بوابة الوفد:
2025-06-27@00:13:59 GMT

كيف ننخدع بالزن على الآذان؟

تاريخ النشر: 1st, September 2024 GMT

ما الفارق بين نابليون وهتلر؟ توسع كلاهما على حساب الجيران، وافتعلا نزاعات كاذبة لاحتلال أراضى الغير واستعباد الشعوب، وصناعة أمجاد كاذبة على جثث ضحايا أبرياء، سُحقت عظامهم، ونُكل بهم تحت مبررات عديدة، تارة باسم الضرورة، وتارة باسم تهوين كل شيء فى سبيل غايات عُظمى.

عاش نابليون واحدًا وخمسين عاما، بينما عاش هتلر ستًا وخمسين عاما، وتركا كلاهما تاريخا وأحداثا جسامًا، مازالت محل بحث ودراسة.

صحيح أن نابليون تميز بكفاءة عسكرية عظيمة جعلته يحصل على رتبة جنرال وهو فى الرابعة والعشرين من عمره، وربما كان ذكيا وماكرا ولماحا، لكنه مثل هتلر فى قسوته وبشاعته واستحلال دماء البشر، واستعبادهم.

كان كلاهما طاغية، مستبدًا، يعشق الدماء، ويتلاعب بالأخلاق والقيم فى سبيل مجده الشخصي، الذى يتصور أنه هو ذاته مجد وطنه.

لا ينسى المؤرخون الجدد فى أوروبا أن نابليون مع كل الاحتفاء الفرنسي، والأوروبى به خلال العقود الماضية، هو الذى أصر على إعادة العبودية إلى فرنسا بعد عقدين من إلغائها.

ولا ننسى نحن – أهل الشرق – أن نابليون الذى غزا مالطة ومصر والشام ارتكب فى يافا سنة 1799 مذبحة بشعة تمثل عارا إنسانيا لا يُمكن محوه أبدا. لقد ذكر لنا المؤرخون أن القائد الفرنسى مضرب الأمثال فى الفروسية والشجاعة حاصر بقواته مدينة يافا لعدة أيام، ثُم دعا أهلها وجنودها إلى التسليم، وأرسل إليهم رسلا بذلك، وبعد مشاورات ومفاوضات قبلت حامية المدينة التسليم مع حصولهم على الأمان. ووافق نابليون ظاهريا، لكن الجميع بمن فيهم الفرنسيون أنفسهم فوجئوا به يأمر باعدام الأسرى الذى يقارب عددهم ثلاثة آلاف شخص.

يصف كريستوفر هارولد، فى كتابه «نابليون فى مصر» ترجمة فؤاد اندراوس، بعض جوانب المذبحة، نقلا عن أحد الجنود الفرنسيين فى خطاب أرسله لأهله، إذ يقول إن الأسرى استسلموا بسلامة نية، وتم اقتيادهم نحو البحر، ورصوا صفا خلف آخر، ثم أطلق الفرنسيون عليهم النار، وقفز من حاول الفرار فى الماء، لكن الرصاص لاحقهم ليصطبغ البحر باللون الأحمر.

وبالنسبة للأطفال والمدنيين، فقد تركوا يومين دون طعام، ثُم صدرت الأوامر باعدامهم مع التأكيد على عدم الاسراف فى الذخيرة المستخدمة، لذا اضطر الجنود الفرنسيون إلى اعدام معظمهم بحراب بنادقهم، وهو ما جعل الشاهد الفرنسى يقول لأهله «إن هذا العار سيطاردنا آجلا أم عاجلا».

كانت هذه بعض ممارسات السفاح نابليون، الذى حاولت آلة الدعاية الفرنسية الترويج له باعتباره مقاتلا شجاعا وفارسا نبيلا وقائدا عظيما. وللأسف تلقفت الذهنية العربية الصورة كما هى واعتبرته نموذجا فذا للعبقرية العسكرية.

لكن ما ينبغى الإشارة إليه الآن بروية ونظرة ثاقبة هو أن مذبحة يافا تمثل نموذجا واضحا للانحطاط الإنسانى والتجرد من أى أخلاق وقيم، وهو ذاته ما شهدناه وعرفناه مع أدولف هتلر ومع غيره من المستبدين المهووسين بالدم فى ربوع الأرض.

وإذا كانت الدعاية الفرنسية قد احتفت بانتصارات قائدها التاريخي، ورسمت صورة أسطورية له تقدمه كقدوة للأجيال الجديدة، فهو معشوق النساء، ومحب الفنون، والرجل الذكى الوسيم. فإن ألمانيا المنهزمة فى الحرب العالمية الثانية، تبرأت من مذابح وحشها المهووس هتلر، وتنكرت لانتصاراته، وغضت الطرف تماما عن كل مبالغات الدعاية المعاكسة التى نفذها المنتصرون تجاه المُنهزم.

وهذا درس مهم يجب تعلمه عند قراءة الماضى.

والله أعلم

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مصطفى عبيد نابليون وهتلر

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية ونظيره اليوناني يؤكدان أهمية التزام إيران وإسرائيل بوقف إطلاق النار

جرى اتصال هاتفي بين الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة، وجورجيوس جيرابيتريتيس وزير خارجية اليونان، يوم الأربعاء 25 يونيو، حيث تم تناول سبل تطوير العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين الصديقين، كما تم تبادل الرؤى إزاء التطورات التي تشهدها المنطقة.

وأشاد «عبد العاطي» خلال الاتصال بالروابط التاريخية المشتركة بين البلدين والزخم الذى تشهده العلاقات الثنائية في شتى المجالات والتي توجت بترفيع العلاقات إلى الشراكة الاستراتيجية في شهر مايو الماضي خلال زيارة رئيس الجمهورية إلى اليونان، مؤكداً التطلع لمواصلة الدفع بالعلاقات بين البلدين إلى آفاق أوسع في مختلف المجالات، لاسيما على ضوء العلاقات الوثيقة التي تربط القيادتين والشعبين الصديقين.

وقد تناول الاتصال الملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، حيث رحب الوزيران باتفاق وقف إطلاق النار الذى أعلن عنه الرئيس الأمريكي أمس بين إيران وإسرائيل، وشددا على ضرورة التزام الطرفين بالاتفاق لاحتواء التصعيد الذى شهدته المنطقة خلال الأيام الأخيرة، وضرورة فتح المجال أمام المسارات السياسية والدبلوماسية.

كما تبادل الوزيران وجهات النظر إزاء التطورات في ليبيا، حيث أكد وزير الخارجية على ضرورة الحفاظ على الأمن والاستقرار في كافة الأراضي الليبية، وصون مقدرات الدولة، واحترام وحدة وسلامة أراضيها، مشددا على ضرورة اجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية بالتزامن، وأهمية تفكيك الميليشيات المسلحة، بما يسهم في استعادة الأمن والاستقرار في ليبيا.

اقرأ أيضاًعاجل.. الرئيس السيسي يؤكد لنظيره الإيراني رفض مصر القاطع للهجوم الصاروخي ضد قطر

الإغاثة الطبية بـ غزة: المؤسسات الدولية لا يمكنها فرض خطتها لتوزيع المساعدات

مقالات مشابهة

  • إنجي علي تروج لحلقتها الجديدة مع أسماء أبو اليزيد في هذا الموعد
  • أمل عمار: برامج الحماية الاجتماعية تلعب دورا فى الحد من العنف والتمييز ضد المرأة
  • بين الدعاية والحقائق جدلٌ بين المغردين حول فاعلية ضرب النووي الإيراني
  • اتصال هاتفى بين وزير الخارجية والهجرة ووزير خارجية اليونان
  • وزير الخارجية ونظيره اليوناني يؤكدان أهمية التزام إيران وإسرائيل بوقف إطلاق النار
  • المفوضية تصدر قراراً ببدء حملات الدعاية الانتخابية لمرشحي المجالس البلدية
  • في ذكرى 30 يونيو.. كيف سطّر «الإخوان» نهايتهم في حكم مصر (2 من 2)
  • في ذكرى 30 يونيو.. كيف سطّر «الإخوان» نهايتهم في حكم مصر (1 من 2)
  • شاهد كيف حولت صواريخ ايران يافا المحتلة الى مدينة خاوية
  • تفاصيل | مشاركة محافظة مطروح فى معرض الجيزة للتراث والحرف اليدوية