوب دارفور وشرق دارفور، مراعاة للتوزيع السكاني ومسارات التنمية.
هذا التقسيم المقترح ليس مجرد إعادة ترسيم جغرافي، بل هو محاولة لإنصاف الأقاليم التي عانت طويلًا من التهميش، ويؤسس لنمط جديد في العلاقة بين المواطن والدولة. فحين يشعر سكان الأقاليم أن لديهم صلاحيات حقيقية لإدارة مواردهم وخدماتهم، يصبح ولاؤهم للدولة أكبر، وثقتهم في النظام السياسي أعمق، وتنخفض فرص التمرد والانفصال. كما أن الفيدرالية تمكّن من التخطيط التنموي المحلي، وتُقلل من التكدس الإداري في المركز، وتفتح الباب أمام الشراكة السياسية المتوازنة، بدل الصراع حول السلطة والثروة.
وفي السياق نفسه، فإن نظام الحكم الرئاسي يُعد الأنسب للسودان في المرحلة الراهنة، لعدة أسباب. أولها أن النظام البرلماني، كما ثبت عمليًا، يُكرّس الشكل المركزي للدولة، إذ تظل الحكومة قائمة على دعم الأغلبية البرلمانية التي غالبًا ما تُدار من المركز، ما يُضعف تمثيل الأطراف، ويُقلل من استقرار السلطة التنفيذية. وثانيًا، فإن التجربة السودانية مع النظام البرلماني، خصوصًا في فترات ما بعد الاستقلال، أثبتت عجزه عن تقديم حكومة قوية ومستقرة، بل أسهم في خلق أزمات سياسية متكررة، انتهت بانقلابات عسكرية متتالية. فقد ظلت الحكومات البرلمانية ضعيفة، سريعة التغير، غير قادرة على اتخاذ قرارات حاسمة، مما عمّق أزمة الثقة بين الشعب والسلطة.
أما النظام الرئاسي، فبتصميمه القائم على انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب، فإنه يُعطي للرئيس شرعية واضحة، ويجعل مسؤوليته أمام المواطنين لا أمام البرلمان فقط. وهذا من شأنه أن يُعزز من وضوح القرار السياسي، ويُقلل من تقلبات السلطة، ويُسهم في الاستقرار التنفيذي الضروري لدولة مثل السودان تمر بفترات انتقال حرجة. كما أن النظام الرئاسي يقوم على مبدأ الفصل بين السلطات، مما يُمكن من بناء مؤسسات مستقلة وقادرة على الرقابة، إذا توفرت الإرادة السياسية لذلك. والرئيس، في هذا النظام، لا يُعد حاكمًا مطلقًا، بل هو ملتزم بالدستور، وتخضع قراراته لرقابة القضاء والمجتمع المدني والإعلام، وهو ما يحول دون عودة الشمولية التي عانى منها السودان طويلًا.
الجمع بين النظام الفيدرالي والنظام الرئاسي يُمثل صيغة متوازنة لبناء دولة حديثة قائمة على الشفافية والمحاسبة والتوزيع العادل للسلطة. لكن نجاح هذه الصيغة مرهون بجملة من الشروط، أولها وجود دستور دائم تُشارك فيه كل القوى السياسية والمجتمعية، ويُكرّس الحقوق والواجبات، ويُحدد صلاحيات المركز والأقاليم بشكل دقيق، بما يمنع التداخل والصراعات المؤسسية. كما أن هذه التحولات تستدعي إصلاحًا عميقًا في مؤسسات الدولة، وتغييرًا في الثقافة السياسية من عقلية السيطرة إلى عقلية الشراكة. لا يكفي الإعلان عن الفيدرالية أو النظام الرئاسي نظريًا، بل يجب أن يُترجما في قوانين وممارسات ومؤسسات تعبّر عن روح الدولة الجديدة.
إن السودان بحاجة إلى رؤية جديدة تُنهي عهود المركزية، وتُبني على دروس الفشل، وتفتح المجال أمام عهد من الشفافية، والمواطنة، والتنوع المتساوي. فالفيدرالية ليست تهديدًا للوحدة، بل هي صمام أمان لها، والنظام الرئاسي ليس حكمًا فرديًا إذا اقترن بالمؤسسات، بل هو استقرار وتنفيذ واضح للإرادة الشعبية. وبين هذين الخيارين، يمكن للسودان أن يُؤسس دولة حديثة تستجيب لطموحات شعبه، وتُغلق باب الحروب إلى غير رجعة.
محمد تورشين
باحث وكاتب في الشؤون الأفريقية
الوسومالاستقرار الفيدرالية النظام الرئاسي طريق السودان محمد تورشين نحو دولة العدالة