لجريدة عمان:
2025-07-12@22:08:31 GMT

السياحة باعتبارها مطلبًا تعبديًا

تاريخ النشر: 1st, August 2024 GMT

السياحة باعتبارها مطلبًا تعبديًا

عندما أنزل الله شريعته على نبيه صلى الله عليه وسلـم جعلها شاملة لجميع مناحي الحياة ولم تكن مجرد تعاليم دينية وطقوس عبادية فقط، وإنما أحاطت بجميع متطلبات الإنسان من الجوانب الجسدية والروحية، وكل ما يتعلق بهذين المكونين الأساسين عند البشر، للرقي بهما في أكمل صورة ارتضاها الخالق عز وجل لمخلوقه الذي أقامه خليفة على أرضه.

ولو تتبعنا الجوانب التي نصت عليها الشريعة الإسلامية من الأوامر والنواهي لوجدنا أنا تضع الخطة الإلهية في أجلى صورها وأكثرها إشراقا وتنظيما لحياة الإنسان، وربطتها بحياته الواقعية، ولو تتبعنا جانبا من هذه الجوانب التي نحن بصددها هذه الأيام فالناس يجدولون إجازاتهم السنوية للتوافق مع إجازة أبنائهم الطلبة الصيفية، ليخرجوا معهم في رحلات داخلية وخارجية، يقضون خلالها أوقات للمتعة والترفيه والتعلم، وقد يظن البعض أنه جانب تكميلي من الجوانب الحياتية، إلا أن مقدار التوجيه الإسلامي في هذا الجانب حافل وفسيح.

ويرقى هذا التوجيه إلى أن يجعل من السياحة عبادة تشتمل على مجموعة من العبادات، وتحصل من خلالها الكثير من الفوائد الروحية والفكرية والمعرفية والنفسية، وقد نشأ في العصر الحديث مصطلح «السياحة الدينية» وهو يدل على السفر من أجل العبادة، ويشمل زيارة أماكن العبادة كزيارة المسجد الحرام وتأدية العمرة والحج، وكذالك زيارة المسجد النبوي والصلاة فيه، وكذلك زيارة المسجد الأقصى الذي نسأل الله أن يحرره من أيدي اليهود الغاصبين، وكذلك زيارة المعالم الدينية، فهي سياحة ذات مقصد تعبدي.

وهنالك سياحة تأريخية وهي زيارة لأماكن استيطان الأمم السابقة ومعرفة أحوالهم من خلال آثارهم التي تركوها، وكيف أنهم وصلوا مرحلة عظيمة من الحضارة والعمران، وكيف كانت نهايتهم، وقد حث القرآن الكريم على السير في الأرض في الكثير من الآيات الكريمات، حيث قال الله عز وجل في سورة الروم: «أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ» فالله يدعوا الناس إلى زيارة تلك الأماكن والاطلاع على أحوال الأقوام السابقين، وكيف أن الله مكن لهم في الأرض وأمدهم بأسباب الرخاء والبذخ فأصبحوا ممالك عظيمة، إلا أنهم عندما أرسل الله لهم الرسل وأنزل عليهم الكتب كفروا بأنعم الله فأهلكهم الله إما بعذاب مباشر من عنده، أو أنه سلط عليهم أمما استولت على ممالكهم.

وأنت تحصل على معرفة أخبار تلك الأمم من خلال السياحة التي يتم فيها النظر في آثارهم وقراءة تاريخهم المكتوب، والتعرف على نقوشاتهم وكتاباتهم التي تكشف عن الكثير من تفاصيل حياتهم الاجتماعية وأعرافهم وقوانينهم وشرائعهم.

كما أن زيارة الأماكن السياحية ذات المناظر الطبيعة الفطرية من خضرة وأمطار وأنهار، وسهول مكسوة بالأعشاب والزهور كما هو الحاصل في هذه الأيام من زيارة الناس لمحافظة ظفار والاستمتاع بأجوائها التي منّ الله عليها بهذا الجو الاستثنائي في فصل الصيف، فأصبحت وجهة سياحية مميزة لكل دول الخليج، والدول العربية، فهذه السياحة تساعد الإنسان على التأمل في جميل ما خلق الله له في هذه الأرض، وكيف أن الله كسا سهول ظفار وجبالها بتلك الخضرة التي يظللها السحاب والضباب، فالله تعالى يقول في سورة الحج: « أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ» ولو تأملنا كيف أن تلك الأعشاب والزهور على مر السنين تنثر بذورها في الأرض ويتم حفظها بطريقة ربانية حتى العام المقبل فإذا تدفقت السحب والأمطار على تلك السهول والجبال المملوءة بالبذور أنبتها الله وأحياها بهد موت وركود وسكون. وقد ضرب الله مثلا لبعث البشر بعد أن ذكر مراحل عمرهم وموتهم مثل الأرض الميتة التي أحياها بعد إنزال المطر فقال تعالى في سورة الحج: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ».

فعلى المسلم أن يجعل من هذه الرحلات السياحية مدرسة تتعلم فيها الأسر القيم الإسلامية الحنيفة والتي من ضمنها الحفاظ على النظافة واحترام الأنظمة والقوانين التي من خلالها تتحقق المصالح العامة، وأن تكون هذه الرحلات تطبيقا عمليا لزرع القيم، ومحاربة الظواهر السلبية، وأن تكون الرحلة ليست مجرد لعب ولهو وأكل فقط وإنما يتخللها التعليم والتوجيه والتأمل.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: ال أ ر ض

إقرأ أيضاً:

السياحة التركية في ورطة!

تشهد تركيا موجة استياء متزايدة بسبب الارتفاع المفرط في أسعار المطاعم، لا سيما في المدن والمناطق الساحلية السياحية، حيث تجاوزت الفواتير في بعض المطاعم والنوادي الليلية ملايين الليرات، مع فرض رسوم دخول وصلت إلى أكثر من 100 ألف ليرة في بعض المواقع الراقية.

 

وما أثار الجدل أكثر هو أن هذه الأسعار لم تعد تقتصر على شكوى المواطنين المحليين، بل امتدت إلى السياح الأجانب، الذين بدأوا يشاركون صور الفواتير والتجارب على منصات التواصل الاجتماعي، مقارنين الأسعار في تركيا بتلك الموجودة في وجهات أوروبية مثل الجزر اليونانية وإيطاليا، حيث تبدو الخيارات هناك أكثر معقولية، بل وأرخص من تركيا في بعض الحالات.

 

“الجزر اليونانية أرخص”.. والسياح يغيرون وجهتهم

مع تطبيق نظام الدخول بدون تأشيرة إلى بعض الجزر اليونانية، بدأ السياح المحليون والأجانب على حد سواء بتغيير وجهاتهم السياحية، مفضلين وجهات تقدم مستوى خدمات مشابهًا بأسعار أقل.

 

وأشارت مصادر في قطاع السياحة إلى أن العديد من الحجوزات أُلغيت مؤخرًا بسبب “الأسعار المبالغ فيها للطعام والشراب”، ما دفع ممثلي القطاع إلى الاحتجاج أمام وزير الثقافة والسياحة التركي، محمد نوري إرصوي، خلال اجتماع مع هيئة تنمية السياحة التركية (TGA)، مطالبين باتخاذ إجراءات عاجلة لكبح هذا الارتفاع الذي “يسيء لصورة السياحة التركية”.

 

اتهامات متبادلة بين أصحاب المطاعم

من جانبهم، دخل أصحاب المطاعم أنفسهم في خلافات علنية حول الأسعار، حيث أقر بعضهم بأن الأسعار “تم تضخيمها بشكل مصطنع”، بينما رد آخرون بأن ارتفاع الأسعار يعود إلى “التكاليف المرتفعة”، مؤكدين أنهم لا يبيعون مجرد منتجات بل “خدمات متكاملة”.

 

وقال أحد مشغّلي المطاعم، طلب عدم الكشف عن اسمه:

اقرأ أيضا

1.8 تريليون دولار ضاعت بسبب الإرهاب في تركيا

مقالات مشابهة

  • السياحة التركية في ورطة!
  • جسم غامض يقترب من الشمس.. هل يؤثر على الأرض؟
  • مطلب برلماني لرفع سن التقدم للوظائف الحكومية لـ 45 عامًا
  • لقطات نادرة من زيارة الملك سعود إلى قطر.. فيديو
  • تابعت الهجمة المؤسفة وطريقة السخرية على سفر المجاهد (أويس)
  • زيارة براك وضعت الأسس لمسار الحل للأزمة اللبنانية وعون يدعو الاوروبيين لدعم لبنان
  • كاتب صحفي:تشغيل الفتيات في الحقول قضية إنسانية لم تجد من يحقق فيها إعلاميًا
  • فيريرا يركز على الجوانب الخططية في مران الزمالك استعدادًا لأورانج
  • الخريف في ظفار... حين تتعاظم المشاعر
  • قائد أنصار الله: كل شركات النقل البحري التي تتحرك لصالح العدو الإسرائيلي ستعامل بالحزم