بوابة الوفد:
2025-07-03@23:30:42 GMT

خطوات نحو التنوير

تاريخ النشر: 4th, August 2024 GMT

تميزت فترة التنوير((The Age of Enlightenment، التى امتدت من أواخر القرن السابع عشر إلى القرن الثامن عشر فى أوروبا، بارتفاع فى منسوب التفكير العقلانى والبحث العلمي، ورفض الطائفية الدينية. واجهت الشخصيات البارزة مثل رينيه ديكارت، جون لوك، وفولتير السلطة التقليدية ودعموا الحرية الفردية والاستكشاف العلمى والحكم الدستورى.

هذه الفترة أرست الأسس للحضارة الغربية الحديثة، مشكلّة قيّمها من الديمقراطية والعلمانية وحقوق الإنسان.

العوامل المساهمة فى تنوير أوروبا كان أولها ثورة العلوم فى القرون السادس عشر والسابع عشر، بقيادة شخصيات مثل كوبرنيكوس، جاليليو، ونيوتن، والتى حثّت على روح الاستفسار والملاحظة التجريبية. هذه الثورة وضعت أسس الطرق التجريبية فى البحث العلمي، والتفكير النقدي، واستجواب المعتقدات المتحجرة.

أما بالنسبة للفكر الفلسفي، فقد قدم الفلاسفة مثل ديكارت، ولوك، ومونتسكيو أفكارًا جديدة حول طبيعة المعرفة والحكم وحقوق الفرد. ركز ديكارت على الشك كأساس للعقلانية، بينما أثّرت نظريات لوك حول الحقوق الطبيعية والعقد الاجتماعى على المبادئ الديمقراطية وسيادة القانون.

أتاح اختراع آلة الطباعة فى وقت سابق تداول الكتب والنشرات والأوراق العلمية على نطاق واسع. هذا التمكين من المعرفة سهّل التبادل الفكرى وانتشار أفكار التنوير فى أوروبا.

ونشأت المؤسسات العلمانية مثل الجامعات والأكاديميات كأماكن للحوار الفكرى بعيدًا عن الرقابة الدينية. بالإضافة إلى ذلك، فإن التسامح تجاه وجهات النظر المتنوعة وفصل الكنيسة عن الدولة خلق بيئة ملائمة للفكر الحر والابتكار.

فما الخطوات التى يجب علينا نحن المصريين أن نتخذها لتحقيق تنوير مشابه؟

أعتقد جازما أنّ اولاها التركيز على إصلاح التعليم لتعزيز التفكير النقدى والاستفسار العلمى والتعليم المدنى civics)) الذى يركز على قيّم المواطنة من سن مبكرة. تعزيز الدراسات متعددة التخصصات التى تجمع بين العلوم التطبيقية والدراسات الإنسانية والاجتماعية لبناء شخصيات متكاملة قادرة على المساهمة فى التقدم المجتمعى.

تعزيز بيئة تقّدر التنوّع الفكرى وتشجّع على الحوار المفتوح وتحمى حرية التعبير. إنشاء مؤسسات أكاديمية مستقلة ومراكز بحثية محايدة (think tanks) تكون بعيدة عن التدخلات السياسية والالتزام بمعايير أكاديمية صارمة.

زيادة التمويل والدعم للبحث العلمى والابتكار. تشجيع التعاون بين الجامعات والمؤسسات البحثية وشركات القطاع الخاص لتعزيز التقدم الاكاديمى والتكنولوجي - فلماذا لا ننشئ مثلا كرسيا للدراسات المستقبلية والذكاء الاصطناعى يدعمه كبار أصحاب الاعمال فى مجتمعنا؟

تنفيذ الإصلاحات الدستورية التى تحفظ سيادة القانون وتحمى حقوق الفرد وتضمن الشفافية فى الحكم.

تشجيع المبادرات الثقافية التى تحتفل بالتنوع وتحافظ على التراث وتعزز ثقافة التسامح واحترام التعددية والتقدير للفنون والآداب والإنجازات العلمية.

لكن السير نحو التنوير يتطلب التزامًا جادا بالمعرفة والتفكير النقدى ومبادئ الحرية والعدالة. من خلال اعتماد هذه المبادئ وتنفيذ الإصلاحات المطلوبة، يمكن لمصرنا أن تحقّق التقدم والازدهار الذى شهدته أوروبا خلال فترة التنوير.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: حقوق الإنسان

إقرأ أيضاً:

حكومة كامل إدريس.. سلطة بطعم “المشاركة المشروطة”

عوض الكريم الهادي

 

راجت خلال الأيام الماضية أخبار تفيد بأن الفريق أول عبدالفتاح البرهان قد يكون قد تدخل بشكل غير مباشر لحلحلة التوتر المتصاعد حول مشاركة الحركات المسلحة في الحكومة المزمع تشكيلها بقيادة كامل إدريس. ورغم غياب تأكيد رسمي، فإن مجرد تداول هذه الأنباء يكشف عن تعقيدات حقيقية تعترض مسار تشكيل السلطة التنفيذية، وتعكس هشاشة التفاهمات التى يُفترض أنها نُسجت في سياق سياسي مأزوم ومفتوح على كل الاحتمالات في ظل الحرب التى يخوضها الجيش ضد الميليشيا المتمردة.

تسريبات “التدخل المحتمل” للبرهان، حتى وإن لم تُثبت، سلطت الضوء على مدى هشاشة الوضع داخل ما يُفترض أنها قوى متحالفة. ذلك أن إعتراضات بعض الأطراف على إستمرار الحركات المسلحة في مواقعها كما جاءت في اتفاقية جوبا أعادت إلى الواجهة سؤالاً محورياً: من يمتلك الكلمة العليا في مشهد الحكم القادم؟ وهل ستكون لحكومة إدريس سلطة حقيقية أم مجرد صلاحيات شكلية محاصرة بتوازنات دقيقة وقيود خفية؟

كامل إدريس، الشخصية ذات الحضور الدولي اللامع، يبدو أنه يواجه صعوبات في الإمساك بخيوط اللعبة السياسية السودانية. فهو، وإن جاء محمولاً على طموحات التغيير والنموذج المدني الرشيد، إلا أنه يظهرحتى الآن كمن لم يلتقط بعد نبض الواقع المحلي، ولا تعقيدات القوى التى صنعت الأرضية السياسية التى يُفترض أن يقف عليها. ففي نظر كثيرين، لا يزال كامل غريباً عن “مزاج السلطة” في السودان، وربما عن طبيعة العلاقات المتشابكة بين الفاعلين السياسيين العسكريين وحتى الجهويين.

الرجل يبدو محاطاً بمجموعة من أصحاب الرؤى المثالية والتنظيرية، ممن يحسنون إنتاج الورق والإقتراحات، لكنهم أقل دراية بالممكن والمتاح في واقع مُثقل بتراكمات كبيرة وعديدة، وصراعات النفوذ، والولاءات المتشابكة. هو يحاول، على ما يبدو، بناء حكومة “على النسق”، نموذجية في التكوين والأداء، لكن واقع الحال يشير إلى أن ثمة من لا يستهويهم هذا النمط، بل يرون فيه تهديداً مباشراً لمصالح راسخة.

التحدي الأخطر الذي يلوح في الأفق، هو أن أي تدخل حقيقي أو متخيل من البرهان أو غيره في تفاصيل تشكيل الحكومة، قد يفتح الباب لتدخلات أخرى في ملفات أكبر للحكومة المرتقبة. وهنا تصبح سلطة كامل إدريس مجرد هامش متاح ضمن لعبة يتقاسمها عديدون، كلٌّ يريد قطعة من قالب السلطة، أو بالأحرى من “كيكة الدولة” التى لم تُقسم بعد، لكنها أثارت شهيات من إعتادوا على إلتهام النصيب الأكبر منها.

إن المشهد لا ينذر فقط بصراع خفي على الحصص، بل بكسر مبكر لهيبة رئيس الوزراء نفسه. وهي الهيبة التى يفترض أن تكون خط الدفاع الأول عن إستقلال القرار التنفيذي، لكنها تبدو حتى الآن مهددة بالتآكل، وسط محاولات للإلتفاف أو التوجيه أو الوصاية من جهات متعددة، بعضها داخل الحاضنة السياسية، وبعضها خارجها، وبعضها يُطل من خلف الستار.

السؤال إذن ليس: هل تدخل البرهان فعلاً؟ بل: هل سيسمح الواقع المعقد لرئيس الحكومة المرتقب بأن يُمارس سلطته دون تدخلات؟ أم أننا أمام مرحلة جديدة من “الحكم بالوكالة”، حيث تتوزع مفاتيح القرار بين العسكر، والساسة، والقدامى المتشبثين بمقاعد السلطة، بينما تُترك لرئيس الوزراء مسؤولية الظهور وحده على الواجهة؟

الأسابيع القادمة وحدها كفيلة بكشف ملامح المعادلة الحقيقية، لكن من الواضح أن أي محاولة لإنتاج حكومة مستقلة وفعّالة ستصطدم لا محالة بجدار الممانعة الذي تبنيه المصالح القديمة.. والمصالح لا تعرف لا كامل إدريس، ولا غيره، ما لم تُرسم حدود السلطة بصرامة، ويُحسم موقع القرار دون تردد أو تواطؤ.

د. كامل إدريسعوض الكريم الهادي

مقالات مشابهة

  • سفير مصر ببروكسل : القاهرة تقدر مواقف بلجيكا الداعمة للحقوق الفلسطينية
  • إعلام الفيوم يستضيف الكاتب الصحفى "محمود مسلم" فى الأحتفال بثورة ٣٠ يونية
  • كيف نظم القانون ضوابط الحجر الزراعي؟.. اعرف التفاصيل
  • قبل أيام من فتح باب الترشح لانتخابات الشيوخ.. آلية توقيع الكشف الطبى على المرشحين
  • الهيروين.. سم قاتل ينهش جسد الشباب والداخلية تتصدى له بلا هوادة
  • صنع في دمياط .. معرض للأثاث بأرض المعارض بالقاهرة
  • اتصال هاتفى بين وزير الخارجية والهجرة ومفوضة الاتحاد الأوروبى لشئون المتوسط
  • تحرير 138 مخالفة للمحلات التى لم تلتزم  بقرار الغلق خلال 24 ساعة
  • حكومة كامل إدريس.. سلطة بطعم “المشاركة المشروطة”
  • الحبس وغرامة 10 آلاف جنيه.. كيف واجه القانون إنشاء الحسابات الوهمية على مواقع التواصل؟