تشهد الجزائر انتخابات رئاسية في 7 شتنبر المقبل، بين ثلاثة مرشحين، من بينهم الرئيس المنتهية ولايته عبد المجيد تبون. قبل أيام من إجراء الانتخابات اتضحت صورة التحالفات السياسية على الساحة الجزائرية، والتي لا تحمل تغيرات ملحوظة، خاصة فيما يتعلق بأحزاب الأغلبية. ويرى مراقبون أن التحالفات السياسية في الجزائر لا تتم بناء على برامج انتخابية أو رؤى مشتركة، أو حتى استراتيجية لقيادة الحكومة، لكنها تبدو نمطية، إذ تحرص أحزاب الأغلبية دائما على دعم « مرشح السلطة »، أو مرشح « الإجماع الوطني ».

ويخوض السباق الرئاسي يوم 7 سبتمبر المقبل، كل من الرئيس المنتهية ولايته عبد المجيد تبون، والمرشح الإسلامي عبد العالي حساني شريف، والمعارض اليساري يوسف أوشيش. وفي ماي الماضي، أعلن عن تأسيس تحالف سياسي يجمع كلا من حزب جبهة التحرير الوطني، التجمع الوطني الديمقراطي، حركة البناء الوطني وجبهة المستقبل. خلال لقاء بين قادة الأحزاب الأربعة، عبد الكريم بن مبارك، مصطفى ياحي، عبد القادر بن قرينة، وفاتح بوطبيق في مقر حزب جبهة التحرير الوطني، أوضح بن مبارك، أن هذا اللقاء « تأسيسي لتحالف سياسي بين تشكيلات سياسية تجمعها قواسم مشتركة وأهداف واضحة ترمي إلى تحقيق إجماع وطني لحماية مصالح الشعب وتعزيز كل المساعي الرامية إلى بناء جزائر قوية »، وهو التحالف الداعم للرئيس المنتهية ولايته عبد المجيد تبون. وانطلقت الخميس 15 غشت الجاري الحملات الانتخابية لمرشحي السباق الانتخابي وتستمر لعشرين يوم. من ناحيته قال حكيم بوغرارة الأكاديمي والمحلل السياسي الجزائري لـ »سبوتنيك« ، إن نحو 17 حزبا يدعمون المرشح عبد المجيد تبون، يأتي في مقدمتهم، حزب « جبهة التحرير الوطني »، والتجمع الوطني الديمقراطي، وجبهة المستقبل، بالإضافة إلى « حركة البناء »، ذات التوجه الإسلامي، والعديد من الأحزاب الأخرى. المرشح الثالث، وهو عبد العالي حساني شريف، الذي يمثل التيار الإسلامي في الجزائري، ويرأس حركة « مجتمع السلم »، تدعمه « حركة النهضة » الجزائرية، ذات التوجهات الإسلامية. ويرى الأكاديمي الجزائري أن الانتخابات الحالية لا تتمتع بخصوصية مغايرة، إذ دأبت الأحزاب ذات الأغلبية البرلمانية على دعم « مرشح السلطة ». وتابع: « تحالفات الأحزاب في الجزائر لا تتم بناء على رؤى أو برامج أو استراتيجيات لقيادة الحكومة، لكن أحزاب الأغلبية دائما تتحالف في الانتخابات الرئاسية لدعم مرشح الإجماع الوطني ». في الإطار، قال بلهادي عيسى رئيس حزب « جبهة الحكم الراشد »، لـ »سبوتنيك« ، إن الحزب يدعم المرشح الجزائري عبد المجيد تبون. تجدر الإشارة إلى أن المحكمة الدستورية الجزائرية، اعتمدت في 31 يوليوز أوراق ثلاثة مرشحين في القائمة النهائية للانتخابات الرئاسية وهم: يوسف أوشيش عن جبهة القوى الاشتراكية، وعبد المجيد تبون (الرئيس الحالي) مرشحا مستقلا، وحساني شريف عبد العالي. يذكر أنه في 11 يوليو الماضي، أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، ترشحه لقترة رئاسية ثانية، وقال في لقائه الدوري مع الصحافة، والمنشور عبر مقطع مصور على الصفحة الرسمية للرئاسة الجزائرية على مواقع التواصل، إنه « نزولا عند رغبة الكثير من الأحزاب السياسية وغير السياسية والشباب فقد آن الأوان أن أعلن أنني أترشح لعهدة ثانية بما يسمح به الدستور ». وأضاف تبون أنه « إذا قرر الشعب التزكية أهلا وسهلا… وإذا رفض الشعب فهو حر والذي يأتي بعدي يكمل المشوار ». وفق شروط الترشح للانتخابات الرئاسية، يتعين على الراغبين في الترشح، جمع 600 توقيع على الأقل لمنتخبين في مجالس محلية أو البرلمان في 29 ولاية من أصل 58 ولاية جزائرية، أو ما لا يقل عن 50 ألف توقيع لمواطنين مسجلين على القوائم الانتخابية.

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: عبد المجید تبون

إقرأ أيضاً:

رجل ماكرون يطرق باب الجزائر.. زيارة سعادة بين رسائل الظل ومحاولات كسر الجليد

استقبل رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أمس الإثنين، رجل الأعمال الفرنسي رودولف سعادة، الرئيس المدير العام لشركة النقل البحري العالمية CMA CGM، في زيارة أثارت موجة من التأويلات السياسية في ظل الجمود غير المسبوق الذي يخيم على العلاقات الجزائرية - الفرنسية منذ عشرة أشهر.

اللقاء، الذي تم في قصر المرادية، لا يمكن فصله عن طبيعة الزائر: شخصية اقتصادية مرموقة لكنها تحمل في طياتها رمزية سياسية عميقة، لاعتبارات أبرزها قربه اللافت من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وكونه أول فرنسي تطأ قدماه الجزائر منذ الزيارة القصيرة التي أجراها وزير الخارجية جون نوال بارو في أبريل الماضي.

وبالرغم من غياب الصفة السياسية أو الرسمية عن الزائر، إلا أن السياق يجعل من حضوره أشبه بـ"رسالة دبلوماسية غير معلنة"، خصوصًا بعد التصعيد الأخير الذي أعقب سجن القضاء الفرنسي لموظف قنصلي جزائري، ما زاد في تعميق هوة التوتر.

رسائل مشفّرة أم خطوة تهدئة؟

في قراءة لهذا المستجد، يرى الدكتور عبد القادر حدوش، أستاذ التعليم العالي في مرسيليا، في تصريحات له نقلتها صحيفة "الخبر" الجزائرية، أن الاستقبال قد يكون حاملاً ضمنياً لرسالة سياسية من ماكرون إلى تبون، مؤشراً إلى أن "استقبال تبون لشخصية اقتصادية مقربة من الإليزيه ليس تفصيلاً بروتوكولياً، بل خطوة مدروسة في سياق سياسي معقد".

البرلماني السابق عن الجالية الجزائرية بفرنسا ذهب في الاتجاه ذاته، معتبراً أن "زيارة سعادة يمكن أن تكون بداية مسار لخفض التصعيد، خصوصًا أنها تعيد ربط الخيط مع شخصية محسوبة على الرئيس الفرنسي دون المرور عبر القنوات التقليدية التي لا تزال مجمدة".



علاقات على صفيح ساخن

الزيارة تأتي في ظل غياب كامل للتواصل المؤسسي، مع استمرار فراغ المنصبين الدبلوماسيين الأهم: سفيري البلدين، ما دفع مراقبين لوصف الوضع بـ"السابقة التاريخية" في مسار العلاقات بين الجزائر وباريس.

وفي ظل هذا الانقطاع، تصبح "الرسائل غير الرسمية" والقنوات الرمادية كزيارة سعادة، ذات دلالة مضاعفة، خصوصًا أن الرجل سبق أن رافق ماكرون في زيارته إلى الجزائر عام 2022، ويمثل نموذجًا لـ"الدبلوماسية الاقتصادية" التي تُفضلها باريس أحيانًا لتفادي حساسيات رسمية.

توازنات دقيقة.. ومخاطر كامنة

يرى حدوش، وفق "الخبر"، أن الأزمة الراهنة تخدم بدرجة أولى التيار اليميني المتشدد في فرنسا، الذي لا يخفي عداءه للجزائر وموروثها في السياسة الفرنسية، وهو ما يجعل من استمرار الأزمة "هدية مجانية" لهذا التيار، في طريقه المحتمل نحو رئاسيات 2027.

وفي ظل هذه الحسابات، يؤكد المتحدث أن المصلحة المشتركة تقتضي التهدئة، داعيًا إلى "عودة الحوار السياسي المباشر، وأولى بوادره تبدأ بإعادة السفيرين إلى موقعيهما".

كيف تفاقمت الأزمة بين الجزائر وباريس؟

بدأ التوتر في العلاقات الجزائرية ـ الفرنسية يأخذ منحًى تصاعديًا منذ إعلان باريس، مطلع عام 2023، دعمها لخطة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء الغربية. الموقف شكّل نقطة تحول استراتيجية، اعتبرته الجزائر انحيازًا واضحًا للمغرب، وخروجًا عن الحياد الفرنسي التقليدي إزاء نزاع إقليمي بالغ الحساسية.

الجزائر، الرافضة للمقترح المغربي باعتباره يضرب حق تقرير المصير، ردت بتجميد عدة قنوات دبلوماسية، واستدعاء سفيرها، والدخول في حالة جمود مؤسساتي عميق، زاد حدته لاحقًا التضييق على الجالية الجزائرية، وتقليص منح التأشيرات.

تفاقم الوضع مع اعتقال موظف قنصلي جزائري في فرنسا، في سابقة اعتبرتها الجزائر "انتهاكًا للأعراف الدبلوماسية"، وجاءت لتُغلق آخر منافذ الحوار المباشر رغم اتصال جرى بين تبون وماكرون في مارس 2025.

ورغم أن الرئيسين أظهرا في مراحل سابقة حرصًا على الحفاظ على "قنوات شخصية مفتوحة"، فإن الخلافات حول ملفات الذاكرة، والتعاون الأمني، والهجرة، واستقلالية القرار السيادي الجزائري، ظلت تعيد العلاقات إلى نقطة الصفر.

محاولة لكسر الجمود أم جس نبض سياسي؟

زيارة رودولف سعادة قد لا تكون مفتاح الحل، لكنها بالتأكيد ليست مجرد زيارة اقتصادية عادية. إنها صفحة جديدة تُكتب خارج النص الرسمي، لكنها تحمل في سطورها محاولة لكسر جليدٍ بدأ يتحول إلى جدار. فهل تنجح "الدبلوماسية عبر رجال الأعمال" فيما فشلت فيه القنوات السياسية؟ أم أن الأزمة أعمق من أن تُحل برسائل مبطنة ومبادرات جانبية؟

الجواب سيتوقف على مدى استعداد الطرفين لكسر جدار الصمت، وإعادة بناء الثقة على أساس المصالح المشتركة، وليس فقط التوازنات الظرفية.


مقالات مشابهة

  • للاطلاع على التجربة الجزائرية في مجال الاقتصاد الأزرق..وفد نيجيري يزور الجزائر
  • انتخابات البرلمان.. توجيه مهم من القومي لحقوق الإنسان للأحزاب السياسية
  • وزير الشؤون الدينية الجزائري: خدمات متميزة ورقمية في موسم الحج
  • رجل ماكرون يطرق باب الجزائر.. زيارة سعادة بين رسائل الظل ومحاولات كسر الجليد
  • ثلاثي ناري في انتخابات مصيرية.. من هو رئيس كوريا الجنوبية القادم؟
  • ماكرون يمرغ أنف النظام الجزائري في الوحل بإيفاد المغني ديجي سنيك للقاء تبون
  • ولد الغزواني يرفض طلب تبون لإعادة فتح منطقة لبريكة الحدودية
  • انتخابات غير مسبوقة بالمكسيك لاختيار جميع قضاة البلاد
  • نائب يدعو إلى توفر بيئة انتخابية عادلة باعتباره مطلب وطني
  • بولندا.. مرشح المعارضة نافروتسكي يتجه للفوز في انتخابات الرئاسة