من أغنى مناطق العالم بالنفط والغاز.. خبراء إيرانيون يعددون للجزيرة نت أسباب تراجع مياه بحر قزوين
تاريخ النشر: 8th, August 2023 GMT
طهران- على وقع التوتر المتصاعد بين طهران وكابل بشأن حصة إيران من مياه نهر هلمند والخلاف مع تركيا حول سياسة بناء السدود على الممرات المائية المشتركة، جاءت التقارير الإيرانية الرسمية عن انخفاض منسوب مياه بحر قزوين وتزايد وتيرة تراجعه خلال السنوات الأخيرة.
وتعليقا على وصول موجة الجفاف إلى بحر قزوين، كشف مساعد الرئاسة الإيرانية ورئيس منظمة حماية البيئة علي سلاجقة، عن انخفاض المياه المتدفقة إلى البحر جراء إغلاق بعض دول الجوار الأنهار التي تصب فيه، لا سيما نهر الفولغا الروسي.
وفي تصريحات صحفية، تحدث سلاجقة كذلك عن دور تراجع هطول الأمطار خلال السنوات الماضية في انخفاض منسوب مياه بحر قزوين، موضحا أن الأرقام تشير إلى تراجع مستوى مياه البحر بمعدل متر واحد خلال السنوات الخمس الأخيرة، مما يعني أن سطح المياه يتراجع سنويا بمعدل 20 سنتيمترا.
ويُعتبر بحر قزوين أكبر مسطح مائي مغلق على الكرة الأرضية، وثاني أكبر وأغنى منطقة بثروات النفط والغاز في العالم. وتبلغ مساحته نحو 370 ألف كيلومتر مربع، وأقصى عمق له 890 مترا، وتقتسم شطآنه -بنسب متفاوتة- كل من إيران وتركمانستان وكازاخستان وروسيا وأذربيجان.
وتيرة تراجع متصاعدةوفي تقرير لوكالة أنباء "إرنا" الرسمية تحت عنوان "تقلّص بحر قزوين"، جاء أن أبحاث المركز الوطني للدراسات وبحوث بحر قزوين استشرفت عام 2017 تقلص مياه البحر بحلول 2050، موضحة أن وتيرة تراجع مياهه بدأت في تسعينيات القرن الماضي وبلغت 170 سنتيمترا خلال عقدين من الزمن.
وترجع الدراسة هذا الانخفاض إلى تغيير المناخ، لا سيما تراجع هطول الأمطار وارتفاع حرارة الجو مما يزيد من سرعة تبخر المياه، موضحة أنه في حال استمرت وتيرة تراجع المياه فإن نحو 20% من السواحل الشمالية ستتعرض للجفاف خلال الفترة المقبلة.
ووفقا للدراسات الإيرانية، فإن منسوب مياه بحر قزوين كان قد تقلص قرابة نصف متر في الفترة الممتدة من 2014 حتى 2021، مما أدى إلى تراجع كبير في مياهه وجفاف شواطئه من 10 أمتار إلى 100 متر على امتداد سواحل البلاد الشمالية.
وحذّر ناشطو حماية البيئة من نتائج استمرار تقلص منسوب المياه في البحيرات الداخلية والتداعيات السلبية المترتبة على جفاف الأنهار وآثارها على التركيبة السكانية والاقتصاد، وذلك بعد أن قامت السلطات الإيرانية بالتخطيط لنقل مياه بحر عمان إلى المحافظات الجنوبية والشرقية، وكذلك نقل مياه بحر قزوين إلى وسط البلاد حيث تعاني مناطق شاسعة جراء التصحر المتزايد.
من ناحيته يقول الناشط البيئي بشير فرهانيان، إن الإعلان الرسمي عن انخفاض منسوب مياه بحر قزوين نزل كالصاعقة على الرأي العام الإيراني في ظل موجات الجفاف التي تضرب البلاد منذ سنوات وأدت إلى محو عدد من البحيرات الإيرانية، منها هامون وجازموريان (شرق) وبختكان (جنوب) ونمك قم (وسط) وأورميه (شمال غرب) وغيرها.
وفي حديثه للجزيرة نت، يقول فرهانيان، إنه إثر جفاف العديد من أنهار ومستنقعات البلاد كانت الهجرة الداخلية قد بدأت منذ أكثر من عقد من المحافظات الجنوبية والشرقية والوسط إلى المناطق الشمالية، لا سيما شواطئ بحر قزوين السياحية التي تتمتع بطبيعة خلابة.
وأظهرت إحدى دراسات مركز الأبحاث التابع للبرلمان الإيراني -قبل شهرين- أن نحو مليون مواطن إيراني يهاجرون سنويا من المحافظات الحدودية إلى المناطق الأخرى، محذرة من أن استمرار وتيرة هذه الهجرة سيكثف من التوزيع غير المتكافئ للسكان خلال العقود المقبلة.
ودعا فرهانيان إلى تنشيط الدبلوماسية والتكاتف الدولي من أجل عدم تكرار الكارثة التي خلفها جفاف مستنقع "هور العظيم" جنوبي بلاده وتداعياته المدمرة على إيران والدول الجوار.
وأضاف أنه في حال جفاف المستنقعات الواقعة على سواحل بحر قزوين فإن المنطقة الممتدة من غرب الصين حتى شرق أوروبا سوف تتأثر سلبا بتداعياتها البيئية، ناهيك عن عرقلة التجارة والملاحة والقضاء على مئات الكائنات البحرية ومنها أسماك "الكافيار".
من جهته، يعتبر محمد درويش، المساعد السابق لرئاسة منظمة حماية البيئة الإيرانية ورئيس لجنة حماية البيئة في كرسي اليونسكو للصحة الاجتماعية، أن حياة بحر قزوين مرهونة بتدفق مياه نهر الفولغا الروسي إليه، موضحا أن إجمالي مياه الأنهار التي كانت تصب من إيران وأذربيجان وكازاخستان وتركمنستان إلى بحر قزوين لا يتجاوز 6 مليارات متر مكعب سنويا، بينما كان حجم المياه المتدفقة عبر نهر الفولغا يبلغ نحو 930 مليار متر مكعب.
وفي حديثه للجزيرة نت، يشير درويش إلى أن روسيا بدأت ببناء عشرات السدود على نهر الفولغا بسبب تغيير المناخ والتخطيط لتأهيل مناطق شاسعة من سيبيريا للعيش مستقبلا، ولخّص أبرز أسباب تراجع منسوب مياه بحر قزوين في المحورين التاليين:
تسابق الدول المطلة على البحر في بناء السدود ومنع تدفق مياه الأمطار إلى البحر، وتحلية مياهه ونقلها إلى عمق أراضيها، وتراجع معدلات هطول الأمطار في حقل بحر قزوين والدول المطلة عليه، مع زيادة تبخّر المياه إثر ارتفاع درجات الحرارة. وأوضح أن معدّل هطول الأمطار في بلاده تراجع إلى 250 مليمترا سنويا، في حين يصل معدّله العالمي إلى 800 مليمتر. وقدّم درويش مقترحين لإنقاذ بحر قزوين: الأول عبر تنشيط الدبلوماسية لضمان حصة البحر من مياه الأنهار ولا سيما نهر الفولغا.أما الثاني، فيتمثل في ربط بحر قزوين بأعالي البحار على غرار الخط البحري الذي كان ممتدا بين بحري قزوين والأسود عبر نهري الفولغا والدون بطول نحو 100 كيلومتر حتى قبيل قطع نهر الفولغا على بحر قزوين. ولكنه استدرك قائلا إن شق قناة بين بحري قزوين والأسود يحتاج إلى إرادة واستثمار دوليين. حسابات سياسية
ولا تخلو القراءة الإيرانية في تراجع منسوب مياه بحر قزوين من نظرية المؤامرة، انطلاقا من الخلاف القانوني بين الدول المتشاطئة حول استغلال ثرواته الهائلة من النفط والغاز والذهب والنحاس واليورانيوم والنزاع على حصصها، إذ يشير مدير معهد العلاقات الدولية مجيد زواري إلى المعاهدات الموقعة بين طهران والاتحاد السوفياتي بشأن السيطرة على البحر بالمناصفة.
وفي حديثه للجزيرة نت، يوضح زواري أن الخلاف على اعتبار قزوين بحرا أو بحيرة يشكل عقبة أساسية أمام تحديد ملكية ثرواته، مؤكدا أنه بعد تمسك الجانب الإيراني بحقه في امتلاك نصف البحر وفقا للمعاهدات الموقعة مع الجانب السوفياتي هناك من يريد تقليص حصته كثيرا، مما يشكل نقطة خلافية في ترسيم الحدود البحرية بين الدول المتشاطئة.
ونظرا إلى اختلاف عمق البحر قرب شواطئ كل من الدول المطلة عليه مما يؤثر سلبا أو إيجابا في نفقات الاستثمار، يرى زواري أن انخفاض منسوب مياهه سيجفف مناطق شاسعة من شواطئه الشمالية ويفتح المجال على مصراعيه لبعض الدول المعنية لتطالب بحصص جديدة على حساب الدول الأخرى ومنها إيران، حيث يبلغ عمق البحر في مياهها الإقليمية قرابة ألف متر.
وعما إذا ما كان سيؤدي استمرار تراجع منسوب مياه بحر قزوين إلى جفافه نهائيا، يستبعد رئيس لجنة البيئة في غرفة إيران للتجارة والصناعة فرشيد شكر خدائي تحقق هذا السيناريو في الجانب الإيراني، بسبب عامل العمق الذي يتمتع به البحر في المناطق القريبة من الشواطئ الجنوبية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حمایة البیئة هطول الأمطار للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
سخونة مياه البحر المتوسط تنذر بأحداث مناخية متطرفة
#سواليف
تشهد منطقة #البحر_الأبيض_المتوسط درجات #حرارة سطح بحر قياسية و”شاذة” مما أدى إلى ارتفاع كبير في #سخونة_المياه. وتم رصد أشد ارتفاع بدرجات الحرارة في حوض البحر الأبيض المتوسط الغربي، مما ينذر بحسب الخبراء بحدوث #أعاصير و #فيضانات خصوصا فصل #الخريف.
ويوصف البحر المتوسط بـ”النقطة الساخنة” للتغير المناخي. فهو مساحة جغرافية شبه مغلقة تقريبا، تُرصد فيها آثار #التغير_المناخي التي تنعكس أيضا على درجة حرارة البحر في الوقت الحالي، ويُعدّ الخلل في درجة حرارة البحر المتوسط إيجابيا، أي أن الحرارة مرتفعة جدا مقارنة بالمعتاد.
ويرى الباحثون أن ما يثير القلق بشأن ارتفاع درجات حرارة مياه البحر القياسية هو احتمالية تأثيرها على الأحوال الجوية القاسية و #الفيضانات خلال أواخر #الصيف وأشهر #الخريف، فالرطوبة العالية تؤدي إلى ارتفاع نقاط الندى، وبالتالي زيادة طاقة الحمل الحراري التي تُغذي العواصف الرعدية في الأسابيع والأشهر المقبلة.
وتُعد موجة الحر المستمرة في البحر المتوسط أحد أهم سياقات “الشذوذ” البحرية المُلاحظة عالميا هذا العام. وهي موجة حر بحرية استثنائية أخرى، بعد ارتفاع ملحوظ في درجات حرارة البحار في السنوات الأخيرة.
مقالات ذات صلة خبر سار للعرب المقيمين في السعودية! 2025/07/10وغالبا ما تتفاقم موجات الحر البحرية بفعل الظروف الجوية (انعدام ضغط الرياح تحت ضغط مرتفع مع غطاء سحابي محدود). ويُظهر السجلات أن مواسم الصيف التي تُعزز هذه الأحداث قد يكون لها تأثير بالغ الأهمية، وخاصة على النظم البيئية للمياه الضحلة.
وتتطور غالبا موجات الحر البحرية مع نشوء أنماط واسعة النطاق، مما يؤدي إلى موجات حر طويلة ومتواصلة بشكل غير معتاد، وبدرجات حرارة أعلى بكثير من المعدل الطبيعي. وتحدث هذه الموجات عادة تحت القبة الحرارية.
وعندما يكون البحر أكثر سخونة تحصل عمليات تبخّر أكثر، ومن المحتمل تاليا أن نشهد المزيد من المياه في الغلاف الجوي، واحتمال هطول الأمطار سيكون أكبر لأنّ الغلاف الجوي سيكون محمّلا بالمزيد من الرطوبة.
وقد بلغت درجات الحرارة غرب ووسط البحر المتوسط مستويات قياسية في هذا الوقت من العام. وكان يونيو/حزيران الماضي أكثر دفئًا بشكل ملحوظ من المتوسط، وأعلى بكثير من المتوسط طويل الأمد منذ الشتاء الماضي.
وتُعتبر “المتوسط” الأكثر تقلبا في الأجزاء الوسطى والغربية من المنطقة، وتحديدا الأجزاء الغربية، حيث ارتفعت درجات الحرارة عن المعتاد بمقدار 5 إلى 6 درجات مئوية. وهذا جعل يونيو/حزيران يُسجل أرقاما تاريخية قياسية.
ويشهد جزء صغير فقط من بحر إيجه “شذوذا” حراريا سلبيا، أي أن درجات حرارة سطح البحر أقل بقليل من المتوسط، أما بقية البحر المتوسط فحرارته مرتفعة للغاية.
أحداث مناخية مقلقة
وتشير التقديرات إلى أنه مع نهاية يونيو/حزيران 2025، يتجاوز متوسط درجة حرارة سطح البحر المتوسط اليومي المتوسطَ التاريخي بـ3 درجات مئوية تقريبا، مما يجعله الأكثر دفئًا على الإطلاق. وبلغ المتوسط طويل الأمد حوالي 23 درجة مئوية بهذا الوقت من العام، بينما سيصل في عموم عام 2025 إلى ما يقارب 26 درجة مئوية.
ويشير التحليل الأخير لظاهرة “شذوذ” درجات حرارة سطح البحر في جميع أنحاء أوروبا إلى أن معظم البحار المحيطة بالقارة أعلى بكثير من المتوسط، وخاصة عبر البحر المتوسط. وهذه إشارة مثيرة للقلق إلى أن هذه المياه “الشاذة” إلى حد كبير قد تؤدي إلى أحداث مناخية كبرى في الأشهر المقبلة.
ويدعو الخبراء إلى ضرورة مراقبة عن كثب للبحر المتوسط شديد الحرارة خلال أشهر الصيف، إذ تلعب البحار الدافئة دورا أساسيا في هطول الأمطار الخريفية. وكلما ارتفعت درجة حرارة المياه، زادت احتمالية هطول أمطار غزيرة و”متطرفة”.
وقد تؤدي درجات حرارة البحر المرتفعة للغاية إلى هطول أمطار غزيرة أكثر من المعتاد خريفا. وهذا يفسر شدة الظواهر الجوية المنفردة وكميات الأمطار الكبيرة اللازمة لدعم فيضانات كبرى بالدول المطلة على المتوسط (مثل إيطاليا وسلوفينيا وكرواتيا وفرنسا وإسبانيا).
وكانت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي قد أشارت إلى أنه “منذ ثمانينيات القرن الـ20، حدث تغيير جذري في النظم البيئية البحرية في البحر المتوسط، مع انخفاض التنوع الحيوي وتكاثر الأنواع الغازية.
وأثناء موجات الحر البحرية بين عامي 2015 و2019 في البحر المتوسط، شهد نحو 50 نوعا -بينها الشعاب المرجانية وقنافذ البحر والرخويات وذوات الصدفتين ونبتة بوسيدون، وغيرها- نفوقا هائلا بين السطح وعلى عمق 45 مترا، بحسب دراسة نُشرت في يوليو/تموز 2022 بمجلة “غلوبال تشانغ بيولوجي”.