أسطول الحرية بين الجدوى والرمزية في مواجهة حصار غزة
تاريخ النشر: 18th, August 2024 GMT
أنقرة- ولدت قافلة أسطول الحرية كمبادرة إنسانية حملت على أكتافها أحلام الملايين من المحاصرين في قطاع غزة، وبدأت رحلتها الأولى في عام 2010 بتنسيق من "تحالف أسطول الحرية"، الذي جمع نشطاء من شتى بقاع الأرض، توحدهم رغبة بكسر قيود الحصار الجائر الذي فرضه الاحتلال الإسرائيلي على القطاع منذ عام 2007.
وتألف الأسطول من سفن صغيرة محملة بآمال كبيرة، يقودها نشطاء من مختلف الجنسيات و14 منظمة مدنية وإنسانية حول العالم، عازمين على الوصول إلى شواطئ غزة رغم كل الصعاب.
وعلى مدار السنوات، انطلقت 6 قوافل، كان أشهرها أسطول الحرية الأول في 2010 الذي تقدمته سفينة "مافي مرمرة"، التي شهدت هجوما إسرائيليا أسفر عن مقتل 9 نشطاء وإصابة العشرات.
وفي 25 أبريل/نيسان الماضي، كان أسطول الحرية على وشك إطلاق أحدث حملاته بعد تأجيلها في العام السابق، في حين كان التحالف الدولي المنظم قد استكمل جميع التحضيرات القانونية اللازمة، وجعل النسخة السادسة من الأسطول جاهزة للإبحار نحو غزة، محملة بالأمل والمساعدات الإنسانية.
ولكن مع اقتراب موعد الانطلاق، واجهت الحملة تحديا غير متوقع بعد إعلان جمهورية غينيا بيساو، التي كانت قد وافقت سابقا على رفع علمها على السفن، عن تراجعها.
وقال زاهر بيراوي، رئيس اللجنة الدولية لكسر الحصار وعضو تحالف أسطول الحرية للجزيرة نت، إن الأسطول السادس الذي ضم 3 سفن على الأقل محملة بـ5 آلاف طن من المواد الغذائية ومياه الشرب والمساعدات الطبية واجه سلسلة من العقبات والضغوط من الحكومات التي كان سيمر بها الأسطول، مما دفع اللجنة المنظمة إلى تأجيل انطلاقه.
وأشارت الهيئة المنظمة للأسطول إلى أن سلطات الاحتلال مارست ضغوطا على جمهورية غينيا بيساو لسحب علمها من السفينة الرئيسية، مما أسفر عن تأخير انطلاق الأسطول بيوم واحد عن الموعد المحدد، بعد أن استعد أكثر من 280 ناشطا من 30 دولة للإبحار على متنه.
ورغم أن أسطول الحرية لم ينجح -حتى الآن- في تحقيق هدفه الأساسي بكسر الحصار عن غزة، فإن تأثيره كان عميقا على الصعيد الدولي. إذ نجح في توجيه أنظار العالم إلى الوضع الإنساني المتدهور في قطاع غزة، وجعل قضية الحصار محط اهتمام وسائل الإعلام الدولية.
في حديثها للجزيرة نت، تؤكد الناشطة المشاركة في أسطول الحرية، كويفا باترلي، أن الأسطول يمثل جزءا من انتفاضة عالمية تضم ملايين الأشخاص الذين يرفضون التواطؤ أو الصمت إزاء الإبادة الجماعية المستمرة في غزة.
وأوضحت باترلي أن الأسطول يحمل في رحلته مشاعر الحزن وشهادات الناس من مختلف أنحاء العالم، مشيرة إلى أن الهدف من هذا التحرك هو تسليط الضوء على عمليات القتل الجماعي للأطفال الفلسطينيين والمجازر اليومية التي يتعرضون لها، والتي وصفتها بأنها "منهجية وغير مسبوقة في حجمها".
وأضافت باترلي "نحن نحاول، كأعضاء في المجتمع المدني ونشطاء تضامن وأطباء وعاملين في المجال الإنساني، دعم القانون الدولي في وقت يسوده الإفلات التام من العقاب. وعندما تفشل الحكومات في أداء واجبها، يصبح من واجبنا نحن الناس أن نقود الطريق، وأن نثبت أن الشعب الفلسطيني ليس وحده في مسيرته الطويلة والمؤلمة نحو الحرية".
وختمت قائلة "سواء نجحنا في كسر الحصار أم لا، فإن سفينة حنظلة تظل رمزا للمحبة والمسؤولية والتضامن، وتأكيدا أن أطفال غزة هم أطفالنا جميعا".
ورست سفينة "حنظلة" الأسبوع الماضي في مالطا، استعدادا للإبحار نحو شواطئ قطاع غزة، في خطوة تعكس إصرار التحالف على المضي قدما نحو تحقيق هدفه. إذ تبرز السفينة كرمز لالتزام التحالف بكسر الحصار عن الشعب الفلسطيني، وتؤكد تصميمهم على إيصال رسالتهم للعالم بعدم التراجع حتى تحقيق هذا الهدف.
ويصف زاهر بيراوي سفينة "حنظلة" بأنها صغيرة من حيث الحجم، لكنها تحمل رسالة كبيرة تهدف إلى كسر الحصار عن قطاع غزة. وأوضح أن السفينة تضم 13 ناشطا على متنها، بينما يتغير المتطوعون المرافقون في كل دولة نظرا لصغر حجم السفينة.
أبرز العقبات
ويحدد بيراوي أبرز التحديات التي تواجهها سفينة "حنظلة" في المخاطر المتعلقة بالاحتلال الإسرائيلي، واحتمال التعرض للاعتداءات من قبل القوات الإسرائيلية، كما حدث في رحلات سابقة، إلى جانب التحديات المالية والفنية واللوجستية والسياسية المعقدة التي تواجهها الرحلة.
وأشار إلى أن المنظمين لديهم خطط بديلة للتعامل مع هذه العقبات، مؤكدا أن تحالف أسطول الحرية، الذي يحظى بدعم عشرات المؤسسات التضامنية، يعتمد على النهج القانوني والالتزام بضمان سلامة المشاركين. لذلك، تسعى الجهود دائما لتنظيم الأمور وفقا للقانون الدولي وقوانين الإبحار.
وفي حديثها للجزيرة نت، عبّرت الناشطة الحقوقية هويدا عرّاف عن استيائها العميق من الضغوط المستمرة التي تمارسها بعض الحكومات على أسطول الحرية، مما أدى إلى عرقلة إبحاره بدلا من تسهيل مهمتها الإنسانية.
وأوضحت عرّاف أن هذه الضغوطات ليست مجرد عقبات عابرة، بل هي محاولات منظمة لتعطيل جهود الناشطين الذين يسعون لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة.
ورغم كل التحديات، شددت عرّاف على أن الناشطين مصممون على عدم الاستسلام لهذه الضغوط، سواء كانت إسرائيلية أو من أي جهة أخرى، مشيرة إلى أن هدفهم السامي في رفع الحصار عن غزة لن يُثنى بسهولة. وأكدت أن عزيمتهم قوية وأنهم سيواصلون النضال حتى تحقيق رسالتهم الإنسانية.
وفي رسالة ملحة إلى الشعوب العربية والعالمية، دعت عرّاف إلى اتخاذ خطوات عملية للضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف جرائمها المستمرة ضد الشعب الفلسطيني. ووجهت تحذيرا جادا من أن استمرار الصمت على هذه الانتهاكات لن يؤدي فقط إلى تدهور الوضع في فلسطين، بل سيفتح الباب أمام امتداد هذه الجرائم إلى مناطق أخرى من العالم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات أسطول الحریة الحصار عن قطاع غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
غزة على شفير الكارثة.. مئات القتلى وتصاعد الضغوط الدولية لرفع الحصار الإنساني
أسفر القصف الإسرائيلي المكثف والمستمر منذ فجر اليوم الثلاثاء، عن سقوط 45 قتيلاً على الأقل في مناطق متعددة من قطاع غزة، شملت شمال ووسط القطاع، وسط تصعيد عسكري عنيف تضمن غارات جوية وعمليات برية واسعة النطاق، وتركزت الضربات على مناطق مأهولة بالسكان مثل دير البلح حيث سقط أكثر من 15 قتيلاً، بالإضافة إلى مناطق الصفطاوي، الزرقا، الشجاعية، تل الزعتر، بيت لاهيا، وجباليا.
وأفادت مصادر طبية ومحلية بأن هناك العديد من الضحايا لا يزالون تحت الأنقاض، وسط صعوبة في وصول فرق الإسعاف إلى المناطق المستهدفة بسبب شدة القصف، كما استهدفت الضربات خيام النازحين والمستشفيات، لا سيما المستشفى الإندونيسي في شمال القطاع الذي يتعرض لحصار وقصف متكرر، وبلغ إجمالي القتلى في القطاع منذ صباح أمس الاثنين، 126 قتيلًا في إطار العملية العسكرية الإسرائيلية الموسعة المسماة “عربات جدعون”.
وفي إطار التصعيد ذاته، قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش في تصريحات لصحيفة “يسرائيل هيوم” إن السيطرة على 75% من قطاع غزة ستؤدي إلى انهيار حركة حماس، مع قطع خطوط الإمداد والتمويل عنها، واصفًا الضغط العسكري المكثف بأنه السبيل الأمثل لتقويض قدرات الحركة العسكرية والتنظيمية.
وأكد سموتريتش أن العملية ستستمر ضمن التزام طويل الأمد وأن الهدف هو القضاء على التهديد الذي تمثله حماس للأمن الإسرائيلي.
على الصعيد الدبلوماسي، كشفت قناة “مكان” العبرية عن جهود سرية يقودها المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف لتمرير صيغة جديدة لوقف إطلاق النار وصفقة تبادل أسرى بين إسرائيل وحماس، عبر وساطة غير تقليدية تتم خارج الدوحة وبقنوات خلفية معتمدة.
وبحسب القناة، يتواصل ويتكوف مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقيادة حماس عبر رجل الأعمال الفلسطيني الأمريكي بشارة بحبح، الذي سبق له أن ساهم في إطلاق سراح جندي إسرائيلي-أمريكي محتجز.
وفي تطور ميداني آخر، أعلن الجيش الإسرائيلي عن مقتل جندي في شمال قطاع غزة، وهو الرقيب يوسف يهودا شيراك (22 عامًا)، خلال الاشتباكات الجارية، وهو أول جندي يُقتل منذ بدء عملية “عربات جدعون”.
في الوقت نفسه، تواجه إسرائيل ضغوطًا دولية متزايدة بشأن الوضع الإنساني في غزة، حيث دعا وزراء خارجية 22 دولة من بينها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، إلى السماح الفوري بإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر.
وجاء في بيان مشترك نشر الاثنين أن “المواد الغذائية والأدوية والإمدادات الأساسية قد نفدت، والسكان يواجهون خطر المجاعة”، مؤكدين ضرورة تمكين الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية من العمل بشكل مستقل وشفاف لإنقاذ الأرواح.
وانتقد البيان بشدة السماح الإسرائيلي المحدود بدخول 5 إلى 9 شاحنات تحمل مساعدات فقط بعد حصار دام أكثر من شهرين ونصف الشهر، مطالبين باستئناف كامل للمساعدات الإنسانية فورًا. وأعلنت إسرائيل الأحد استئناف إدخال المساعدات عبر معبري كرم أبو سالم ونيتسانا، على أن تُشرف “مؤسسة غزة الإنسانية” على آلية توزيع جديدة.
ويأتي هذا القرار وسط مخاوف متزايدة من تفاقم الأزمة الإنسانية، في ظل استمرار العمليات العسكرية والتصعيد المتبادل بين الجانبين.
هذا وارتفعت حصيلة الضحايا الفلسطينيين للحرب الإسرائيلية على غزة إلى 53 ألفا و339 قتيلا و121 ألفا و34 مصابا منذ 7 أكتوبر 2023، وحصيلة القتلى والإصابات منذ 18 مارس 2025 بلغت 3 آلاف و193 قتيلا و8 آلاف و993 مصابا.
نتنياهو يحذر: مواقف لندن وأوتاوا وباريس حول غزة قد تؤدي لهجمات إرهابية جديدة ضد إسرائيل
شن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو هجوماً حاداً على مواقف حكومات بريطانيا وفرنسا وكندا، معتبراً أن مطالبتها بوقف العملية العسكرية في قطاع غزة واعترافها المخطط به بالدولة الفلسطينية يشكلان “مكافأة” للإرهابيين ويمهدان لهجمات إرهابية جديدة ضد إسرائيل.
وغرد نتنياهو على منصة “إكس” قائلاً: “بمطالبتهم إسرائيل بوقف حربها الدفاعية التي تخوضها من أجل بقائها قبل القضاء على إرهابيي حركة حماس على حدودنا، وبمطالبتهم بإنشاء دولة فلسطينية، فإن القادة في لندن وأوتاوا وباريس يقدمون مكافأة ضخمة للهجوم على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، ويحرضون في الوقت ذاته على فظائع مماثلة جديدة”.
وأضاف نتنياهو: “إسرائيل تتبنى رؤية الرئيس ترامب وتدعو جميع القادة الأوروبيين إلى فعل الشيء نفسه. يمكن أن تنتهي الحرب غداً إذا تم إطلاق سراح الرهائن المتبقين، ونزع سلاح حماس، وطرد قادتها القتلة. لا يمكن لأي دولة أن تقبل بأقل من ذلك، وإسرائيل بالتأكيد لن تقبل”.
جاء هذا التصريح رداً على إعلان حكومات بريطانيا وفرنسا وكندا، الاثنين، عزمها اتخاذ “إجراءات ملموسة” ضد إسرائيل في حال استمرار هجومها العسكري على قطاع غزة وفرض قيود على المساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى معارضتها لتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية وتهديدها بفرض عقوبات مستهدفة، مع إعلان نيتها الاعتراف بدولة فلسطينية.
وتشهد المنطقة تصعيداً عسكرياً مع بدء قوات الدفاع الإسرائيلية عمليات برية واسعة النطاق في قطاع غزة ضمن عملية “عربات جدعون”، وسط محاولات دبلوماسية مستمرة في قطر للتوصل إلى هدنة وصفقة تبادل أسرى.
آخر تحديث: 20 مايو 2025 - 12:09