تليغرام.. واجهة إجرامية أم منصة تواصل للمضطهدين؟
تاريخ النشر: 28th, August 2024 GMT
في الأيام الماضية، صعدت منصة "تليغرام" إلى صدارة الأحداث التقنية في إثر إلقاء القبض على مؤسس المنصة والمدير التنفيذي لها بافيل دوروف في الأراضي الفرنسية عقب مجموعة من التهم الموجهة إليه.
تنصب التهم الموجهة إلى دوروف في كون "تليغرام" منصة تسهل عمل المجرمين من مختلف الفئات والأهداف فضلًا عن رفض إدارة المنصة مرارًا وتكرارًا الامتثال لأوامر السلطات والكشف عن بيانات وأسماء المستخدمين كجزء من التحقيقات الجارية في عدة قضايا.
تبرر "تليغرام" موقفها بأن حماية الحرية وبيانات المستخدمين هي الأولوية القصوى لها، لذا وصفت هذه الاتهامات بكونها خاطئة وعارية من الصحة، ولكن في ضوء هذه الأحداث، أين تقف "تليغرام" من الأعمال الإجرامية؟
صعود "تليغرام" للقمةتعتمد تطبيقات التواصل الاجتماعي في العادة على مزايا فريدة قد لا توجد في غيرها، وبينما تعتمد منصات مثل "إنستغرام" على الخوارزميات القوية ومزايا الصور المنوعة، فإن "تليغرام" اتخذت من الخصوصية مسعى لها، وقدمت جملة من المزايا التي تعمل على تحقيق الخصوصية القصوى للمستخدمين في مختلف الأوقات والحالات.
تستخدم "تليغرام" مثل العديد من تطبيقات التواصل الاجتماعي السريع ميزة التشفير ثنائي الأطراف، ولكن لا تكتفي المنصة بخوارزميات التشفير المعتادة، بل تعتمد على مجموعة مركبة من الخوارزميات الخاصة بها للتشفير، وهي خوارزميات سرية لا يمكن الاطلاع عليها من خارج الشركة.
فضلًا عن ذلك، يسهل "تليغرام" إنشاء الحسابات الوهمية والسرية للمستخدمين، إذ لا يطلب العديد من البيانات مثل "واتساب" أو يحتاج إلى رقم هاتف فعال ونشط، فقط أي رقم هاتف، وفي بعض الحالات يمكن التخلي عن رقم الهاتف وإنشاء الحساب دونه.
مكنت مزايا "تليغرام" المختلفة المنصة من الوصول إلى عدد مستخدمين قياسي خلال 10 أعوام، إذ تجاوز إجمالي المستخدمين في المنصة أكثر من 900 مليون مستخدم بحلول عام 2024، وذلك بعد أن كان في حدود 45 مليون مستخدم في عام 2014 عند إطلاقها للمرة الأولى.
Active Telegram Users
2024 – 900 million
2023 – 800 million
2022 – 700 million
2021 – 500 million
2020 – 400 million
2019 – 300 million
2018 – 200 million
2017 – 150 million
2016 – 80 million
2015 – 50 million
2014 – 35 million
— World of Statistics (@stats_feed) August 25, 2024
مرتع خصب للهيئات الإجرامية
عندما أسس الشقيقان دوروف منصة "تليغرام" في عام 2014، كانا يبحثان عن آلية للتواصل بعيدًا عن الرقابة الروسية وبشكل آمن دون مراقبة المنصات المختلفة لها، وهذا السبب دفعهما لتأسيس المنصة، ويشير نجاح المنصة إلى أن الملايين يتفقون معهما في ذلك.
مزايا الخصوصية في "تليغرام" ليست مختلفة كثيرًا عن المزايا الموجودة في بعض المنصات الأخرى، ولكن أن تجتمع هذه المزايا معًا في منصة واحدة هو الأمر المفاجئ الذي أكسب المنصة سمعتها ذائعة الصيت في كونها منصة تواصل اجتماعي تنتمي إلى "الدارك ويب".
في "تليغرام" يمكنك أن تصل إلى أي شيء ترغب به مهما كان نوعه عبر شريط البحث الموجود أعلاه، بدءًا من الأفلام والمسلسلات المسروقة وحتى المقاطع الإباحية في بعض الأحيان، فضلًا عن وجود العديد من التشكيلات الإجرامية السيبرانية التي تتخذ من المنصة واجهة لها.
مجموعة المخترقين "أنونيموس" (Anonymous) ومجموعة "كيل نت" (Killnet) هما مثالان بسيطان على مجموعات المخترقين والمجرمين الرقميين الذين يتخذون من "تليغرام" واجهة لعملياتهم والإعلان عنها بشكل مستمر.
وفق تقرير نشره موقع "أكسيوس" المختص بالأمن السيبراني، فإن منصة "تليغرام" توفر مجموعة من المزايا غير الموجودة في الإنترنت المظلم، لذا يفضلها المجرمون، وتشمل هذه المزايا آليات التواصل السريع والمباشر فضلًا عن استقبال الدفعات عبر العملات الرقمية المختلفة بما فيها العملة الخاصة بالمنصة نفسها.
كما أشار تقرير آخر من موقع "إنتل 471" (intel 471) المختص في الجرائم السيبرانية إلى أن بعض المجرمين يعتمدون على "تليغرام" في بناء متجر يمكن من خلاله بيع خدماتهم لمن يدفع أكثر وذلك بفضل مزايا العملات الرقمية المتاحة داخل التطبيق.
ولا يقتصر استخدام "تليغرام" على الجرائم السيبرانية فقط، بل يمتد إلى المجموعات النشطة سياسيًا وفق تقرير "إنتل 471″، إذ تستخدمه مجموعات مثل "جيش القدس الإلكتروني" في عرض أعمالهم وجذب المستخدمين إلى جانب استخدامهم لحسابات منصات التواصل الاجتماعي المعتاد وذلك إلى جانب فريق "1877" الذي يعتقد بأنه مجموعة من النشطاء الرقميين المقيمين في العراق، لكون المنصة مفضلة هناك.
تفرض منصة "تليغرام" قيودًا أقل على المحتوى المشارَك عبرها، ولا تكشف بيانات المستخدمين مهما كانت القضية الموجهة إليها، وفي حادثة سابقة مع محكمة "نيودلهي" لم تكشف المنصة عن بيانات المستخدمين الكاملة رغم صدور أمر قضائي بذلك.
ربما تساهم هذه المزايا في جذب المجرمين من مختلف بقاع الأرض، ولكنها أيضًا توفر غطاءً آمنًا للمقيمين في الدول ذات الرقابة الشديدة، إذ يمكنهم عبر المنصة مشاركة المحتوى بأمان ونشر أفكارهم، وربما ما كان يحدث مع "جيش القدس الإلكتروني" وحرب غزة المستمرة مثال حي على ذلك، إذ كانت المنصة منبرًا آمنًا تشارك فيه المقاومة الفلسطينية أنباءها ومقاطعها أولًا بأول دون خوف من الحظر أو المطاردة.
وفي البرازيل، كان للمنصة دور كبير في تنظيم المظاهرات والاعتراضات التي ملأت الشوارع ضد الحكومة الحالية للبلاد، إذ مكنت المتظاهرين من تناقل الأخبار أولًا بأول دون الحاجة إلى التواصل المباشر مع أفراد التنظيم، وكذلك كان الحال في لندن بعد عمليات الهجوم التابعة للجناح اليميني في بريطانيا.
سلاح ذو حدينتنتهج "تليغرام" نهجًا مختلفًا في إدارة المحتوى ومتابعته، ورغم أن هذا النهج يترك مجالًا للكثير من أعمال السوء، فإن الخير الناتج عنه واضح للعيان في المناطق التي تعاني من الاضطهاد المفرط، فهل يجب على المنصة أن تتخلى عن سياستها التي ميزتها من اليوم الأول لتصبح مثل بقية منصات التواصل الاجتماعي؟ أم تستعد لمواجهة الانتقادات الدولية من مختلف الجهات بسبب سياستها المرنة ناحية إدارة المحتوى وتنقيحه؟ هذا ما تكشفه الأيام القادمة والمحاكمة المنتظرة لمؤسس المنصة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات التواصل الاجتماعی فضل ا عن مختلف ا
إقرأ أيضاً:
أذكى نموذج في تاريخ البشرية.. OpenAI تطلق رسميا GPT-5 لكافة المستخدمين
كشفت شركة OpenAI، المطورة لتقنية ChatGPT، عن النسخة الأحدث والمنتظرة من نموذجها اللغوي، GPT-5، واصفة إياه بأنه “أذكى وأسرع وأكثر فائدة” من أي إصدار سابق، ويملك قدرات تعادل مستوى الخبراء الحاصلين على درجة الدكتوراه في مجالات مثل البرمجة والكتابة.
وقال سام ألتمان، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي للشركة، قبيل الإطلاق الرسمي: "وجود شيء مثل GPT-5 كان سيكون من المستحيلات في أي وقت سابق من تاريخ البشرية".
ويأتي إطلاق GPT-5 في ظل منافسة شرسة بين شركات التكنولوجيا على تطوير أكثر نماذج الذكاء الاصطناعي تقدما، حيث أطلق إيلون ماسك مؤخرا إصدارا جديدا من روبوت المحادثة الخاص به Grok، وادعى أنه “أفضل من مستوى الدكتوراه في كل شيء”.
تحسينات رئيسية واقعية أكبر وأخطاء أقليركز GPT-5 على تقليل ما يعرف بـ “الهلوسات”، وهي الأخطاء التي تصدر من النماذج اللغوية عندما تقدم معلومات خاطئة، كما تم تدريبه ليكون أكثر دقة وأمانة وأقل ميلا للخداع.
ويسوق النموذج الجديد أيضا كمساعد موثوق للمبرمجين، وهو توجه بات شائعا بين الشركات الأمريكية الكبرى، مثل شركة Anthropic التي تقدم نموذج Claude Code للمطورين.
قدرات GPT-5 من البرمجة إلى المنطقتشير OpenAI إلى أن GPT-5 قادر على إنشاء برامج متكاملة، ويتميز بقدرات محسنة على التحليل المنطقي والاستدلال، حيث يقدم إجابات مبنية على خطوات واضحة وتفكير منطقي، وتؤكد الشركة أن النموذج الجديد يبدو “أقرب إلى الإنسان” في تفاعله مع المستخدمين.
وقال ألتمان إن GPT-3 كان أشبه بمحادثة مع طالب ثانوي، بينما GPT-4 كان بمستوى طالب جامعي، “لكن GPT-5 هو أول مرة تشعر فيها أنك تتحدث مع خبير فعلي في أي موضوع”.
لكن رغم هذه الادعاءات، أعربت الأستاذة كاريسا فيليز من معهد أخلاقيات الذكاء الاصطناعي عن شكوكها، مشيرة إلى أن هذه النماذج “رغم كونها مبهرة، لم تثبت جدواها الاقتصادية الحقيقية بعد”، معتبرة أن ما يحدث قد يكون مدفوعا بالحاجة للحفاظ على الزخم الإعلامي.
تجربة مباشرة مع GPT-5الصحفي المتخصص بالذكاء الاصطناعي في BBC، مارك سيزلاك، حصل على تجربة حصرية مع النموذج الجديد، وقال إن التفاعل كان مشابها للإصدارات السابقة من حيث الشكل، لكنه لاحظ تحسينا في طريقة “تفكير النموذج” لحل المشكلات، إنه أشبه بتطور طبيعي أكثر منه ثورة كاملة.
ومن المقرر أن تبدأ OpenAI بتوفير النموذج لجميع المستخدمين اعتبارا من الخميس، فيما ستتضح الصورة خلال الأيام المقبلة حول مدى صدق مزاعم ألتمان.
في سياق متصل، قامت شركة Anthropic بسحب وصول OpenAI إلى واجهة برمجة التطبيقات الخاصة بها، متهمة الشركة بانتهاك شروط الخدمة باستخدام أدواتها قبل إطلاق GPT-5، وردت OpenAI بأن هذا النهج يعتبر "أمرا معتادا في الصناعة' لأغراض تقييم السلامة والتقدم التقني.
تغييرات في تجربة ChatGPTوفي خطوة لتعزيز الاستخدام الآمن، أعلنت OpenAI عن تحديثات في طريقة تفاعل ChatGPT مع المستخدمين، خاصة في المواضيع الحساسة.
وقالت في مدونة حديثة إنها لن تقدم إجابات مباشرة على أسئلة شخصية مثل: “هل يجب أن أنفصل عن شريكي؟”، بل ستعمل على مساعدة المستخدم في التفكير من خلال طرح أسئلة وموازنة الخيارات.
يأتي ذلك بعد أن واجهت الشركة انتقادات في مايو الماضي بسبب تحديث سابق جعل النموذج "مفرط الإطراء"، وهو ما دفعها إلى سحبه.
وفي تصريحات حديثة، أقر سام ألتمان بأن التفاعل مع الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى علاقات “شبه إنسانية” قد تكون “إشكالية إلى حد ما”، مؤكدا على ضرورة وضع ضوابط مجتمعية جديدة للتعامل مع هذه المرحلة.