ساعات حاسمة
يُكثف المجتمع الدولي التحذير من مغبة وقوع انفجار آخر في منطقة الشرق الأوسط وذلك جراء التصعيد والتهديدات الحاصلة والاحتقان المتزايد، بالإضافة إلى إعلان عدد من الدول عن توقيف الرحلات الجوية إلى لبنان وإسرائيل، وتأكيد بعضها على ضرورة مغادرة رعاياها من لبنان وتجنب السفر إليه، وذلك في الوقت الذي يؤكد فيه المجتمع الدولي أهمية تغليب الحكمة والالتزام بالقانون الدولي ونزع الفتيل الذي ينذر بتوسع وتدحرج كرة النار، وذلك بهدف تجنب مأساة إنسانية جديدة على غرار تلك التي يعاني منها أكثر من 2.
الشعوب تريد السلام والاستقرار وتأمل في تركيز الجهود على التنمية، ولا ترى بالحروب إلا كوارث تهدد حياة أفرادها وآمالها بالتقدم، كما أن الخيار العسكري لن يسبب إلا المزيد من الويلات والنكبات والتهجير والتدمير، وهو ما تُجمع عليه أغلب دول العالم التي أصبحت تدرك أكثر من أي وقت مضى أن السلام العادل والشامل وفق المرجعيات المعتمدة وقرارات الأمم المتحدة هو الحل الوحيد الذي يمكن أن يؤسس لحقبة جديدة تستند إلى أسس قوية من التعايش والانفتاح والتنعم بالأمن والاستقرار، وهو توجه يمكن أن تقوم به الدول المؤثرة لتغليب خيار التهدئة ومنع اشتعال صراع آخر يصعب التكهن بحجمه ومدته وما سيتسبب به من كوارث ومآس، فالجهود يجب أن تتركز على إنجاز حلول جذرية للأزمات لتنهي عقوداً من الصراع وتمهد لعدم تكرارها مجدداَ.
ساعات ترقب ثقيلة يعيشها العالم، ولكن الأمل يبقى دائماً موجوداً من خلال التعويل على العقلاء والجهود البناءة والاتصالات التي تجري لتجنب الدخول في متاهة جديدة، وهو ما ستكشفه الساعات وربما الأيام القليلة القادمة التي ستعطي انطباعاً وتصوراً عن التوجه الذي ستسلكه التطورات والجميع يتمنى أن تكون نحو التهدئة وليس العكس.
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
العميل الأسطوري الذي خان وطنه . . !
#العميل_الأسطوري الذي خان وطنه . . !
#موسى_العدوان
في كتابه بعنوان ” الرواية الجديدة عن #حرب_أكتوبر ” للصحفي المعروف #محمد_حسنين_هيكل، كتب القصة التالية :
” بعد أكثر من ثلاثين عاماً على مضي حرب أكتوبر 1973، أصدرت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية كتاباً بعنوان ( حرب يوم الغران ساعة الحقيقة ) فقدم وصفا تحليليا دقيقا جداً، لأحداث حرب عام 1973 والعوامل التي أدت إليها، وما حدث أعقابها. وبدت صورة العميل الأسطوري الملقب باسم ( بابل )، جلية في كل مكان في الكتاب. تلك الشخصية التي لا زالت حتى يومنا هذا موضوعاً للخلاف.
مقالات ذات صلةومن الدير بالذكر أن أنباءً أجنبية، أفادت أن ( بابل ) هو أشرف مروان، وهو سياسي ورجل أعمال مصري تزوج منى ابنة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وكان مستشاراً أمنياً وسياسياً للرئيس الراحل أنور السادات. وسأورد تالياً قصته باختصار :
قبل أربع سنوات من اندلاع حرب أكتوبر 1973، وصل إلى السفارة الإسرائيلية في لندن شخص أنيق، وطلب التحدث مع ممثل الموساد. وبعد جدل طويل سُمح له بذلك. ولو يبدو أن ضابط الموساد قد تأثر عندما قدم الرجل نفسه إليه باسم أشرف مروان.
وقال له : ( أريد العمل معكم وأسلمكم معلومات لم تحلموا بها في أحست الأحلام الوردية ). وأريد مالا مقابل هذه المعلومات . . قدرا كبيرا من المال، وصدقوني أنكم ستسعدون وأنتم تدفعون المال لي. وحينما طلب منه ضابط الموساد بأدب، أن يغادر المكان، قال له أشرف : ارسل إسمي لإسرائيل، سآتي خلال الأسبوع القادم، وغادر المكان.
لم يصدّقوا في قيادة الموساد آذانهم وهم يسمعون اسم الرجل، وتوجه
( ش ) وهو ضابط عملاء ذكي ومحنّك إلى أوروبا فورا بانتظار اللقاء. ومثلما تنبأ مروان كانت إسرائيل فعلا تواقة لدفع المبلغ الذي يطلبه مقابل المعلومات التي بحوزته : مبلغ يتراوح بين 150 – 200 ألف دولار، لكل لقاء بأسعار السبعينات.
وقد دفعت له إسرائيل بمضي السنين حوالي 3 ملايين دولار. والحقيقة أن هي أن لقب ( بابل ) لم يكن الاسم الشيفري لمروان في الموساد، بل هو الاسم الذي أطلقه عليه الصحفي ( رونان ) في مقالاته بعد سنوات طويلة، أمام الاسم الشيفري الحقيقي، إذ ما زالت الرقابة العسكرية تحظر إفشاء اسمه. وكي نفهم الأسباب التي تجعل قصة ( بابل ) عاصفة ومحيرة، وتحتاج إلى الكثير من التمحيص حتى يومنا هذا، يجب علينا أن نعود لسنوات تفعيله كعميل.
لقد زود مروان ضباط ارتباطه طيلة سنوات بمعلومات ساخنة جداً وشاملة، تم استقاؤها من أشد الغرف سرية في أو ساط الزعامة المصرية. وكان يجيد تقديم التقارير في الوقت المناسب حول اللقاءات التي يجريها الرئيس المصري مع جهات داخلية وخارجية، وعن مشتريات الجيش المصري الأخيرة، وفي الكثير من الحالات نقل إلى ضباط ارتباطه كميات كبيرة من الوثائق الأصلية.
وفي إحدى الحالات قدم تقريرا شاملا حول أحد اللقاءات الحاسمة التي تمت بين الرئيس جمال غبد الناصر والرئيس السوفيتي بريجنيف في كانون ثاني 1970. وهناك وثائق أخرى مثل الرسائل التي كان السادات يتبادلها مع بريجنيف خلال عام 1973، والتي طلب بها تزويده بأسلحة حديثة، لأنه لن يستطيع بدونها خوض الحرب . . .
لقد سلّم مروان إسرائيل أيضا، الخطة الرئيسية لعبور قناة السويس، والتعديلات التي أدخلت عليها فيما بعد، إضافة إلى تفاصيل عسكرية لا تعد ولا توصف، وتعليقات وآراء سياسية، بل وشائعات قريبة من الحقيقة. أصبحت المعلوم أخذت المعلومات التي كان مروان ينقلها منحى أكثر أهمية بمرور السنين، وكانت التقارير والوثائق التي يزودهم بها، تنقل مباشرة إلى رئيس الحكومة ووزير الدفاع وشعبة الاستخبارات. * * *
التعليق :
1. التساؤل الأول الذي يطرح نفسه هو : كيف يجرؤ مثل هذا الشخص رفيع المستوى، وشديد الحذر، وضمن السلسلة القيادية المصرية، أن يدخل السفرة الإسرائيلية في لندن علنا بوضح النهار ؟
2. ويأتي الرد الوحيد على هذا التساؤل، بأن أشرف مروان، كان يدرك أنه لا يوجد ما يخشاه من المخابرات المصرية، لأنه كان يعمل في خدمتها. ولكنها لم تكن تعلم أنه كان عميلا مزدوجاً.
3. أما التساؤل الثاني فهو : كيف تحول مثل هذا الرجل الثري جدا، والذي يحظى في بلاده باحترام كبير، بين عشية وضحاها إلى محب لإسرائيل وخائن لوطنه ؟ هل حبه للمال هو الذي دفعه لذلك رغم ثرائه ؟ أم هو موت الضمير لديه ؟ أم هو خلاف ذلك ؟
4. توفي أشرف مروان إثر سقوطه من شرفة منزله في لندن، عام 2007 في ظروف غامضة، لم يُعرف من سبب الوفاة ، هل هي انتحار ؟ أم تقف خلفها جهة معينة ؟
5. لا أعرف لماذا لم نسمع عن محاكمة أشرف مروان، أو على الأقل التحقيق معه، لكونه كان عميلا مزدوجا، وخان وطنه بتسريب معلومات خطيرة للعدو؟
التاريخ : 25 / 10 / 2025